الجمعة 13 يونيو 2025
16 ذى الحجة 1446
i_icon/   phone_icon   site_map
مقالات HTML Elements Reference

الدوريات - قضايا استراتيجية
العدوان على غزة والمقاومة الالكترونية بين لغة الحوار والتدمير.

: 98
الخميس,15 سبتمبر 2011 - 08:18 ص
عادل عبد الصادق

مع ظهور الفضاء الالكتروني ودخوله إلى كافة مجالات الحياة كان للشأن والاستخدام العسكري أيضا موضع قدم به حيث تم استخدامه كمجال جديد للحرب والقتال مع ارتباطه بمصالح استراتيجية للع

مع ظهور الفضاء الالكتروني ودخوله إلى كافة مجالات الحياة كان للشأن والاستخدام العسكري أيضا موضع قدم به حيث تم استخدامه كمجال جديد للحرب والقتال مع ارتباطه بمصالح استراتيجية للعديد من الدول، وبرز به شكل جديد من الحرب تختلف في طبيعتها وأطرافها وأهدافها وبيئتها وميدان القتال بها في ظل بيئة ووسيط جديد يستخدمه كافة الفاعلين، وليصبح الانترنت وبصورة اشمل الفضاء الالكتروني ساحة جديدة للصراع بكل أشكاله وصورة المتعددة، وكشف العدوان الإسرائيلي على غزة 27 ديسمبر الماضي وحتى وقف إطلاق النار في يناير 2009 فصلا اخرمن ذلك النمط الجديد للصراع. ولم يقف حائلا عجز حكومات العالم أمام العدوان الإسرائيلي أمام وجود فرص لمناصرة المقاومة الفلسطينية بشتى الطرق الممكنة والتي تراوحت من سياسة الحوار والإقناع عبر الانترنت إلى سياسة الإقصاء والتدمير

وليعبر ذلك عن ظاهرة المقاومة الالكترونية أو الجهاد الالكتروني والتي أصبحت تشهد تغير في طبيعة عملها وأدائها وتطور استخدامها وآلياتها المستخدمة ويأتي هذا مع علاقة الانترنت بكافة مجالات الحياة والتقدم الاقتصادي التي أصبحت مهددة بالتعرض لهجمات الكترونية متبادلة تتميز بالكر والفر وهدفها التدمير والتأثير النفسي والاقتصادي والإعلامي. آليات وأسلحة جديدة حرب بلا نار أو دخان وقصف بلا أنقاض وغزو بلا جيوش وميدان للمعركة فسيح لا يقتصر أو يتقيد بمكان النزاع أو المواجهة الجغرافية بل يمتد مع اتساع الفضاء الالكتروني وتخطيه للحدود ولسيادة الدول بما ينعكس على زيادة عدد المهاجمين وزيادة الأهداف المعرضة للقصف ويختلط ما هو مدني بما هو عسكري ويمكن أن يشارك بها المراة والطفل والشيخ حين تصبح لوحة المفاتيح والفارة للكمبيوتر والاتصال بالانترنت فقط هي من مقتضيات تلك الحرب الجديدة. وتتنوع الأدوات بتنوع آليات التعبير وأدوات التدمير والاختراق في نفس الوقت عبر الفضاء الالكتروني وبما اعتبره الكثير من المشاركين نوعا من الجهاد لا يتطلب التضحية بالمال أو بالنفس و يتسبب في أحداث خسائر اقتصادية ونفسية.

وتستقطب مواقع الهاكرز شباب من مختلف الأعمار والأجناس والجنسيات ويتم التجنيد والتدريب من خلال إتاحة برامج تعليم كيفية الاختراق والقرصنة. وتتعلق آليات واستراتيجية الهجوم بنمطين يتعلق الأول بالاستخدام والتوظيف الإعلامي للانترنت كوسيلة أعلام دولية الطابع عن طريق استخدام كافة أدوات الرأي والتعبير عبر الانترنت للتعبير عن وجهات النظر والتأييد، وجمع التوقيعات الالكترونية واستطلاعات الرأي الالكترونية التي تبرز مواقف المشاركين من طرفي النزاع، وغرف الدردشة والمنتديات في الإنترنت للقيام بحوارات وتكوين رأي مناصر؛ وتكوين التحالفات السياسية ونشر أفكار المظاهرات والاحتجاج وإنشاء مواقع انترنت لنشر الأفكار والرؤى الخاصة بالموقف الاحتجاجي للحصول على تأييد الرأي العام وتجنيد المواليين والداعمين وتم إنشاء موقع‏Palestinianholocaustmuseum.com‏ وهو متحف افتراضي يوثق بالصور المحرقة النازية ضد اليهود في الحرب العالمية الثانية‏.‏وموقع هولوكوست غزة‏Gazaholocaustmuseum وغيرها. أما عن النمط الثاني فيتعلق برد الفعل العنيف عن طريق التحول من لغة الحوار والإقناع إلى التدمير والإقصاء عبر القرصنة والاختراق لشل وتعطيل وتدمير الموقع ووقفه عن العمل وإغراقه بآلاف الرسائل الالكترونية، وقد يحمل بعضها فيروسات تؤدي لعرقلة عمل الموقع واختراقه وسرقة المعلومات ونشر الفيروسات، و إرسال كم كبير من الرسائل الاحتجاجية لكافه الأطراف المعنية بصورة ضاغطة ومزعجة عن طريق البريد الإلكتروني، وإظهار حقيقة الدمار والقتل التي تسعى إسرائيل لطمس معالمة من خلال فرض رقابة إعلامية على مناطق القتال وتفعيل الدعوات لمقاطعه المنتجات الأمريكية والإسرائيلية. من الطابع الفردي إلى الجماعي نجحت المقاومة الفلسطينية في العقد الأخير من استغلال ثورة الإنترنت في البعد الإعلامي وإقامة بنية تحتية واسعة النطاق على شبكة الإنترنت على أساس إتباع سياسة إعلامية- دعائية - تنفيذية موحدة، مع القيام بتخصيص العديد من الموارد وتحسين مواقع الإنترنت وأصبح لكافة الفصائل الفلسيطينة العديد منها بالإضافة إلى القنوات الفضائية، وعلى الرغم من كون المقاومة الفلسطينية محلية الطابع إلا أنها عملت على إن تستهدف أيديولوجيتهما الجماهير من كافة أنحاء العالم عبر إنشاء العديد من مواقع الإنترنت باللغات المتعددة.

وأنشأت حركة المقاومة الالكترونية "حماسنا " عام 2003 بهدف تحريك المقاومة الالكترونية عن طريق الترويج للمقاومة الثقافية والإعلامية بالإضافة إلى أساليب المقاومة المعروفة التقليدية.بالإضافة إلى منتديات للجهاد الالكتروني.، وأنشأت سرايا القدس وهي الذراع المسلح لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وحدة الحرب الالكترونية والإعلامية المختصة، لتعمل على اختراق العديد من المواقع الالكترونية التابعة لأجهزة حساسة في إسرائيل وتدمير تلك المواقع عبر تقنيات برمجية. وتمكن تابعون لسرايا القدس من اختراق موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"وموقع صحيفة "معاريف" ومواقع خاصة بالجيش الإسرائيلي وبالمستوطنين مثل موقع "ييشاع نيوز" التابع للقناة الإسرائيلية السابعة.وجاء ذلك ردا على قيام إسرائيل بمراقبة كافة المواقع الفلسطينية، لاسيما المواقع الخاصة بالجهاد الإسلامي وبسرايا القدس، واختراقها وإزالتها وإدخال صور لا أخلاقية عليها".وكانت سرايا القدس قد أنشأت وحدة الكترونية تقوم باختراق العديد من المواقع الإسرائيلية، بما دفع إسرائيل لاغتيال حسن شقورة مسئول الأعلام الحربي الالكتروني في شمال قطاع غزة في 15 مارس 2008، الى جانب محاولات التشويش على شبكة الاتصالات الإسرائيلية واختراقها والتصنت عليها وكذلك المشاركة في تحديد هدف الهجمات الصاروخية على البلدات اليهودية والمواقع العسكرية من خلال تحديد الهدف على الخرائط الالكترونية لبرنامج جوجل ايرث. الكر والفر في ميدان جديد ظهر الاختراق المتبادل بين إسرائيل وحلفائها وما بين غزة ومناصروها كجزء من حالة الحرب الدائرة وتعبيرا لها، فقد استطاع متسللون الكترونيون (هاكرز) مسلمون اختراق مواقع إسرائيلية معروفة وتغيير ما يعرض فيها ليعكس مشاهدة ما يحدث من اعتداءات على مدينة غزة وسكانها.

وتعرضت العديد من صفحات الإنترنت الإسرائيلية والتي قدرت بحوالي 10 آلاف صفحة لهجمات انتقامية من مجموعات واسعة تعمل بعضها في مصر و لبنان والمغرب وإيران وتركيا والجزائر وغيرها، وتميزت تلك الهجمات بالتنسيق بين أعضاء الـ"هاكرز" في المنتديات الخاصة، كتعرض صحف "معاريف"، و"يديعوت أحرونوت" للاختراق وعرضت صور لقتلى فلسطينيين. ونجحت حركة حماس في اختراق موجة إذاعة الجيش الإسرائيلي وبث بيانات كجزء من الحرب الإعلامية المضادة تدعو لتصعيد 'المقاومة الفلسطينية وتتوعد الإسرائيليين بالرد'.وليظهر ذلك في حرب عصابات لتدمير واستهداف كل المواقع على الانترنت التي يديرها الإسرائيليين. وبما يمثل ذلك فصلا أكثر تطورا من ردود الأفعال السابقة ذات الطابع اللين والأخرى ذات الطابع العنيف التي عبرت عن وحشية العدوان ، وسارعت منظمة 'فريق جهنم' التي ينضوي تحت لوائها هاكرز مغاربة لشن حرب إلكترونية ضروس ضد مواقع حكومية وأخرى تعود ملكيتها لمؤسسات إسرائيلية ، واختراق مواقع وزارات الداخلية والأمن والمالية وموقع إيهود أولمرت. وكما يتم عادة في الحروب التقليدية من رفع راية الانتصار قام فريق منظمة فريق جهنم بترك على كل موقع مدمر ملصقا يحمل اسمها مرفقا بصور للشهداء في فلسطين تطالب فيه بوقف العدوان تاركة نشيدا يدعو إلى الجهاد يتردد بين أرجاء المواقع المدمرة.

كما تم توفير متابعة إخبارية عبر مواقع الانترنت أولا بأول عن تطورات الأحداث في قطاع غزة وما يحدث من دمار وتقتيل يصل إلى العالم قبل نشرات أخبار الفضائيات والصحف والتي بات يتعذر على مراسليها ومصوريها الوصول إلى الميدان في خضم القصف المتواصل والرقابة الإعلامية التي فرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي. أما عن الرد الإسرائيلي فقد أقام جهاز المخابرات الإسرائيلية العامة، "شاباك" وحدة خاصة باسم "رام" لمكافحة ما أسمته "الإرهاب" في الإنترنت من جانب إيران وحزب الله والقاعدة والمنظمات الإسلامية كحماس والجهاد، وتعمل تلك الوحدة على أمن المعلومات وتجنيد العملاء واختراق المواقع وحماية شبكة مواقع الوزارات الحكومية الإسرائيلية المختلفة التي يعبر من خلالها 85 ألف رسالة إلكترونية في اليوم منها تسعة عشر ألفا محملة بفيروسات وبرامج خطيرة وقد تصل إلى 80 ألفا عند الهجمات . وشكل الإسرائيليين جبهة دفاع يحاولون من خلالها إعطاء تبرير أخلاقي لعدوانهم ضد غزة وتفسير صور الأطفال القتلى التي تناقلها وسائل الإعلام خاصة على الإنترنت على أنها دفاع عن النفس،

وأقامت مجموعة من أتباع أولمرت وسياساته ما يشبه المؤتمر الصحفي على الموقع قدمت فيه لأسباب قيام الدولة العبرية بهذه الاعتداءات وأن حركة حماس السبب في مقتل الأطفال لأنهم يختبئون وراءهم، وأن إسرائيل تدافع عن نفسها من هجمات صواريخ الحركة الفلسطينية..واخترق الجيش الإسرائيلي موجة البث الخاصة بإذاعة 'الأقصى' المحسوبة على حماس وكذلك إذاعة 'القدس' المحسوبة على الجهاد الإسلامي وبث عبرهما بيانات 'تحريضية' على الفصائل الفلسطينية المسلحة. وقام الجيش الإسرائيلي بإنشاء أول موقع له على'يوتيوب' يظهر لقطات متجددة عن عمليات الجيش في استهداف البنية التحتية لحماس. وعقدت القنصلية الإسرائيلية أول مؤتمر صحافي على يوتيوب. ودارت معركة بين ممثلي إسرائيل والمدافعين عنها شعارها 'ادعم عمليات جيش الدفاع لمنع الهجمات الإرهابية من غزة' على موقع الفيس بوك والذي اشترك فيه ما يزيد على 22 الف مشارك .

وأصبحت المدونات والمواقع منطقة حرب أخرى ولتحظى باهتمام وزارة الدفاع الإسرائيلية خاصة بعد حرب لبنان 2006 والفشل في وضع رؤية واضحة وتشويش الرأي العام والتحول من ذلك لتكوين رأي عام مناصر لإسرائيل. ومن ضمن العبارات التي تم تداولها "إننا نسامح العرب على قتل أطفالنا ولكننا لا نسامحهم على إجبارنا على قتل أطفالهم ". لغة الحوار أم الإقصاء يحرك مجموعات المقاومة الإلكترونية الدوافع نفسها التي تحرك المقاتلين على خطوط المواجهة الأمامية في ميدان القتال التقليدي، وتختلف طبيعة هؤلاء المهاجمين وفق انتمائهم الايدولوجي فهم ليسوا مثل القراصنة الآخرين الذين هدفهم السرقة أو جمع المال أو حب الظهور ولكنهم قد يتحالفوا مع القراصنة لتحقيق أهداف مشتركة. ويهدف المهاجمين ليكونوا قوة إلكترونية هامة قادرة على إنزال الأضرار النفسية والاقتصادية لخدمة أهدافهم ومناصرة حلفائهم، وعلى الرغم من وجود فجوة كبيرة بين طموحات المهاجمين وبين قدراتهم الفعلية على تحقيق هذه الطموحات ولكن هذه الفجوة في طريقها للتقلص وخاصة مع التحول من عمل فردي لعمل جماعي منظم، وحدوث تبادل للخبرات والتدريب بين القراصنة من شانه تضييق الفجوة الموجودة بين أهداف هذه المجموعات وقدراتها الفعلية على تنفيذ الهجمات ذات الطابع الفجائي ،

ويؤثر ذلك على احتياطيات الأمن والحماية التي يتهددها القدرة الهائلة على الحشد والتعبئة خاصة إذا ما تم بدافع ديني وايدولوجي وغطاء شرعي في ظل محاولات الدفاع الشرعي او أعمال الانتقام او التأييد . وجاء استخدام الانترنت ليمثل ضالة من يريد أن يناصر ويحالف ويقاتل ولكن على طريقته وعبر وسيط يلائم البعد الجغرافي عن ميدان القتال الفعلي، وشن هجمات الكر والفر ضد المواقع التي تتبع طرفي الصراع، وليس هذا فحسب بل استطاع هؤلاء الأفراد أن يحشدوا مجموعات عديدة حليفة لينتقل من كونه رد فعل فردي إلى عمل جماعي منظم. وعلى الرغم من وقف إطلاق النار بين طرفي الصراع إلا أن هناك نارا ستظل مشتعلة إما بالمقاومة بالكلمة أو بالفيروس والتي تعبر عن صراع ممتد ما بقى الصراع موجود على ارض الواقع وليفرض ذلك أهمية إعادة الاعتبار للحوار كسبيل لحل الصراع وليست سياسة الإقصاء والتدمير التي لا تجلب إلا التطرف والدمار. ويضر بقيمتي حرية الراى والتعبير وقيمة الأمن . نقلا عن ملف الاهرام الاستراتيجي ، جيردة الاهرام ، فبراير 2009
 


Share/Bookmark

accr2024

  • نقد العقل التقني الإقطاعي
  • إقطاعيو عصر العولمة
  • الامن السيبراني والاقتصاد في العصر الرقمي
  • العلوم الانسانية والاجتماعية على محكّ الذّكاء الاصطناعي في بلدان الجنوب
  • الأمن السيبراني في أولويات الأمن القومي الإسرائيلي
  • Facebook
    Comments
    el-doo2_text/
    accr2024/


    الشركات التقنية فى أتون الحرب التجارية
    جاء تعليق ترامب لفرض الرسوم الجمركية على الهواتف الذكية والكمبيوتر وأشباه الموصلات وعدد من الأجهزة و

    النصب الإلكترونى فى عصر الذكاء الاصطناعى
    فى رحلة البحث عن الأموال الزائفة ما بين الضحايا والمجرمين.أصبحت جريمة النصب والاحتيال المالى من الجر

    نمط تفخيخ سلاسل الإمداد والتوريد في الحرب السيبرانية
    جاء التفجير المتزامن يومي 17 و18 سبتمبر 2024 فى لبنان لأجهزة بيجر وآيكوم للاتصال اللاسلكى ليقتل ال

    hama
    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    التاريخ