أولا: العلاقة بين الانترنت والديمقراطية بين التأييد والمعارضة.
أ- الاتجاه المؤيد لدور الانترنت فى دعم الديموقراطية
حيث يساهم فى المزيد من التفتت فى النظام القائم لصالح جماعات المصالح السياسية واتجاهها إلى المزيد من المرونة فى تماسكها المؤسسى.
ولم يقتصر دور الانترنت على العمل السياسى بل امتد ليشمل الديمقراطية باعتبارها “عملية” مستمرة وذات إبعاد شتى حيث تتضمن دور فى التغيير السياسى والاجتماعى والاقتصادى المعضد للتغييرات الديمقراطية والقادر على خلق وترسيخ قيم ديمقراطية. ويتزايد دور الانترنت مع مواجهه الديمقراطية القائمة على المشاركة بعض المعوقات والتحديات فى سبيل قيامها بدورها، حيث قدمت الثورة التكنولوجية عامة والانترنت خاصة طوق النجاة وبارقة الأمل فى تحفيز القيم الديمقراطية من جديد، وتنشيط عمل المؤسسات الديمقراطية وكذلك التأثير فى طبيعة اجرءات العملية الديمقراطية، ويظهر ذلك من خلال الدور الجديد الذى تلعبه أدوات الرأى والتعبير عبر الانترنت والذى تداخل وظيفيا مع الأدوات التكنولوجية والاتصالية الأخرى، وظهرت شبكة الانترنت كاداه للاتصال المختلف بما اثر على طبيعة الاتصال بالجماهير والرأى العام والمشاركة السياسية وتقديم أدوات واليات جديدة فى العملية الانتخابية وإدارتها بما يساعد على تحقيق النزاهة السياسية بما ينعكس على الشرعية السياسية ومن هذه الأدوات التصويت الالكتروني.
وأخذت القوى السياسية الرسمية وغير الرسمية فى استغلال تلك الإمكانيات الجديدة بالإضافة إلى دور تلك الأدوات فى ظهور فاعلين جدد فى الحياة السياسية، وظهرت خصائص الانترنت ككيان ديمقراطى قائم بذاته حيث انتشار حرية الرأى والتعبير ومشاركة إى فرد فيها بدون تفرقة بسبب الدين أو اللون أو الجنس، هذا بالإضافة إلى فاعلية تلك الأداه بتميزها بأنها وسيلة إعلام غير تقليدية رخيصة التكلفة سريعة الانتشار ومتعددة الوسائط الإعلامية من الصوت والصورة والنص والفيديو. فى الفضاء الالكتروني، وبما مثل ذلك بنية تحتية هامة للديموقراطية. والتى لا تتوافر إلا إذا ما توافرت الأجهزة وشبكات الاتصال والمعلومات والثقافة السياسية، وأصبح ذلك يتوقف على نسبة الدخول إلى الشبكة أو حجم انتشار أجهزة الاتصال والمعلومات أو عدد مستخدمى الانترنت من عدد السكان Access. وأصبح للانترنت دورا فى ممارسة وعمليات الديمقراطية التى تساعد فى تحديد ماهية الحقوق المدنية وتحسن من أداء الحكومات وتحد من البيروقراطية والفساد بل كذلك المساعدة على إيجاد عدد من مواقع الانترنت التى تدعم فكرة الديمقراطية،
وتحاول إن تحفز دوره الايجابى فى ممارسة ومفهوم الديموقرطية، بما يتيحه من معلومات عن الحقوق السياسية والآليات للدفاع عنها، وإتاحة إشكال منضبطة من الاتصال الأفقى المباشر بعيدا عن البيروقراطية. بما يساعد على تنمية الحكم الرشيد والشرعية السياسية، وساعد الانترنت فى ظهور تغيير جيلى مع قدرته على اتساع عضوية التجمعات الافتراضية وتنشيط قدرة المجتمعات المحلية والعالمية على العمل المشترك لمواجهه المشكلات وإيجاد حلول لها، وتنشيط دور الأحزاب السياسية التى تمثل مؤسسة أساسية فى العلاقة بين المواطن والدولة وتمثل الانترنت دورا هاما فى زيادة إعداد المواطنين المعنيون بأحوال الحكم فيما يعرف “المواطن الحيوى” أو الناقد، والذى يحمل توقعات عالية تجاه الديمقراطية كنموذج ولدية تقييم اقل للأداء الفعلى للمؤسسات التمثيلية، فوفقا لمؤشرات الديمقراطية التى تتيح فرص اكبر للمواطنين للتعبير عن أرائهم للمشاركة فى عملية صنع القرار واستخدام واسع للمبادرات الفردية والجماعية والقدرة التنظيمية العالية فان الانترنت أتاح وعى عام بدعم حقوق الإنسان مع توافر المعلومات حول ماهية تلك الحقوق وأهميتها وكيفية الحفاظ عليها والدفاع عنها والمؤسسات التى تساندها عالميا ومحليا، وظهرت مواقع على الانترنت متخصصة فى حقوق الإنسان ودعم الديمقراطية وكذلك للرقابة على الانتخابات والتصويت على القرارت الحكومية.
وأصبح الانترنت وسيلة هامه فى مجال التعبير عن الذات وتبادل الأفكار ووجهات النظر، وفى استطلاعات الرأى العام وتشكيل تصور شبه آنى لاتجاهات الرأى حول الأحداث والتغيرات، من خلال مراجعة التعليقات التى تتبع الأخبار، والمساهمات والمدونات إلى جانب التصويت الالكترونى وزوايا الحوار والمنتديات الالكترونية. ومثل الانترنت نقطة تحول كبيرة فى دور وسائل الإعلام فى رسم السياسات العامة وتشكيل الاتجاهات والمواقف تجاه القضايا المختلفة، وتعزيز موقعها كوسيلة فعالة لمراقبة الأداء وكشف التجاوزات وتوفير المعلومات عن الممارسات الخاطئة وتكريس مبدأ الشفافية وتفعيل دور المحاسبة.
وأداه هامه فى العملية السياسية وتشكل وقودا لإثراء هذه العملية فضلا عما يوفره الانترنت من معلومات بلا قيود والتى تتيح بدورها للجمهور معرفة الشئون العامة وإتاحة الفرصة للتعبير عن الرأى عبر أدوات رخيصة وسهلة وسريعة الانتشار كالمجموعات البريدية وغرف الدردشة والمنتديات واستطلاعات الرأى الالكترونية والمشاركة فى الانتخابات، وما يكون له تأثير فعال حول التعبئة العامة لقضايا المجتمع، ويعد الانترنت قناة جديدة ذات بعدين للاتصال حيث يعمل فى وظيفة دعم وتقوية الاتصالات بين المواطنين والمؤسسات الوسيطة والتى تشمل الأحزاب السياسية والمجتمع المدنى والحركات الاجتماعية وجماعات المصالح ووسائل الإعلام، وعمل الانترنت على إزالة الحواجز إمام مشاركة الفاعلين المهشمين فى عملية صنع السياسات العامة والإدارة المدنية إمام العديد من الجماعات التى كانت بعيدة عن مجريات السياسة.
وأدى الانترنت إلى انتشار القوة السياسية داخل المجتمع، ووفر أداه هامه إمام المواطنين لجمع المعلومات حول القضايا العامة لتعبئة شبكات المجتمع خلفها وجعل هناك شبكة متعددة حول كيفية وضع حلول ملائمة لتلك المشكلات التى تعترض المواطن العادى فى حياته اليومية، والتى يتم نقلها فى المدونات والصحافة الالكترونية والمواقع الاجتماعية العامة والتى تشكل جماعه ضغط تدافع عن هذه الحلول عبر أنظمة التصويت الالكترونى أو عدد أعضاء تلك المجموعات وجمع التوقيعات والأعضاء فى المجموعات البريدية بالإضافة إلى استغلال ما يتيحه الانترنت من وسائط إعلامية فى نقل الحدث أو القضية نصا وصورة وصوت وفيديو عبر الانترنت للمساهمة فى تغيير الأفكار وتعبئة الرأى العام والضغط على صانعى القرار أو معالجة سلبيات داخل المجتمع للعمل على إيجاد نوع من الشفافية ومواجهه الفساد.
ويمكن إن يساعد الانترنت فى تسهيل الفرص المتاحة لخلق ديمقراطية مباشرة مثل التصويت الالكترونى حول القضايا العامة أو فى الانتخابات بما يساعد على دعم محاسبة الحكومة مثل دعم وتنشيط شبكات المجتمع والمناطق النائية أو البعيدة وفى كل تلك الطرق يعرض الانترنت لأعاده الاتصال بالناس بالعملية السياسية وتحفيز خروج الطاقات المدنية والعمل الأهلى.
كما إن قدرة المعارض على إتاحة الفرصة لكافة الثقافات والتيارات والهويات والعرقيات المختلفة للتعبير عن نفسهما من شانه إن يعزز من قيمة الاختلاف داخل المجتمع الدولى ويدفع من قيمة الحوار والسلام، وظهور دبلوماسية افتراضية جديدة تلعب بها الشعوب دورا أساسيا للتفاعل فيما بينها.
ب- الاتجاه المعارض لدور الانترنت فى دعم الديموقراطية
أما الرأى الأخر المتشائم فيرى إن الانترنت يفشل فى نقل الأنماط الموجودة للمشاركة السياسية بالإضافة إلى انه وعمل على توسيع الفجوة بين من يملك الدخول على الانترنت وبين من لا يملك، وعلى الرغم من قدرة الانترنت على إثارة النقاش العام حول القضايا إلا انه يفشل فى إيجاد طابع أو إطار مؤسسى يدافع عن هذه المصالح كالدور الذى يمكن إن تقوم بة الأحزاب السياسية وجماعات المصالح التقليدية ووسائل الإعلام، كما إن الفضاء الالكترونى يمكن إن يخضع لسيطرة شركات عالمية بما يمكن إن يساعد فى التأثير على الرأى العام العالمى ويتم التركيز على قضايا انتقائية لا تعبر بوضوح عن القضايا الفعلية التى يعيشها الموطن على أرض الواقع، كما إن الإشكال الجديدة للتجمعات الافتراضية عبر المواقع الاجتماعية يمكن إن تؤدى إلى تقويض التفاعل الفعلى المباشر والذى يكون له دور فى بناء الثقة وذلك على الرغم من إن الانترنت تدعم الأشكال التقليدية للاتصال، وتظهر إمكانية الخوف من الوقوع تحت سيطرة أقلية يحاولون إن يفرضوا أجندتهم ورؤيتهم الخاصة التى قد لا تعبر عن مواقف الرأى العام ولا تمتلك فقط سوى القدرة الإعلامية العالية عبر الانترنت، ودون إن يتم تغيير الأفكار بطرق ديمقراطية كما إن المعلومات السياسية التى يتم عرضها على الانترنت قد لا تعبر عن معظم اتجاهات الناس وقد تتعرض للتشويش والتزييف ونشر الشائعات.
كما إن الفجوة الرقمية يمكن إن تساهم فى إحداث خلل اجتماعى داخل المجتمع، كما إن الدول قد استخدمت الانترنت لممارسة مزيد من الضبط والسيطرة والرقابة، ودعم فرص حدوث حالة من الاستقطاب السياسى وإضفاء الطابع الفردى والشخصى على الانترنت. الذى ينتج من إتاحة الفرصة لكافة الأفراد دون تمييز فى التأثير على المنتج الإعلامى من خلال أتاحه الفرصة لعامة الناس من الوصول إلى الأخبار والمعلومات غير المقيدة بالحواجز التقليدية الزمنية والجغرافية بما يؤدى إلى زيادة الطابع الفوضوى أو الشعبوى لصالح تقليص دور النخبة التى تملك القدرة والمعرفة الكافية لصياغة أهداف المجتمع وممارسة الضغط، مما قد يؤدى إلى نشر الشائعات والفوضى بما يؤثر بالسلب على الأداء الديمقراطية بل ويدفع النظم السياسية إلى ممارسة سالبة للحريات تحت دعوى الحفاظ على الأمن.
وعلى الرغم من أن الانترنت أداه من أدوات دعم عمليات التحول الديمقراطى والإصلاح السياسى فانه يمكن كذلك إن يتحول إلى أداه فى أيدى معاديين الديمقراطية من اجل فرض المزيد من الرقابة على المعارضين وانتهاك الخصوصية وحرية الرأى والتعبير، حيث يتم استغلال الحرية التى يوفرها الانترنت للمعارضين من اجل القيام بالمزيد من الاعتقالات، كما إن من يستفيد من الانترنت هم النخبة فقط ومن ثم فان ما يتم عرضة لا يعبر عن الجماعات الفقيرة المهشمة التى لا تملك فرص الوصول للانترنت أو تعانى من الأمية والمشاكل الحياتية، ومن ثم فان دور الانترنت فى دعم الديمقراطية محدود كما إن بعض النظم السلطوية كبورما وكوبا تستخدم الانترنت كاداه للدعاية من قبل الدول وإفساح المجال بشكل اكبر لوجهه النظر الرسمية فى مقابل الفرص المتاحة للأصوات المعارضة.
أو إن تستخدم النظم السياسية الانترنت كاداه للتعبئة والتأثير فى الرأى العام، وكذلك استغلال الروابط التى يكن إن تنشا من خلال الانترنت بين النظم السياسية القائمة وغيرها فى الخارج أو مع الشركات الكبرى العالمة فى تكنولوجيا الاتصال والمعلومات بما يأتى على حساب المعارضين لتلك النظم أو مستويات الحرية السياسية بها، وقد تستخدم النظم السياسية الانترنت فى تقوية التحالف والاتصال مع الدول الحليفة الدكتاتورية. فالى جانب ما ساهم بة الانترنت من فرص هامه للمجتمع الدولى على كافة المجالات إلا انه ساهم كذلك فى ظهور بعض الاستخدامات السيئة كبث الكراهية الدينية والعنصرية عبر الانترنت خاصة مع دورة فى الكشف عن الهويات والقوميات والأديان والثقافات المختلفة، والجريمة الالكترونية والإرهاب وليمثل عنصرا من عناصر تهديد الأمن القومى خاصة للدول المتقدمة حيث اعتماد اغلب مرافئها الحيوية على الانترنت. ودور الانترنت فى الكشف عن الهويات والقوميات والأديان والثقافات. مع تأكل سيادة الدولة القومية أدى إلى تنمية الصراعات الايدولوجية والمساعدة فى تنمية اتجاهات الكراهية والعداء تجاه الأخر، وأصبح هناك خطورة سيطرة رأس المال على العملية السياسية بتحكمه فى العملية التكنولوجية، وكذلك ما قد تتعرض له تلك الأنظمة من اختراق أو قرصنة بشكل يؤثر على أدائها وشفافيتها،
كما إن هناك خطورة إن تساهم تكنولوجيا الاتصال والمعلومات فى التوسيع من حده الفجوة الرقمية بين الأغنياء والفقراء بشكل يؤثر على التغيرات الاجتماعية على نحو سلبى وتقف قضية الفجوة الرقمية جنبا إلى جنب مع ضمان توفير فرص الدخول للانترنت من قبل الجماعات والتى تبقى بعيدة ومهمشة لأسباب اقتصادية واجتماعية والتى تعد فرص دخولها محاولة لمواجهه الفجوة الرقمية، وإن الدخول للجمهور كمتحدث رسمى أصبح أكثر سهولة عن طريق الانترنت وهذا ما قد يؤدى إلى عدم وجود مساواة ديمقراطية فى الفرص المشاركة فى المحتوى المتنوع للشبكة.
وقد يتعرض ذلك إلى سيطرة شركات كبرى عاملة فى تكنولوجيا المعلومات والاتصال أو سيطرة رأس المال على التوجيه السياسى للتكنولوجيا حيث قد يبرز فكرة صناعه الجمهور الوهمى خلف قضايا معينة كما إن محركات البحث قد تستخدم سياسيا لخدمة إغراض معينة أو قد تستخدم الدول التسلطية تكنولوجيا الاتصال والمعلومات لتحديث الطابع السلطوى لها دون إن يعنى ذلك تهديدا لشرعيتها أو تشكل حدا لممارستها فى مجال انتهاك حقوق الإنسان، كما تحتاج الديمقراطية الرقمية إلى درجة من الوعى التكنولوجى والتدريب على استخدام تلك الآليات الجديدة والتى لا تتوافر بدون استثمارات ضخمة فى التنمية البشرية، كما إن شبكة الانترنت تحتكر إدارتها الولايات المتحدة وتمارس الرقابة عليها بالإضافة إلى الدور الرقابى للنظم السياسية على محتوياتها.
ثانيا : الوظيفة الديمقراطية للانترنت ووسائل الاعلام الجديد.
مد الانترنت حبال الاتقاد للقيم الديمقراطية والتى تآكلت فى المؤسسية الهرمية وأصبح مدعاة للفساد السياسى والمالى وبشكل حال دون قيام المؤسسات الديمقراطية بدورها كهمزة وصل بين النخبة والجماهير، وكذلك اثر الانترنت فى أداء الحكومات عن طريق تبنى الحكومة الالكترونية والعمل على القضاء على البيروقراطية الحاضنة للفساد الإداري، وعملت على تقليل حجم التكلفة بما اثر على توسيع حجم النشاط السياسى وتعدد الفاعلين بما عمل على زيادة مساحة العرض بين الناخبين أو المرشحين ومستهلكى السياسة بصفه عامة.
وزادت القدرة على تحسين الأداء السياسى والدعاية الجيدة، وتعدد البدائل السياسية أمام المواطن أو الناخب وتعدد طرق إقناعه بطريقة جذابة ومستمرة ومتلاحقة، مما يؤدى إلى صياغة الرسالة الإعلامية عبر وسائل الاتصال الحديث بشكل جيد بشكل يستجيب معها متلقى تلك الرسالة ويتفاعل معها ويبدى راية فى نوع من التغذية الاسترجاعية بين صناعى القرار السياسى والجمهور، واثر ذلك على خفض تكلفة الحملة الانتخابية وتعدى البيروقراطية التى كانت تحول بين الجمهور والنخبة، وأعطى ذلك دورا هاما لدور الفرد فى الإعلام الالكترونى بشكل يساعده على التأثير على القرارات الحكومية ويعزز من فرص المساءلة والرقابة على أداء الحكومات، وبما يؤدى لترشيد قرارات السياسة العامة بما ينعكس فى شكل ايجابى فى شفافية القرارات وملائمتها لتحسن مستوى المعيشة وودفع الحراك السياسى والاجتماعى وتحسن الوضع الاقتصادى. وأصبحت العملية السياسية بتفاعلاتها وإطرافها ومؤسساتها تشهد تأثير إيجابى على تقليل حجم النفقات فى العديد من الأنشطة السياسية اللازمة للمجال السياسى العام، كما ساهمت فى زيادة الكفاءة الإدارية خاصة تمكن الإطراف السياسية من إدارة سلاسل العرض والطلب بطريقة أكثر فعالية، وزيادة التنافسية بين فاعلى العملية السياسية وجعل رأس المال السياسى أكثر شفافية.
وأصبح تأثير الانترنت على الديموقراطية أمر واضح على الأقل فى المساهمة فى تغير الثقافة السياسية وان لم يتم نضوجها فى شكل تغيير ديمقراطي، كما إن دور الانترنت فى التغيير يأتى فى شكل تدريجى شان كافة التغييرات الاجتماعية التى تأخذ فترة زمنية، كما إن عملية الانفتاح العالمى التى أتاحه شبكة الانترنت جعلت هناك تأثيرا لما يتم من سياسات قمعية محلية على الرأى العام الدولى بما يؤثر بالتالى على تنامى ضغوط دولية على تلك النظم لتغيير سياستها. كما انه على الرغم من دور الانترنت فى زيادة المشاركة السياسية إلا أنها لا تعد شكلا من إشكال الديمقراطية العامة وأنها ليست الوحيدة التى تؤشر لمستوى الديمقراطية حيث إن الديمقراطية التمثيلية أو اللبرالية تعتمد على ثلاثة إبعاد هى التنافسية التعددية بين الأحزاب والإفراد من اجل الحصول على مواقع خاصة بالسلطة، والمشاركة المتساوية بين المواطنين فى اختيار ممثليهم من خلال انتخابات حرة دورية وعادلة وكذلك وجود الحريات السياسية والمدنية التى تتعلق بحرية الرأى والتعبير والنشر والتنظيم.
وعلى الرغم من وجود ممارسات خاطئة سواء من قبل الدول أو حتى الأفراد أو الجماعات الإرهابية التى تستخدم الانترنت استخداما سيئ إلا إن تلك الممارسات لم تستطع إن تحول دون الوجه الايجابى للانترنت أو عن حجم الانتشار الواسع عالميا لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات، كما إن مسالة حرية الانترنت أصبحت محل جدل دولى عام حتى داخل البلدان الديمقراطية التى أصبحت هى الأخرى تنتهك تلك الحرية تحت دعاوى مكافحة الإرهاب.
كما إن الانترنت يمكنه إن يعمل على تقوية المؤسسات الديمقراطية كالأحزاب السياسية والسلطة التشريعية، وكذلك تسريع عملية الربط بين الحركات الاجتماعية الجديدة وتنمية شبكات المجتمع المدنى وتوفير قاعدة للأحزاب المعارضة والأقليات التى ترغب فى تغيير النظم السلطوية. ويجب إن نقر بحقيقة إن دخول الانترنت بما حملة من تغييرات ثورية داخل المجتمع بكل مداها ومجالها كانت اسبق من إن يتم ملائمتها واستيعابها مؤسسيا وقانونيا وثقافيا داخل النظام السياسى والمجتمع المصري.
وامتددت حقوق الإنسان بشكلها التقليدى المعهود لطابع رقمى واجهها صعوبات تشريعية وقانونية إما لأدراك النظام السياسى لخطورة الاداه الجديدة فكان التعامل معها بكل حزم عبر سياسات قمعية كانت تلاءم فترات سابقة، أو لعدم استعداد المجتمع المحافظ ثقافيا ودينيا واجتماعيا على استيعاب تلك الحرية المفتوحة والتى إن تم إطلاقها دون ترشيد قد تكسر من شبكة العلاقات القائمة داخل طوائف المجتمع وتنويعاته السياسية والدينية. أو لان الدولة أصبحت فى مرحلة تحاول بلورة موقف واضح من تلك الحقوق الجديدة قانونيا وسياسيا بين إن يتم التعامل معها على أساس الوسائل التقليدية أم تحتاج إلى معاملة خاصة تبعا لاختلاف الآلية والتأثير، والانترنت كمرفأ ووسيط للممارسة العملية الديموقرطية يصبح أداه فى أيدى الفاعلين السياسيين والمنظمات والمؤسسات السياسية والذين يستخدمون الانترنت كاداه للتعبير عن الرأى والمشاركة فى دفع عملية صنع القرار.
كما إن الانترنت يمكن إن يساهم فى دعم الديمقراطية وفقا إلى عوامل ذاتية تتعلق بخصائصه الذى يتميز من خلالها بسرعة انتشاره ورخص تكلفته وأيضا إلى ما يمكن إن يوفر فرص اكبر إمام المواطن للمساهمة فى عملية صنع القرار وفى تداول المعلومات والشفافية وما يمكن إن يتم العبير عن الموقف من تلك السياسية فى شكل تغذية رجعية والتى يمكن إن تعمل على ترشيد القرار السياسى، كما توفر الانترنت فرص للقوى المهشمة والمحرومة للتعبير عن نفسها ومصالحها، وقد تعدى الانترنت كونه وسيلة اتصال ليصبح كونه يقدم كخدمة للمواطنين، ومن ثم فان تقديم تلك الخدمة يرتبط برضاء المواطنين باعتبارها واجب من واجبات الدولة والحكومة.
ومن ثم فأنة يمكن القول انه حتى ولو أصبح الانترنت أداه للقمع فان ذلك سيؤدى إلى انهيار تلك القبضة تدريجيا إمام معارض شرس ومستمر ومتواصل بشكل سيؤثر على فاعليه تلك المواجهة الأمنية، وخاصة وان حرية الانترنت أصبحت تؤشر لدرجة الحرية السياسية لدى المواطنين والانفتاح السياسى للدولة، حيث تعكس أدوات الرى والتعبير عبر الانترنت كا لمدونات والصحافة الالكترونية نوعا من التغذية الاسترجاعية تجاه القرارات الحكومية، ومن ثم فان كفاءة النظام السياسى تتوقف على قدرته على امتصاص هذه المطالب وإتاحة الحرية المناسبة. وهكذا فانه كما تتدرج الدول فى درجات الحرية واحترام حقوق الإنسان أصبح موقف الدولة من المدونات يشير إلى درجة تمتعها بالديمقراطية والاستقرار السياسي.
وخاصة وان تزامن الدخول للعصر الرقمى جاء مع تحولات اجتماعية كبرى فعملية إدماج الأفراد فى المؤسسات التى تقوم تقليديا بدورها الوسيط بين الحاكم والمحكوم وبناء الانتماءات ودفع الحراك الاجتماعى والسياسى يبدو وقد أصابها الوهن على اقل تقدير، فلم تعد تقوم بدورها، وهذا ما دفع الأفراد للتأقلم لبناء انتماءات جديدة والتعبير عن مصالحهم بشكل يتجاوز تلك المؤسسات التقليدية، مستندين على ما أفرزه الإنترنت من أدوات تعبير وتواصل، وكذلك إتاحة الفرصة أمام المواطنين لتشكيل تفضيلاتهم والاتصال بمرشحيهم ويصبح هناك مسئولية محاسبة عن طريق الاقتراع والتى تساهم فى تفعيل الحراك السياسى.
والمساهمة فى تفعيل دور المؤسسات التمثيلية فى العملية الديموقرطية والتى تصبح بحاجة إلى دور الأحزاب السياسية وممثلى السلطة التشريعية والمجتمع المدنى بالإضافة إلى الدور الفردى للمواطنين وتصبح المشاركة الواسعة للمواطنين هى أساس الديمقراطية والتى تساعد على دعم المنافسة الحزبية وتشكيل المجال العام عبر الإعلام الجديد وتعبئة المجتمع المدنى ودعم الشفافية والمحاسبة فى عمليات صنع القرار وتقوية أداء الخدمات الحكومية للمواطنين ومن ثم فان الانترنت يقوم بدور فى دعم عملية الديمقراطية وتحسين أدائها وتجديد مؤسساتها وقيمها.
وقد يتوقف درجة الدعم التى يقدمها الانترنت للديمقراطية على قدرة الحكومات والمجتمع المدنى لاستغلال الفرص التى تتيحها القنوات الجديدة للمعلومات والاتصالات لدعم قلب المؤسسات التمثيلية التى تصل ما بين الدولة والمواطن، ومن هذا المنطلق تصبح فرص المشاركة العامة والإدارة المدنية تتم من خلال التكنولوجيا الجديدة ويتم توفير المعلومات من خلالها التى تدعم الشفافية والانفتاح والمحاسبة للهيئات الحكومية على المستوى الوطنى والدولى وكذلك تقوية قنوات التفاعل بين المؤسسات الوسيطة والمواطنين. وزادت القدرة على تحسين الأداء السياسى والدعاية الجيدة، وتعدد البدائل السياسية إمام المواطن أو الناخب وتعدد طرق إقناعه بطريقة جذابة ومستمرة ومتلاحقة، مما يؤدى إلى صياغة الرسالة الإعلامية عبر وسائل الاتصال الحديث بشكل جيد بشكل يستجيب معها متلقى تلك الرسالة ويتفاعل معها ويبدى راية فى نوع من التغذية الاسترجاعية بين صناعى القرار السياسى والجمهور، وتتميز ادوات الرأى والتعبير عبر الانترنت بخصائص تميزها لعل أهمها وجود عناصر حيادية.
وشكلت فى مضمونها ترسيخ للقيم الديموقرطية على المستوى النظرى وكذلك تواجد طرق جيده لممارسة تلك الديمقراطية من خلال البرمجيات والتطبيقات ويتمثل ذلك فى عده مزايا تمثلت أهمها فى: حرية الاستفادة من المعلومات الشخصية والحصول عليها وحرية إنتاجها. وتعدد مستويات الخدمة واختلافها للخدمات التى تقدم من خلال الانترنت، ولا يوجد أسعار تميزية بين مزودى الانترنت، ولا يوجد سعر احتكارى يسيطر على المحتوى والتطبيقات، ولا يوجد مظاهر تميزية ضد محتوى معين، وارتفاع سقف الحرية فى التعبير والمشاركة، ورخص التكلفة تجعله فى متناول الجميع دون تمييز، ويمكن لأى فرد إن يستفيد من الخدمة دون تمييز بسبب الدين أو اللون أو العرق أو الجنس، وإتاحة الفرصة للكافة فى المشاركة فى الرى أو إضافة المحتوى أو التعليق دون قيود، وتنوع وسائل الرسالة الإعلامية من الصوت والصورة إلى الفيديو والنص.
ثالثا: طبيعة وسائل الاعلام الجديد وخصائصها وآثارها السياسية.
ملامح الدور والتاثير السياسى للانترنت:
عمل الانترنت على تضييق فجوة المعرفة السياسية بانتاج المعلومات وانتشارها وحرية الوصول إليها وقدرة أى فرد على المساهمة فيها وإنتاجها على أزلة اللبس والغموض المعرفى سواء ما يتعلق بالقضايا الداخلية أو الخارجية خلال نموذج يتكون من ثلاثة إضلاع هي: جمع المعلومات، التعليق عليها والتحاور حولها، ثم اتخاذ خطوات فعلية. والميزة فى هذا النموذج هى أن التقنيات الجديدة بدءاً من الانترنت وكل ما تبعه، قادرة على تقديمها. والمتصلين بشبكة الانترنت لديهم القدرة على التجادل، والتحاور بطرق جديدة تزيد من قوتها وتأثيرها “المدونين”، ومجموعات النقاش والرسائل الفورية، وجميعها يجعل التنفيذ الفعلى أسهل بكثير. وهذا ما يطلق علية “الديمقراطية الطارئة” والتى تشير إلى أن اتخاذ القرار من الممكن أن ينبع من عالم “المدونات” أى أن الأفكار أحيانا تولد من شبكات محدودة بين الأشخاص ومنها إلى شبكات مجتمعية، ثم إلى شبكات سياسية.
أولا: تمكن الفرد من صناعة المحتوى السياسى واستقباله وإرساله وذلك بالاستفادة من إمكانات الهاتف المحمول وقدرته على التصوير والاتصال بالإنترنت وغيرها من الخدمات المختلفة.
وثالثا: إتاحة القدرة على المشاركة السياسية من أى مكان وفى أى زمان, وذلك بالاستفادة من قدرة تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية على الحركة ومتابعة الحدث فى مكان حدوثه مباشرة وبمرونة فائقة. وهذه الخاصية مهمة جداً لتمكين الجماعات شبه المتنقلة وقاطنى المناطق النائية من المشاركة السياسية.
وثالثا: المشاركة الشخصية. حيث يوفر الانترنت القدرة على القيام بعمل ًفردى تطوعياً حراً غير خاضع لتوجهات من جهات معينة بل للقناعات السياسية للفرد نفسه خلافاً لوسائل الاتصال التقليدية.
رابعا: حيث يمكن بالطبع أن يقدم الانترنت العديد من الخدمات الأساسية الحكومية بشكل أسرع وأكثر صلة بالمواطنين والتى تعد من أسس العملية الديمقراطية، كما يؤدى إلى. خفض تكلفة جمع المعلومات، وزيادة إمكانية الوصول إلى المعلومات، و يمكن استخدام الانترنت كاداه تعليمية رخيصة التكلفة، وأكثر ملائمة للاحتياجات البشرية والمهنية وما يكون لذلك من آثار اجتماعية تؤدى إلى زيادة حجم المستفيدين بما يصب فى مصلحة الديمقراطية.
خامسا: تساعد شبكة الانترنت فى تسهيل عملية جمع المعلومات اللازمة لمحاسبة الحكومات ومسائلتها ونشر المواد الإعلامية التى تشكل أداه نقد للحكومات وسياستها العامة، حيث يمكن استخدام ذلك بفعالية من قبل معارضى الحكومة والمواطنين العاديين.
سادسا: يمكن للانترنت إن تقدمها الحكومة الالكترونية وما يكون لها تأثير واضع على العلاقة المباشرة بين المواطن والحكومة وسهولة توصيل الخدمات وتقليل النفقات وكذلك المعرفة الكافية بالأزمات وطرق حلها ومواجهتها وتوفير معلومات حولها بما يساعد فى عملية صنع القرار.
سابعا: يمكن إن يعمل الانترنت كآلية للديمقراطية من خلال ما يتيحه من طرق والية جديدة لممارسة العملية السياسية كالتصويت الالكترونى أو إجراء مشاورات بين كل من الناخبين وممثليهم، أو استطلاعات الرأى الالكترونية أو تكوين المجموعات والتحالفات السياسية عبر الانترنت.
ثامنا: تتميز أدوات الاعلام الجديد بخصائص لعل اهمها رخص التكلفة وسرعة انتشارها وسهولة الوصول إليها من قبل أى فرد يريد التأثير عليها بما أنتج كذلك نوعا من الصحافة الالكترونية والمدونات وغيرها من أدوات الرأى والتعبير.
ب- تنوع آليات ووسائل الاعلام الجديد:
التجمعات الافتراضية: وهى عبارة عن مواقع على شبكة الإنترنت تمثل نقطة التقاء لمجموعة من الأشخاص يتواصلون معاً من خلالها باستخدام نظم القوائم البريدية أو التراسل الفورى والمحادثة والحوارات المطولة، والذين يجمعهم اهتمام مشترك إزاء قضية ما.
المنتديات، وهى عبارة عن برمجيات يتم تركيبها على مواقع الإنترنت، لتسمح بتلقى مساهمات وأفكار وآراء من قبل أى شخص يسجل نفسه فى المنتدى، وعرضها على المشاركين الآخرين فى اللحظة نفسها، ثم إتاحة الفرصة لكل المشتركين الآخرين لقراءة المساهمة فوراً والرد عليها فى اللحظة ذاتها، سواء بالاتفاق أو الاختلاف أو بالدفاع أو الهجوم. ومن هنا ينشأ الحوار الديمقراطى بشفافية وبلا قيود.
التعبير عن الرأى عبر نظام التصويت التليفوني: حيث يتم الاتصال التلفونى للمشاركة بالراى والتعبير وأيضا عبر الهاتف لمشاركة فى احد البرامج أو التعبير عن مشكلة ما أو موقف معين والتى تعد جزء من عملية قياس الرأى العام.
استطلاعات الرأى الالكترونية: حيث أصبحت مادة دسمة فى الكثير من المواقع على شبكة الانترنت والتى تهدف إما إلى استطلاع رأى زوار الموقع تجاه موقف معين أو محاولة بناء رأى تجاه قضية ما، وأصبح هناك استمارات رأى الكترونية إلى جانب استطلاعات رأى سريعة حول الإحداث الجارية، وتتميز تلك الاستطلاعات بسهولة دخول المستطلع راية والى درجة الأمان التقنية فى الاستطلاع وتفادى عملية الأخطاء فى عملية الإحصاء حيث يتم الإحصاء الكترونيا .
آلية التصويت والانتخابات: حيث يستخدم الانترنت فى عملية التصويت فى الانتخابات بالإضافة إلى الأدوات الأخرى مثل الهاتف المحمول والهاتف الثابت والبرامج الالكترونية التى تساعد على إعداد الجداول الانتخابية وقواعد بيانات الناخبين وتنقيتها وفرز الأصوات وإعلان النتائج ويتميز برامج التصويت الالكترونية بالشفافية والحيادية.
البريد الالكترونى والمجموعات البريدية: حيث يستخدم لنقل الأفكار والآراء بين الأشخاص والتواصل السياسى بين المرشحين والناخبين أو ما بين القادة السياسيين والجماهير حيث يتم إنشاء مواقع خاصة برؤساء الدول والزعماء وبها البريد الالكترونى الخاص بهم أو رؤساء الأحزاب السياسية أو قاده الرأى العام. ويتم تجميع عدد من البريد الالكترونى فى مجموعات يتم التراسل فيما بينهم وإعلام أعضائها بالمواد الإعلامية بشكل فورى وسريع والدعوة للانضمام إليها من قبل إى مستخدم للانترنت حيث تكون العضوية بها مفتوحة.
مواقع الانترنت الخاصة: حيث أدى سهولة إنشاء موقع على شبكة الانترنت إلى اتجاه الإفراد أو المنظمات أو الأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدنى إلى إنشاء مواقع خاصة بهم تعبر عن سيرهم الذاتية أو تجاربهم الحياتية أو عن مواهبهم أو مواقفهم من قضايا معينة حيث رخص التكلفة وتعدد الوسائط الإعلامية حيث بإمكان إنشاء أذاعه عبر الانترنت أو بث مواد إعلامية بما يقترب من وسيلة إعلام خاصة لكافة التيارات السياسية والدينية.
المدونات: وهى صفحات مجانية يوفرها مواقع على الانترنت للمستخدمين حيث تتنوع وفق غرض القائم بالاتصال حيث يكون هناك مدونات شخصية ومدونات ذات طابع اجتماعى وسياسى أو تخدم على مصالح حزبية وتحتوى على مجموعة من المقالات القصيرة التى يتم تحديثها باستمرار كما فى الصحيفة اليومية التقليدي، وآلية للنشر الإلكترونى على الانترنت بأسلوب سهل، وأيضا وسيلة نشر عامة أدت إلى زيادة دور الانترنت باعتبارها وسيلة للتعبير والتواصل أكثر من أى وقت مضى.
مواقع التوقيعات الالكترونية: حيث يكوالسلمية.اقع تتيح فرصة التسجيل بعدد كبير كمعارض أو مطالب بتغيير سياسية معينة حيث يعتمد شرعية تلك التوقيعات بكم التوقيعات التى تجمعها عبر التسجيل من خلال مواقعها . وتكون تلك التوقيعات نوعا من المعارضة السلمية. والتعبير عن أراء مختلفة.
رسائل SMS والموبايل حيث يتم استخدام رسائل الموبيل فى حشد التعبئة السياسية والاطلاع على إخبار الانتخابات وخاصة مع اندماج خدمات الانترنت والتحويلات المالية والخدمات التلفزيونية والإذاعية من خلال الهاتف المحمول وكذلك إمكانية التصويت فى الانتخابات من خلاله.
المواقع الاجتماعية: وهى تلك المواقع التى تتيح فرصة التعارف والاتصال بين عدد كبير من الافراد على مستوى العالم كما يتم انشاء مجموعات يمكن ان تجتذب اليها المزيد من الافراد وتتميز تلك المواقع بسرعة تناقل المعلومات والصورة وخاصة مقاطع الفيديو وذلك مثل موقع الفيس بوك وموقع تويتر.
رابعا: الاعلام الجديد وظهور أشكال جديدة للمعارضة والاحتجاج الاجتماعى.
زيادة عدد الفاعلين فى الشأن السياسى والمجال العام
حيث ساعد الانترنت على المساهمة من قبل عدد كبير من المستخدمين للتعبير عن احتجاجهم ومشاركتهم وضغطهم على النظام السياسى الحاكم مستفيدين فى ذلك من اتساع دائرة انتشار الانترنت واتساعها بزيادة عدد مستخدمى الانترنت فى العالم العربى وفى مصر على نحو يشهد معدلات نمو غير مسبوقة عالميا، ويعد الاحتجاج شكل من أشكال الضغط غير العنيف على المؤسسات الحكومية أو الرسمية وذلك لتحقيق مطالب معينة ويأتى هذا الضغط فى شكل إضراب عن العمل أو وقفات احتجاجية أو أى مظاهر احتجاج يتم الاتفاق عليها، وجاء التزاوج ما بين الاحتجاج كأداة للتعبير عن الرأى والانترنت كوسيلة وأداه لاستخدام الفضاء الالكترونى فى التنظيم والحشد والتعبئة والتجنيد والتنسيق وشن حملات دعائية.
ويأتى هذا فى صورة تقديم المساعدة فى الشكل التنظيمى والدعائى للاحتجاج التقليدى أو فى وجود احتجاج يأخذ طابعا الكترونيا بحتا أو وجود احتجاج يجمع كلا النمطين، وهناك من يحتج على بعض المواد المنشورة عبر الانترنت والمعادية وكذلك المطالبة بتغيير أوضاع أو سياسات أو احتجاج على اعتقالات أو أحداث بعينها. وظهر ذلك فى تناول بعض القضايا ذات البعد الدولى مثل القيام بحملات الكترونية لمقاطعه المنتجات الدنماركية أو الاحتجاج على ممارسات إسرائيل فى الأرض المحتلة إلى الاهتمام بقضايا حياتية تعبر عن معاناة المواطن كارتفاع ويعمل الفضاء الالكترونى كوسيط فى إجراء الاتصالات بين مؤيدو الإضراب، وطرح إمكانية الاستفادة من خبرات شبابية على صلة بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات، كما يتميز بدرجة عالية من المرونة والانفتاح على الأخر، فى إطار من الرغبة فى تحقيق المنفعة العامة، ويتيح الفرصة للتفاعل والاتصال المستمر بين منظمو الإضراب بما ينعكس على تطوير إستراتيجيتهم، وأيضا يتم توظيف الانترنت فى نشر المعرفة والوعى بالقضية محل الاحتجاج، وتوفير وسيط إعلامى سريع الانتشار ورخيص التكلفة وفى متناول فئة عريضة من الشباب عير تشكيل مجموعات على موقع الفيس بوك أو المواقع الاجتماعية والمدونات ورسائل المحمول المجانية.
وخاصة ما إذا تم النظر إلى تأثير نشر كليبات التعذيب وكيف آثرت على السياسات الحكومية فى مصر بمراجعه أساليب التحقيق ومعاقبة المتورطين فى عمليات التعذيب وكذلك فى الدور الذى قام بة المدونون فى تنظيم احتجاج 6 ابريل والدعوة لاحتجاج 4 مايو 2008 حيث شهد المجموعة الداعية له على “الفايس بوك ” ما يزيد على 70 ألف عضو، ولعبت تكنولوجيا الاتصال والمعلومات دورا أخر فى بورما خلال مظاهرات الاحتجاج فى أغسطس – سبتمبر 2007 ضد النظام العسكري، كما ساعد استخدام الرسائل الهاتفية القصيرة فى حشد المواطنين للانطلاق فى الاحتجاجات الجماهيرية، التى أدّت فى عام 2001 إلى سقوط رئيس الجمهورية آنذاك “جوزيف إسترادا” فى الفلبين. وكذلك الحال فى ميانيمار حيث أظهرت القمع العسكرى ضد الرهبان فيما عرف بمسيرة الرهبان البوذ دورا فى حشد المجتمع الدولى ضد الحكم العسكرى بها.
وخاصة بما أتاحته الانترنت ووسائل تكنولوجيا الاتصال والمعلومات من ظهور أساليب جديدة للمعارضة والاحتجاج وحتى المقاومة، ومن أهم صور الاحتجاج جمع التوقيعات الالكترونية للمطالبة بتغيير سياسات أو قرار أو إزالة صور تعد مسيئة أخلاقيا أو دينيا، والدخول إلى غرف الدردشة والمنتديات فى الإنترنت للقيام بحوارات وتكوين رأى مناصر أو مناهض لقضية من القضايا, وتكوين التحالفات السياسية فى الإنترنت.
ويتم نشر أفكار الإضرابات أو الاعتصام بين اكبر عدد من مستخدمى الانترنت عن طريق المجموعات البريدية ورسائل المحمول، ومهاجمة المواقع الحكومية الالكترونية أو مواقع الخصوم والقرصنة وسرقة المعلومات ونشر الفيروسات وغيرها، إرسال كم كبير من الرسائل الاحتجاجية لكافه الأطراف المعنية بصورة ضاغطة ومزعجة عن طريق البريد الإلكتروني، وإنشاء مواقع انترنت لنشر الأفكار والرؤى الخاصة بالموقف الاحتجاجى للحصول على تأييد الرأى العام وتجنيد المواليين والداعمين لفكرة الاحتجاج من جماعات المصالح المختلفة.
ب- صور واشكال الاحتجاج الالكترونى:
جمع التوقيعات الالكترونيه للمطالبة بتغيير سياسات او قرارات او إزالة صور تعد مسيئة اخلاقيا او دينيا
الدخول إلى غرف الدردشة والمنتديات فى الإنترنت للقيام بحوارات وتكوين رأى مناصر أو مناهض لقضية من القضايا, وتكوين التحالفات السياسية فى الإنترنت.
كما يتم نشر أفكار الاضرابات او الاعتصامات بين اكبر عدد من مستخدمى الانترنت عن طريق المجموعات البريدية ورسائل المحمول.
مهاجمة المواقع الحكومية الالكترونية او مواقع الخصوم والقرصنه وسرقة المعلومات ونشر الفيروسات وغيرها.
إرسال كم كبير من الرسائل الاحتجاجية لكافه الاطراف المعنية بصورة ضاغطة ومزعجة عن طريق البريد الإلكترونى.
إنشاء مواقع انترنت لنشر الأفكار والرؤى الخاصة بالموقف الاحتجاجى للحصول على تاييد الرأى العام وتجنيد المواليين والداعمين لفكرة الاحتجاج من جماعات المصالح المختلفة.
تأسيس مجموعات على المواقع الاجتماعية وجذب الأعضاء إليها كمواقع الفيس بوك وتويتر وغيرها لخلق شبكة من الاتصال والتواصل بين المجموعة وخارجها.
خامسا: الاعلام الجديد والديموقراطية : حالة الانتخابات الرئاسية فى إيران.
جاء فوز الرئيس نجاد المثير للجدل بفترة ولاية ثانية فى الانتخابات الإيرانية ليكشفت عن دخول الانترنت بقوة فى معترك العملية الانتخابية وخاصة من جانب الاصلاحين وبما خلق اعلام بديل للمعارضة موازى لقوة النظام الحاكم فى الوصول للراى العام، والقى ذلك الضوء على طبيعة دور الانترنت فى الإصلاح السياسى والتغيير الاجتماعى وخاصة داخل النظم المنغلقة.
وجاءت ثورة الانترنت لتقدم فرص للانفتاح على العالم الخارجى عبر أدوات للاتصال والتواصل تتميز بالسهولة والانتشار بين الشباب الايراني، ودفع هذا من جانب إلى إدراك المرشحين للرئاسة الإيرانية ارتباط الشباب الايرانى بتلك الثورة الجديدة، بما دفعهم إلى استخدام تلك الأدوات سواء عبر إنشاء مواقع على الانترنت تعبر عن برامجهم الانتخابية أو عن أفكارهم أو رؤاهم الإصلاحية وإنجازاتهم وان كان ذلك شهد تفاوت واضح بين المرشحين، بالإضافة إلى استخدام رسائل النصية القصيرة عبر الهاتف المحمول، وعبر ذلك عن دخول تلك الأدوات الخاصة بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات فى السباق الرئاسى وأداه للتجنيد والحشد والتعبئة لدى جماهير الناخبين.
ويأتى هذا مع زيادة عدد مستخدمى الانترنت فوفق لتقديرات الاتحاد الدولى للاتصالات فان مستخدمى الانترنت فى إيران قد ارتفع من 250 ألف عام 2000 بما كان يمثل ما نسبته 3,8% من السكان، إلى ان وصل عام 2002الى 5 مليون ونصف بما مثل 7,5% من عدد السكان، وفى عام 2005 وصل عد د مستخدمى الانترنت إلى 7 مليون ونصف بما بمثل 10,8 % من عدد السكان، وشهد عام 2008 قفزة هائلة حيث وصل عدد مستخدمى الانترنت إلى 23 مليون مستخدم بما يشكل 34,9% من عدد السكان البالغ 71 مليون نسمة ويملك أكثر من 45 مليون شخص هواتف محمولة. عبر الانترنت كالمدونات والتى وصل عددها فى ايران إلى 700 الف مدونة بشكل يعد ثانى اكبر عدد بعد الصين واكثر الدول فى الشرق الاوسط نموا فى استخدام الانترنت،ومكن استخدام المدونات الإلكترونية والرسائل النصية والتراسل عبر تقنية البلوتوث ونشر أشرطة الفيديو عبر موقع يوتيوب للمنشقين والمعارضين والطلبة الإيرانيين فرصة الوصول إلى شريحة واسعة النطاق من الجماهير ومكنهم من تحدى وسائل الإعلام الرسمية فى البلاد بسرد روائى مختلف.
وتمثل إيران واحدة من أعلى نسب الانتشار فى استخدام الانترنت فى الشرق الأوسط، حيث لا توجد دول تتفوق على إيران فى المنطقة سوى إسرائيل والإمارات العربية المتحدة وفى مجتمع يشهد صعود بارز للشباب فى الحياة السياسية فى إيران بالإضافة إلى ما تحمله تلك الفئة من طموحات ورغبة جامحة فى التغيير وخاصة وسط الطلبة الإيرانيين ذوى الدور التاريخى فى التغيير فى إيران.
وأصبحت بذلك تعبيرا عن السجال الانتخابى بين المرشحين وخاصة ما بين المرشح المحافظ المعتدل مير حسين موسوي، والرئيس محمود احمدى نجاد والمنافس الأكثر جدية لاحمدى نجاد وقد ارتفع عدد “اصدقائه” على احدى صفحات الفيس بوك من 5200 إلى أكثر من 7200 خلال ايام الحظر الثلاثة. فقط، وعند انسحاب الرئيس السابق الاصلاحى محمد خاتمى من السباق، قام موقعا “ياري” (تعاون) و”موج سيفوم” (الموجة الثالثة) اللذان انشئا اساسا لدعم ترشيحه، واصبح انصار موسوى على الانترنت يفوقون عددا أنصار احمدى نجاد باربعة إلى خمسة اضعاف، غير أن هذا قد لا يعكس بالضرورة واقع المجتمع”
وذلك عبر المواقع والرسائل النصية القصيرة وغرف الدردشة والمدونات والتى أقدم الرئيس الايرانى احمدى نجاد بعد انتخابه فى 2005 بإنشاء مدونه خاصة به، ومكنت تلك الأدوات الجديدة على الرغم من القيود التى تحاول أن تفرضها الحكومة الإيرانية على الانترنت ان تصبح بوقا للمعارضة أو التيار الاصلاحى فى إيران الذى تمكن من التعبير عن انتقاداته للرئيس نجاد وطرح رؤية مغايرة فى تعامله مع الخارج والداخل، وتمكن التيار الاصلاحى فى إيران من تلافى احتكار الدولة للإعلام الرسمى عبر إنشاء العديد من المدونات والمواقع عبر الانترنت، والذى شهد نشاطا ملحوظا فى التعبير والتحدث فى موضوعات سياسية من وجهات نظر إصلاحية، وكذلك تناول موضوعات اجتماعية تهم الشباب، ودفع هذا إلى أهمية الانترنت كساحة للنقاش العام حول القضايا الداخلية وإمكانية أن يساهم فى إحداث تحرّر سياسى واجتماعى فى إيران، ويرجع ذلك إلى أن محطّات التلفزة والإذاعة الخاصة غير مسموحة فى إيران طبقًا للدستور الإيرانى الذى تمت صياغته قبل ثلاثين عامًا. والتى أصبحت لا تواكب تلك القوانين تطلعات الشعب الايرانى حيث انتهاء الاعلام الجماهيرى واحتكار الدولة لوسائل الاعلام.
وكانت استخدام تلك الأدوات الجديدة تعبيرا ومتنفسا للحرية والتعبير عن الآراء السياسية والشخصية وساهم ذلك فى عدم القدرة للوصول إلى وسائل الاعلام التقليدية، بالاضافة إلى خصائص الاعلام الجديد الذى يتميز بالسرعه فى الانتشار وقلة التكلفة وتعدد الوسائط الاعلامية من النص والصورة والفيديو بما جعل ذلك عناصر جذب للشباب الايرانى الراغب فى الانفتاح على العالم وفى نفس الوقت التعبير عن مشاكلة وهمومه السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهذا ما يفسر زيادة عدد المدونين والإقبال على استخدام كافة أدوات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات.
كشفت الحملة الانتخابية فى إيران عن تغيرات كبرى فى رحم المجتمع هناك, فقد دخل الإنترنت بقوة فى معترك العملية الانتخابية, خاصة من جانب الإصلاحيين, بما عمل على إيجاد إعلام بديل للمعارضة وقوى التغيير مواز لإعلام الحكومة الذى يسيطر المحافظون بوجه عام, وهو إعلام بديل استهدف الوصول للرأى العام مباشرة, وإحداث تغيير فى توجهات الناخبين الراغبين فى التغيير والخروج من عباءة النظام الدينى المتشدد إزاء الحريات, فضلا عن الكشف عن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع الإيراني.
وظهر الإنترنت كوسيلة فعالة للمرشحين, خاصة الإصلاحيين, للدعاية والحشد والتعبئة والتجنيد والتعبير عن برامجهم الانتخابية وأفكارهم والتواصل مع الناخبين, وكذلك فى مخاطبة فئة الشباب الأكثر استخداما لتلك الأدوات والأكثر نفوذا فى حسم السباق الرئاسي,
وعلى الرغم من القيود التى تحاول أن تفرضها الحكومة الإيرانية على الإنترنت, إلا أنه أصبح وسيلة فعالة لقوى المعارضة والتغيير أو التيار الإصلاحى فى الانتخابات, وبمثابة أداة رخيصة وبعيدة عن السيطرة الحكومية, وهذا ما دفع إلى ارتفاع مستوى المشاركة فى الانتخابات لتصل إلي83% على نحو غير مسبوق من إجمالي35 مليون ناخب, وجاءت تلك المشاركة الفاعلة نتاج جهود عديدة للمتنافسين لجذب الناخبين, عبر استخدام العديد من أدوات الرأى والتعبير عبر الإنترنت كالمواقع والمجموعات البريدية وغرف الدردشة والمدونات والمواقع الاجتماعية وإنشاء مجموعات الفيس بوك للمرشحين وجذب الأعضاء إليها, وقيام شبكة من التواصل مع الناخبين, فضلا عن قيام المرشحين بإنشاء مواقع على الإنترنت خاصة بهم والتراسل عبر تقنية البلوتوث ونشر أشرطة الفيديو عبر موقع يوتيوب. وتمكن الإصلاحيون خاصة مرشحهم القوى موسوى من التعبير عن انتقاداتهم للرئيس نجاد وطرح رؤية مغايرة فى تعامله مع قضايا الخارج والداخل, وتمكن كذلك من تلافى احتكار الدولة للإعلام الرسمى ومنع محطات التليفزيون والإذاعة الخاصة من تغطية أخبار حملته الانتخابية, مما عزز النقاش العام حول القضايا ا لداخلية والانفتاح على الخارج.
وبذلك مثل الإعلام الجديد متنفسا للعديد من الآراء السياسية المختلفة والأقليات العرقية والدينية داخل إيران, بالإضافة إلى تميزه بالسرعة فى الانتشار وقلة التكلفة وتعدد الوسائل الإعلامية من النص والصورة والفيديو, بما جعل من ذلك عناصر جذب للشباب الإيرانى الراغب فى الانفتاح على العالم, وفى الوقت نفسه, التعبير عن مشاكله وهمومه السياسية والاجتماعية والاقتصادية, وظهر ذلك فى وصول عدد المدونات مثلا فى إيران إلى ما يزيد علي700 ألف مدونة, بما يشكل ثانى أكبر عدد للمدونين بعد الصين, بل وقد أصبح لهؤلاء المدونين القدرة على التأثير فى قرارات السياسيين, وفى تناول الكثير من الموضوعات التى كانت تعتبر ممنوعة من قبل, وزادت درجة تفاعل الشباب الإيرانى مع انتهاكات حقوق الإنسان, وتمكن المعارضون والطلبة الإيرانيون من الوصول إلى شريحة واسعة النطاق من الجماهير وطرح رؤى مغايرة لما هو منشور فى وسائل الإعلام الحكومية. لقد دفعت القيود على وسائل الإعلام الحكومية الشباب الإيرانى لاستخدام أدوات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات للتواصل مع الداخل والخارج, ودفع كذلك ميل الشعب الإيرانى للمشاركة السياسية لاستخدام تلك الأدوات الإعلامية الجديدة فى محاولة لتلافى الرقابة القوية على الكتب والصحف المطبوعة والبرامج الإذاعية والتليفزيونية ونشاط المجتمع المدني, وأصبح الإنترنت يتميز بالحرية النسبية الأوسع والأكثر اتصالا وتواصلا مع الآخرين. وعلى عكس ما روج له النظام الإسلامى فى إيران من ان الإنترنت يشكل تهديدا للهوية الفارسية, فإنه عكس تعبيرا عن تلك الهوية عبر أهم خصائصها وهى اللغة, حيث مثلت اللغة الفارسية واحدة من أكثر اللغات العالمية استخداما فى المدونات, وتم إنشاء العديد من المواقع باللغة الفارسية التى تعبر عن ثقافة وهوية ومصالح الشعب الإيراني. وجاء رد الفعل الحكومى الإيرانى إزاء هذه التطورات الكبيرة يسيطر عليه الشك وإعلان الخوف على الاستقرار السياسى والاجتماعى بادعاء أن هناك مؤامرة خارجية لقلب النظام الإسلامى فى إيران, واتخذت عددا من الإجراءات للتحكم فى استخدام الإنترنت, واعتقال المدونين, وزادت محاولات السيطرة عن طريق إلزام مقدمى خدمات الإنترنت بالحصول على موافقة وزارة الثقافة, بالإضافة إلى حجب المواقع التى تراها الحكومة تشكل تهديدا للجمهورية الإسلامية, وتراها تنم عن مؤامرة لإحداث ثورة مخملية أو هادئة بمساعدة المثقفين وآخرين داخل البلاد وخارجها. وقامت الحكومة وسط تزايد استخدام الإصلاحيين للإنترنت ونجاحهم فى التواصل مع ناخبيهم بحجب تلك المواقع بين الحين والآخر, وتم تعطيل خدمة إرسال الرسائل القصيرة وقطع جزئى لخدمة الإنترنت, وفور إعلان النتائج وخوفا من رد الفعل العنيف عليها, قامت السلطات بحجب مواقع الفيس بوك واليوتيوب, بالإضافة إلى عدد من مواقع الإصلاحيين, كما قامت بوقف مؤقت لشبكة المحمول الأولى التى تديرها الدولة, وذلك خوفا من استغلال تلك الأدوات فى تنظيم المظاهرات والحشد والتجنيد لها.
ولكن تصاعدت وتيرة الأحداث فى إيران بشكل مفاجئ،فى أعقاب إعادة انتخاب محمود أحمدى نجاد رئيساً للبلاد، وتم نقل التظاهرات وقمع رجال الباسيج لها عبر اشرطة اليوتوب عبر الانترنت وقيام عدد من المتظاهرين بارسال لقطاتهم عبر الهاتف المحمول إلى مواقع الانترنت ومنها موقع البى بى سي، ومثل التقط أحد الهواة عبر كاميرا الموبايل صورة لمقتل “ندى سلطانى” وهى تتعرض لإطلاق النار عليها وسجل اللحظات الأخيرة فى حياتها والتى عرفت طريقها سريعا على مواقع الإنترنت والتى أدت إلى تفاعل الراى العام العالمى مع تلك الحادثة وقيام العديد من التظاهرات فى الخارج. وأصبحت رمز للحركة الاحتجاجية فى إيران إذ تناقلتها مواقع «الإنترنت»، ورفعها مناهضو النظام الإيرانى فى سائر أنحاء العالم،
وخرج آلاف المعارضين إلى الشارع وسارعوا إلى استخدام الإنترنت لتبادل المعلومات، والدعوة إلى المسيرات فى ملمح مميز للموجة الجديدة من التحرك الجماهيري. وفيما اعتبر كثيرون أن المنابر الإلكترونية الجديدة كسرت من قدرة السلطات على التحكم فى الاحتجاجات، أكد آخرون أن طهران تركت هذه المنابر لمعارضيها عن عمد، حتى تتمكن من رصد تحركاتهم، فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، مثل«فيس بوك» و«ماى سبيس» و«تويتر» إقبالا كبيرا من مستخدمى الإنترنت داخل إيران وخارجها. وبعد فرض رقابة صارمة على وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والحظر الذى فرضته ايران على وكالات الأنباء الأجنبية وتحرك المراسلين بداخلها، وعلى الرغم من محاولة ممارسة الحجب من قبل السلطات الإيرانية على الانترنت باتت شبكة الانترنت أفضل وأسهل وسيلة، وأصبح استخدام تقنيات تكنولوجيا المعلومات له دور فى التحركات السياسية.بل وأصبح هناك مواقع تقدم الدعم لاستقبال المواد المصورة مثل موقع iranelection.com، كما تعرض موقع توتير لضغوط أمركية لمنع توقفه لإجراء عملية الصيانة وذلك لمساعدة المتظاهرين فى إيران على التواصل فيما بينهم وما بين العالم الخارجى كما قدم محرك البحث الشهير google خدمات موسعه باللغة الفارسية. وبذلك تحولت الانتخابات من كونها شأن محلى اى اهتمام دولى وقضية دولية يتفاعل معها الرأى العام العالمى ويمارس المزيد من الضغط على السلطات الإيرانية.
سادسا: ملاحظات ودروس التجربة الإيرانية:
أولا: دفعت القيود التى تم فرضها النظام الايرانى على وسائل الاعلام الحكومية الشباب للارتباط بأدوات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والتواصل مع الخارج فى مقابل محاولة عزله عما يسوق له على انه تهديدا لهويته وكذلك ما مع تمثله فئة الشباب من نسبة عريضة داخل المجتمع الايرانى.
ثانيا: أن ميل الشعب الايرانى إلى المشاركة السياسية دفعت به إلى استخدام أدوات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات للتعبير عن مواقفه السياسية، اصطدمت بالرقابة التى تمارسها السلطات الايرانية على وسائل الاعلام والصحف التقليدية، الأمر الذى دفع الشباب الايرانى إلى التوجه إلى الانترنت حيث الحرية النسبية الأوسع والأكثر اتصالا وتواصلا مع الآخرين
ثالثا: على عكس ما روج له النظام الاسلامى فى إيران أن الانترنت يشكل تهديدا للهوية الفارسية إلا أنها عكست تعبير عن تلك الهوية عبر أهم خصائصها وهى اللغة حيث احتلت اللغة الفارسية من أكثر اللغات استخداما فى المدونات، وتم إنشاء العديد من المواقع باللغة الفارسية التى تعبر عن مصالح الشعب الايرانى وهويته بل والدفاع عن مصالحة.
رابعا: إن كان الاصلاحيون الإيرانيون يشكون من القيود المفروضة على وصولهم إلى وسائل الاعلام التى تسيطر عليها الدولة، إلا أنهم اتجهوا إلى تعويض ذلك عبر استخدام الانترنت لتعبئة مناصريهم.
خامسا: مثلت ثورة الاتصال والاعلام والانتقال من الاعلام الجماهيرى إلى اعلام يقوده الفرد وينتجه ويؤثر فى الراى العام، وبما جعل العالم حقا قرية صغيرة، وبما عمل ذلك على دمج المجتمع الايرانى فى المجتمع العالمى واصبح يتاثر به وما يجرى حوله.
سادسا: مثلت شبكة الإنترنت أداة فعالة لنشر الديمقراطية والحرية الفردية وقدمت الفرص للصحافيين والمواطنين الذين يكافحون فى ظل القيود المفروضة على استخدام الإنترنت فى إيران، ودعم التعاون بين الاصلاحيين والمنظمات الأهلية لإحياء حركة التغير الديمقراطى. ولم تفلح حملة القمع الحكومية المستمرة لمصادرة وكبح وسائل الإعلام البديلة. فى منع الإيرانيين من استخدام الانترنت لنشر آرائهم.
سابعا: أصبحت الإنترنت تشكل إحدى أهم أدوات التغيير فى المجتمع الايرانى الذى ما زال يمارس علية حالة من الإنغلاق المتعمد وحرمانه من ثمار التواصل مع العالم، وممارسة أساليب المنع والقمع والرقابة على تدفق المعلومات عبر الإنترنت، إلا أن التجربة العملية أثبتت أن كل هذه الأساليب سجلت فشلاً ملحوظًا بالمقارنة مع الرقابة التقليدية التى كانت إيران نفسها تمارسها قبل سنوات من خلال الرقابة على الكتب والصحف المطبوعة والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وأنشطة المجتمع المدني، وباتت الإنترنت عصية على أساليب الرقابة.
ثامنا: يعكس ذلك فى مجمله ارتباك النظام الايرانى فى إدراك طبيعة تلك الأدوات وحجم التغيير داخل المجتمع الايرانى، وتجاهله لمدى الاستفادة من توظيف الأدوات نفسها التى يحاربها فى تدعيم شرعيته والتأثير فى الراى العام، وتعزيز قدرته على امتصاص ما تعبر عنه تلك الأدوات من مطالب جماهيرية تضمن الاستجابة لها الشرعية والاستقرار.
تاسعا: إذا كان الاعلام الجديد وخاصة الانترنت لعب دور فى التغيير الاجتماعى داخل إيران وكان فى سبيله إلى احداث تغيير سياسى مماثل الا ان مفردات الدولة السلطوية ابت ان يتم ذلك مع ضعف الآليات الدستورية والقانونية والرقابة الدولية ونزاهة العملية الانتخابية وطبيعة الدولة الدينية التى تستند فى جزء من شرعيها على استعداء الخارج فى سبيل ممارسة المزيد من القمع فى الداخل.
عاشرا: ان الارتباط المتزايد بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات وفر فرص أمام لاعبين جدد، وخاصة مع ما وفرة الانترنت من وسيلة سهلة ورخيصة وسريعة الانتشار، وكذلك اندماج الخدمات مع بعضها حيث يتيح الانترنت خدمة الاتصال والموبيل خدمة الانترنت وإمكانية التراسل المجانى بينهما فضلا عن الحرية المتاحة وارتفاع سقفها عن وسائل الاعلام التقليدية. وخاصة مع فئة الشباب التى تشكل ثلثى عدد السكان والذين على دراية كافية بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات والتفاعل معها مقابل الفئات العمرية الأخرى التى ما زال بعضها ينظر إليها بعين المتشكك والناقم عليها ويحاول ان يطبق سياسات أمنية تقليدية لا تصلح مع تطورات العصر.
المصدر: مختارات إيرانية ، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ، يوليو 2009