HTML Elements Reference

المقالات -
«بريكس» ورقمنة النظام المالى العالمى

: 355
الاحد,19 يناير 2025 - 07:54 ص
د.عادل عبد الصادق
الاهرام 19 يناير 2025

هدد الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على دول «بريكس» إذا قوّضت الدولار الأمريكى، وجاء ذلك فى مواجهة خطط المجموعة التى اعلن عنها فى قمة قازان أكتوبر الماضى والمرتكزة على إصلاح النظام المالى العالمى لجعله أكثر شمولية وانصافا، وإطلاق مبادرات لتحسين النظام النقدى وإنشاء بنية تحتية مالية بديلة، ودعم الابتكار المالى لتعزيز الاستقلال المالى.

«بريكس» ورقمنة النظام المالى العالمى
اضغط للتكبير

 

 
واتجهت بريكس لتطوير نظم الدفع الرقمية على المستوى الوطنى والإقليمى لضمان التقدم الاقتصادى وزيادة التبادل التجارى، واستقلال الشبكات المالية الحيوية، وحماية أعضاءها من مخاطر تأثير العقوبات المالية والحرب التجارية والحد من الاعتماد على الدولار الامريكي.

وجاء ذلك للاستجابة الى ضغوط التقدم فى التقنية المالية، والتى تعد من أهم متغيرات النظام المصرفى، والتعامل مع الضغوط الأمريكية لمنع استخدام روسيا لنظام التحويلات المالية «سويفت» بعد الحرب الروسية ـــ الأوكرانية، وفرض واشنطن لعقوبات تم النظر إليها من قبل بريكس على انها انتهاكا لمبادئ التجارة والاقتصاد الدولى، وتعبيرا عن مخاطر تسييس وعسكرة النظام المالى العالمي. والذى يخضع بالفعل لهيمنة أمريكية حيث تبلغ قيمة تعاملات نظام سويفت نحو 150 تريليون دولار سنويا ويسيطر الدولار على 80% من معاملات التجارة الدولية. ودفع الخوف من الحرمان من سويفت، ومخاطر الاعتماد على حلول مالية أمريكية إلى اطلاق بريكس كلير كبديل عن نظام سويفت.

وقامت مجموعة روستك الروسية ايضا بتطوير نظام رقمى للمدفوعات الدولية سمى CELLS يعمل بتقنية سلسلة الكتلة Blockchain، احد أنواع تقنية «دفتر الأستاذ الموزع» (DLT)، وهى نوع من قواعد البيانات يسمح بإجراء معاملات آمنة وشفافة دون الحاجة إلى وسطاء. وتم تطوير منصة دفع وتسوية مالية رقمية متعددة الأطراف لدول البريكس مثل منصة بريكس بريدج وبريكس باي. وربط سعر العملات الرقمية للبنوك المركزية بقيمة العملات الوطنية، وتم الدفع باستخدام العملات الوطنية والتعاون بين البنوك للتمويل بها بين دول بريكس، وتم اطلاق مشروع للدفع بالعملات الرقمية «جسر بريكس»، وتوسيع استخدامها بعد تبنى هذا النظام من ما يزيد على 23 دولة منها الصين والإمارات وتركيا وإيران. وفى سبيل تعزيز التعاون فى أنظمة الدفع الرقمية أعلنت روسيا وايران الربط بين نظامى الدفع «مير» الروسى الذى توسع استخدامه فى جنوب شرق أسيا و«شيتاب» الإيرانى، وزادت حصة العملات المحلية فى التبادل التجارى بين الصين وروسيا وإيران. وأطلقت الصين منظومتها المستقلة للدفع الرقمى أليباى Alipay لتوفير طرق آمنة للمدفوعات والإيرادات الحكومية، ويأتى ذلك فى ظل مشروعات أخرى مثل إنشاء شبكة المدفوعات الأوروبية - الآسيوية المستقلة عن الحلول الأمريكية.

وتمثل بريكس قوة اقتصادية وسكانية ضخمة، حيث تستحوذ على 30% من الاقتصاد العالمى و43% من سكان العالم و20% من حجم التجارة العالمية وأكثر من 50% من الناتج المحلى العالمى، ويتوقع فى الفترة من (2025-2029) ان يصل النمو السنوى لسوق المدفوعات الرقمية لـ 18.47%، ولسوق مدفوعات نقاط البيع عبر الهاتف المحمول 19.50%، والتجارة الالكترونية 16.93%، وسوق التحويلات المالية الرقمية 4.98%.

وجاء إعلان بريكس عدم نيتها التخلى تماما عن صندوق النقد الدولى ومطالبتها بأن يكون قائما على الحصص وممولا بشكل كاف. ليعبر عن الواقعية والرغبة فى إصلاح النظام المالى العالمى، ومواجهة العقبات امام تسريع وتيرة التغير لدى دول التجمع، خاصة مع تعدد البدائل والمشروعات المعلنة، وعدم خضوع بعضها لتوافق بين أعضاء المجموعة والخشية من السيطرة الروسية أو الصينية وضعف التنسيق التشريعى، وضعف حركة التبادل التجارى بين الأعضاء، والموقف الأمريكى المعارض لتوجهات بريكس بشأن الاستقلال المالى، وإمكانية فرضها عقوبات على الدول المتعاونة مع روسيا، والقلق بشأن خطر تفتيت النظام المالى العالمى بسبب التوترات الجيوسياسية، وانتقال النظام المالى العالمى بقواعده القائمة الى نظام يغلب عليه التوظيف السياسى أكثر من الجوانب الاقتصادية والمالية. ومخاطر العلاقة المتزايدة بين العملات المشفرة والأسواق المالية والتى تهدد باضطراب الاقتصاد العالمى، خاصة مع توظيف العملات المشفرة فى الجريمة المنظمة والإرهاب ولما تمثله من تحد لفاعلية المؤسسات المالية الدولية ورقابة البنوك المركزية ولحدها من قدرة الولايات المتحدة على توظيف العقوبات المالية. ولاشك ان مبادرات بريكس توظف الرقمنة فى دعم استقلالها المالى بما تعكسه من تغير في شكل العلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية وصعود دور التقنيات المالية والأصول الرقمية فى تراكم الثروة وانتقالها عبر الحدود.

ويدفع ذلك الى إعادة تشكيل مستقبل النظام المالى العالمى على المدى القصير والبعيد سواء على مستوى السياسات أو التطبيقات، وزيادة حد التنافس حول قواعد اللعبة الجديدة بين القوة المهيمنة والأخرى الصاعدة فى النظام الدولى، ويتطلب إصلاح النظام المالى العالمى المزيد من الوقت والتوافق الدولى داخل مجموعة بريكس والجنوب العالمى وبناء توافق مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة على إصلاح نظام حوكمة الاقتصاد العالمى وتفعيل مقررات قمة المستقبل للأمم المتحدة والتى عقدت فى سبتمبر الماضى، وأهمية إدراك تأثيرات الرقمنة فى إحداث التغيير فى طبيعة وأدوات وبنية النظام المالى العالمى القائم.

 

المصدر


Share/Bookmark

  • الفلسطينيون: جبابرة الحياة مقابل مصاصي الدماء
  • «إنستغرام» و«يوتيوب»... وحظر «تيك توك»
  • ثورة في عالم طب الأسنان والذكاء الاصطناعي
  • عوالم التفوّق التكنولوجي وتنصيب ترمب
  • الذكاء الاصطناعي التوليدي ومراكز الفكر بين الفرص والتحديات
  • Facebook
    Comments


    الفلسطينيون: جبابرة الحياة مقابل مصاصي الدماء
    بعد ما يزيد على عام ونصف من التدمير المنهجي المنظم الذي استهدف تدمير أي مظاهر للحياة ليصيب البشر وال

    الذكاء الاصطناعي التوليدي ومراكز الفكر بين الفرص والتحديات
    فرضت تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي تحديات ذات طبيعة نظرية وأخرى ذات طبيعة عملية وتطبيقية ،فعلى ا

    «بريكس» ورقمنة النظام المالى العالمى
    هدد الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على دول «بريكس» إذا قوّضت الدول

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    التاريخ