ومن ثم كان لنشأة إسرائيل بولادة غير طبيعية عبر قرار أممي فرض الامر الواقع وفتح الطريق امام عصابات الهاجانه لممارسة القتل والتنكيل بالشعب الأصلي من الفلسطينيين ، وهناك من عزا وعد بلفور البريطاني الى ما فعلته بريطانيا في الشعوب الأخرى من الشعوب الاصلية لدى ما يعرف اليوم من اسكتلندا وايرلندا ، وهو ما فعلة المستعمرين البريطانيين في امريكا الشمالية ضد الهنود الحمر.
وبعد ما يزيد عن 75 عاما من قيام دولة اسرائيل لا توجد نية حقيقة في صنع السلام مع دول الجوار بل انها ترى ان تسويق ذلك على انها عداء من محيط عربي ضد اليهود او ضد ما تدعيه بالحضارة الغربية يخدم عملية الدعم العسكري المستمر لها ويبرر في نفس الوقت ممارستها العدوانية ضد شعوب المنطقة .وطيلة ما يزيد على 1400 عام اندمج اليهود في الحكم في الدول الاسلامية ولم تكن هناك أية نوازع عنصرية ضدهم ،واستقبلتهم الدول الاسلامية بعد سقوط الاندلس وبعد الحركة النازية في المانيا.
وجاءت أحداث 11 سبتمبر عام 2001 لتعطي الولايات المتحدة الشرعية لتواجد عسكري في المنطقة وبغض النظر عن الفاعل الحقيقي والمحرض لتلك الهجمات ، وتبقي الاجابة في البحث عن المستفيد منها فيما بعد . وجاءت احداث 7 اكتوبر 2023 ليري اليمين المتشدد في اسرائيل انها 11 سبتمبر العبري ، وحاول نتنياهو توظيفها لتنفيذ وإعادة انتاج مخططات من شانها تصفية القضية الفلسطينية وتنفيذ مشروعات طرحت من قبل حول تهجير الفلسطينيين الى الاردن والى مصر .
وما يدعم ذلك هو معرفة اسرائيل المسبقة بالتخطيط لهجمات 7 اكتوبر من قبل حركة حماس ، وغض الطرف عن تهريب الاسلحة او الاموال الى الحركة في الداخل ، وما كشف عنه من قيام الطيران الإسرائيلي في احداث 7 اكتوبر بالقيام بشن هجمات جوية داخل المستوطنات واتهام حركة حماس بها،ويمثل الدعم غير المشروط من قبل الولايات المتحدة وتحريك أسطولها الحربي لمساندة إسرائيل والتغطية السياسية عن جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين يشي بان هناك ثمة اتفاق لمخطط كبير للمنطقة ووقفت مصر في ظروف دولية وإقليمية ومحلية غير مسبوقة معلنه الصمود ضد تلك المخططات دفاعا عن ثوابتها الوطنية وعن حق الشعب الفلسطيني في قيام دولته على أرضة التاريخية .
وعلى الرغم من تفوق أدوات القمع والحرب والتجسس والتدمير الا ان المقاتل الفلسطيني وقف ليعلن تفوق العنصر البشري عن من سواه وعن تماسك الحق امام أباطيل العدوان وعن الرغبة في الحياة على دعاة الخراب والتدمير ، والذي لم يكن فقط يستهدف الفلسطينيين العزل بل يحاول ان يوجه ضربة نفسية ضد شعوب المنطقة وبل كذلك ضد الدول الصاعدة في النظام الدولي كروسيا والصين والتي تحاول ان تزاحم النفوذ الأمريكي في المنطقة ،والتي ما زلت تمثل بؤرة الاهتمام لدى القوى الدولية والتي تحاول ان ترسخ أقدامها.
بعد تدمير ما يزيد على 85 %من مباني القطاع واستشهاد ما يزيد على 50 الف وجرح ما زيد على 100 الف فلسطيني ما زال الشعب الفلسطيني متمسكا بأرضة وقضيته وبدينة ومقدساته ، وذلك لان شعب غزة هو بالأصل "عينات" من شعب فلسطيني عاش وتربي أجداده في كل فلسطين التاريخية ، وهنا يكمن سر ملحمة الصمود امام شعب اخر يحاولون جذبة من بلدان أخرى ولا يحركه الا حوافز مادية في المستوطنات من قبل الدولة العبرية ،وفي ظل سيطرة اليمين المتشدد على المجتمع الإسرائيلي ، ومحاولة توظيف حالة الضعف الاستراتيجي في الدول العربية بعد سقوط صدام والقذافي ومالات الحرب الاهلية في اليمن والسودان وسوريا ، والتي نتج في جزء كبير منها من عوامل تدخل خارجي وقف ورائها الولايات المتحدة .
وجاءت دعوة ترامب بطلب تهجير الفلسطينين ليعبر عن جزء من المشهد الذي بدأه بايدن وهو الذي قال انه يرى ان خريطة اسرائيل صغيره وانه يجب ان يتم توسيعها ، وعلى الرغم من ان مخططات تصفية القضية الفلسطينية على حساب فقدان الأرض قديمة الا انها تحتاج الى يقظة في إفشال تلك المخططات والتي بقي البطل فيها الشعب الفلسطيني الى جانب موقف مصر والأردن على الرغم من الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تمارس ضدهم الا ان الحاضنة الشعبية ، والوعي بتلك المخططات هو ما يزيد لحمة الشعب والحكومة في مواجهة تلك المؤامرات الخارجية ، وان المنطقة بما لديهما من ثروات قادرة على رد الفعل وليس ان تبقي كما أراد لها المخططون مفعول به ، وخاصة ان هناك قيادات سياسية وشعبية واعية ، وتحتاج الى خطوات تنفيذية لإكمال إفشال تلك المخططات التي لا تؤدي الى السلام في المنطقة بل ستؤدي الى استمرار وتمدد العنف في الإقليم ، ولن يؤدي الى ان تبقي امريكا عظيمة مرة اخرى كما يدعي ترامب بل انها ستضغط وبشده على الحكومات لإخراج القوات الأميركية من المنطقة والتي سيبقي في مواجهتها الصدور العارية التي تمتلك الإيمان والصبر والتحمل والإرادة واليقين بأنهم أصحاب الحق في مواجهة أصحاب الضلال .