اولا ،اتجاهات العلاقة بين التكنولوجيا والتغير المناخي .
تعد العلاقة بين البيئة والتقنية علاقة تاريخية فلطالما حاول الإنسان توظيف الأفكاروالإبداع والابتكار في مواجهة صعوبات البيئة المحيطة به ولجعلها أكثر ملائمة للعيش والرفاهية ،وعلى قدر ما ساعدت التقنية في تسهيل حياة الإنسان إلاأنها كان لها تأثيرات سلبية في زيادة التلوث ، و كانت الثورة الصناعية الأولي معتمدة على الانتقال من الفحم إلى المحرك البخاري في القرن الثامن عشر ،بينما جاءت الثورة الصناعية الثانية في نهاية القرن التاسع عشر مرتكزة على اختراع الكهرباء وتأثير ذلك في التوسع في عمليات التصنيع الإنتاجي مع توسع مقابل في الأسواق وتميزت الثورة الصناعية الثالثة، بإطلاق عملية تحويل حركة الإنتاج إلى "الآلية" ، والتطور في تكنولوجيا الكمبيوتر والانترنت، والتي ظهرت في الستينات من القرن العشرين.
وجاءت "الثورة الصناعية الرابعة" لتعبر عن "عملية الدمج بين العلوم الفيزيائية أو المادية بالأنظمة الرقمية والبيولوجية في عمليات التصنيع عبر آلات يتم التحكم فيها الكترونيا وآلات ذكية متصلة بالانترنت مثل انترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد،والذكاء الاصطناعي والروبوتات وغيرها في شكل تطبيقات تدخلت في كافة مجالات الحياة والعمل.
وانقسمت الاراء الى اتجاهين رئيسيين في تفسير العلاقة بين التقنية والبيئة ، يرى الاتجاه الاول ،ان هناك ثمة تاثير سلبي للتكنولوجيا على البيئة والمناخ، وعلى الرغم من اقرار هذا الاتجاه بدورها في الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية ،فان يركز على المخاوف المحيطة بالتأثيرات الضارة لكل من الأجهزة والبرامج التقنية على البيئة مثل ارتفاع مستويات استهلاك الطاقة وانبعاثات الغازات الدفيئة والنفايات الإلكترونية وبخاصة ان الاجهزة الالكترونية تعد قصيرة العمر نسبيا بما يتسبب في أضرار بيئية أثناء التخلص منها، ومن جهة اخرى ادى ظهور وتطور العملات المشفرة واعتمادها على التعدين الى جعلها متعطشة لاستهلاك الطاقة ، وعلى سبيل المثال تنتج عملة بتكوين أكثر من 22-29 مليون طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كل عام. وهو ما يقارب حجم الانبعاثات لدول باكملها وحجم استهلاك العملات المشفرة يفوق ما تستهلكة دولة مثل فنلندا اوالتشيك .وتحتل المركز 35 عالميا في استهلاك الكهرباء ، وتساهم مراكز البيانات بنحو 2% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المستوى العالمي،
وهناك الاتجاه الثاني الأكثر انتشارا الذي يركز على دور التكنولوجيا في مواجهة التغييرات المناخية واهم تطبيقاتها "التكنولوجيا الخضراء" و التي تنطوي على احداث تغييرات في تطبيقات تكنولوجيا المعلومات بما يتواكب مع معايير الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة ، وإمكانية دمج تكنولوجيا المعلومات في الإدارة البيئية بكفاءة ، ودور تكنولوجيا المعلومات في نشر الوعي البيئي عبر المنصات الرقمية وامكانية اطلاق مبادرات للحماية من الملوثات البيئية والوعي بانعكاسات التغير المناخي على البيئة . ، ويمكن للتطور المتسارع في مجال انترنت الاشياء والذكاء الاصطناعي (AI) ان يعمل في تقديم حلول للحد من تلك التاثيرات الضاره .
ووفقا للمبادرة العالمية للاستدامة الإلكترونية(GeSI) فان تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لديها القدرة على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى العالم بنسبة 20? بحلول عام 2030 من خلال مساعدة الشركات والمستهلكين على الاستخدام الذكى وتوفير الطاقة؛ ويعمل الذكاء الاصطناعي على تحسين الحوكمة البيئية والسلامة والحد من المخاطر البيئية مع التركيز على إدارة المعلومات لصنع القرار،و استخدام تطبيقات التعلم العميق وتحليلات البيانات الضخمة لإدارة جودة المياه والهواء ، وتبني تطبيقات الحوسبة السحابية ومراكز البيانات ذات الكفاءة في استخدام الطاقة ، ودور التحول الرقمي في الوظائف الحكومية في تقليل الاعتماد على استخدام الورق ، وتوظيف تطبيقات الشبكات الاجتماعية في مشاركة المعلومات وتبني المبادرات المستدامة بما يعزز من الوعي البيئي والمناخي ،ويمنع أو على الأقل تقليل من تأثير المعلومات الخاطئة على التصور العام لتغير المناخ إلى جانب تعزيز دور المجتمع المدني وكافة أصحاب المصلحة في مواجهة الظاهرة.
ومن أهم تلك تطبيقات التكيف مع التغيرات المناخية "الزراعة الذكية" عبر التحول من النظم التقليدية فى الزراعة إلى النظم الحديثة التى تلعب فيها التقنيات الحديثة دورًا حاسمًا فى المساعدة فى تلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة، وهى تلك التي تعتمد على إدخال التقنية فى المجال الزراعي من جهة وتبنى ما يعرف بالزراعة الذكية مناخيا من جهة أخرى. ويتم ذلك عبر توظيف تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوت وإنترنت الأشياء.
ثانيا ،التكنولوجيا الخضراء والسعي نحو الحوكمة
ظهرت خلال النصف الثانى من سبعينات القرن الماضى فكرة "التكنولوجيا عديمة النفايات" ، والتي عرفت بإسم” Low and No-waste Technologies” ؛ وحاولت البحث عن وجود صناعات قائمة على "التكنولوجيا النظيفة" وفي نفس الوقت لا تساهم في انتاج النفايات الضارة بالبيئة .وبرزت فكرة أخرى أطلق عليها " الإنتاج الأنظف" في منتصف الثمانينات من القرن الماضى ،وذلك في سبيل السعي الى تكوين فكرة "تكنولوجيا عديمة النفايات " ولكن واجهت عملية تطبيق ذلك صعوبات تعلقت بضعف التطبيق الكامل لتلك الإستراتيجية ، وعدم القدرة على ترسيخ أساليب الإدارة البيئية فى الصناعة،وضعف القدرة على ضخ استثمارات جديدة يكون من شانها احداث تغييرات في الصناعة على مستوى العمليات والأساليب وطرق الإنتاج .وفي ظل التطور الهائل في مجال العلم والتكنولوجيا وعلاقتها بالأسواق ، برزت اتجاهين ، الأول يربط بين النمو الاقتصادي والتطور التكنولوجي من جهة ، والثاني ، يعلق الحفاظ على تلك العلاقة على القدرة على معالجة الآثارالضارة الناتجة .
، وعلى الرغم من عدم نشر الكثير من الدراسات المحايدة حول التأثيرات الصحية السلبية للتطبيقات التكنولوجية الا ان ذلك لا يعني انتفاء الضرر بالضرورة ، وهو ما دفع الى محاولة السعي للحد من احتمالية احداث الضرر على المديين القصير و الطويل .
وجاء مصطلح "التكنولوجيا الخضراء" او "النظيفة" Green Technology" "GT كتطبيق تقني لحماية البيئة، والمساهمة في وضع الحلول التقنية في الحد من انبعاثات الكربون والاحتباس الحراري ، وعلاقة ذلك بالأمن والاستقرار والتنمية ،ومثلت "التكنولوجيا الخضراء" نقلة مهمة في تطبيق السياسات العامة على الاستخدامات التكنولوجية بحيث يجعل منها مناصا لتحقيق التوظيف الأمثل للموارد وتحقيق كفاءة اكبر في العمل ودرجة عالية من تحسين الخدمة ، وتحقيق الأهدافبأقل تكلفة واكثر جودة واستدامة ، وتفوم "التكنولوجيا الخضراء" بدور فاعل وقوى في بروز "الاقتصاد الأخضر"كمدخل جديد في التعامل الكفئ في مجال تطبيقات التكنولوجيا في مجال الصناعة،وهو ما ينعكس ايجابيا على الاقتصاد الوطني، ومعالجة الإضرار البيئية والصحية على الإنسان والبيئة المحيطة به".
ويعزز التوجه نحو "التكنولـوجيا الخـضراء " من القدرة على البحث والاعتماد على مصادر بديلة للطاقة صديقة للبيئة وللإنسان في آن واحد ، وبدأ يطفو على السطح توجهات "أنسنة التكنولوجيا" في سبيل الحد من التأثيرات السلبية وتعظيم القدرات الإنسانية في مواجهة تغول "ألآله" على المشاعر والقيم الإنسانية ، والبحث عن جوانب روحية بعيدا عن السيطرة المادية الصامتة للثورة التكنولوجية .والعمل على تطوير ومراعاة المنتجات والمعدات والنظم المستخدمة للحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية ، مما يقلل ويحد من التأثير السلبي للأنشطة الإنسانية.
وتساهم تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء" في مواجهة اثار التغير المناخي و خفض نمو الانبعاثات أو الحد منها ، وذلك ليس فقط على المستوى المحلي بل كذلك على المستوى العالمي ،وهو ما يدفع كذلك الى توظيف عملية رقمنة الطاقة في تقليل الفاقد منها وتوليدها من مصادر متجددة، وجعل التطبيقات الرقمية صديقة للبيئة،
وتسعى تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء "لتحقيق عدة اهداف من أجل الاستعداد لحالة التغير في المناخ وفي طبيعة مصادر الطاقة وفي زيادة الطلب عليها ،وعلاقة ذلك بتحقيق اهداف التنمية المستدامة للامم المتحدة 2030 . لعل اهمها :
أ- تقليل نمو استهلاك الطاقة مع تعزيز التنمية الاقتصادية ،وتسهيل نمو صناعة "التكنولوجيا الخضراء" وتعزيز مساهمتها في الاقتصاد الوطني ، ب-وزيادة القدرة الوطنية على الابتكار في تطوير "التكنولوجيا الخضراء" وتعزيز القدرة التنافسية في مجال التكنولوجيا الخضراء على الساحة العالمية ،ج - العمل على ضمان التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة للأجيال القادمة ، د - العمل على تعزيز دور التعليم والوعي بـ"التكنولوجيا الخضراء" وتشجيع استخدامها على نطاق واسع،
وتحقق تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء " عدد كبير من المكاسب لعل اهما ، أ- ، العمل على احداث تحول في الاقتصاد الصناعي التقليدي الى مرحلة الاقتصاد "الاخضر " غير الضار بالبيئة وتحسين جودة البنية التحتية المحلية . ب ، تساعد تطبيقات التكنولوجيا الخضراء في تحقيق التقدم في استخدام الطاقة المتجددة ما يعزز من النمو الاقتصادي ،ج ، المساعدة في كفاءة استخدام الطاقة في قطاع النقل وتحقيق مكاسب اقتصادية . د- ، تساعد تطبيقات التكنولوجيا الخضراء في الحد من الانبعاثات الكربونية ،هـ، ادخال تطبيقات التكنولوجيا الخضراء يساعد في عملية مواجهة أثار التغير المناخي . وـ ، تعمل "التكنولوجيا الخضراء " على تحسين الصحة العامة والحفاظ على الموارد البشرية .ل- ، يؤدي تبني تطبيقات التكنولوجيا الخضراء في توفير فرص العمل ومواجهة البطالة والحد من هدر الموارد والوصول الى المجتمعات المحرومة
ويواجه في نفس الوقت التحول نحو "التكنولوجيا الخضراء "عدد من التحديات مثل : أ- تحدي التوسع في استخدام تكنولوجيا توفير الطاقة وترشيد استخدام المياه سواء في الاغراض الصناعية والحياتية،ب- ودعم ونشر الافكار المتعلقة بتطبيقات تكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة ، ج -وتوفير التمويل اللازم لدعم مشروعات التحول نحو التكنولوجيا الخضراء، د-وتحسين البحث والتطوير فيما يتعلق بتحقيق التنمية المستدامة .هـ، وكيفية توظيف الحلول التقنية في الحد من انبعاثات الكربون والاحتباس الحراري. وخفض تكاليف موارد الطاقة وتحقيق الاستخدام الأمثل لها ، و- عقبات انشاء مبان "خضراء" و "ذكية " من خلال توفير استهلاك الطاقة واعتماد طابع عمراني صديق للبيئة. ل-تطوير ورفع كفاءة البنية التحتية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات وترشيد استخدام الطاقة باستخدام تكنولوجيا منخفضة الاستهلاك لها، واخيرا، تحدي دعم برامج البحث والتطوير فى مجال تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء" واطلاق المبادرات لرفع الوعي ،و مواجهة مبادرات التحول الرقمي مثل المدن الذكية مشكلة إدارة النفايات وإدارة الطاقة وإدارة الانبعاثات التي يجب معالجتها لتحقيق الاستدامة والجدوى منها على المدى الطويل .
ثالثا : التكنولوجيا الخضراء وأنماط الاستجابة الدولية
تعد عملية تطوير تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء" من اهم ركائز الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي ، ويعد الابتكار التكنولوجي في تحقيق ذلك هو جوهر التنمية المستدامة. وتتطلب الرغبة في التقدم الاقتصادي تبني سياسات تقنية قوية، وان يكون التوجه نحو "الاقتصاد الاخضر" والتكنولوجيا الخضراء"، ضمن الاستراتيجيات الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة.
وأكدت قمة الأمم المتحدة للمناخCOP26 على “ضرورة تغير الأنظمة وتفعيل دور الابتكارات التكنولوجية للتعامل مع التغير المناخي” وكيفية “بناء مجتمعات ذكية منخفضه الكربون”.و دور التقنيات الرقمية في دعم العمل المناخي،فقد أكدت الفقرة(60) من البند الخامس من الاتفاق على التعاون لدعم التنمية التكنولوجية والابتكار وتحويلها الى تطبيقات قابلة للتنفيذ وتنويع مصادر التمويل لتحقيق ذلك.
وفق وكالة الطاقة الدولية(IEA)، فإن المصادر الرئيسية لانبعاثات الكربون العالمية هي الكهرباء والصناعة والنقل. ويمثل قطاعا الكهرباء والنقل 40 في المائة و21 في المائة من انبعاثات الكربون على التوالي. ويستهلك قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 4 % وهناك تقديرات اخرى بـ 10 % من الكهرباء العالمية .
ووضعت منظمة حقوق الملكية الفكرية الدولية (WIPO) نظام للتصنيف الدولي للاختراعات المتعلقة ببراءات الاختراع في مجال "التكنولوجيا الخضراء". ودشن البنك الدولي في مايو 2019 صندوق التعدين المراعي لتغير المناخ، وهو أول صندوق مخصص لجعل عمليات التعدين للمعادن بأساليب مستدامة تراعي تغير المناخ. ويدعم عمليات استخراج ومعالجة المعادن والفلزات المستخدمة في تقنيات الطاقة النظيفة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وبطاريات تخزين الطاقة والسيارات الكهربائية. ويركز الصندوق على مساعدة البلدان النامية الغنية بالموارد على الاستفادة من الطلب المتزايد على المعادن والفلزات، مع ضمان إدارة قطاع التعدين بأسلوب يحدّ من البصمة البيئية والمناخية. ويشير البنك الدولي أن مستقبل انخفاض الانبعاثات الكربونية سيكون أكثر تركيزًا على المعادن مقارنة بالوضع الحالي ،وأن الطلب العالمي على "المعادن الاستراتيجية" سيرتفع مثل الليثيوم والجرافيت والنيكل بنسبة 965% و383% و108% على التوالي بحلول عام 2050.
ويستهدف البنك الدولي الوصول الى حجم استثمارً إجماليً يصل لـ 50 مليون دولار خلال الخمس سنوات القادمة ، ويركز الصندوق على الأنشطة التي تدور حول أربعة محاور أساسية ، ومنها التخفيف من تغير المناخ؛ التكيف مع تغير المناخ؛ الحد من آثار المواد وخلق فرص السوق، والمساهمة في إزالة الكربون وتقليل آثار المواد على طول سلسلة التوريد من المعادن الحيوية اللازمة لتكنولوجيات الطاقة النظيفة.وعلى الرغم من التعثر امام الجهود الدولية في مجال تفعيل التحول الى تقنيات الطاقة النظيفة الا ان هناك جهود اخري قامت بها العديد من الدول بشأن التحول البيئي ومواجهة التغير المناخي .
وقاد الاتحاد الاوربي جهود مضنية في مجال تعزيز التكنولوجيا الخضراء داخل دول الاتحاد ودعم الاستثمارات فيها . ويوجد دور متصاعد لدول الجنوب والاسواق الناشئة في صناعات "التكنولوجيا الخضراء " فتحتل الصين والهند مركزا متميزا في تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء" مثل الألواح الشمسية الكهروضوئية (PV) ، وتوربينات الرياح ، والسيارات الكهربائية والهجينة.وضرورة تبني الدولة سياسة صناعية نشطة للتكيف مع "التكنولوجيا الخضراء " ونشرها وايجاد مصادر مبتكرة لتمويلها.
وتواجه البلدان النامية تحديات تتعلق بضعف قدرتها في تحمل تكاليف تطبيقات "الطاقة النظيفة " ، وهو ما دفع دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان للدعوة لتدشين صندوق لدعم تقنيات الطاقة النظيفة في تلك البلدان .وتأتي أهمية تطبيقات التكنولوجيا الخضراء او النظيفة في الحد من التكاليف البيئية وبخاصة في ظل المعدلات المرتفعة لاستهلاك الطاقة ، فتقدر وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على الطاقة سيرتفع بنسبة 55 % وذلك بحلول عام 2030 ،ومن ثم فان زيادة الطلب على الطاقة مع الزيادة المتوقعه في عدد السكان عالميا سيعمل على تفاقم الآثار الناتجة ويضغط للبحث عن حلول ممكنة عبر تطبيقات التكنولوجيا الخضراء .
وتلعب "التكنولوجيا الخضراء" دور "المحرك " الجديدً للنمو الاقتصادي عن طريق توفير وظائف جديدة والقضاء على البطالة ، وبيئة صحية ملائمة، وترشيد الموارد الطبيعية وجعل البيئة أكثر أمنا ،ولما كانت التأثيرات البيئية عابرة للحدود فانها فرضت في الوقت نفسة أهمية التعاون الدولي وبخاصة من جانب الدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية في تبني برامج "التكنولوجيا الخضراء " ، وبخاصة في ظل نقص التمويل اللازم في تلك الدول.
والعمل على الحد من المشكلات البيئية المرتبطة بالصناعة والإنبعاثات الناتجة عنها ، والاستفادة من المواد الخام والطاقة.ومن ثم فان تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء " لاتتعلق فقط بالعمل على الحد من التلوث البيئى بل كذلك بالعمل على تحسين جودة العملية الصناعية برمتها وعبر كل مراحلها ، وأصبحت مراعاة "الاشتراطات البيئية" جزء مهم في جذب الاستثمارات المحلية والاجنبية ، وتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني ،
تعتبر عملية إعادة التدوير من أهم الفوائد التي تعود بها التكنولوجيا الخضراء على البيئة ، يتمثل إصلاح البيئة بالتخلص من كافةِ مسببات الملوثات لعناصر البيئة كالماء والهواء والتربة،ومن أهم مصادر الطاقة المتجددة هي المياه والشمس والرياح،وانتهاج بعض الطرق والخطوات ليصبح المبنى أخضر تمامًا، و تحويل الصناعات التحويلية لتصبح مماشيةً للبيئة.
وان يتم التعامل مع منتجات "التكنولوجيا الخضراء" كصناعات جديدة ،وذلك مع توفير الدعم المناسب لها، بما في ذلك ان تقوم الحكومة بتشجيع الاستثمارات الخاصة والعامة في البنية التحتية وفي تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء " في مجال الطاقة والبناء وادارة المياة والنفايات والنقل .
وتتنافس العديد من الدول في سوق تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء "، والطاغي علية السباق التكنولوجي في مجال الصناعة والاستحواذ على الاسواق ، وإنتاج طاقة نظيفة وسلع صديقة للبيئة ، ومثال ذلك نجاح الصين في إنتاج رقائق طاقة شمسية تدخل في تصنيع الأجهزة الإلكترونية، ،
ومن جهة اخري تؤثر طبيعة مواجهة الدول لتلك التحديات في مدى قدرتها على الدخول في عملية انتاج تطبيقات للطاقة الخضراء ، والنظر كذلك لحجم الانفاق على البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا الخضراء ، واسعار توافر تلك المنتجات او التطبيقات امام المستهلكين ،والتي ستتوقف على نوعية التكنولوجيا المستخدمة ودرجة ملائمتها لرغبات المستهلكين او المعايير البيئية .
وعلى الرغم من وجود صراع حالي حول مصادر الطاقة غير المتجددة مثل البترول او الغاز الناتج من عدم توافر تلك القدرات لجميع الدول ، فان الطاقة المتجددة توفر درجة اعلي الى حد ما من المساواة بين الدول وبخاصة فيما يتعلق بطاقة الرياح الا ان هناك تفاوتا في قدرات الدول في مجال الطاقة الشمسية وتطبيقاتها وذلك ناتج من اختلاف طبيعة المناخ ودرجة سطوع الشمس ، مثل ذلك الفارق بين اوربا وبين شمال وجنوب افريقيا ، وهو ما يؤشر الى حالة انقسام مرتقبة في مجال تطبيقات التكنولوجيا الخضراء بين الشمال والجنوب ، وهو ما دفع بعض دول الشمال الى ضخ الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة في دول الجنوب لتوفير سوق لاستيراد الطاقة ألامنة والنظيفة عبر تطبيقات "التكنولوجية الخضراء".
وفيما يتعلق بالطاقة الناتجة من المياة والسدود على الانهار فانها لا تتوافر للدول الاخري الحبيسة او التي لا يوجد بها مصادر للانهار. ومن ثم فان تنوع قدرات الدول في الموارد الطبيعية سيؤثر في تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء" وقدرتها على التنافس في انتاج الطاقة وتوفيرها باسعار منخفضة .
وتلعب الحكومات دورا في تشجيع تبني "التكنولوجيا الخضراء" بين الافراد او الشركات عن طريق تقديم تسهيلات بنكية او اجرائية ، ومن ثم قد يعاني الفقراء من نقص التمويل اللازم الذي سيؤثر في صحتهم وبيئتهم المحيطة.ويصبح المخرج الوحيد من تلك الأزمة هو ضرورة الاعتماد على الإبداع و الابتكار في تبني تطبيقات تكنولوجية أكثر تطورا في مجال انتاج الطاقة.
رابعا ، السياسة الوطنية المصرية نحو التكنولوجيا الخضراء والمستدامة
ترى مصر أن موضوع نقل التكنولوجيا من الموضوعات الهامة في مواجهة التغيرات المناخية وان هناك ثمة ضرورة لتكوين هيكل مؤسسي قوى وقادر على تفعيل نقل التكنولوجيا للدول النامية ودعم تمويل مشروعات نقلها على أسس تفضيلية ودعم بناء القدرات والتدريب والدعم الفني للدول النامية ، وضرورة اعادة النظر في فريق الخبراء الدوليين المعني بنقل التكنولوجياegtt .
وعلى المستوى الوطني تبنت مصر إستراتيجية تعزيز دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في خلق حلول مبتكرة للتخفيف من تداعيات التغير المناخى وبناء اقتصاد أخضر؛وتساهم مصر بالتعاون مع المجتمع فى وضع المعايير الخضراء باعتبارها عضو فى اللجنة المشكلة من قبل الاتحاد الدولى للاتصالات، والتى تختص بوضع معايير للامتثال البيئى، واقتصاد إعادة التدوير، وتخفيف تغير المناخ والتكيف معه، والمشتريات الخضراء، بالإضافة إلى قياس البصمة الكربونية لمنتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛
وتوجه مصر لاطلاق مشروعات لاستخدام التقنيات الحديثة فى التكيف مع تغير المناخ والتى من بينها إرشاد المزارعين حول سبل الاستخدام المسؤول للمياه والموارد الأخرى من خلال تطبيقات مختلفة مثل تطبيق "هدهد" المساعد الذكى للفلاح، وبوابة كنانة اون لاين، بالإضافة إلى تنفيذ عدد من المشروعات لإدارة المياه الجوفية، والتعاون مع هيئة الأرصاد الجوية المصرية للتنبؤ وإدارة مسارات الفيضانات المفاجئة والتخفيف من آثارها، بالإضافة إلى العمل على بناء نظام التنبؤ بحالات الطقس المدعوم بالذكاء الاصطناعى وخدمة تنبيهات الطقس القاسى بناء على الموقع الجغرافى؛ منوها إلى أن الوزارة تعمل على تقييم عدد من المشروعات التى تهدف إلى تمكين الاستدامة البيئية بما فى ذلك: استخدام الذكاء الاصطناعى لتحسين استخدام الطاقة وذلك بناء على دراسة الاستهلاك وكذلك فى تحسين طرق المرور والتنقل لتقليل انبعاثات الكربون.
وفي اطار علاقة التحول الرقمي بالتنمية تم تطوير البنية التحتية للاتصالات في أكثر من 4500 قرية على مدار 3 سنوات وذلك في اطار مبادرة "حياة كريمة"،والتي تستهدف ما يقرب من 58% من سكان مصر؛ والسعي من جهة أخرى الى ربط القرى بكابلات الألياف الضوئية تماشيا مع مساعي الحفاظ على البيئة، حيث تستهلك كابلات الألياف الضوئية 12 مرة طاقة أقل لنقل البيانات من الكابلات النحاسية.
وتبنت مصر الإستراتيجية الوطنية للمدن الذكية والمستدامة وذلك من خلال التوسع العمراني ببناء 40 مدينة جديدة خلال العقدين المقبلين، ترتكز على بنية تحتية وتقنيات صديقة للبيئة، الى جانب التطوير بشكل متوازي للمدن القديمة لتصبح أكثر اخضرارًا واستدامة.
وللدور ألاستراتيجيي لمصر في عبور الكابلات البحرية فان هناك إمكانات كبيرة في صناعة مراكز البيانات وفقا للمعايير واللوائح البيئية الخضراء. ، مما يجعل من التحول إلى مركز البيانات الخضراء أمر ضروري؛ وتطوير عمل أبراج المحمول لتقليل انبعاثات الكربون؛ وامكانية استخدام الطاقة الشمسية في تشغيلها ،
وفبيما يتعلق بادارة المخلفات الالكترونية تم تنفيذ مشروعات مشتركة مع الجهات الدولية وبالتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص، وتعزيز دور رواد الأعمال والشركات الناشئة.
وقامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باطلاق مشروعات لاستخدام التقنيات الحديثة في التكيف مع تغير المناخ والتي من بينها إرشاد المزارعين حول سبل الاستخدام المسؤول للمياه والموارد الأخرى من خلال تطبيقات مختلفة مثل تطبيق "هدهد" المساعد الذكي للفلاح، وبوابة كنانة أون لاين.
والى جانب تنفيذ مشروعات لإدارة المياه الجوفية، تعزيز القدرة على التنبؤ وإدارة مسارات الفيضانات المفاجئة والتخفيف من آثارها، و بناء نظام التنبؤ بحالات الطقس المدعوم بالذكاء الاصطناعي وخدمة تنبيهات الطقس القاسي بناءً على الموقع الجغرافي. وذلك بالتعاون مع هيئة الأرصاد الجوية المصرية،واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين استخدام الطاقة بناءً على دراسة الاستهلاك، وكذلك في تحسين طرق المرور والتنقل لتقليل انبعاثات الكربون.وذلك لتمكين الاستدامة البيئية .
وفي 19 مايو 2022 تم توقيع بروتوكول لتوطين تكنولوجيا تصنيع منظومات النقل الذكية صديقة البيئة ،وتضمنت "الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050" اهداف تتعلق بتعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي لمكافحة تغير المناخ، وتسهيل نشر المعلومات المتعلقة، وإدارة المعرفة بين المؤسسات الحكومية والمواطنين، وزيادة الوعي بشأن تغير المناخ بين مختلف أصحاب المصلحة
وفي 30 اغسطس 2022 ، انطلقت فعاليات "المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية" التي تُنظَم بالتعاون بين وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووزارة التنمية المحلية ووزارة البيئة ووزارة التعاون الدولي والمجلس القومي للمرأة. وهي مبادرة رائدة في مجال التنمية المستدامة والذكية والتعامل مع البُعد البيئي وآثار التغيّرات المناخية.
وتأتي المبادرة في إطار الجهود الوطنية المكثفة لاستضافة مصر لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ COP27 ورئاسته، والجهود الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة في سياق تنفيذ رؤية مصر 2030 من خلال الحفاظ على البيئة لتحسين نوعية الحياة ومراعاة حقوق الأجيال القادمة، وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتغيّر المناخ 2050.
وتشمل أهداف المبادرة التركيز على التنفيذ والتطبيق على أرض الواقع، والتأكيد على جدّية التعامل مع البُعد البيئي وتغيّرات المناخ في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتحول الرقمي من خلال تقديم مشاريع محقِقة لهذه الأهداف، ووضع خريطة على مستوى المحافظات للمشاريع الخضراء والذكية وربطها بجهات التمويل وجذب الاستثمارات اللازمة لها من الداخل والخارج، وتعظيم استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إطار خطة الدولة للتحول الرقمي.
هذا إلى جانب تمكين جميع محافظات مصر والوصول إلى مختلف الفئات مجتمعيًا وجغرافيًا، ونشر الوعي المجتمعي حول تحديات التغيّر المناخي وقدرات التكنولوجيات الحديثة، وتمكين المرأة في مجال مواجهة تحديات التغيّر المناخي والبيئة، وإدماج كافة أطياف المجتمع في إيجاد حلول للتحديات المناخية والبيئية.
خامسا : نحو تعزيز دور التكنولوجيا في مواجهة التغيرات المناخية
تعد قمة شرم الشيخ للمناخ خطوة معمة لتعزيز الاستجابة الدولية لمواجهة التغيرات المناخية ،والتي تاتي في اطار تحديات الحرب الروسية –الاوكرانية ، وهو الامر الذي يعزز اهمية التكنولوجيا ودورها الايجابي في التغيير السلوكي وتغيير ممارسات العمل الدولية والتاثير على المجتمع المحلي والعالمي عبر المنصات الرقمية ، وتعزيز دور البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وانترنت الاشياء في مواجهة التاثيرات السلبية للتغيرات المناخية من خلال ابتكار تطبيقات جديدة وتقديم حلول للتقدم نحو التكنولوجيا الخضراء من جهة والى تبني التطبيقات الذكية مناخيا من جهة اخري.
واذا كانت مراحل الثورات الصناعية السابقة التي مر بها المجتمع البشري قد ساهمت بدرجة أو بأخري في احداث تلوث عالي النظير طال البر والبحر والجو وصحة الانسان ، فان الثورة الصناعية الرابعه تقدم حلول جديدة للتحول الى منظومة صناعية شبه آمنة على الانسان والبيئة المحيطة ، ومن جهة اخري نما الوعي العالمي بضرورة مواجهة مخاطر الانبعاثات وخطرها في احداث التغير المناخي ، وعلى نسق التقدم الذي احرز في مجال التشريعات الوطنية والعالمية لحماية البيئة ،والدفع بعملية الانتقال من التحول في القاعدة التكنولوجية للثورة الصناعية لتصبح أكثر اعتمادا على تكنولوجيا جديدة ونظيفة وأكثر كفاءة في ذات الوقت على إنقاذ الموارد الطبيعية.ويمكن تبني تكنولوجيات مستدامة وأكثر خضرة.والحد من النفايات الإلكترونية.وتوظيف تقنيات التحليلات التنبؤية التي تدعم الذكاء الاصطناعي في المساعدة في تحديد بعض الأنشطة الاقتصادية في بعض أجزاء العالم التي تساهم في انبعاث الكربون ، وتحديد الانتهاكات للمعايير البيئية ومراقبة تلوث المسطحات المائية وإزالة الغابات ، ومصادر انبعاث الكربون ، وإمكانية تعزيز التعاون عبر المجال الرقمي بين كافة أصحاب المصلحة في مواجهة الأزمات المناخية . وتعزيز دور الاستثمارات الخضراء في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وهو ما يكون لها تأثيرها الايجابي على المناخ والبيئة.وان يتم التعامل مع منتجات "التكنولوجيا الخضراء" كصناعات جديدة ،وذلك مع توفير الدعم المناسب لها، بما في ذلك ان تقوم الحكومة بتشجيع الاستثمارات الخاصة والعامة في البنية التحتية وفي تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء " في مجال الطاقة والبناء وادارة المياة والنفايات والنقل .
ويتطلب المضي قدما في تبني سياسات وطنية للتكنولوجيا الخضراء ان تتم على عدة مستويات لعل أهمها :مستوى الطاقة: من خلال تعزيز الاستخدام الفعال لموارد الطاقة - مستوى البيئة: الحفاظ على البيئة و الحد من التاثيرات الضاره- مستوى الاقتصاد: تعزيز النمو الاقتصادي من خلال استخدام التكنولوجيا – المستوى الاجتماعي: من خلال تحسين نوعية وجودة الحياة للجميع.
وتوجد عدة استراتيجيات للتحول نحو تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء" ، الاولى، استراتيجية إعادة التدوير للنفايات، باستخدام تطبيقات التكنولوجيا الخضراء والتي تعمل على تحسين البيئة ،عن طريق الاستفادة من المواد الصلبة او الحيوية وتوظيفها بما يتماشي مع المعايير البيئية والحد من استنزاف الموراد الطبيعية . الثانية ، تبني استراتيجية الاصلاح البيئي وذلك بالعمل على التخلص من كافة انواع التلوث التي تطول الماء او الهواء او التربة ومعالجة عناصر الخلل في النظام البيئي عبر تطبيقات حيوية تعمل على احداث التوازن البيئي الفعال.الثالثة ، توظيف التكنولوجيا الخضراء في الاستثمار في الطاقة المتجددة كبديل عن النفط او الفحم ، مثل تكنولوجيا توليد الطاقة من الماء او الرياح او الشمس ،
الرابعة ، الاستثمار في البحث والتطوير للوصول الى تطبيقات تقنية تعمل على انتاج بدائل للوقود وتوفير الطاقة للعمل على الحد من الانبعاثات.الخامسة ، الخامسة ، استراتيجية تعزيز تطبيقات التكنولوجيا الخضراء في تبني التنمية البيئية بشكل مستدام وتبني حلول لتصبح المباني خضراء او ذكية اعتمادا على التطبيقات التكنولوجية واستخدام الادوات الصديقة للبيئة.السادسة ، استراتيجية تطبيق تقنية "النانو الخضراء" حيث تهدف الى استخدام مجموعة من المواد تساعد في عملية التحول في الصناعة لتصبح متوافقة مع المعايير البيئية
خاتمة
تلعب التطبيقات الرقمية دور مهم في الأجندة العالمية لمواجهة التغير المناخي من خلال تعزيز دورها في الاستخدام الأمثل للموارد من جهة والعمل على تطوير حلول جديدة مستدامة من خلال ما يطلق عليه "التكنولوجيا الخضراء "،من جهة اخرى ، وهو الامر الذي يرتبط بتفعيل دور الثورة الصناعية الرابعة في مواجهة التغييرات المناخية ، وتاتي قمة شرم الشيخ في محاولة لتعزيز الجهود الدولية لتعزيز دور التكنوجيا في مجال الحفاظ على البيئة والمناخ ،وبخاصة في ظل تاكيد قمة الأمم المتحدة للمناخCOP26 على “ضرورة تغير الأنظمة وتفعيل دور الابتكارات التكنولوجية للتعامل مع التغير المناخي” وكيفية “بناء مجتمعات ذكية منخفضه الكربون”.و دور التقنيات الرقمية في دعم العمل المناخي ،وتعزيز كذلك دور البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وانترنت الاشياء في مواجهة التاثيرات السلبية للتغيرات المناخية .وإحداث تغييرات بما يتواكب مع معايير الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة ، وإمكانية دمج تكنولوجيا المعلومات في الإدارة البيئية ،و في نشر الوعي البيئي عبر المنصات الرقمية و إطلاق مبادرات للحماية من الملوثات البيئية ، ومن قبيل ان النمو والتقدم الاقتصادي يتطلب تبني سياسات تقنية قوية، ومن خلال دمج "الاقتصاد الاخضر" والتكنولوجيا الخضراء" ضمن الاستراتيجيات الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة.
وتسعى تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء "لتحقيق عدة اهداف من أجل الاستعداد لحالة التغير في المناخ وفي طبيعة مصادر الطاقة وفي زيادة الطلب عليها ،وعلاقة ذلك بتحقيق اهداف التنمية المستدامة للامم المتحدة 2030،وتتنافس العديد من الدول في سوق تطبيقات "التكنولوجيا الخضراء "، والطاغي علية السباق التكنولوجي في مجال الصناعة والاستحواذ على الاسواق ، وإنتاج طاقة نظيفة وسلع صديقة للبيئة ، ومثال ذلك نجاح الصين في إنتاج رقائق طاقة شمسية تدخل في تصنيع الأجهزة الإلكترونية، ،
ومن جهة اخري تؤثر طبيعة مواجهة الدول لتلك التحديات في مدى قدرتها على الدخول في عملية انتاج تطبيقات للطاقة الخضراء ، والنظر كذلك لحجم الانفاق على البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا الخضراء ، واسعار توافر تلك المنتجات او التطبيقات امام المستهلكين ،والتي ستتوقف على نوعية التكنولوجيا المستخدمة ودرجة ملائمتها لرغبات المستهلكين او المعايير البيئية .الى جانب اهمية مواجهة التحديات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب الروسية الاوكرانية وتاثيرها على وجود تحديات نحو التقدم في ملف المناخ العالمي وبخاصة مع نقص الموارد والعقبات الاقتصادية امام الدولة المتقدمة ، ومخاطر الرجعة نحو العودة إلى مصادر وقود تقليدية تحت المخاوف المتعلقة بسلاسل الإمداد العالمي. وتاتي قمة شرم الشيخ في ظل تبني مصر سياسات وطنية لدعم توظيف التكنولوجيا الخضراء والمستدامة في مواجهة التغييرات المناخية ، إستراتيجية تعزيز دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في خلق حلول مبتكرة للتخفيف من تداعيات التغير المناخى وبناء اقتصاد أخضر؛وتساهم مصر كذلك بالتعاون مع المجتمع الدولي فى وضع المعايير الخضراء باعتبارها عضو فى اللجنة المشكلة من قبل الاتحاد الدولى للاتصالات،
وترى مصر أهمية معالجة قضية نقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة الى الدول النامية ،وتوفير التمويل اللازم لدعم مشروعات التكنولوجيا الخضراء والمستدامة و بناء القدرات والتدريب والدعم الفني للدول النامية ، واعادة النظر في فريق الخبراء الدوليين المعني بنقل التكنولوجياegtt .واهمية المضي قدما في تبني سياسات وطنية للتكنولوجيا الخضراء تشمل معالجة قضية الطاقة والبيئة والاقتصاد والمستوى الاجتماعي.من اجل تحقيق بيئة خضراء ومستدامة تكون اكثر ملائمة للعيش والرفاهية ليس فقط للاجيال الحالية بل كذلك في دعم مستقبل الأجيال القادمة على كوكب الارض.
*مدير المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني
**الملف المصري - مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ،نوفمبر 2022 ، ع 99 ، ص ص 35-44