المقالات -
قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى

: 787
الاحد,17 مارس 2024 - 01:20 م
د.عادل عبد الصادق

في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022 ، ويهدف القانون الى تنظيم الشركات التقنية الكبرى وحرية المنافسة، وكان ذلك ،بعد اعتماد قانون الخدمات الرقمية الذي يركز على معالجة المحتوى غير القانوني على المنصات الرقمية.وجاء القانون من جهة اخرى ضمن حزمة من التشريعات التنظيمية التي اعتمدها الاتحاد الاروبي والتي منها العمل علي التحديث الشامل لقواعد السوق الرقمية بالاتحاد الأوروبي ، واستهدف القانون الشركات الكبري التي لا يقل عدد مستخدميها عن 45 مليون مستخدم، وبلوغ حجم مبيعاتها أكثر من7مليارات يورو داخل دول الاتحاد الاوربي

قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
اضغط للتكبير
وتم تطبيق القانون على 22 خدمة تقدمها الشركات الكبرى والتي اطلق عليها "حارس البوابة"، والتي منها امازون وميتا وجوجل ومايكروسوفت وابل واكس بالاضاقة الى شركة بيات دانس الصينية المالكة لتيك توك. وحدد القانون عملية فرض الغرامات على  تلك الشركات التي لم تمتثل لالتزامات القانون ، والتي تصل إلى 10% من حجم المبيعات العالمية السنوية للشركات ، وامكانية وصول تلك الغرامات الى نسبة 20% في حالة تكرار المخالفة،
وتتركز اهداف قانون الاسواق الرقمية  Digital Market Act  على المستوى الاوربي الى تحقيق لعل اهمها هو هدف استراتيجي يتمثل في مواجهة الضعف الرقمي الاوربي عبر تشجيع نمو بيئة محفزة للشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال الخدمات الرقمية ، وذلك في مواجهة الهيمنة التقليدية للشركات الامركية ،ويضاف الى حالة الضعف تلك تعدد اللغات والثقافات المحلية داخل دول الاتحاد الاوربي ، وعدم نضج استراتيجية تنمية رقمية للاتحاد الاوربي والتي جعلته معرض للتخلف عن الركب في ظل التقدم الصيني ودخولها للسوق الاوربي رغم التحديات وخاصة في مجال شبكات الجيل الخامس،  
ويهدف القانون من جهة اخرى الى  وضع حد للممارسات المناهضة لقوانين المنافسة وخلق حالة من تعددية الشركات والخدمات امام المستخدم بما يضمن له الحصول على افضل خدمة واكثر جودة والتزاما بالمعايير الاوربية الخاصة ، والعمل على كسر الدائرة المفرغة التي تحيط بالمستخدم Ecosystem وخلق بيئة اقتصادية مفتوحة وشفافة  واحدة للشركات التقنية العابرة للحدود ،
ويفرض  قانون الاسواق الرقمية  DMAعلى ما من اطلق عليهم "حراس البوابة " الحصول على موافقة موثقة قبل تنفيذ الحملات الاعلانية وتتبع المستخدم وتمكين عملاء الأعمال الذين يستخدمون خدمات الإعلانات عبر الإنترنت  من طلب البيانات التي تم جمعها فيما يتعلق بحملاتهم من الشركات المقدمة للخدمة مثل شركات جوجل او ميتا او امازون.
وشملت عملية تطبيق القانون عدة منصات او محاور لعمل الشركات منها ، متاجر التطبيقات:  من خلال فرض على الشركات العاملة فيها والمحتكرة حاليا لها مثل شركتي ابل وجوجل  بالسماح بقبول متاجر تطبيقات اطراف ثالثة اخرى على أجهزتها ونظم تشغيلها سواء التي تعمل بنظام  iOS او Android، وامكانية قيام المستخدم عبر استخدمهما تنزيل وتحميل تطبيقات اخرى من مصادر غيرهمها ،
وتتخوف الشركات من تاثير ذلك في تزايد  التهديدات الامنية ،  ويفرض القانون كذلك على حراس البوابة ان يتم السماح للمستخدمين بالتبديل بسهولة أكبر بين متاجر التطبيقات الالكترونية ، سواء ذلك على اجهزتهم او عبر تغيير متصفحات الشبكة ، وان تلتزم الشركة بتقديم قائمة خيارات في إعدادات الاجهزة .
وفيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية يلزم القانون بان تلتزم الشركات المشغلة بعدم منح منتجاتهم صيغة تفضيلية عن البدائل الاخرى المنافسة لهم ، وخاصة من قبل خدمات سوق أمازون، وموجز محتوى فيسبوك، ومحرك بحث جوجل .
وبموجب قواعد القانون فيما يتعلق بتطبيقات المراسلة التابعه للشركات الكبري فانها لن تحصل على ميزة تفضيلية ، وذلك مثل خدمات المراسلة للفيسبوك او الوات ساب التابعة لشركة ميتا ، او خمات المراسلة التابعة لشركة ابل .
  وعلى اية حالة على الرغم من وجود بعض التحديات في عملية تطبيق القانون الا انه يمثل ركيزة اساسية لتصحيح السوق الرقمي داخل الاتحاد الاوربي وتاثير ذلك في ترسيخ سياسات جديدة للتعامل مع الشركات التقنية الكبري العابرة للحدود ، وتطبيق الحوكمة وسد الفجوة الموجودة في السياسات المرتبطة بالتعامل مع الخلل في هيكل السوق الرقمي ومواجهة احتكار لاعبين كبار ، وتشجيع ظهور لاعبين جدد لضمان العدالة في السوق ومواجهة الاحتكار في عملية تقديم الخدمات ولو على المستوى الطويل والتي ستدفع في المستقبل الى نتائج مهمة لظهور شركات جديدة فاعلة سواء على المستوي الوطني او الاقليمي ، ويعد موقف التكتلات الاقتصادية الضخمة مثل الاتحاد الاوربي من الشركات التقنية اكبري بداية لتطور ذلك في باقي التكتلات الاقتصادية الاخرى وخاصة في الجنوب العالمي .
وهي امور سيكون لها انعكاس في تطوير تطبيقات السيادة السيبرانية للدولة الوطنية او على مستوى التكتلات الاقليمية في التعامل مع الشركات التقنية الكبرى ، وتطوير السياسات المرتبطة بالتنمية الرقمية وارتباط ذلك بتحقيق اهداف التنمية المستدامة للامم المتحدة 2030 . ويدفع ذلك الى اهمية تنظيم المجال السيبراني في مواجهة الفوضى واهمية عودة دور الدولة التنظيمية في مواجهة تغول الشركات العابرة للحدود ، واهمية دعم نمو بدائل وطنية او اقليمية للخدمات الرقمية بشكل يعزز من السيادة السيبرانية من جهة ويعمل على توافر المرونة السيبرانية في تقديم الخدمات الرقمية من جهة اخرى .

 


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»
  • هل «الإنترنت» عدوَّة التقدم؟
  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • تعدين بيتكوين .. هل ستنتهي اللعبة؟
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ