المقالات - التحول الرقمى ومتغيرات الشأن العام |
: 805 | |
|
الاربعاء,29 مايو 2024 - 11:56 ص د. عادل عبد الصادق الاهرام، 12 ديسمبر 2019 تولى القيادة السياسية اهتماما بالغا بعملية التحول الرقمى كجزء من الاستحواذ على القوة الجديدة والمكانة الوطنية فى عصر الثورة الصناعية الرابعة، واصبحت حكومات اليوم فى ظل العصر الرقمى تعمل فى بيئة متغيرة تحت وقع تراجع وظيفة الدولة من جهة وتصاعد وتيرة التسريع العلمى والتكنولوجى من جهة أخري،
| اضغط للتكبير
|
وانعكاس تغير طبيعة المجتمع والأدوات التى اصبح يمتلكها، على علاقة المواطن بالحكومة ورؤيتة لذاته وللعالم. وأثرت البيئة الرقمية فى الترابط بين أداء النظام السياسى فى وظائفه الأربع وبين المؤسسات الرسمية التى تسهم فى ذلك الأداء، ودرجة التوازن فى الأدوار التى تخدم المصلحة العامة للدولة. والتأثير على طبيعة العلاقات القائمة بين المؤسسات الرسمية أو العلاقة بينها وبين الأخرى غير الرسمية. ومن وظائف النظام السياسى فى ضوء التحول الرقمى قدرته على التعبئة للموارد المادية والبشرية سواء كان مصدرها البيئة الداخلية أو البيئة الخارجية. وفيما يتعلق بالدور التوزيعى للنظام السياسى زادت البيئة الرقمية من اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وتراجع دور الحكومة فى المجال العام، وتصاعد دور القطاع الخاص وزادت حجم المطالب والتعبير عن الاحتياجات دون الاعتبار إلى القدرات الفعلية لموارد الدولة . ويرتبط الدور التنظيمى بأنه على الرغم من إتاحة الثورة الرقمية للحكومات ممارسة الهيمنة والسيطرة خاصة فى النظم الشمولية إلا أنها أتاحت الفرصة للحشد والتعبير عن الرأي، وزادت حجم التهديدات العابرة الحدود من الاتجاه العالمى لإعادة تنظيم المجال السيبرانى من جانب الحكومات كجزء من رد فعل إقليمى ومن ثم اتسع النشاط التنظيمى للدولة. وعلى مستوى الدور الرمزى للنظام السياسى واجه تحديات حرية انتقال الأفكار والرموز وضعف القدرة على توظيف الرموز السياسية من اجل دعم الانتماء والولاء الوطنى فى العصر الرقمي، والذى فرض تحديات جديدة أمام عملية صنع القرار السياسى مع تجاوز الدور التقليدى للمؤسسات السياسية، وتصاعد دور وضغوط الرأى العام فى صنع السياسات العامة وتغير دور النخبة التقليدى لمصلحة فاعلين جدد فى المجال العام، وأدى ذلك إلى حالة من عدم التوازن فى أداء الأدوار لمؤسسات النظام السياسى من جهة، والتأثير فى العلاقة بين الدولة والمجتمع من جهة أخرى ..
وتم نقل المطالب والاستجابات من أسفل إلى اعلي، ومن الشعب مباشرة إلى قمة النظام السياسى دون المرور بالضرورة عبر المؤسسات السياسية المعنية تقليديا بذلك، واتسع حجم القضايا والاهتمامات ومن يعمل أو يهتم بـالسياسة أو الشأن العام، وزاد حجم المطالب والتوقعات لدى المواطن بما شكل ضغطا هائلا على النظام السياسي. وتستخدم المنصات الرقمية كأدوات لتوصيل الرسائل والسياسات من الحكومة إلى المواطنين وتعد ركيزة مهمة للاستحواذ على القوة والنفوذ والتأثير، خاصة داخل الكتلة الحرجة من الشباب وهم الأكثر استخداما للتطبيقات الرقمية ومعاناة وتطلعا نحو المستقبل . وتحتفظ الحكومة فى العصر الرقمى بالمسئولية الكلية كمسهل وضامن للأعمال وواضع للتشريعات. وهو ما يفرض إعادة إصلاح القطاع العام بشكل يجعله يتواكب مع اتجاهات تبنى الحكومة الذكية وأدى تحول المواطن مع الأدوات التى يمتلكها والمعلومات التى يستطيع الوصول إليها بعيدا عن القنوات الرسمية إلى بروز نمط المواطن الإعلامى والشريك والناقد والباحث والمتحالف والمراقب للأجهزة التنفيذية، وبما يجعله مساهما فى تحسين جودة الخدمة وفق احتياجاته ويضمن فى نفس الوقت استدامتها. وهو ما يفرض التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتبنى سياسات للتحول الرقمى تتأقلم مع تلك المعطيات وتواجه الآثار الاجتماعية والفجوة الرقمية و توليد وظائف جديدة تتواكب مع مقتضيات الثورة الصناعية الرابعة، لاسيما لو تم ذلك عبر امتلاك تطبيقات تقنية وطنية تخدم مقتضيات الأمن القومي. إن نجاح عملية التحول الرقمى لا يعتمد فقط على الجوانب المادية التكنولوجية إنما يستند كذلك إلى الأبعاد الثقافية والمبادئ من قبيل الفاعلية وإشراك الجميع والمحاسبة والثقة والانفتاح، وليس فقط البحث عن تراكم فى الثروات ورأس المال. وهو ما يتطلب أن تعيد الحكومة تشكيل نفسها من جديد ليس بالاعتماد على الشكل الهرمى التقليدى بل بالتحول إلى تطبيقات للتواصل مع المواطنين، وتنمية رأس المال البشرى ودعم المهارات الخاصة بالاقتصاد الرقمي. واستغلال البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعى فى دعم عملية التنمية بما يسهم فى تشكيل سياسات عامة مستنيرة بدرجة أكبر وتقليل الوقت المستغرق فى دورة عملها وإحداث نمط حياة جديدة للمواطنين، وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطنى وتحقيق الدولة لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.
|
|
|