التغييرات المناخية - التكنولوجيا الخضراء المساعدة في مسألة المناخ والتكنولوجيا العربية |
: 19687 | |
|
الثلاثاء,13 سبتمبر 2022 - 12:26 م سايمون شارب الشرق الاوسط سواء كان الأمر يتعلق بوصول جائحة «كوفيد» إلى المملكة المتحدة، أو انتشار حالات الجفاف هناك، فليس هناك ما هو أهم من أزمة ملحة تدفعنا إلى التركيز على ما كان معروفاً وجرى تداوله على الألسن لفترة طويلة، لكن لم يتم التفكير فيه بما يكفي. ومن المفارقات، أن الإجابة عن بعض الأسئلة المتعلقة بمشاكلنا المناخية يمكن أن تكمن في تكنولوجيا الغذاء الجديدة التي يجري تطويرها في المملكة العربية السعودية - وهي غير معروفة بوفرة الفواكه والخضراوات.
| اضغط للتكبير
|
طالما كانت هناك أحاديث منذ عدة عقود حول التهديدات الناشئة عن تغير مناخنا، تحديداً ارتفاع متوسطات درجات الحرارة. ومع ذلك، على الرغم من القمم والمؤتمرات الدولية واللوائح والإعانات والقرارات الضريبية التي خرجت عنها - هل نحن مستعدون لتلك التغييرات؟
بالنظر إلى التهديد العالمي الناجم عن تغير المناخ، ربما يكون إنتاج الغذاء هو أقل القطاعات استدامة للنشاط البشري على هذا الكوكب، حيث يستخدم 50 في المائة فقط من الأراضي الصالحة للسكن، وهو ما توقف عن الزيادة، ويستهلك القطاع ذاته 70 في المائة من المياه العذبة المستخدمة. وطبقات المياه الجوفية أخذت في النضوب، وارتفعت انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون بواقع 30 في المائة. ولذلك، فنحن على يقين من أننا سنحتاج إلى زيادة كبيرة في إنتاج الغذاء العالمي، التي تقدَّر على مستوى العالم حالياً بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2050.
علاوة على ذلك، لدينا سلاسل إمداد غير مستدامة - 30 في المائة من الأغذية المنتجة على مستوى العالم تفقد أو تهدر، أي ما يعادل 1.3 مليار طن سنوياً. يعيش 65 في المائة من سكان العالم أيضاً في بلدان تعد فيها السمنة القاتل الأكبر، وليس نقص التغذية، حيث تقدر التكاليف السنوية المترتبة على أمراض السمنة بـ760 مليار دولار و670 مليار دولار لمرض السكري.
في البلدان النامية، يموت سبعة ملايين طفل دون سن الخامسة لأسباب تتعلق بسوء التغذية كل عام، بينما يعاني مليارا امرأة وطفل من نقص في المغذيات الدقيقة بتكاليف تقدر بنحو 3.5 تريليون دولار.
هذا هو المناخ الإقليمي في المملكة العربية السعودية، حيث تجب زراعة جميع المحاصيل بالري، باستخدام 85 في المائة من إجمالي استهلاك المياه البالغ نحو 30 كيلومتر مكعب في السنة. يجري توفير 7 في المائة فقط من المياه من خلال تحلية مياه البحر، ما يعني أنه يتعين الاستفادة القصوى من كل قطرة مياه، على غرار ما تخطط له المملكة عندما يتراجع استهلاك النفط عالمياً.
لقد تم إيلاء كثير من الاهتمام لتغيير إمدادات الطاقة في الغرب من الفحم أو الغاز الباعث للكربون، ويبدو أنه جرى التركيز قليلاً على الحفاظ على مصادر موثوقة لمياه الشرب. لم تقم المملكة المتحدة ببناء خزان جديد منذ «كارسينغتون» بمنطقة «ديربيشاير»، قبل أكثر من ثلاثين عاماً في عام 1991. ورغم ذلك، زاد عدد سكاننا بمقدار 10 ملايين نسمة خلال تلك الفترة، حتى قبل التفكير في كيفية تأثير التغيرات المناخية على زراعتنا.
نعم، يمكننا ملاحظة تطور اتجاهات جديدة في الزراعة، مثل ظهور مزارع الكروم الإنجليزية والويلزية، حيث تضاعفت زراعة العنب في السنوات الثماني الماضية، لكن ماذا عن إنتاج الغذاء؟
إن التغيرات المناخية في أوروبا ليست سوى تعديل للوصول إلى مستوى المناخات التي نراها في منطقة الخليج. وعندما يتعلق الأمر بزراعة الفاكهة أو الخضار مثل الطماطم والكوسة والخيار، فإنه ليس هناك مناخ أقسى من دول الخليج. ومع ذلك، فإن شركة مثل «مزارع البحر الأحمر»، وهي شركة جديدة في السعودية ولدت من روح ريادة الأعمال الخاصة والابتكار التقني الأكاديمي كنتاج لتشجيع المستثمرين ودعمهم، قد تغلبت على العقبات التي بدت مستحيلة لتنمية منتجات عالية الجودة لتورد منتجاتها إلى متاجر البيع بالتجزئة في جميع أنحاء المملكة الآن.
تتمثل مهمة شركة «مزارع البحر الأحمر» في استخدام التكنولوجيا للمساعدة في إطعام العالم بشكل مستدام من خلال الحد من انعدام الأمن الغذائي والبصمة الكربونية والمائية لقطاع الغذاء. وبدلاً من استخدام المياه المحلاة النادرة والمكلفة في الزراعة، طورت «مزارع البحر الأحمر» أصنافاً من الخضراوات الشعبية تتحمل ملوحة المياه والحرارة بدرجة عالية - ودمجت هذه التكنولوجيا مع قدرة على التحكم الرائد في المناخ، لتقدم منصة تعد الأكثر تقدماً في العالم للبيئة الزراعية الحارة.
يقلل هذا النهج من استخدام المياه العذبة بنسبة تصل إلى 95 في المائة ويسمح بزراعة المحاصيل في بيئات قاسية، مثل الزراعة الصحراوية المستدامة.
التطورات تسير بسرعة أيضاً، والقصد ليس فقط إتقان زراعة الفاكهة والخضراوات في دول الخليج، بل الاستفادة من التكنولوجيا واستخدامها في المناطق التي كانت فيها المناخات القاسية سبباً في جعل زراعة الأطعمة أمراً صعباً، إن لم يكن مستحيلاً من قبل.
وقد جرى بالفعل إنجاز جولتين ناجحتين لجمع الأموال، حيث اجتذبتا دعماً كبيراً من المؤسسات والهيئات التمويلية الحريصة على نمو «مزارع البحر الأحمر» لتصبح مورداً متعدد الجنسيات لتكنولوجيا الزراعة والذي يقلب الاتفاقية الزراعية رأساً على عقب. حالياً، تعاونت «مزارع البحر الأحمر» بالفعل مع أكاديميين في ولاية أريزونا بالولايات المتحدة، وتبحث عن شركاء في مناطق أخرى يصعب فيها عادة إنتاج الغذاء.
تم افتتاح موقع جديد للتكنولوجيا التحديثية بمساحة ستة هكتارات بالقرب من مدينة الرياض إلى جانب منشأة للبحث والتطوير في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست) بمنطقة ثول في جدة، حيث تحقق التقنيات نتائج تفوق التوقعات.
وبما أن المياه المعبأة يتم تقنينها الآن من قبل محلات السوبر ماركت، فما المشاكل الأخرى التي ستنشأ - ربما إنتاج الغذاء؟ ربما يجب أن نشجع «مزارع البحر الأحمر» على التعاون مع شريك بريطاني في جنوب إنجلترا؟
إن إنتاج مزيد من الفواكه والخضراوات الخاصة بنا لتعزيز الأمن الغذائي وتقليل الأميال الغذائية لأمر منطقي للغاية (مصطلح الأميال الغذائية يشير إلى المسافة التي يقطعها نقل الطعام من مكان إنتاجه حتى يصل إلى المستهلك. ويعد هذا المصطلح أحد العوامل المستخدمة عند تقييم الأثر البيئي للغذاء، بما في ذلك التأثير على ظاهرة الاحتباس الحراري). لكن امتلاك التكنولوجيا المناسبة في مناخنا المتغير قد يكون شرطاً مسبقاً إذا أردنا تحقيق ذلك.
|
|
|