i_icon/   phone_icon   site_map
مقالات HTML Elements Reference

الدوريات - قضايا استراتيجية
حروب المستقبل ..الهجوم الإلكتروني علي برنامج ايران النووي

: 137
السبت,27 اغسطس 2011 - 08:20 ص
عادل عبد الصادق

المصدر: السياسة الدولية ، مؤسسة الاهرام ، ابريل 2011 لعبت المعلومات والمعرفة دورا مهما وحيويا في تشكيل القوة علي مدار التاريخ البشري، وأحدث التطور السريع لتكنولوجيا الكمبيوتر

لعبت المعلومات والمعرفة دورا مهما وحيويا في تشكيل القوة علي مدار التاريخ البشري، وأحدث التطور السريع لتكنولوجيا الكمبيوتر، خاصة في الشبكات، تحولا كبيرا في مفهوم القوة، ترتب عليه دخول المجتمع الدولي في مرحلة جديدة، تلعب فيها هجمات الفضاء الإلكتروني دورا أساسيا، سواء في تعظيم القوة أو الاستحواذ علي عناصرها الأساسية. وأطلقت مسميات متعددة علي ذلك النمط الجديد من الحرب أو الإرهاب عبر الفضاء الإلكتروني لوصف النشاط غير السلمي لشبكات الاتصال والمعلومات.
وعلي الرغم من الاستخدام الواسع في وسائل الإعلام لمسمي "الحرب الإلكترونية "، فإنه لم يعد كافيا إثر اتساع مدلولاته بعد أن كان مقصورا في التشويش علي أنظمة الاتصال والرادار وأجهزة الإنذار، بينما يكشف الواقع الحالي عن دخول شبكات الاتصال والمعلومات إلي بنية ومجال الاستخدامات الحربية(1). أما إطلاق مسمي "الحرب" علي هجمات الكمبيوتر، فهو أيضا بحاجة إلي نظر كون "الحرب" مفهوما يرتكز بالأساس علي استخدام الجيوش النظامية، وكان يسبقها إعلان واضح لحالة الحرب وميدان قتال محدد. أما في هجمات الفضاء الإلكتروني، فإنها غير محددة المجال أو الأهداف، كونها تتحرك عبر شبكات المعلومات والاتصال المتعدية للحدود الدولية أو اعتمادها علي أسلحة إلكترونية جديدة تلائم السياق التكنولوجي لعصر المعلومات، والتي يتم توجيهها ضد المنشآت الحيوية أو دسها عن طريق العملاء لأجهزة الاستخبارات. وتجعل عملية استخدام هجمات الكمبيوتر سياسيا في أي صراع أقرب إلي توصيفها بالإرهاب عن كونها حربا، ولا يحمل ذلك تقييما أخلاقيا لها بقدر ما هو تعبير عن طبيعتها الفنية وطرق حدوثها(2). ويتحرك ذلك من معطيات تتعلق بخصائص هجمات وشبكات الكمبيوتر أو الحرب الإلكترونية عبر الفضاء الإلكتروني، وذلك لكونها تعتمد علي الترويع وبث الخوف وعدم معلومية مصدرها، ولا بالحجم الفعلي للخسائر، ولا بمعرفة الكيفية التي تم بها الهجوم. وتتميز هجمات الكمبيوتر ضد المنشآت الحيوية بأنها تدخل في إطار الحروب غير المتكافئة، كون الطرف الذي يتمتع بقوة هجومية ويبادر باستخدامها هو الطرف الأقوي، بغض النظر عن حجم قدراته العسكرية التقليدية، وهو ما يؤثر في نظريات الردع الاستراتيجي. ولا تستطيع أن تميز هجمات الكمبيوتر والشبكات في إطار حرب إلكترونية بين ما هو منشآت مدنية والأخري ذات الطبيعة العسكرية. وتتميز بأنها قليلة التكلفة، فقد يتم شن حرب بتكلفة دبابة عبر أسلحة جديدة ومهارات بشرية، ويتم استخدامها في أي وقت، سواء أكان وقت سلم أم حرب أم أزمة. ولا تتطلب لتنفيذها سوي وقت زمني محدود، وتعد تكلفة إطلاق تلك الهجمات أقل من أي سلاح تقليدي آخر. وتعد هجمات شبكات الكمبيوتر جزءا من عمليات المعلومات المستخدمة في مستويات ومراحل الصراع المختلفة، سواء كان ذلك علي الجانب التكتيكي أو الاستراتيجي أو العملياتي بهدف التأثير بشكل سلبي في المعلومات ونظم عملها. ويتم ذلك بطرق عديدة، منها أولا: شن الهجمات المباشرة من خلال التدمير الفيزيائي لأجهزة الخصم أو نقاط الاتصالات المهمة ضمن شبكاته، وذلك باستخدام القوة العسكرية المباشرة. ثانيا: يمكن أن تتم عبر الشبكات الدولية للمعلومات العابرة للحدود بدون تدخل مادي أو طبيعي في الأراضي الخاصة بدولة أخري أو القيام بغزو تقليدي. ثالثا: يمكن عن طريق استخدام بطاقات للذاكرة ملوثة بالفيروسات عبر عملاء أو بتصدير أجهزة كمبيوتر مشفرة إلي منشآت حيوية في بلد ما، وذلك في حالة عدم الاتصال بالإنترنت. وتتميز هجمات الفضاء الإلكتروني بالحداثة والتنوع كقطع كابلات الإنترنت، ونشر الفيروسات، وهجمات إنكار الخدمة، والاختراق، وسرقة المعلومات والتشويش. وهناك ما يعرف بالقنابل الإلكترونية، والتي تستهدف تعطيل الاتصالات والتشويش عليها، والتنصت علي المكالمات، وبث معلومات مضللة عبر شبكات الحاسب والهاتف، واستهداف شبكات الحاسب بالتخريب عن طريق نشر الفيروسات، ومسح الذاكرة الخاصة بالأجهزة المعادية. وهناك أسلحة خاصة تعتمد علي الطاقة الموجهة، ومنها أسلحة الميكروويف عالية القدرة.
أولا- ساحات الصراع بين إيران وإسرائيل : أثارت رغبة إيران في أن تصبح قوة إقليمية مالكة للقدرات النووية حفيظة الولايات المتحدة وإسرائيل، تحت زعم وجود أبعاد عسكرية للبرنامج النووي لديها، ومن ثم فقد قامت الدولتان بالعمل علي إعاقته، سواء عبر التهديد باستخدام القوة العسكرية لتدميره أو بالعمل علي تخريبة وتعطيله وإجهاض تقدمه. وفي هذا السياق، تم شن هجمات فيروس "ستاكس نت" لتخريب البرنامج النووي الإيراني بتدمير أجهزة الطرد المركزي الإيرانية التي يمكن أن تنتج اليورانيوم المخصب، سواء للوقود النووي أو لإنتاج قنابل نووية(3). وقع الهجوم في سبتمبر 2010 وأصاب 30 ألف جهاز بمفاعل بوشهر، ثم امتد إلي مفاعل ناتانز لتبلغ نسبة الإصابة 60% من الهجمات، بينما أصيبت عدة دول أخري بنسب أقل كإندونيسيا، والهند، والولايات المتحدة، واستراليا، وبريطانيا، وماليزيا، وباكستان. وبعدها بأسبوعين، هاجم الفيروس أكثر من ستة ملايين جهاز كمبيوتر بالصين(4). واتهمت إيران إسرائيل والولايات المتحدة بالوقوف وراء تلك الهجمات، خاصة بعد التوسع السريع في عملية التخصيب في 2007 و2008 . وقبل افتتاح مفاعل بوشهر بأسبوع، وعلي الرغم من نفي طهران أي تأثير جدي في مستقبل البرنامج النووي الإيراني، فإنها أرجأت افتتاح مفاعل بوشهر لمدة شهرين، واعترف الرئيس الإيراني بوقوع أضرار في بعض أجهزة الطرد المركزي، وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة لهيئة الأمم المتحدة أن الفيروس الذي استهدف عشرات الآلاف من أجهزة الحاسب الآلي، تسبب في تعطيل العمل في العديد من المصانع وراء مشكلات إيران المتعلقة بتخصيب اليورانيوم. وقامت المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الإسرائيلي بتدمير خطوط الكهرباء لإحدي المنشآت النووية الإيرانية باستخدام جهاز مهرب للذبذبات الكهرومغناطيسية. وفي عام 2009، تم إعدام الإيراني علي عشتاري بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، بعد قيامه بإدخال معدات اتصال ملوثة بفيروس تجسس في أحد المشاريع العسكرية السرية بما أدي إلي إجهاضها. وجاءت هجمات فيروس "Stuxnetس "ستاكس نت" ضد منشأة بوشهر النووية في إطار استخدام الفيروسات كأسلحة إلكترونية، والذي حمل في ملفاته إشارة توراتية هي كلمة "ميرتوس" في إشارة ل- "إستير" في التوراة التي يشن فيها اليهود حربا استباقية علي الفرس لتدميرهم. وصمم الفيروس للتسبب في عمل أجهزة الطرد المركزي بسرعة فائقة، وتقليص وسائل التحكم فيها، وإصابة المحركات المتحكمة في إدارة أجهزة الطرد المركزي، وشل عملية إنتاج كرات اليورانيوم. واستهدف الهجوم الفيروسي استخلاص معلومات من أجهزة الكمبيوتر للمفاعلات عن طريق إدخال برامج تسمي "حصان طروادة". كما استهدف زرع برنامج يضرب الكمبيوتر أو يشل المنظومة المتطورة التي يعتمد عليها الجهاز(5). وكانت إيران هي مركز الهجوم، ومن ثم فإن إصابة دول أخري بجانب إيران لا تعني أنها مشكلة عامة، بل إن الأمر يرجع لطبيعة الإنترنت المفتوح علي المصادر من الدول المختلفة، أو لتشابه التطبيقات التي يمكن استغلال الثغرات الأمنية بها لشن الهجمات، أو أنها تأتي في إطار التغطية علي الحادث. وكشفت هجمات "ستاكس نت" عن أن من قف وراءها جهة عالية التنظيم ودولة لها قدرات في مجال الحرب الإلكترونية، والتي أصابت علي نحو خاص الشبكات الإلكترونية الداخلية لمفاعلي بوشهر وناتانز. واستطاع من قام بتلك الهجمات معرفة أسرار برنامج سيمنز للتحكم الصناعي بما مكنه من اختراق برنامج "الويندوز" المشغل له. وقد قامت إسرائيل بتجنيد، احد العملاء داخل المفاعل بزرع بطاقة ذاكرة USB ملوثة بالفيروس ليصيب الوحدة المركزية التي يتم من خلالها تشغيل المفاعل، ومراقبة سير العمليات ومراقبتها إلكترونيا فيما يعرف بنظامSCADA. وأدت الإصابة لتعطل العمل بداخل المفاعل وإمكانية إرسال بياناته للخارج. وقد شبهت روسيا "ستاكس نت" بأنه كان من الممكن أن يتسبب في كارثة نووية علي نفس قدر كارثة تشيرنوبل(6). ثانيا- إسرائيل وحروب الإنترنت: اهتمت إسرائيل بالبيئة الأمنية الجديدة التي فرضها التقدم التكنولوجي، وعزز ذلك من تقدمها في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وأولت أهمية مبكرة لتوظيف محتمل للإنترنت في الصراع. فقامت في أواخر التسعينيات باختبار قدرة مستودع للوقود شمال تل أبيب لهجوم الكتروني لكي يتم اتخاذ تدابير الحماية، وقامت بتأسيس مكتب المخابرات عبر الإنترنت عام 2001 تحت قيادة ضابط المخابرات الإسرائيلية موشي أهارون، بالتعاون مع ضابط من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. وتبنت إسرائيل عملية رصد الأفكار والدوافع وطريقة التفكير لدي زوار ومستخدمي الإنترنت لتحديد الأهداف والخطط أو أي هجوم محتمل يفكر فيه طرف ما، ومتابعة الخلافات الداخلية التي تدور بين الجماعات والأفراد لمعرفة اتجاهات التفكير ومعرفة المعتدلين والمتطرفين. كما قامت إسرائيل بدعم النشاط الاستخباراتي داخل إيران وفي تجنيد العملاء، خاصة العلماء، مع سهولة تقديم الإغراءات والتدريب والاتصال. وأسس جهاز المخابرات "الشاباك" والشرطة في إسرائيل وحدة خاصة تدعي "رام" لمواجهة حملات الغزو الإلكتروني والدفاع عن المواقع الاستراتيجية، وتم المضي قدما في مشروع حرب الإنترنت وتطبيقات استخدامه في الصراع مع الأعداء(7).
وأصبحت قدرات الحرب الإلكترونية ركيزة أساسية في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية من منطلق كونها توفر لها بديلا عن استخدام القوة العسكرية التقليدية، وإدراك إسرائيل الدور المتزايد للفضاء الإلكتروني في الصراع الدولي عبر إمكانية استخدام أسلحة جديدة لا تلقي استنكارا دوليا في حالة استخدامها. واتجهت إسرائيل لإنشاء وحدات داخل الجيش متخصصة في تكنولوجيا المعلومات والشبكات الاجتماعية كموقع فيس بوك علي الإنترنت كسلاح استراتيجي في الجيش. وتتبع وزارة الدفاع الإسرائيلية وحدة متخصصة تسمي "8200" في حرب الإنترنت، والتي من المرجح أن تكون مسئولة عن هجوم فيروس "ستاكس نت" لاختراق البرنامج النووي الإيراني، وهو ما دشن لمرحلة جديدة من المواجهة بين إسرائيل والولايات المتحدة وإيران فيما يتعلق بملفها النووي، خاصة بعد اعتراف مصادر إسرائيلية بوقوفها وراء الفيروس(8). وهو ما جعل مائير داجان، المدير السابق للموساد، يعلن أن البرنامج النووي الإيراني أصيب بنكسة، وأن طهران لن تتمكن من صنع قنبلة نووية قبل 2015 علي الأقل. ويمثل ذلك تراجعا حادا عن قول إسرائيل إن إيران تقترب من تحقيق نجاح في أقل من عام ونصف عام. وبذلك، عد "الفيروس الإلكتروني -كالفيروس البيولوجي- سلاحا جديدا يستخدم في معركة مفتوحة وميدان معركة غير معروفة المعالم، وتكون آثاره عشوائية. وهو ما أجبر إيران علي الإقرار بعد تعرضها لفيروس "ستاكس نت" بأنها وقعت ضحية إرهاب إلكتروني(9). وجاءت عملية تطوير فيروس ستاكس نت ثمرة تعاون وكالة الاستخبارات الأمريكية وجهاز الموساد الإسرائيلي بمساعدة بريطانيا وألمانيا، وذلك بغية العمل علي إحداث مشكلات في ماكينات أجهزة الطرد المركزي من أجل إحباط تقدم البرنامج النووي الإيراني. وتعود فكرة هذا المشروع إلي عهد الرئيس الإمريكي السابق بوش، حيث أمر ببرنامج سري من أجل تقويض النظم الكمبيوترية والإلكترونية حول مفاعل ناتانز مركز التخصيب المهم داخل إيران(10). وقام أوباما بتسريع وتيرة العمل به، وأجرت إسرائيل اختبارات علي الفيروس في مفاعل ديمونا النووي بصحراء النقب(11)، وذلك في إطار استخدام وسيلة جديدة لتقويض القدرات الإيرانية بدلا من الضربة العسكرية. وجذب إسرائيل إلي ذلك الخيار وجود مزايا استراتيجية في استهداف إيران الكترونيا، تمثلت في طبيعة المنشآت النووية التي تعتمد في عملها علي نظم المعلومات المتقدمة، وإمكانية استخدام هجمات "ستاكس نت" في إطار حرب نفسية ضد إيران للضغط علي موقفها بشأن التفاوض في ملفها النووي. كما أن بعد المنشآت النووية وتوزعها علي كامل الأراضي الايرانية يجعل من الصعب ضربها مرة واحدة بنجاح، كما تم تدمير المفاعل النووي العراقي عام 1981 . وهناك مسألة الخوف لدي إسرائيل من رد فعل إيران علي أي ضربة عسكرية لها قد يدفع الأخيرة لنقل الحرب إلي داخل إسرائيل، أو بفتح جبهة جنوب لبنان مرة أخري، أو بقدرة إيران علي ضرب القوات الأمريكية في الخليج، فضلا عن عدم رؤية إسرائيل حماسا قويا لدي الولايات المتحدة لعمل عسكري ضد إيران بعد العراق وأفغانستان. ويأتي ذلك أيضا في إطار رغبة إسرائيل في اختبار مدي قدرة إيران علي شن عمليات الدفاع أو الهجوم الإلكتروني. وتمثلت نقطة الضعف لدي إيران في الاعتماد علي البرمجيات والمعدات الغربية من شركات مثل مايكروسوفت وسيمنز، وهو ما عرض أمن تلك الأجهزة للخطر، ليس فقط من داخل المفاعل، بل من مزودي إيران بتلك التسهيلات. وفي الواقع، يعبر ذلك عن مشكلة عامة، حيث هناك اعتماد دولي متبادل في استخدام التكنولوجيا، ولكن الأهم من ذلك مدي وجود منظومات متكاملة للأمن الإلكتروني وحماية المنشآت الحيوية. ثالثا- أسلحة جديدة في حروب المستقبل : كانت مسألة القيام بعمل تدميري أو تخريبي ضد منشآت حيوية ترتبط في عملها بشبكات الاتصال والمعلومات قد شهدت مرحلة أخري، بعد تعرض استونيا في عام 2007 لهجمات إلكترونية استهدفت شل بنياتها المعلوماتية بعد خلافها مع روسيا. وتم استخدام تلك الهجمات أيضا إبان الحرب الجورجية - الروسية عام 2008 . ومثل هذان الحدثان نقلة نوعية ببروز دور هجمات الفضاء الإلكتروني في الحرب لأول مرة في التاريخ، وهو الأمر الذي دفع العديد من دول العالم للخوف من إمكانية تعرضها لمثل تلك الهجمات وتوظيفها عسكريا، خاصة أنها تستهدف شبكات المعلومات وأنظمتها كوسيط وحامل للخدمات وناقل لها، والتي من شأنها العمل علي إفشال عمل أجهزة الكمبيوتر في القيام بوظيفتها. ومن ثم، فإن التحكم في تنفيذ هذا الهجوم يعد أداة سيطرة ونفوذ استراتيجية بالغة الأهمية، سواء في زمن السلم أو الحرب. وكشفت هجمات ستاكس نت عن صراع جديد يتحول من التهديد باستخدام القوة العسكرية التقليدية لنمط جديد من حرب تدور معاركها عبر شاشات وشبكات الكمبيوتر، وتدار من بعيد ومن مكان غير معلوم. إنها حرب بلا دخان أو نار، ولكنها تحدث مفعول القصف بالقنابل، وهو ما دفع العديد من الدول لجعل تلك الأخطار تدخل ضمن استراتيجية الأمن القومي لديها، وإدخال الحرب عبر الإنترنت والشبكات ضمن أفرع الجيوش الحديثة، وسعي الدول لحماية نظم معلوماتها من الاختراق والتجسس وتطوير أدائها في عملية الهجوم والدفاع الإلكتروني. ويعد "ستاكس نت" نموذجا من أسلحة الإنترنت التي تكشف عن سباق جديد للتسلح والاستحواذ علي الأسلحة الإلكترونية وتطويرها في العالم، وتوجد عدة دول تمتلك أنظمة إلكترونية تمكنها من إنتاج هذه الأسلحة. وكانت روسيا قد دعت حلف الناتو للتحقيق في هجمات ستاكس نت، علي غرار التحقيق الذي أجراه في استونيا وجورجيا حول الهجمات الإلكترونية. وهناك نحو 120 دولة تقوم بتطوير طرق لاستخدام الإنترنت كسلاح لاستهداف أسواق المال ونظم الكمبيوتر الخاصة بالخدمات الحكومية للدول الأخري، وتم رصد ميزانيات أيضا لتطوير أسلحة إلكترونية. وتقوم أجهزة الاستخبارات الدولية بالفعل باختبار شبكات الدول الأخري بصورة روتينية بحثا عن ثغرات لتوظيفها عند الضرورة، وهو أمر سينطوي حتما علي تغيير المبادئ الخاصة بشن الحروب وتغيير طبيعة ميادينها الفعلية. ويدفع ذلك مجلس الأمن إلي ضرورة إدخال الأسلحة الإلكترونية ضمن اتفاقيات الحد من التسلح، وصياغة اتفاقية دولية لحماية الفضاء الإلكترني.

الهوامش : 1- يوجد عدد كبير من المسميات باللغة الإنجليزية التي تحاول أن تصف ذلك النشاط، والتي منها: - Cyber war، net war، computer network attacks، information warfare، cyberterrorism، electronic war، asymmetric war 2- عادل عبد الصادق، تداعيات الإرهاب الإلكتروني علي الصراع والأمن الدوليين، الفصل الثالث في "الإرهاب الالكتروني. القوة في العلاقات الدولية.. نمط جديد وتحديات مختلفة"، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة 2010، ص ص155-229. 3- Bryan Glick، Stuxnet "most likely" to have originated from، Israel، Computer Weekly September 2010، 28، http://www.computerweekly.com/blogs/editors-blog/09/2010/stuxnet-most-likely-to-have-or.html 4- فيروس "ستاكس نت" يخترق ستة ملايين كمبيوتر في الصين، جريدة الأهرام، 2 أكتوبر 2010. 5- يوسي ميلمان، جريدة هآرتس الإسرائيلية، 28 سبتمبر 2010. 6- روسيا تحذر من أن فيروس "ستاكس نت" كان يمكن أن يؤدي إلي تشيرنوبل جديدة الراي نيوز، 27 يناير 2011. - http://alrai.cc/News.aspx?id=384447 7- Spencer Ackerman، Did the US and Israel use Stuxnet to create a new cyberwar era?، 17 January2011 http://www.wired.co.uk/news/archive/2011-17/10/us-israel- stuxnet-cyberwar-iran 8- ففي شريط فيديو تم توزيعه خلال حفل أقيم بمناسبة تعيين رئيس جديد لهيئة الإركان الاسرائيلي، خلفا لجابي أشكنازي، يظهر فيه الأنشطة التي قام بها الأخير خلال توليه منصبه، ومنها مهاجمة المفاعل النووي في سوريا 2007، وتصميم ونشر فيروس ستاكس نت - ادعت إسرائيل من خلاله أنه وجه ضربة لأجهزة تخصيب اليورانيوم في إيران بما اعتبر مكسبا استراتيجيا. February 16، 2011 Jesse Emspak، Retirement Party Video May Name Israel As Stuxnet Source. Readmore: http://www.ibtimes.com/articles/20110216/113224/video-may-show-israel-made-stuxnet-worm.htm#ixzz1Ff2uDC7j 9- إيران تؤكد تعرضها ل- "إرهاب إلكتروني" وإصابة أجهزة كمبيوتر بفيروس "ستاكس نت"، جريدة القدس، 25 سبتمبر 2010. - http://www.alquds.com/node/291273 10- إسرائيل اختبرت دودة كمبيوتر لعبت دورا مهما في تعطيل برنامج إيران النووي، جريدة الشرق الأوسط، 17 يناير 2011. 11- Report: Israel tested Iran-bound Stuxnet orm in Dimona nuclear plant، haaretz.com ، Fri، March 04، 2011http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/report-israel-tested-iran-bound-stuxnet-worm-in-dimona-nuclear-plant-1.337276 (1) الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (أسكوا)، التقدم المحرز في مفاوضات جولة الدوحة الخاصة بالزراعة والآثار المتوقعة علي النفاذ إلي الأسواق بالنسبة للصادرات الزراعية العربية، نيويورك، 2005. (2) فشل قمة الأمريكتين في حل خلافات منطقة التجارة الحرة، موقع الجزيرة بتاريخ 6 نوفمبر 2005. (3) عقدة السوق الزراعية للاتحاد الأوروبي نحو الحل، موقع CNN بتاريخ 5 أكتوبر 2005 htt//arabic.cnn.com/2005/business/20/10/eu.trade/index.html
 


Share/Bookmark

accr2024

  • نقد العقل التقني الإقطاعي
  • إقطاعيو عصر العولمة
  • الامن السيبراني والاقتصاد في العصر الرقمي
  • العلوم الانسانية والاجتماعية على محكّ الذّكاء الاصطناعي في بلدان الجنوب
  • الأمن السيبراني في أولويات الأمن القومي الإسرائيلي
  • Facebook
    Comments
    el-doo2_text/
    accr2024/


    الشركات التقنية فى أتون الحرب التجارية
    جاء تعليق ترامب لفرض الرسوم الجمركية على الهواتف الذكية والكمبيوتر وأشباه الموصلات وعدد من الأجهزة و

    النصب الإلكترونى فى عصر الذكاء الاصطناعى
    فى رحلة البحث عن الأموال الزائفة ما بين الضحايا والمجرمين.أصبحت جريمة النصب والاحتيال المالى من الجر

    نمط تفخيخ سلاسل الإمداد والتوريد في الحرب السيبرانية
    جاء التفجير المتزامن يومي 17 و18 سبتمبر 2024 فى لبنان لأجهزة بيجر وآيكوم للاتصال اللاسلكى ليقتل ال

    hama
    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    التاريخ