الكتب - مراجعه كتب
«ضد أمازون»... ماذا فعلت العولمة في صناعة الكتاب؟

: 241
الخميس,28 ابريل 2022 - 11:12 م
القاهرة: رشا أحمد
الشرق الاوسط

يرصد الباحث وخبير النشر الإسباني خورخي كاريون في كتابه «ضد أمازون» تداعيات العولمة على مهنة النشر وتأثيراتها التي يراها سلبية للغاية بل تكاد تكون مدمرة. ويضرب في الكتاب الصادر عن دار «العربي» بالقاهرة، ترجمة شرقاوي حافظ، مثالا بإحدى المكتبات العريقة التي ظلت لمدة خمسة وخمسين عاما المكتبة الرئيسية لدار النشر «جوستاف جيلي»، والآن بعد التجديدات التي بلغت تكاليفها عدة ملايين من اليوروهات أصبحت المقر الرئيسي لعملاق البيع الإلكتروني «أمازون» في نسخته المحلية بفضل الكفاءة والإنجاز الفوري اللذين يتمتع بهما على مستوى التجارة التسويق ولكن على حساب قيم أخرى مثل العراقة والتاريخ.

«ضد أمازون»... ماذا فعلت العولمة في صناعة الكتاب؟
اضغط للتكبير


ويضرب المؤلف مثالا آخر بمكتبة «كاوندا» الإسبانية التي أغلقت عام 2013 بعد أكثر من ثمانين عاما من إنشائها، وأصبحت الآن مقرا ضخما لمحل «مانجو» للملابس، كما صارت مكتبة كاليفورنيا بعد أكثر من مائة عام فرعا لماكدونالدز بديكور معاصر بسيط فتحولت المصادرة والإحلال أمرا فعليا في الواقع، ورمزا تتناثر في غباره ظلال لإرث ثقافي.

على ضوء ذلك يرى خورخي كاريون مؤلف الكتاب الشهير «زيارة لمكتبات العالم»، أن أمازون ليست بمكتبة بل «هايبر ماركت» حيث تجد في منافذ الكتب المقرمشات والألعاب والزلاجات وترى في منافذها الكتب معروضة بواجهة الكتاب وليس كعبه لأنه لا تعرض إلا 6000 عنوان من الكتب «الأكثر مبيعا»، والتي ليست الأكثر قيمة بالضرورة، حيث عدد عملائها أقل بكثير من العدد الموضوع على أرفف المكتبات الأخرى الأصلية التي تخاطر لإعطاء الكتب الأخرى فرصة.

ويؤكد كاريون أن «أمازون» تدرس تكرار التجربة نفسها عن طريق إنشاء سلسلة من محلات السوبر ماركت، فمن وجهة نظرها لا فرق بين المؤسسات الثقافية ومحلات بيع الأطعمة والسلع الأخرى، مشيرا إلى أنه عندما قدمت أمازون «كيندل» القارئ الإلكتروني للكتب في 2007 نجحوا في تقليد شكل الصفحة المطبوعة ودرجة الحبر ولكن لحسن الحظ أنهم لم يتمكنوا بعد من تقديم ملمس ورائحة الورق، وسواء شئنا أم أبينا فإننا أصبحنا عاجزين عن التفرقة بين الكتاب الرقمي والكتاب الورقي، لكن لحسن الحظ فإن التغيرات الصناعية تتم بسرعة والتغيرات العقلية تتم بصورة أبطأ.
 

 

وحول تقنيات العمل يرى كاريون أن ما يقوم به العاملون في أمازون هو عمل ديناميكي لا شك في هذا، وهكذا كان دائما منذ عام 1994 حينما بدأ خمسة أفراد في العمل من جراج مديرهم في سياتل حيث كانوا مهووسين بالسرعة واستمر الأمر على هذا المنوال لمدة عشرين سنة عبر قصص مليئة بكثير من الإجهاد والمضايقات والظروف اللاإنسانية في العمل من أجل إنجازه بكفاءة رهيبة لا توفرها إلا آلة.

ويساعد العاملون في أمازون إنسانا آليا اسمه «كيفا» لديه القدرة على رفع حمولة قدرها 340 كيلوغراما ويسير بسرعة متر ونصف المتر في الثانية. ينسق الكومبيوتر العمل بين العاملين والإنسان الآلي، فيجهزون هم البضاعة من على الأرفف لتسهيل جمع المنتجات ومتى جمعوا السلع التي اشتراها العميل جمعتها آلة أخرى اسمها «سلام» على سير الناقل الضخم. إن كيفا وسلام هما نتيجة لأبحاث تمت عل مدى سنوات حيث نظمت أمازون مسابقة لتصنيع الإنسان الآلي في إطار مؤتمر دولي في سياتل وذلك بتصميم إنسان آلي يعمل بتقنية أوتوماتيكية لتجهيز الطلبات!

ويذكر كاريون أنه في إحدى السنوات كان على الآلات التي صممها أكبر معاهد التكنولوجيا مثل معهد، «mti»، أو الجامعة التقنية ببرلين إعداد تقنية ما لجمع بطة بلاستيكية أو لتغليف علبة بسكويت أو تجميع دمية على شكل كلب أو كتاب وذلك في أقصر وقت ممكن، ففيما يخص أمازون لم يكن هناك فروق أساسية بين كل تلك السلع فهي كلها متساوية ولكن الأمر ليس كذلك فيما يخصنا.

لقد تخلصت أمازون من العامل البشري تدريجيا. في السنوات الأولى استخدمت أشخاصاً لكتابة مراجعات عن الكتب التي تباع والآن لا يوجد أي وسيط. من الواضح أن الشيء الوحيد الذي يهم أمازون هو سرعة وكفاءة أداء الخدمة وذلك دون وجود وساطة فكل شيء تقريبا آلي وفوري ومع ذلك يوجد كيان اقتصادي وسياسي ضخم خلف هذه العمليات الفردية، كيان يضغط على دور النشر من أجل زيادة أرباح أمازون من كتبهم كما تفعل مع صانعي الزلاجات ومنتجي البيتزا المجمدة.

كيان كبير هو من يحدد ماذا نرى وما يصل إلينا وما الذي سيؤثر فينا، أي ببساطة أنه كيان يشكل مستقبلنا.

ويخلص كاريون إلى أنه لا يوجد بائع للكتب في أمازون فقد أبعد أي اقتراح لاستخدام أي تدخل آدمي لأنه غير فعال ويعرقل السرعة وهي القيمة الأساسية التي تقوم عليها الشركة. والحقيقة فإن الاقتراحات التي تقدمها أمازون للمشتري على موقعها ما هي إلا لوغاريتمات معقدة غير معتمدة على العنصر البشري وهو ما يضمن أعلى مستوى من السرعة والسهولة فالآلة تحول القارئ وكذلك العميل إلى مجرد ملتق سلبي.


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • كتاب بريطاني: الأمراض صنعت تاريخ البشرية
  • الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى الفلاسفة
  • الفضاء الالكتروني والعلاقات الدولية :دراسة في النظرية والتطبيق
  • محمد عارف يروي قصة العلوم والتكنولوجيا
  • لمن السلطة؟ للإنسان أم للخوارزم؟
  • فيسبوك
    تعليقات


    عبد الصادق : تحول اكس لشبكة مدفوعة يفرض تحديات امام مستقبل الشبكات الاجتماعية
    بعد التغييرات الثورية التي احدثها ايلون ماسك في شبكة اكس توتير سابقا والتي قام بتغيير علامتها التجار

    الشبكات الاجتماعيه وإدارة التعامل مع زلزال المغرب
    في مساء الجمعة 8سبتمبر 2023 ضرب زلزال المغرب بقوة تزيد علي 7 ريختر وهو ما يعد أعنف زلزلال منذ قرن ،و

    الاستخدام الشرطي للمراقبة الالكترونية بين الأبعاد الأمنية و الانسانية
    ظهرت تطبيقات المراقبة الالكترونية للاشخاص الذين يتم متابعتهم من قبل السلطات الامنية مع التقدم التقني

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    ماذا ترى فيما كشفت عنه المسكيك من جثة متحجرة قيل انها لكائنات غير بشرية ؟
    جنس منقرض عاش على الارض
    حالة بشرية نادرة نتيجة خلل جيني
    كائنات فضائية عاشت على الارض
    تضليل ووهم وخداع لايمت للواقع بصله
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ