الأخبار - رغم الحظر تعدين الـ«بتكوين» يعود سراً إلى الصين |
: 7 | |
|
الاثنين,24 نوفمبر 2025 - 07:35 ص بكين: «الشرق الأوسط»
يشهد تعدين "البتكوين" عودة تدريجية وغير معلنة في الصين، بالرغم من الحظر المفروض منذ أربع سنوات. يستغل المعدّنون، من أفراد وشركات، الكهرباء الرخيصة وازدهار مراكز البيانات في بعض المقاطعات الغنية بالطاقة، وذلك وفقًا لمعدّنين وبيانات الصناعة. كانت الصين قد تصدرت العالم في تعدين العملات المشفرة حتى عام 2021، حين فرضت بكين حظرًا شاملًا على تداول العملات المشفرة وتعدينها، مدعيةً حماية الاستقرار المالي وترشيد استهلاك الطاقة، حسبما أفادت "رويترز".
|  اضغط للتكبير
|
بعد أن تراجعت حصة الصين العالمية في تعدين البيتكوين إلى الصفر إثر الحظر، عادت البلاد لتحتل المركز الثالث بنسبة 14 بالمائة في نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً لمؤشر "هاشريت إندكس" الذي يرصد نشاط التعدين عالمياً. هذا الانتعاش، الذي تدعمه أيضاً مبيعات شركة "كانان" المصنّعة لأجهزة التعدين والتي شهدت تعافياً سريعاً في الصين، قد يشكّل عاملاً داعماً للطلب والأسعار لأكبر عملة مشفرة في العالم. وقال وانغ، وهو مُعدّن خاص في شينجيانغ، إنه بدأ التعدين العام الماضي في المقاطعة الغنية بالطاقة، مضيفاً: "الكثير من الطاقة في شينجيانغ لا يمكن نقلها إلى الخارج؛ لذلك يتم استهلاكها عبر تعدين العملات المشفرة. مشاريع تعدين جديدة قيد الإنشاء. ما يمكنني قوله هو أن الناس يتجهون للتعدين حيثما تتوفر الكهرباء الرخيصة". حملة بكين القمعية عام 2021 أدت إلى إغلاق عمليات التعدين المحلية وهجرة المعدّنين إلى أسواق خارجية مثل أميركا الشمالية وآسيا الوسطى. يأتي تعافي التعدين بالتزامن مع وصول البيتكوين إلى مستويات قياسية في أكتوبر، مدعوماً بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المؤيدة للعملات المشفرة، إضافة إلى تراجع الثقة في الدولار؛ مما يجعل التعدين أكثر ربحية. لكن العملة المشفرة تراجعت بنحو الثلث عن ذروتها في أكتوبر مع ضعف شهية المخاطرة عالمياً. ورأى باتريك غرون، الرئيس التنفيذي لشركة "بيربتشوالز.كوم" المزودة لبنية تحتية لسوق العملات المشفرة، أن "مرونة السياسات الصينية تظهر عندما تكون الحوافز الاقتصادية قوية في مناطق معينة. عودة نشاط التعدين في الصين تُعد من أهم الإشارات التي شهدتها السوق منذ سنوات". ورغم أن الصين لم تخفف رسمياً قيود التعدين، أشار غرون إلى أن "مجرد تلميحات عن تخفيف السياسات قد يدعم سردية البيتكوين بصفته أصلاً عالمياً مقاوماً للدول"، مستشهداً ببيانات الصناعة التي تُظهر نشاطاً متجدداً. يُعد تعدين البيتكوين - وهي عملية كثيفة استهلاك الطاقة تستخدم فيها أجهزة حاسوب متخصصة لحل ألغاز معقدة مقابل مكافآت من العملة - أكثر انتشاراً في المناطق الغنية بالطاقة مثل شينجيانغ، وفقاً للمعدّنين ومصنّعي الأجهزة.
صرّح دوك هوانغ من مقاطعة سيتشوان، الذي توقف عن تعدين العملات المشفرة قبل سنوات بسبب الحظر: «إنه مجال حساس... لكن أولئك الذين لديهم وصول إلى كهرباء رخيصة ما زالوا يمارسون التعدين». وأضاف مصدر في شركة لتصنيع أجهزة التعدين - فضل عدم الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع - أن تعافي هذا النشاط يُغذيه أيضاً وفرة الكهرباء وقدرات الحوسبة الناتجة عن الإفراط في الاستثمار في مراكز البيانات من قبل بعض الحكومات المحلية التي تعاني ضائقة مالية. تعكس سياسات العملات المشفرة اتجاه التعافي أيضاً من خلال بيانات مبيعات مصنّعي أجهزة التعدين. فقد حققت شركة «كانان» - ثاني أكبر مُصنّع عالمي لأجهزة تعدين «البتكوين» - نسبة 30.3 في المائة من إيراداتها العالمية داخل الصين العام الماضي، مقارنةً بـ2.8 في المائة فقط في عام 2022 عقب الحملة الحكومية. ووفقاً لمصدر مطّلع - رفض ذكر اسمه لعدم تخويله بالتحدث للإعلام - ارتفعت مساهمة الصين من مبيعات «كانان» لتتجاوز 50 في المائة خلال الربع الثاني من هذا العام. ورغم أن «كانان» لم تؤكد بيانات الربع الثاني، إلا أنها عزت ارتفاع المبيعات في الصين إلى الغموض المحيط بالرسوم الأميركية الذي أعاق المبيعات في الولايات المتحدة، وإلى ارتفاع أسعار «البتكوين» الذي جعل التعدين أكثر ربحية، بالإضافة إلى «تحول دقيق» في موقف الصين تجاه الأصول الرقمية. وفي بيان عبر البريد الإلكتروني، قالت الشركة - التي تتخذ من سنغافورة مقراً لها - إن أنشطتها «ملتزمة تماماً» بالتشريعات الصينية، لكنها رفضت التعليق على سياسات التعدين في الصين، مضيفة: «في الصين، يُسمح بالبحث والتطوير والتصنيع وبيع أجهزة التعدين». وتأتي عودة نشاط التعدين في وقت تظهر فيه مؤشرات على تليين موقف الصين من العملات الرقمية، التي كانت تُعتبر سابقاً تهديداً للعملة المحلية ومصدراً محتملاً لهروب رؤوس الأموال. فعلى سبيل المثال، دخل قانون العملات المستقرة في هونغ كونغ حيز التنفيذ في أغسطس.
هذا الأمر يمكّن المدينة الصينية من منافسة الولايات المتحدة في تطوير سوق مُنظَّمة للعملات المستقرة المدعومة بعملات تقليدية.
ونقلت وكالة «رويترز» في أغسطس عن مصادر مطلعة أن الصين تدرس السماح باستخدام العملات المستقرة المدعومة باليوان لتعزيز انتشار عملتها عالمياً ومجاراة التطور الأمريكي في مجال العملات المستقرة.
وفي سياق متصل، قال خوليو مورينو، رئيس الأبحاث في شركة «كريبتو كوانت» لتحليلات «البلوكشين»: «على الرغم من أن تعدين الـ(بتكوين) لا يزال محظوراً رسمياً في الصين، إلا أن هناك قدراً كبيراً من القدرة التشغيلية لا يزال قائماً».
وتُقدّر «كريبتو كوانت» أن نسبة 15% إلى 20% من القدرة العالمية لتعدين الـ«بتكوين» تعمل حالياً داخل الصين.
وأوضح ليو هونغ لين، مؤسس مكتب «مان كون» للمحاماة: «من الصعب القضاء على نشاط مربح. وأعتقد شخصياً أن السياسات الحكومية المعارضة للتعدين ستُخفَّف تدريجياً؛ لأنه لا يمكن إيقاف مثل هذه الأنشطة بشكل كامل».
|
| |
|