HTML Elements Reference

المقالات -
نقلة جديدة لتطبيقات الحرب السيبرانية

: 418
الاحد,22 سبتمبر 2024 - 07:04 ص
د. عادل عبد الصادق
الاهرام 22 سبتمبر 2024

جاء التفجير المتزامن ليومين متتاليين فى لبنان لأجهزة بيجر وآيكوم للاتصال اللاسلكى ليقتل العشرات ويصيب بضعة آلاف ليكشف عن شكل جديد من الحرب الهجينة، وبروز نمط تفخيخ سلاسل الإمداد والتوريد لتلك الأجهزة والتى تم اختراق نطاق ترددها وتفجيرها عن بعد مستهدفة إصابة شبكة الاتصالات لحزب الله، ويأتى ذلك فى ظل التوتر المتصاعد مع إسرائيل والتهديد باجتياح جنوب لبنان.

نقلة جديدة لتطبيقات الحرب السيبرانية
اضغط للتكبير


وتعمل أجهزة الاتصال اللاسلكية عن طريق استقبال إشارة من جهاز إرسال تتحول بعدها إلى موجة راديو تحمل رسائل صوتية ونصية عبر الشبكات اللاسلكية وتتميز بطول عمر البطارية وهو الأمر الذى جعلها وسيلة للتواصل لأولئك الذين يعملون فى مجالات الطوارئ والاتصالات الحرجة مثل الأجهزة الأمنية أو من قبل العاملين فى أنظمة الرعاية الصحية والطوارئ.

واتجه الحزب للتوسع فى استخدام تلك الأجهزة للحماية من التجسس أو الاغتيالات من جانب إسرائيل والتى تتمتع بقدرات متقدمة سواء فى مجال التجسس والتقنية أو فى تحالفاتها الاستخباراتية، ولعب الموساد والوحدة 8200 المتخصصة فى الحرب السيبرانية دورا فى الخداع الإستراتيجى والتخطيط والتنفيذ وبدأت منذ إعلان نية الشراء للأجهزة ثم التعاقد والشحن والتسليم.ثم المراقبة والتحكم فيها عن بعد فالتفجير عبر موجاتها الترددية، واستخدام شركة بى إيه سى بالمجر كغطاء للحصول على العلامة التجارية لشركة جولد أبوللو التايوانية المنتجة للبيجر إلى جانب توظيف الهندسة العكسية لتزييف وبيع منتجات آيكوم.

وليكشف ذلك عن العلاقة المتصاعدة بين الأمن والتقنية وانعكاس ذلك فى إحداث تغير فى الشئون العسكرية والامنية سواء على مستوى السياسات أو التطبيقات والتى كان من أبرزها استخدام المسيرات فى العمل العسكرى وقتل الجنود وامكانية اختراق الاجهزة لتعطيلها وإحداث أضرار بالبنية التحتية الحرجة أو التحكم فى نظم التحكم والسيطرة، والقرصنة والاختراق والتخريب أو دمج البعد المادى بالسيبرانى بتفخيخ الأجهزة وإلحاق أضرار مادية سواء ضد الافراد او المنشآت، وتعمل القنابل الالكترونية فى تعطيل كافة الأجهزة الالكترونية عبر الموجات الكهرومغناطيسية، واعتماد الأسلحة السيبرانية على التشويش والتعمية بدلا من قوة النيران. وهو ما يضيف مزيدا من تغيير طبيعة الحرب والاسلحة وعمل الجيوش الحديثة.

ومن جهة أخرى كان لذلك التطور دور فى توظيف القوة الناعمة فى عمل اجهزة الاستخبارات الدولية وفاعلية أنشطتها وقدرتها على جمع المعلومات وتقليل تكلفتها وانتقالها وحمايتها، وإنشاء قواعد بيانات عن الدول والأشخاص والتقديرات أو بتمريرها إلى أجهزة استخباراتية خارجية للتضليل والتشويش أو القيام بأنشطة وقائية لإفشال عمل الأجهزة الأخرى ومنع أنشطتها فى الداخل وشن الحرب النفسية عبر التأثير فى الرأى العام المحلى والعالمي، وتعزيز التدخل فى الشئون الداخلية لدعم المعارضة أو سرقة الأسرار الصناعية، والقيام بعمليات التجسس وتجنيد العملاء وتوظيف الوسائل التقنية للرصد والمراقبة عبر مصادر بشرية أو تقنية مثل اقمار التجسس أو البرمجيات.

ولعملية تفجير الأجهزة اللاسلكية عدد من الدلائل:

أولا: الكشف عن نمط مركب من الاختراق جمع بين البعد الأمنى والتقنى وما بين البعد المادى بالبعد النفسى وما بين توظيف مواد تقنية وتفجيرية لتعطيل نظم الاتصالات الإستراتيجية لحزب الله ومن ثم تعطيل عملية الاتصال وصنع القرار والقيادة والسيطرة.

ثانيا: استمرار تصاعد نمط التدمير المادى للحرب السيبرانية الذى يلحق أضرارا جسدية بجنود الخصم أو مادية للمنشآت المدنية سواء عبر تفخيخ أجهزة الاتصالات أو المسيرات. أو اختراق نظم التحكم والسيطرة وفى ظل صعود انترنت الاشياء وعسكرة الذكاء الاصطناعي.

ثالثا: توظيف الدمج الشامل للخدمات والمنصات الرقمية ذات الطابع الاجتماعى والاندماج الوظيفى بين المجالات الدولية فى تعزيز القدرات الشاملة فى مجال نظم الحرب والاستخبارات من قبل القوى الدولية.

رابعا: تصاعد تحمل المدنيين والمنشآت المدنية عبء العمل العسكرى وليس الجنود أو المعدات العسكرية بما يعد انتهاكا للقانون الدولى الإنسانى .

خامسا: يميل وصف تفجيرات أجهزة اللاسلكى بكونها عملا إرهابيا دوليا خططت له دولة بما يفرض المسئولية الدولية عن انتهاك سيادة الدولة اللبنانية .

سادسا: إن النجاح المذهل للعملية لم يسلم من التضخيم من الصورة الذهنية للتفوق والهيمنة السيبرانية الإسرائيلية متجنبا ذلك التوجه بأنها معركة بين كر وفر فى المقام الاول.

سابعا: أهمية تأمين سلاسل التوريد للأجهزة الالكترونية مثل البطاريات والسيارات الذكية وفحصها عند استيرادها ومواجهة انتهاك الشركات لمعايير التجارة الدولية

ثامنا: رفع الوعى وبناء القدرات لدى الاجهزة المعنية بالشئون الأمنية والرأى العام بتلك المخاطر الجديدة وأهمية الانتماء الوطنى وتماسك الجبهة الداخلية وقت الأزمات والحروب التى تستهدف الاستحواذ على القلوب والعقول.

تاسعا: اهمية بناء إستراتيجيات وطنية للامن والدفاع والردع السيبرانى وأمن الشبكات والاتصالات تأخذ فى اعتبارها التجارب الناجحة فى كل من الصين وروسيا وان الارتكان فقط الى نظم حليفة يمكن ان يعرض الأمن كذلك للخطر.

عاشرا: أهمية قيام المجتمع الدولى والمنظمات الدولية ذات الصلة بالاتصالات والانترنت بالحفاظ على الطابع السلمى للبنية التحتية الحرجة وحياديتها، حيث سيدفع تكلفة عدم وجود ذلك المجتمع الدولى قاطبة.

أخيرا ارتباط الأمن السيبرانى بابعاد اخرى اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية يجعل برمجيات الحماية من التهديدات لا تنفصل عن أهمية الصناعة الوطنية للأجهزة والقدرات البشرية والتى تسهم فى تعزيز حماية الأمن القومى ومواجهة تحدياته فى عالم متغير.

 

المصدر


Share/Bookmark

  • إيران تسرع وتيرة العمليات السيبرانية ضد إسرائيل
  • خبراء : الصين وإيران تستغلان الذكاء الاصطناعي للتأثير على الانتخابات الأميركية
  • النفوذ الروسي والعمليات السيبرانية تتكيف على المدى الطويل وتستغل إرهاق الحرب
  • هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُسقط الجمهورية الإسلامية؟
  • كيف تعمل الذكاء الاصطناعي على إعادة تعريف الحروب في الشرق الأوسط
  • Facebook
    Comments


    نقلة جديدة لتطبيقات الحرب السيبرانية
    جاء التفجير المتزامن ليومين متتاليين فى لبنان لأجهزة بيجر وآيكوم للاتصال اللاسلكى ليقتل العشرات ويصي

    تليجرام وحوكمة الشبكات الاجتماعية
    جاء اعتقال «بافل دوروف» رئيس تليجرام ثم الإفراج عنه بغرامة ومنعه من السفر فى فرنسا ليسلط الضوء من جد

    قلق بتصاعد التاثير النفسي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي
    يتصاعد القلق يوما بعد يوم من مخاطر تتسبب الواقعية الكبيرة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل انتاج اشخا

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ