حقوق الإنسان الرقمية والتبني العالمي
من ضمن تعريفات الحقوق الرقمية على أنها الحق في إتاحة الفرصة باستخدام الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية بحرية وبطريقة أمنة.وتتميز حقوق الإنسان الرقمية بانها حقوق متطوره ومتغيرة وليست مقيدة في حد ذاتها ومتكاملة ومترابطة ، ومتاحة امام جميع البشر ، وكونها حقوق عالمية .
وهناك أنواع لحقوق الإنسان الرقمية ، والتي منها الحق في الخصوصية الرقمية ، والحق في التخفي الرقمي ، الحق في النسيان الرقمي ، الحق في حرية التعبير الرقمية ، الحق في التشفير ، و الحق في الأمن الالكتروني ، حق الحصول على المعلومات ، الحق في الهوية الرقمية ، و الحق في السلامة الرقمية ، الحق في إدارة الحقوق الرقمية ، الحق في التواصل الرقمي ، والحق في الاستخدام الرقمي ، و الحق في المعرفة الرقمية:
وأقرت العديد من المنظمات والهيئات الدولية بان حقوق الانسان الرقمية رديفة لما ورد من مواد حماية حقوق الانسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 ، ن حقوق الإنسان الرقمية هي امتداد لحقوق الإنسان المستمدة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 ومنسجمة مع مضامين العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للعام 1966، وبأن تكون محمية ومصانة بنفس القدر الذي تحمى به حقوق الإنسان في العالم المادي، وأن الاتصال بالإنترنت أصبح حقً وقطعه بمثابة انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
أصدرت هيئة الجمعية العامة للأمم المتحدة أول قرار أممي بتاريخ 7/11/2013 بعنوان الحق في الحياة الخاصة في العصر الرقمي. و مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: عام 2012، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الحق في الخصوصية في العصر الرقمي عام 2014
وقد طالبت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بضرورة وقف بيع واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تهدد الحفاظ علي حقوق الإنسان، وذلك لحين توفير الضمانات القانونية والاخلاقية ، وبخاصة في ظل مخالفة القانون الدولي لحقوق الانسان . والذي يعطي الحق للدولة في اتخاذ اجراءات من شأنها الحد من ذلك الانتهاك لحقوق الإنسان ،وهو الأمر الذي يعكس حالة ارتباط البعد المحلي بالبعد العالمي في مجال حماية حقوق الإنسان.
ودفع ذلك العديد من الدول لتطوير استجابتها ازاء هذه التطورات سواء عبر ادخال اصلاحات دستورية لتنظيم الحقوق الرقمية، او بتحديث التشريعات والقوانين او باستحداث كيانات ومؤسسات جديدة تعني بحماية حقوق الانسان. وبخاصة مع تصاعد أهمية البيانات الشخصية في اختراق النسيج الاجتماعي والثقافي والاقتصادي وتأثير ذلك في امن واستقرار المجتمع والإضرار بالأمن القومي .
تنامي التهديدات
على قدر ما مثلت الثورة الرقمية من فرص وتطبيقات لممارسة حقوق الراي والتعبير والاتصال وغيرها الا انها اتاحت كذلك تحديات جديدة تتعلق بظهور مخاطر انتهاك حقوق الانسان في العصر الرقمي، والتي منها اتاحة التطبيفات الرقمية للشركات التقنية الكبرى فرص الاستحواذ والتصرف في البيانات الشخصية للملاين من المستخدمين عالميا وامكانية بيع تلك المعطيات الي طرف ثالث لتحقيق اهداف تجارية او امنية ، وامكانية التعرض هؤلاء المستخدمين للرقابة والتجسس سواء لصالح شركات امنية او هيئات استخباراتية .
ويأتي هذا في ظل الفجوة بين معدل انتشار التطبيقات الرقمية وزيادة ارتباط الملايين من المستخدمين بها وبين القدرة على التكيف مع تأثيراتها ، مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وكاميرات المراقبة او تقنيات التعرف على الوجه ، ووجود فواعل عابرين للحدود تتمثل إما في الشركات المشغلة للخدمات ، أو بأخري تعمل في مجال الحماية او أطراف ثالثه تمثل ممارستها تهديدا لحرية وخصوصية المستخدمين.
وجاء ذلك في ظل حالة الفوضي في التعامل مع البيانات الشخصية علي المستوى الدولي واتجاهات التحول الرقمي من قبل العديد من الحكومات ، وضعف القدرات والتشريعات الوطنية في التعامل مع الشركات العابرة للحدود ، ومن ثم برزت في تلك البيئة الرقمية مخاطر تتعلق بالحفاظ علي كرامة الانسان وخصوصيته وقدرته على ممارسة حياته بحرية ووفق ارادته الحره وليس نتيجة الخضوع الى الخوارزميات وسيل الاعلانات الرقمية والتي تضع "الفرد " في حلقة مغلقة تزيد من اتجاهات التعصب والكراهية .
وياتي ذلك في ظل تأثيرات تطبيقات الذكاء الاصطناعي في عملية تصنيف المعلومات واتخاذ القرارات وتطبيقات التعليم الالى وبما يشكل تاثيرا في الحق في الخصوصية والحق في الصحة والتعليم وحرية التنقل وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات وحرية التعبير.، الي جانب تحدي تحيز خورازميات في عملية تحديد عملية الحصول علي الخدمات العامة ،ومن يحصل علي الوظائف وهو ما قد يمثل تهديدا للمساواة والعدالة ، وتوسيع الفجوة الرقمية والمعرفية واصدار قرارات تمييزية وزيادة معاناة الفئات المهمشة من جهة اخري
ويرتبط ذلك بضعف الشفافية التي تقدمها الشركات او الدول حول مشروعاتها في تطوير واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي .ومن ثم تقويض الطرق الممكنة للسماح للرأي العام بمعرفة ومتابعه وادراك مدى وحجم تاثيرات تطبيقات الذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان والمجتمع."، وبخاصة في ظل الفجوة بين تسارع وتيرة التقدم وضعف القدرة علي الملاحقة من جانب القانون ، وهو الامر الذي من شأنه ان يحد من القدرة على متابعة دور تطبيقات الذكاء الاصطناعي في انتهاك حقوق الانسان الرقمية .
الجهود المصرية في حماية الحقوق الرقمية.
ووفق رؤية مصر 2030 وإستراتيجية التحول الرقمي والإستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان تم اتخاذ العديد من الخطوات لتعزيز حقوق الإنسان الرقمية سواء تلك المتعلقة بالحقوق المدنية او الاجتماعية والاقتصادية او الثقافية ، وتم الاستجابة لذلك على المستوى التشريعي او التنظيمي او المؤسسي.
وقد بدأ بتناول الدستور المصري مفهوم الحق في الخصوصية في أكثر من موضع مثل المادة54،والمادة 57 والمادة 58 ، وأكدت هذه المواد بشكل مباشر وغير مباشر على الارتباط الوثيق بين حرية الاتصال والحق في الخصوصية،وتجريم الاعتداء على الحياة الخاصة سواء بالتصنت او تسجيل المكالمات او التقاط الصور . والارتباط العضوي بين حماية الحياة الخاصة وارتباط ذلك بحرية الاتصال، والحق في استخدام وسائل الاتصال العامة ، وذلك مع مراعاة تطبيق الاستثناءات الواردة على هذا الحق.
وجاء ذلك متوافق مع ما تم ترسيخه من حماية بيانات المُستخدمين في قانون الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، وفي 2018 تم إقرار قانون مكافحة الجريمة الالكترونية ، وقانون رقم 151 لسنة 2019 الخاص بالمحال العامة،والذي وضع اشتراطات في تركيب كاميرات المراقبة،من اجل حفظ الامن والخصوصية للمواطن ومساعدة العدالة،وفي منتصف 2020 تم اصدار قانون حماية البيانات الشخصية والذي استند على اللائحة العامة للاتحاد الاوروبي ذات الصلة.
وقد تم تضمن القانون عددًا من القواعد التي توفر حماية البيانات المُعالجة إلكترونيًّا بشكل كُلي أو جُزئي، وياتي هذا بالاضافة الى ما ورد في قانـون العقوبـات، وقانــون تنظيــم الصحافــة والاعلام،والذي كفل حماية الحق في الراي والتعبير عبر منصات النشـر الورقـي والمسـموع والمرئـي والالكترونـي.وكفـل كذلك الحق فـي الحصـول علـى المعلومـة ونشـرها، باسـتثناء جرائـم التحريـض علـى العنـف، أو التمييـز، أو انتهاك خصوصية المواطنيـن.
وفيما يتعلق بالحق في الاتصال تم اتخاذ خطوات لدعم البنية التحتية المعلوماتية ، وفي مجال نفاذ الخدمات وملائمتها لاحتياجات المجتمع تقدمت مصر فى مؤشر الإنترنت الشامل وبمدى قدرة الأفراد على الوصول إلى الإنترنت . وجاء إطلاق مشروع حياة كريمة لتنمية القرية المصرية من اجل العمل على سد الفجوة الرقمية بين الريف والمدينة من جهة ودعم الحق في التنمية من جهة اخرى ،
وفيما يتعلق بالحق في التقاضي تم التقدم في التحول الرقمي واطلاق مشروع "عدالـة مصـر الرقميـة لتلقي خدمــات المــرور، ونيابــات الاســرة. كمــا تــم إنشــاء منظومــة العرائــض الالكترونيــة الموحــدة للنائــب العام.وقامت النيابة العامة بإطلاق مكتب لرصد الانتهاكات ضد حقوق الإنسان عبر الشبكات الاجتماعية.
الحق في الخصوصية والأمن ،وقامت مباحث الانترنت بوزارة الداخلية باطلاق خدمة متابعه البلاغات الكترونيا من قبل المواطنين وتفعيل وحدات مكافحة الجريمة الالكترونية واقلمتها ،وأطلق مجلس الوزراء تطبيق لإتاحة المعلومات للمواطنين بما يدعم الحق في الحصول على المعلومات .
وفيما يتعلق بالحق في المعرفة قامت الحكومة المصرية بجهود مكافحة الشائعات والاخبار المضلله ، الى جانب ما يقوم به بنك المعرفة المصري كأكبـر مكتبـة عربيـة رقميـة علـى الانترنـت.،
وفيما يتعلق بالحق في التعليم اتخذت الحكومة اجراءات من شانها تطوير التعليــم وتطويــر أســاليب التعليم عن بعد وادخال الاجهزة اللوحية في العملية التعليمية و التقييــم وقيــاس المهــارات والامتحانات واســتخدام التكنولوجيــا فــي العمليــة التعليميــة،وتم اطلاق "إسـتراتيجية التعليــم العالــي والبحــث العلمــي 2030 "و الاسـتراتيجية القوميــة للعلـوم والتكنولوجيـا والابتـكار 2030.
وفيما يتعلق بدعم الحق في العمل تم اطلاق برامج تدريبية حول المهارات الرقمية من قبل وزارة الاتصالات والهيئات الحكومية من خلال تعزيز فرص الشباب في سوق العمل الى جانب تطوير المناهج العلمية واستحداث جامعات وكليات جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي والثورة المعلوماتية .
ويما يتعلق بالحق في الضمان الاجتماعي تم تطوير منظمة رقمية لتلقي المعاشات والمنح عبر المنصات الرقمية بما يعزز من فرص الحصول عليه بسهولة ومكافحة الفساد الاداري .وتم تعزيز الحق في الغذاء عبر رقمنة منظومـة الخبـز فـي كافـة محافظـات الجمهوريـة عبر البطاقات المميكنة للحصول على السلع التموينية و تحسـين البنيـة المعلوماتيـة،وإنشـاء قواعـد بيانـات صحيحـة، وتطويــر منظومــة الخبــز الالكترونيــة، وفيما يتعلق بالحق في الغذاء قامت الدولة بتشجيع تطبيقات التكنولوجيا الحديثة في مجال الزراعة لمواجهة ازمة نقص المياة والتوظيف الامثل للتربة و زيادة انتاجية المحاصيل الزراعية .
وشهد الحق في الصحة تقدم خاصة بعد دفعت تداعيات ازمة كوفيد 19 حيث بذلك الحكومة المصرية الجهود للتحول الرقمي سواء في محال تقديم الخدمات الصحية او تقديم الثقافة الصحية عبر المنصات الحكومية واطلاق برامج وتطبيقات للتوعية والمساهمة في عملية تسجبل تلقي الخدمات الصحية ، كحالة تسجيل اخذ اللقاحات او حملة 100 مليون صحة او مكافحة فيروس سي حيث نجحت الحكومة المصرية في مكافحة المرض عبر توظيف البيانات المتعلقة بالإصابة او بتلقي العلاج او باتخاذ خطوات وقائية ضد المرض ، وساعدت تلك البنية المعلوماتية في النجاح في مواجهة تفشي فيروس "كوفيد 19" .
الى جانب البدء في رقمنة نظام التامين الصحي الشامل في ثلاث محافظات كمرحلة اولى ، .وتطوير رقمنة سلاسل الامداد المتعلقة باتاحة وتخزين الادوية والمستلزمات الطبية بما يساعد في ادارة ازمة الطلب ومكافحة السوق السوداء وتعزيز الرقابة الدوائية .
واتخذت الحكومة اجراءات لتعزيز حماية المراة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة ، حيث تم اطلاق برامج للتمكين التقني للمراة وتحسين فرص العمل لديها ، وتم تدشين حملات لحماية وسلامة الاطفال عبر الانترنت سواء عبر وزارة الاتصالات او عبر المجلس القومي للطفولة والامومة.وتم التصديـق علـى البروتوكـول الاختيـاري لاتفاقيـة حقـوق الطفـل بشـأن بغـاء الاطفـال والمـواد الاباحيـة عبر الانترنت .
ومن جهة اخري تم إطـلاق المبــادرة الرئاســية لدمــج وتمكيــن متحــدي الاعاقــة مــن خـلال توفيــر الخدمــات التعليميــة والصحيــة لهــم باســتخدام تكنولوجيــا الاتصــالات والمعلومــات.
الذكاء الاصطناعي وحقوق الانسان الرقمية
على قدر ما وفرت تطبيقات الذكاء الاصطناعى من فرص لخدمة الإنسانية الا أنها أتاحت كذلك الفرصة لإلحاق أضرار مادية وأخرى غير مادية، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وعلى الرغم من وجود تلك المخاوف من قبل من الثورة الرقمية فإن تطبيقات الذكاء الاصطناعى التوليدى قد أضافت أبعادا اخرى للمهددات مع تميزها بقدرات سواء على مستوى القدرات أو على مستوى المهارات، وهو الامر الذى يجعل من التأثير اكثر عمقا وانتشارا واستدامة، واصبحت تواجه حقوق الإنسان فى ظل صعود الذكاء الاصطناعى تحديات جديدة سواء على المستوى السياسى او الاقتصادى او الثقافى، وتتميز بأنها غير مسبوقة فى تأثيرها السلبى وذلك مع طابعها العابر للحدود، واحتكار قلة لتلك القدرات من الشركات ومن خلفها الدول، على النحو الذى يزيد من الفجوة والتهميش والسيطرة واللامساواة.
وبدأت تتأثر حقوق مثل الحق فى المعرفة والحق فى الاتصال، والحق فى المساواة وحرية الرأى والتعبير والخصوصية، والملكية الفكرية، والحق فى العمل وغيرها،عبر البيئة الرقمية، والتى تتفاعل من خلالها المعلومات والأفكار والأشخاص والذين قد يكونون إما فاعلين رقميين او ما بين فاعل بشرى وفاعل رقمى، وهو ما ينتج عنه تفاعلات ثقافية ستؤثر فى تكوين الاتجاهات والميول والمشاعر والقيم والأفكار .
وما يزيد من خطورة استخدام تلك التطبيقات دورها فى نشر المعلومات والأخبار المضللة والتزييف العميق بما يحمل معه مخاطر على الوعى والإدراك فى معركة الاستحواذ على العقول والقلوب. خاصة بين الاجيال الجديدة من فئات الشباب والمراهقين، والذين هم الاكثر ارتباطا وتأثرا وتفاعلا عبر المنصات الرقمية.
ويتم توظيف الذكاء الاصطناعى والخوارزميات فى التوجيه القسرى وخلق دوائر مغلقة ويتم تشكيل الرأى العام وفق أجندة مسبقة، واستبدال الفكر والحكم المستقلين للإنسان بالسيطرة الآلية عليه، بما يحد من حرية الرأى والتعبير ويؤدى الى اضمحلال الحريات الفردية .
وعند إدخال الروبوتات الى العمل والقيام بالوظائف يؤدى ذلك الى شعور الانسان بفقدان ذاته لأنه ببساطة أصبحت الآلة أفضل منه وتعمل دون كلل او شكوى او أجر شهرى، ويحبها صاحب العمل، ويتعرض العمال بذلك لخطر البطالة وفقدانهم الحق فى العمل.
وتساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى تعزيز القدرات فى مجال المراقبة الجماعية مع القدرات الفائقة فى معالجة وتحليل البيانات وسرعة وتحليل كاميرات المراقبة وأجهزة التعرف على الوجه والتى تتم على نحو قسرى، وهو ما يعد انتهاكا للخصوصية مع القدرات الفائقة فى معالجة وتحليل البيانات. وهناك تحيز الخوارزميات التى تؤدى إلى التمييز العنصرى والعرقى والمنع من الحصول على الوظيفة او الخدمة أو إعادة قراءة التاريخ او الآثار على نحو يخدم افكار من يقف وراءها.
ويتم انتهاك الخصوصية للإنسان باستخدام صوته وشكله أو إنتاجه الفكرى وإعادة تركيبه ونشره عبر الذكاء الاصطناعى، ويتم ذلك ليس فقط للأحياء بل كذلك يتم استغلال صور الأموات وإعادة تحريكها وتحويلهم الى شخصيات رقمية تفاعلية .
وتدشين الحسابات الوهمية بما يساعد على الجريمة الالكترونية، وشن هجمات سيبرانية لسرقة البيانات الشخصية .و تصاعد التوظيف السياسى للذكاء الاصطناعى فى الانتخابات بما يكون له تأثير بالغ على تقويض النظم السياسية وإفساد القيم الديمقراطية.
نحو تعزيز حقوق الانسان الرقمية
يتطلب الحفاظ على حقوق الإنسان فى العصر الرقمى ليس فقط جهدا وطنيا وحسب بل يتطلب جهد ا إقليميا ودوليا باعتبار ان تهديدات حقوق الانسان الرقمية عابرة للحدود وتتطلب تعاونا دوليا لترسيخها وحمايتها، وأهمية التعاون بين كل أصحاب المصلحة فى تعزيز الاستجابة العالمية لمواجهة تهديدات الذكاء الاصطناعى وتنظيم استخدامه وحوكمته دوليا. وتوظيفه كحق للجميع سواء من الدول النامية او المتقدمة وتحقيق التنمية المستدامة.
وتتسارع العديد من المنظمات الدولية للتوصل الى اتفاقيات لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعى مثل الاتحاد الاوروبى وحلف الناتو ومجموعة السبع الصناعية، وهناك جهود من قبل الصين والولايات المتحدة . وتتعاون أكثر من 40 دولة مع اليونسكو لتطوير السياسات الوطنية للذكاء الاصطناعى والمتوقع ان يصدر تقرر اليونسكو خلال انعقاد منتدى اليونسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعى فى سلوفينيا فى ديسمبر 2023.
وقد نصت معايير القانون الدولى لحقوق الإنسان على اعتبار كل من الشركات المنتجة والدول المستعملة لهذه الأنظمة غير المشروعة متواطئة فى انتهاك حقوق الإنسان وعليها أن تتحمّل مسئولياتها كاملة خاصة فى الحالات المستهدَفة غير المشروعة على وجه الخصوص.
وشدّدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على ضرورة وقف بيع واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى التى تشكل خطرًا جسيمًا يهدّد حقوق الإنسان، إلى أن يتم اعتماد الضمانات الملائمة. وحظر تطبيقات الذكاء الاصطناعى التى لا يمكن استخدامها بما يتماشى والقانون الدولى لحقوق الإنسان. ويبقى الاستثمار فى الانسان وبناء وعيه ومهاراته هى الابقى لان يقود الآلة وينظم استخدامها بدلا من ان تنظمه وتؤطره هى بشكل يفقد هويته وإنسانيته، وهو ما يساعد فى تشكيل مرونة مجتمعية مستدامة ضد المخاطر فى الداخل والخارج، والمحافظة على إرادة الإنسان الحرة فى العصر الرقمى.
وقد كانت الاستراتجية الوطنية لحقوق الانسان التي تم اطلاقها اكثر واقعية بالبحث عن تحقيق التوازن بين الحقوق و الواجبات والاعلان عن حالات التقدم والعقبات التي تتطلب المزيد من الجهود الحكومية ، وتلعب البيئة الرقمية دور مهم في تعزيز ثقافة حقوق الانسان والمساعدة في الكشف عن الانتهاكات وتوثيقها بما يشكل قوة دفع للتحرك من قبل اجهزة الدولة المعنية ، وهو ما يصب في الاخير في دعم عملية تطوير السياسات العامة المتعلقة بحقوق الإنسان على المستوى الوطني والتعاون مع كافة أصحاب المصلحة في الداخل بتعزيز المشاركة المجتمعية .
ويتطلب ذلك ايضا أهمية ان تعيد الدولة بناء علاقاتها مع الفاعلين عبر الحدود لمواجهة مهددات حقوق الإنسان الرقمية ،والتعاون مع كافة أصحاب المصلحة في الداخل والتي تتطلب تحقيق التوازن بين الحقوق و الواجبات ، والسعي الى تنظيم استخدام البيانات الشخصية وتطوير صناعة مراكز البيانات للحد من انتقالها الى الخارج من قبل الشركات التقنيه.
والسعي الى اصدار اللائحة التنفيذية لقانون حماية البيانات الشخصية ، وتدشين مركز حماية البيانات الشخصية”لمُتابعة تنفيذ الجهات المُختلفة للقانون ولتلقي الشكاوى المُتعلقة بتطبيقه،والحاجـة إلـى اسـتكمال التطويـر التقنـي لخدمـات العدالـة بصفـة عامـة، ولخدمـات التقاضـي علـى وجـه التحديد وتطويــر آليــات الربــط الالكترونــي بيــن الجهــات والهيئــات القضائيــة المرتبطــة بعمــل مشــترك داخــل منظومــة العدالــة؛ بغيــة تحقيــق العدالــة الناجــزة. ، والعمل على عم وتطوير البنية التحتية التقنية لتطويرالخكمات التعلية وبخاصة المناطق الريفية .
وتمثل فرصة دعم ثقافة حقوق الانسان باستخدام المنصات الرقمية بعد مهم في التوعية والثقافه بالحقوق والواجبات لدى المواطنين . سواء يما يتعلق بالمبادئ او سبل الحماية او هيئات اتخاذ القانون او تطبيقه، واهمية الاستمرار في تقديــم الدعــم التقني، وإتاحــة المــوارد لجهــات بنــاء القــدرات والتدريــب فــي قطاعــات الدولــة، وتزويـد القضـاة بالمكتبـات الالكترونية والثقافة حول القضايا المرتبطة بالثورة الرقمية ، ودعم تطبيقات التعلم والتدريب عن بعد.
ويجب ان يتم تعزيز الحق في الحرية الشخصية بتضمين قانون الاجراءات الجنائية بدائل متطورة تكنولوجية للحبس الاحتياطي، والتعامل مع عـدم وجـود إطـار قانونـي ينظـم الحصـول علـى المعلومـات والبيانـات والاحصـاءات الرسـمية وتداولهـا.
ومواجهة نشر المعلومات والاخبار المضللة والتحريض على الكراهية والتمييز عبر المنصات الرقمية سواء للصحف أو المواقـع الالكترونيـة او المدونين،ومتابعه انتهاكات الخصوصية الى جانب اهمية دور تعزيز منظمة الشكاوى الحكومية ، وتطوير اداء المؤسسات المعنية بتنظيم الاعلام والصحافة من اجل تعزيز ثقافة حقوق الانسان بشكل عام والحقوق الرقمية بشكل خاص ، و اتخـاذ الاجـراءات القانونـية المناسـبة لمواجهة الانتهاكات .
وعلى الرغم من وجود حزمة من التشريعات إلا أنها تحتاج إلى تعزيز التكامل فيما بينها ،وتعزيز ثقافة المواطن ومسئوليته تجاه سلوكه ونشاطه عبر المنصات الرقمية ،وتوضيح الحدود الفاصلة بين حرية الرأي والتعبير وبين أن يتحول إلى سب او قذف او نشر محتوى يحرض على العنف او الإرهاب او الكراهية، ولا ينفك ذلك عن جهود الدولة الحثيثة في الرهان على بناء وعي المواطن كمنصة الدفاع الاول ضد الانتهاكات ضد الفرد والمجتمع والدولة .
وأهمية تبني استراتيجيات وطنية تهدف الى الاهتمام بالقيم وبالشباب كمحركين للتغير الاجتماعي والثقافي ، وتبني برامج لتعزيز الانتماء والتعليم و التدريب تحتاج الى تعاون الحكومة مع كافة المؤسسات المعنية بالنشئ والشباب والتربية والثقافة والدين، وهو الامر الذي من شأنه ان يساعد في تشكيل مناعة مجتمعية مستدامه ضد المخاطر في الداخل والخارج،و يحافظ كذلك على التنمية الى جانب ارادة الإنسان الحرة في العصر الرقمي.