i_icon/   phone_icon   site_map
مقالات HTML Elements Reference

الدوريات - قضايا استراتيجية
الفضاء الالكتروني والرأي العام .. تغير المجتمع والادوات والتأثير

: 11809
الجمعة,26 اغسطس 2011 - 11:45 ص
عادل عبد الصادق

, أصبح للفضاء الإلكتروني دور في صناعة وتشكيل الرأي العام ليس فقط على المستوى المحلي بل العالمي، وساعد على ذلك زيادة الإرتباط العالمي بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات

الفضاء الالكتروني والرأي العام .. تغير المجتمع والادوات والتأثير
اضغط للتكبير
  وأصبح هناك ما يزيد على مليار مُستخدم للإنترنت وما يزيد على 4 مليار مستخدم للهاتف المحمول عالمياً وخاصة بين فئة الشباب الأكثر نشاطاً ودراية بها وبما انعكس في ظهور فاعلين كثيرين في تشكيل الرأي العام وذلك بعد تفكُك سيطرة الدولة لوسائل الإعلام والحد من قدرتها على التعبئة وحشد للجماهير، وساهم الإعلام الجديد في بروز دور الأفراد والجماعات الذين يُمكنهم من استخدام الفضاء الإلكتروني لنقل وتبادل وانتاج المعلومات ونشرها بين قطاع عريض من الجمهور ، وبما يفتح ذلك المجال للتأثيرعلى أولويات القضايا لدى الرأي العام وطبيعة ونمط الفاعلين وطبيعة التأثير على تشكيل الرأي العام وطبيعة المُساهمين فية، وذلك مع بروز الإعلام الإلكتروني بطابعه الفردي أمام الإعلام الحكومي الذي كان يُسيطر ويؤثر في تشكيل الرأي العام ومن ثم حدوث التعبئة والتجنيد والتأييد لسياسات الحكومة المحلية، ومكن الإعلام البديل الأفراد من صنع وسيلة إعلام خاصة بهم سهلة الانتشار ورخيصة التكلفة وتتميز بالتنوع الإعلامي على شكل نص أو صوت أو صورة أو فيديو كليب. ودفعت تلك الأدوات الجديدة إلى استخدامها بشكل إيجابي في تحقيق نوع من التواصل الإنساني بين العديد من التجمعات البشرية والأفراد من كافة أنحاء العالم وأصبحوا يجتمعوا حول قضايا مُشتركة تؤثر فيهم ويؤثرون في انتشارها ودعمها ، وذلك في ظل حوار ندي بين العديد من الأفراد حول العديد من القضايا المحلية والعالمية، ومن جانب آخر كان لاستخدام تلك الأدوات جانباً سيئاً في استغلال طابع الإعلام الإلكتروني الفردي في تغذية العنف والكراهية وبث الشائعات والحرب النفسية وتضليل الرأي العام بالإضافة إلى المُساهمة في إظهار نمط جديد من الجرائم. وجاء هذا مع المساعدة في توفير أدوات للرأي والتعبير أمام الجمهور تتميز جميعها بالسهولة والإنتشار وقلة التكلفة سواء أكانت في شكل انشاء مواقع على الإنترنت أو الرسائل النصية القصيرة أو المدونات أو غرف الدردشة أو المجموعات البريدية، أو استخدام الهاتف المحمول أو استطلاعات الرأي الإلكترونية أو التعليقات الإلكترونية على الأخبار أو الأحداث أو عن طريق نشر المقالات عبر الفضاء الإلكتروني أو ما يتعلق بالتطور في تقنية استطلاعات الرأي العام عبر الاستثمارات الإلكترونية أو الإستطلاع عبر المواقع . وعبرت تلك الأدوات عن ثورة في الأداء الديموقراطي ما بين الحاكم والمحكوم أو ما بين الرأي العام المحلي والأخر الدولي أو حتى ما بين المُختلفين عرقياً او دينياً أو ثقافياً بشكل يعكس ثورة معلومات مُتدفقة مقابل رأى عام سريع التلقي والتأثير وبروز العديد من القضايا التي تُشكل أجندة الرأي العام وفي نفس الوقت بروز العديد من الفاعلين في التأثير وذلك مع اتساع القاعدة الجماهيرية التي تُشكل المُستقبل للرسالة الإعلامية. وطرح ذلك إشكاليات تتعلق بمدى تأثير الفضاء الإلكتروني على تشكيل الرأي العام ؟ وإلى أي مدى أصبح له دور في زيادة المُساهمين في تشكيل قضايا الرأي العام، وفي أولويات المجتمع ؟ وعلى درجة الإستجابة للأحداث المحلية والدولية وعلاقة ذلك بالإستفرار داخل المجتمع الدولي ؟ وما هو دور الفضاء الإلكتروني في بث الكراهية الدينية والشائعات مقابل دورة في بث التسامح والسلام ؟ وما هو أثر الفضاء الإلكتروني في توفير أدوات جديدة لقياس الرأي العام وما هي فاعليتها مع تدفق المعلومات السريع والمتواصل ووجود العديد من المؤثرين به ؟ وما هي مُحددات وفرص تأثير الفضاء الإلكتروني على الرأي العام وتغيير الإتجاهات والقيم ؟ وكيف يُمكن توظيف الفضاء الإلكتروني كوسيلة وسيطة لنقل مطالب الجماهير ومن ثم تحقيق الشرعية والاستقرار ؟

نسخة Pdf
اشارة مرجعية عادل عبد الصادق ، الفضاء الالكتروني والرأي العام .. تغير المجتمع والادوات والتأثير، قضايا استراتيجية ، المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني ، مارس 2011

تصفح العدد : pdf (نسخة ورقة المؤتمر الدولي للاستطلاعات الراي العام ، مجلس الوزراء المصري ، نوفمبر 2009) الفضاء الالكتروني والرأي العام .. تغير المجتمع والادوات والتأثير_ عادل عبد الصادق word الفضاء الالكتروني والرأي العام .. تغير المجتمع والادوات والتأثير
*كانت تلك الدراسة في الاصل عبارة عن ورقة مقدمة الى المؤتمر الدولي لاستطلاعات الراي العام ، مجلس الوزراء المصري ، في نوفمبر 2009  .

** باحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام،متخصص في دراسات الاعلام الجديد،تمهيدي الدكتوراه في العلوم السياسية - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعه القاهرة


مــقدمـــــــــة:

أصبح للفضاء الإلكتروني دور في صناعة وتشكيل الرأي العام ليس فقط على المستوى المحلي بل العالمي، وساعد على ذلك زيادة الإرتباط العالمي بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات وأصبح هناك ما يزيد على مليار مُستخدم للإنترنت وما يزيد على 4 مليار مستخدم للهاتف المحمول عالمياً وخاصة بين فئة الشباب الأكثر نشاطاً ودراية بها وبما انعكس في ظهور فاعلين كثيرين في تشكيل الرأي العام وذلك بعد تفكُك سيطرة الدولة لوسائل الإعلام والحد من قدرتها على التعبئة وحشد للجماهير، وساهم الإعلام الجديد في بروز دور الأفراد والجماعات الذين يُمكنهم من استخدام الفضاء الإلك تروني لنقل وتبادل وانتاج المعلومات ونشرها بين قطاع عريض من  الجمهور ،

  وبما يفتح ذلك المجال للتأثيرعلى أولويات القضايا لدى الرأي العام  وطبيعة ونمط الفاعلين وطبيعة التأثير على تشكيل الرأي العام وطبيعة المُساهمين فية، وذلك مع بروز الإعلام الإلكتروني بطابعه الفردي أمام الإعلام الحكومي الذي كان يُسيطر ويؤثر في تشكيل الرأي العام ومن ثم حدوث التعبئة والتجنيد والتأييد لسياسات الحكومة المحلية، ومكن الإعلام البديل الأفراد من صنع وسيلة إعلام خاصة بهم سهلة الانتشار ورخيصة التكلفة وتتميز بالتنوع الإعلامي على شكل نص أو صوت أو صورة أو فيديو كليب.

ودفعت تلك الأدوات الجديدة إلى استخدامها بشكل إيجابي في تحقيق نوع من التواصل الإنساني بين العديد من التجمعات البشرية والأفراد من كافة أنحاء العالم وأصبحوا يجتمعوا حول قضايا مُشتركة تؤثر فيهم ويؤثرون في انتشارها ودعمها ، وذلك في ظل حوار ندي بين العديد من الأفراد حول العديد من القضايا المحلية والعالمية، ومن جانب آخر كان لاستخدام تلك الأدوات جانباً سيئاً في استغلال طابع الإعلام الإلكتروني الفردي في تغذية العنف والكراهية وبث الشائعات والحرب النفسية وتضليل الرأي العام  بالإضافة إلى المُساهمة في إظهار نمط جديد من الجرائم. 

وجاء هذا مع المساعدة في توفير أدوات للرأي والتعبير أمام الجمهور تتميز جميعها بالسهولة والإنتشار وقلة التكلفة سواء أكانت في شكل انشاء مواقع على الإنترنت أو الرسائل النصية القصيرة أو المدونات أو غرف الدردشة أو المجموعات البريدية، أو استخدام الهاتف المحمول أو استطلاعات الرأي الإلكترونية أو التعليقات الإلكترونية على الأخبار أو الأحداث أو عن طريق نشر المقالات عبر الفضاء الإلكتروني  أو ما يتعلق بالتطور في تقنية استطلاعات الرأي العام عبر الاستثمارات الإلكترونية أو الإستطلاع عبر المواقع .

وعبرت تلك الأدوات عن ثورة في الأداء الديموقراطي ما بين الحاكم والمحكوم  أو ما بين الرأي العام المحلي والأخر الدولي أو حتى ما بين المُختلفين عرقياً او دينياً أو ثقافياً بشكل يعكس ثورة معلومات مُتدفقة مقابل رأى عام سريع التلقي والتأثير وبروز العديد من القضايا التي تُشكل أجندة الرأي العام وفي نفس الوقت بروز العديد من الفاعلين في التأثير وذلك مع اتساع القاعدة الجماهيرية التي تُشكل المُستقبل للرسالة الإعلامية. وطرح ذلك إشكاليات تتعلق بمدى تأثير الفضاء الإلكتروني على تشكيل الرأي العام ؟ وإلى أي مدى أصبح له  دور في زيادة المُساهمين في تشكيل قضايا الرأي العام، وفي أولويات المجتمع ؟ وعلى درجة الإستجابة للأحداث المحلية والدولية وعلاقة ذلك بالإستفرار داخل المجتمع الدولي ؟ وما هو دور الفضاء الإلكتروني في بث الكراهية الدينية والشائعات مقابل دورة في بث التسامح والسلام ؟

 وما هو أثر الفضاء الإلكتروني في توفير أدوات جديدة لقياس الرأي العام وما هي فاعليتها مع  تدفق المعلومات السريع والمتواصل ووجود العديد من المؤثرين به ؟ وما هي مُحددات وفرص تأثير الفضاء الإلكتروني على  الرأي العام  وتغيير الإتجاهات والقيم ؟ وكيف يُمكن توظيف الفضاء الإلكتروني كوسيلة وسيطة لنقل مطالب الجماهير ومن ثم تحقيق الشرعية والاستقرار ؟


    أولاً : مجتمع المعلومات وظاهرة الفضاء الإلكتروني :

 

1- بروز مجتمع المعلومات العالمي:

     تعرض العالم المُعاصر إلى عدد من المُتغيرات التي كان من أهمها تنامي ظاهرة العولمة التي تقوم على الإرتباط الشديد بين دول العالم  وكان لتلك الظاهرة أدواتها التكنولوجية وكان  منها التطور الهائل في وسائل الإتصال والإعلام، وأدت هذه الثورة إلى تحويل العالم بطابعه المادي "Real World"  إلى عالم رقمي وافتراضي "Virtual " ، حيث انتقلت كافة مجالات الحياة لتأخذ طابعاً رقمياً يدور في فلك الفضاء الإلكتروني، وظهر مجتمع المعرفة المبني على ثورة المعلومات  والمعرفة، وشهد العالم  اتجاه لإنتشار الموجة الديمقراطية والتوجه نحو اقتصاد السوق، كما كان لذلك من انعكاسات على القيم والمعتقدات والأفكار.

      ولم يسهم فقط انتشار تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، مثل الإنترنت والإعلام العالمي في  تجاوز الحدود ومحاولات النظم الشمولية السيطرة على انسياب المعلومات، وإنما أسهم كذلك في إرباك الثقافات السياسية التقليدية والقائمة على الطاعة العمياء للنظام الحاكم من قبل المواطنين. في مُقابل دور الإنترنت في تعزيز عملية تشكيل  الشبكات الأُفقية وتحرير الاتصالات ودعم ثقافة النقاش المفتوح. مما أدى ذلك إلى الوقوف بالضد من الثقافات السياسية التي تتسم بالتراتبية  والسيطرة  من الأعلى التي لا تزال قائمة في بعض بلدان العالم.

    وذلك مع ظهور إشكال متنوعة من الاتصالات تتجاوز الحدود القومية للدول ومفهوم السيادة بشكله التقليدي وفيما يُطلق عليه "إعلام العولمة " والذي يعني  "التعظيم المُتسارع والمذهل في قدرات وسائل الإعلام والمعلومات على تجاوز الحدود السياسية والثقافية بين المجتمعات بفضل ما تُقدمه تكنولوجيا الحديثة والتكامل والإندماج بين هذه الوسائل بهدف دعم وتوحيد ودمج أسواق العالم وتحقيق مكاسب لشركات الإعلام والاتصال والمعلومات العملاقة وهذا على حساب دور الدولة في المجالات المختلفة".

      ويُمثل الإعلام العولمي آلية أساسية للعولمة الاقتصادية بإعتبارها تيُسر التبادل الفوري واللحظي للمعلومات وتوزيعها على المستوى الكوني، بالإضافة إلى أن الطابع الدولي للمعلومات أصبح له دوراً في  قيام  وسائل الإعلام بالترويج للإيديولوجية الليبرالية الكونية انطلاقاً من الدول الكبرى والمؤسسات الاقتصادية العملاقة مما يُساهم في خلق أشكال جديدة من التضامن والتعاون بين الأفراد عبر الشبكات الدولية من أجل تحقيق أهداف وقيم مشتركة.

ان التطور العلمي والتكنولوجي المُتلاحق والمُتصاعد فرض أيضاً تغيُراً وتبدُلاً في الطريقة التي يعيش بها الناس في شتى أنحاء العالم، وانعكس ذلك في التغيير على  أنماط  سلوك الناس الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وأيضاً في الطرق والوسائل التي يُعبرون بها عن أفكارهم ووجهات نظرهم والدفاع عن مصالحهم،  وقد أثر التطور فيما يتعلق بالمعلومات والاتصال  أثراً مهماً فيما يتعلق بالديمقراطية كنظام وآلية للحكم والتي من خصائصها  المُشاركة الحقيقية في اختيار الحكام والمسؤلين وإتخاذ القرارات،‏ والحرية الكاملة في التعبير عن الرأي‏، واحترام حقوق الإنسان والتقويم الحقيقي للأداء والفعالية في المُحاسبة وتصحيح الأخطاء‏.

2- بروز ظاهرة الفضاء الإلكتروني:

             تُستخدم كلمة Cyber مقترنة بكلمة Space لتُعبر عن أشهر تعبير في عصر المعلومات، واستُخدمت Cyberspace للتعبير عن الإنترنت في عام 1991، وأصبح هذا المفهوم أشمل وأوسع من الإنترنت ليضُم كل الاتصالات والشبكات وقواعد البيانات ومصادر المعلومات، وأصبحت بنية النظام الإلكتروني تعني المكان الذي لا يُعد جزءاً من العالم المادي أو الطبيعي حيث أنها ذو طبيعة افتراضية رقمية الكترونية تتحرك في بيئة الكترونية حيوية تعمل من خلال خطوط الهاتف وكابلات الاتصالات والألياف البصرية والموجات الكهرومغناطيسية. ووصف "وليام جيبسون" العالم الإلكتروني بأنه "عبارة عن شبكات الكمبيوتر والاتصالات الإلكترونية وهو عبارة عن شبكة كمبيوتر خيالية تحتوي على كم هائل من المعلومات التي يُمكن الحصول عليها لتحقيق الثروة والسلطة.

    وتقترب العلاقة بين العالم المادي والعالم الواقعي بحيث يحصُل مستخدمو الكمبيوتر على خبرات لا وجود لها يكتسبونها عن طريق هذا الاستخدام فتؤثر بذلك المكونات الإلكترونية على العالم المادي والذي يُمكن أن نسمعه ونراه ونحسه ونتأثر به ونقرؤه، وأصبحت قوة الكمبيوتر والشبكات تتزايد عاماً بعد عام لتجعل من السهولة إدراك وجود هذا المكون الالكتروني، وهذا ما جعل الناس يرون في الفضاء الإلكتروني على انه عالم موازي للواقع الذي نعيش فيه، ويعد الفضاء الإلكتروني عبارة عن فيض رقمي من المعلومات لا يعتمد كليا على البيئة المحسوبة التي توفرها شبكات المعلومات بل تتعامل أيضا بكثافة مع مفرداتة مثل سرعة تناقل البيانات وصلاحية الدخول إلى الشبكة بالإضافة إلى المعالجات التي تتناول البيانات المتدفقة ضمن البيئة الالكترونية ".

      والفضاء الإلكتروني شأنه شأن ظاهرة الفضاء التقليدية التي تتألف من أربعه مكونات رئيسية هي المكان والمسافة والحجم والمسار ويعبر محتواها عن طبيعة وجود هذا المحتوى، ويتميز هذا الفضاء الإلكتروني بغياب الحدود الجغرافية وغياب الحكم القاهر لعنصر الزمن. ويتطلب ذلك العالم الافتراضي لوجود هيكل مادي من أجهزة الكمبيوتر وخطوط الاتصالات، ومن ثم فان ما يعمل داخل هذه الأجهزة يمثل نمطا من القوة والسيطرة، حيث تصبح القيمة الحقيقية للفضاء الالكتروني هي القدرة على الاستفادة من كم المعلومات الموجودة داخله والمساهمة والتحكم بها في إطار وشكل الكتروني،

     والفضاء الإلكتروني عبارة عن مجال طبيعي ومادي ويرى آخرون أنه ذا طابع افتراضي حيث يرونه بأنه "تلك البيئة الإفتراضية التي تعمل بها المعلومات الإلكترونية والتي تتصل عن طريق شبكات الكمبيوتر، كما يُعرف بأنه ذلك المجال الذي يتميز بإستخدام الإلكترونيات والمجال الكهرومغناطيسي لتخزين وتعديل أو تغيير البيانات عن طريق النُظم المُتصلة والمُرتبطة بالبنية التحتية الطبيعية.

     ويُشير الفضاء الإلكتروني كذلك إلى مجموعة المعلومات المُتوفرة إلكترونياً ويتم تبادُلها وتشكيلها في مجموعات بُناء على استخدامها، ويعمل الفضاء الإلكتروني تحت ظروف مادية غير تقليدية حيث يكون الفضاء الإلكتروني وسيطاً عبر العمل من خلال أجهزة الكمبيوتر وشبكات الإتصال حيث يختلف عن الجو أو الفضاء الخارجي في أن الفضاء الإلكتروني يعمل وفق قوانين فيزيائية مُختلفة عن قوانين الفضاء الخارجي، فمثلاً لا تزن المعلومات شيئاً ولا تمتلك كُتلة مادية وبإمكان المعلومات أن تظهر للوجود وتختفي منه ويتم تعديل وتبادل المعلومات خلال نظم مُرتبطة بالبنية التحتية.  ويتعامل الفضاء الإلكتروني مع المعلومات والتي تتوقف فائدتها إما من خلال تفاعُلها مع غيرها من المعلومات أو إنتاج معلومات جديدة أو معلومات متوارثة تتفاعل داخل هذا الفضاء وخارجة وتشمل إما معلومات صحيحة أو مُضللة، وليُصبح التدفُق الهائل للمعلومات داخل الفضاء الإلكتروني لا يقل عن قيمة هذه المعلومات، وترسم طرق الحصول على هذه المعلومات شكل السُلطة والقوة والتي تنقسم لمعلومات مجانية مُتوافرة لمن يُريدها وأخرى تُجارية متوفرة لمن يرغب بالدفع .

   وهناك المعلومات الإستراتيجية المتوفرة لمن يسمح له بمعرفتها فقط، وبإمكان هذه المعلومات داخل الفضاء الإلكتروني أن تتكرر بدون أي تكاليف وبالإمكان تجميعها دون تدخل من البشر وبالإمكان أن تنتقل من مكانها المادي، ولا يُمكن أن تُقتل ولكنها تقوم بذلك عندما تُستخدم للتأثير من قبل لاعبين ماديين، ونظراً للطبيعة غير المادية للمعلومات فإن وضعها في الفضاء الإلكتروني يجعلها مُتوافرة ومُتاحة للجميع عالمياً، وبذلك يُعد الفضاء الإلكتروني وسيلة ورسالة حيث تتخذ المجتمعات شكلها وفقاً لطبيعة الوسائل التي يتصل عن طريقها الأشخاص بدلاً عن مضمون هذه الاتصالات.

     والفضاء الإلكتروني أكبر من الإنترنت لأنه يتضمن أيضاً قدرات مثل توجيه الطاقة التي توجد في جزء من الموجات الكهرومغناطيسية، ويُعد الفضاء الإلكتروني مكوناً مُنشئاً أي تم بناؤه من خلال الشبكات وأجهزة الكمبيوتر، وهو مُنتشر في أماكن مُتعددة في نفس التوقيت

     ويُعد الفضاء الإلكتروني مجالاً عاماً وسوقاً مفتوحة ويُدلل على وجود شبكة من التواصل والعلاقات بين من يستخدمونه ويتفاعلون معه مع انتقال كافة مجالات الحياة من إعلام وصحة وتعليم وحكومة والمواطنة والاقتصاد والسياسية إلى الفضاء الإلكتروني فيما يشبه بالحياة الأخرى،  إلى جانب ذلك أصبح الفضاء الإلكتروني وسيط ووسيلة في نفس الوقت لشن الهجوم وتنفيذ الأعمال العدائية بين الخصوم كغيره من مجالات الجو أو الفضاء أو البحر، ليُصبح  وسيطاً جديداً للصراع ويحوي الفضاء الإلكتروني كماً هائلاً ومُتسع عبر الشبكات ونظم المعلومات واتصاله وتداخله مع الفضاء الخارجي والأقمار الصناعية.

     ويتكون الفضاء الإلكتروني من المكون الأول الطبيعي أو المادي والذي يتمثل في الأسلاك والمُحولات والبنية التحتية المعلوماتية كالكابلات، والمكون الثاني يتمثل في المحتوى والذي يعكس شكل المعلومات في الفضاء الإلكتروني، أما المكون الثالث فيتمثل في عملية التوصيل بين المعلومات والبشر ويرتبط بتصورات الناس وثقافاتهم.

   ولا يتكون الفضاء الإلكتروني فقط من شبكة من الاتصالات بل يتكون كذلك من المعلومات التي تنتقل من خلال هذه الشبكة أيضاً وأهم ما يُميز مجتمع المعلومات هذا هو أن المعلومات المتوافرة لها قيمة اقتصادية وقيمة ميدانية بالنسبة إلى الجهات العسكرية وكلما زادت الفاعلية في إدارة تلك المعلومات كلما زادت الفائدة التي يُمكن الحصول عليها وأصبح تفوق المعلومات إحدى القيم الأساسية للقوة العسكرية وأصبحت المعلومات مجالاً للسيطرة والتحكم.

ثانياً : المجال العام والتحول من المجتمع الواقعي إلى الإلكتروني: 

 

1- تعريف المجال العام :

  يُعرف المفكر هابرماس Habermas المجال العام بأنه "مجتمع إفتراضى أو خيالى ليس من الضرورى أن يتواجد فى مكان معروف أو مُميز ويتكون من مجموعة من الأفراد الذين لهم سمات مُشتركة مجتمعين مع بعضهم كجمهور، يتفاعلون مع بعضهم على قدم من المساواة حول قضايا مشتركة".

      ويعتمد المجال العام على حرية الدخول والتحول إلى الطابع العالمي كلما أمكن، وكذلك درجات التحرُر التي يتمتع بها المواطنون ورفض الهيراركية والهرمية حيث يُمكن لأي فرد المُشاركة على قدم المساواة. 

      ولا يوجد بالضرورة معرفة بين المشاركين في المجال العام  ببعضهم البعض، ولكن لديهم ادراك وفهم القضية أو الاهتمام أو أحداث معينة أو التعبير عن وجهة نظر تجاه المجتمع أو العالم، ويُمكن لأي شخص أن يُشارك بآرائة أو مُساهماته، بعد أن ساعدت وسائل الإعلام الجديد في الخروج من النطاق الخاص إلى المجال العام الأوسع  والأكثر استقطاباً للعديد من الأفراد، ومع هذا الإنتقال يتم التحول من قضايا فردية إلى آخرى ذات طبيعه عامه وكذلك يتم الإنتقال من  ردود الأفعال المادية التي تتم من خلال المظاهرات في الشارع أو الاعتصامات أو حتى أعمال الشغب إلى فضاء جديد لدية وسائل جديدة وآليات مُتنوعه يتم استخدامها للتعبير والإحتجاج تجاه المجتمع أو الدولة، وبذلك اتسع المجال السياسي ومجال النخبة ليضُم فاعلين آخرين لديهم القدرة على التأثير في الرأي العام بإستخدام تلك الوسائل الجديدة.

     وخاصة مع تضييق فجوة المعرفة بشكل عام بإنتاج المعلومات وانتشارها وحرية الوصول إليها وقدرة أي فرد على انتاجها، وإيجاد حالة من أزلة اللبس والغموض المعرفي سواء ما يتعلق بالقضايا الداخلية أو الخارجية وذلك من خلال نموذج يتكون من ثلاثة إضلاع هي: جمع المعلومات، التعليق عليها والتحاور حولها، ثم إتخاذ خطوات فعلية.

  وبما يُتيح الفرصة إلى توالد الأفكار في نطاق ضيق أو شبكات محدودة لتنتقل إلى مجال ومدى أوسع انتشار في شبكات عامة أو بوجود تحالفات وتكتلات وتجمعات اليكترونية تهدف للتأثير في  المجتمع أو صانعي القرار.

     ويكون المجال العام هو السياقات التي يُمكن لأى شخص أن يُشارك فيها ودون أن يكون المُشاركين فيها على معرفة ببعضهم البعض وبرغم ذلك فإنهم يتقاسمون فهماً عاماً للعالم المُحيط بهم، وهم يُطورون هوية مُشتركة، تطور إهتماماً جمعياً بنصوص مُشتركة، سواء كانت هذه النصوص تُعبر عن رؤية كونية أو قضايا مُحددة أو أفعالاً وأحداث مُعينة،  كما يعني العام في المجتمع الإفتراضى أنه مُتابَع من قبل كل فرد، على عكس ذلك يُشير تعبير المجال الخاص إلى السياقات المحدودة كالأسرة والجماعة الإثنية، حيث تسود في هذا المجال تفاعلات محكومة بمنظومة قيم ضابطة للآداء فى نطاق هذا المجال الخاص، ومن حق أفرادها التفاعل بشأن قضايا المجال الخاص، وليس من حق الآخرين خارج هذه السياقات الخاصة أن يُشاركوا في تفاعلاتها أو مناقشة قضاياها.

     ويرى Habermas أن المجال العام يتشكل ويتكون من خلال إتاحة ساحات ومنتديات للنقاش في القضايا السياسية تعني وتعمل على إعادة تنظيم وبلورة الآراء المعروضة بشأن القضايا وترشيحها وفق جدارتها، ووفق ما تحظى به من اهتمام عام من قبل المُشاركين في النقاش. ويُقسم Habermas النظام المجتمعي إلى ثلاثة أنظمة فرعية: النظام السياسي، أنظمة وظيفية كالتعليم والصحة والخدمات، والمجتمع المدني.

     ويعمل المجال العام على ربط حالة التفاعل بين هذه الأنظمة، وهذا المجال العام الذي يتمتع بالإستقلالية يكون قادراً على إدارة النقاش وترشيح الآراء المُقدمة وتنقيتها وبلورتها لتكون في النهاية ليست مجرد آراء مطروحة بل آراء لها أولوية وتقدير وتُعبر عن حالة النقاش العام التي دارت من خلاله.

    وتقوم نظرية "المجال العام" على وصف وشرح عملية تشكيل الرأي العام والمؤشرات الاجتماعية والثقافية التي تساعد على تطوير الرأي العام، ويتوسط المجال مجالات السلطة العامة والحكومة والمجال الخاص الذي قد يُركز على الشئون الخاصة بالأسرة والأفراد. وقد نشأ المجال العام في المجتمعات البورجوازية الأوروبية في القرن الثامن عشر، وكانت تُمارس من خلاله المناقشات حول السياسات الحكومية، وفي إطاره تبلورت اتجاهات الرأي العام.

ويُعتبر المجال العام مصدراً لتكوين الرأي العام وهو يتطلب شرعية السلطة لتفعيل أية ديمقراطية، فهو يُبرز الآراء والإتجاهات من خلال السلوكيات والحوار، وتقوم نظرية المجال العام في بنيتها الجديدة على محاولة فهم حدود الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام الجديدة في إتاحة النقاش العام وتسهيل بلورة توافقات تُعبر عن الرأي العام النشط، وبحيث تكون إطاراً نظرياً مُتكاملاً يُمكنه توضيح حدود الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام الجديدة مُمثلة في المدونات والمنتديات ومجموعات النقاش في إدارة وتوجيه النقاش السياسي والاجتماعي في المجتمع من أجل تعزيز المُشاركة العامة وترشيد مُدخلات صناعة القرار وصولاً إلى دعم كفاءة الفعل الديمقراطي في المجتمعات عبر بلورة رأي عام يحظى بأولويات تحظى بإتفاق جماهيري وتمنح الشرعية للعمليات السياسية المُختلفة

 ويعتمد نجاح المجال العام وفقاً لما حدده Habermas على عوامل عدة: منها مدى الوصول والإنتشار.ودرجة الحكم الذاتي حيث يجب أن يكون المواطنون أحراراً ويتخلصون من السيطرة والهيمنة والإجبار.ورفض الهيراركية؛ فكل فرد يُشارك الآخرين على قدم المساواة.وأن يكون دور القانون واضحاً وفعالاً.والفهم والثقة والوضوح في المضمون الإعلامي.ووجود سياق مُجتمعي ملائم.

 

2- البيئة المحفزة لبروز الفاعلين الجدد في المجال العام : 

 

في مجتمع المعلومات يُمكن التمييز بين أنواع مُختلفة من المعرفة والتي تكون أوسع من مفهوم المعلومات، حيث تتكون من معرفة ما Know What تُشير إلى معرفه عن الحقائق السياسية التي يُمكن أن تتحول إلى معرفة رقمية في شكل معلومات وبيانات تتحول إلى موقف سياسي ثم اتجاه يتم ترويجه للرأي العام، ومعرفة كيف Know how تُشير إلى المهارة والقدرة على فعل شيء ما عن طريق تدريب الكوادر السياسية التي تتعامل مع المعلومات السياسية وكيفية إدارتها ، ومعرفة لماذا Know why، تُشير إلى المعرفة العلمية لمبادئ وأسس التنمية السياسية  والتي تُشكل الدفع للتنمية في الأحزاب السياسية أو المنظمات الوسيطة.

ومعرفة من know who وتتعلق بمن يستطيع أن يملُك القدرة والمهارة السياسية لحشد الرأي العام ولدية من الخبرات التنظيمية والسياسية والإعلامية التي تؤهله للتأثير بما يُساعد على عملية الحراك السياسي داخل النظام السياسي والنخبة السياسية.

ويُمكن القول إن التعليم لهذه الأنواع الأربعه الرئيسية للمعرفة السياسية تحدُث من خلال القنوات المُختلفة فهناك نوعان من المعرفة يُمكن الحصول عليهما من خلال قراءة الكتب أو حضور المُحاضرات وإدخال البيانات، أما النوعان الآخرين من المعرفة فيرتبطان بشكل أساسي بالممارسة العملية.

        وتُمثل البيئة الاجتماعية والاقتصادية التي تُعاني من اختلالات كالمُعاناة من زيادة مُعدلات البطالة وتدني دخول الأفراد وما يكون  لذلك من انعكاس على الإستقرار الاجتماعي كزيادة مُعدلات الجريمة وزيادة مُعدلات الطلاق وبروز ظاهرة أطفال الشوارع والهجرة غير الشرعية وغيرها.

     وما يزيد من تلك المُعاناة عجز المؤسسات الوسيطة التي كانت تلعب دور في نقل مطالب الجماهير إلى النظام السياسي لكي يتم ترجمتها في شكل قرارات أو سياسات إلا ان ذلك العجز دفع الأفراد المُهمشين إلى تجاوز تلك المؤسسات بُقدرتها على استخدام وسائل الإعلام الجديدة في التعبير عن مطالبها والضغط على النظام السياسي وكذلك التأثير في الرأي العام، وساعدهم على ذلك ما توفرة وسائل الإعلام الجديد من خصائص مُميزه عن وسائل الإعلام التقليدية بالإضافة إلى رُخص استخدامها وسرعه انتشارها وحسن صياغه الرسالة الإعلامية، وهو ما يتلائم مع رغبات تلك الفئة الجديدة التي امتلكت قدر من المعرفة بالإنترنت ولديها طموح في أحداث تغيير اجتماعي أو سياسي يُحقق مطالبها.

       ولم تقتصر الإستفادة على الأفراد بل استفادت منها حركات المُعارضة بشكلها الرسمي وغير الرسمي كأداة إعلامية جديدة لا تخضع للرقابة الحكومية، مع قدرتها على الإنتشار والتأثير في الرأي العام. وهذا ما يُفسر درجة التأثير المُرتفعة للإنترنت في النُظم المُنغلقة عنها في النظم الديمقراطية، والتي كانت تتسم بإحتكار الدولة لوسائل الإعلام التقليدية وتقليل هامش حرية التعبير داخل المجتمع وعدم فاعلية الأحزاب السياسية وغيرها من سمات النظم الدكتاتورية.

    ولقد أدت عملية التدفق الحر للمعلومات على إزالة الحواجز بين النظم السياسية وبعضها البعض بشكل أدى إلى تحول الإنترنت إلى سوق عالمي للأفكار الديمقراطية وما وفرته ثقافة الإنترنت ذاتها من حرية ونمط اللامركزية في الاختيار، وكذلك تم استخدام الإنترنت في الترويج للأجنده الدولية لحقوق الإنسان وأدي إلى انفتاح المجتمعات المُنغلقة على ثقافات أخرى وإلى درجة ما تتمتع بة من الحرية والمستوى الاقتصادي والمعيشي بشكل أدى إلى مزيد من الضغط على النظم السياسية القائمة لتلبية مطالب مواطنيها والذي أصبح يتطلع نحو الأفضل والملائم لثقافته وقيمة مع التوجه نحو العالمية. وذلك لما أتاحته الإنترنت من حرية الحوار والتعبير عن الرأي والمناقشات من خلال منتديات الإنترنت والمدونات وإنشاء المواقع والمجموعات البريدية واستطلاعات الرأي الإلكترونية والتجمعات الإفتراضية ونشطاء الإنترنت، وعملية الإحتجاج والعصيان المدني الإلكتروني.

 

 

 

وتتعلق أبعاد البيئة السياسية والاجتماعية والتكنولوجية فيما يلي: [1]

-     بُعد مؤسسي: يتمثل في ضعف دور الأحزاب السياسية والمجتمع المدني ومُمثلي السُلطة التشريعيه كمؤسسات وسيطة بين الحاكم والمحكوميين وعجزها عن حمل مطالب الرأي العام بما أدى إلى انفصال تلك المؤسسات عن الواقع الاجتماعي والسياسي الذي تعيش به، بالإضافة إلى عدم التوافق بين التغييرات في الرأي العام وبين عملية وضع السياسات.  

-     بُعد تكنولوجي: ويتمثل في الإرتباط المُتزايد بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات وتوفير فرص أمام لاعبيين جُدد، وخاصة مع ما وفرة الإنترنت من وسيلة سهلة ورخيصة وسريعه الانتشار، وكذلك اندماج الخدمات مع بعضها حيث يُتيح الإنترنت خدمة الإتصال والموبيل خدمة الإنترنت وإمكانية التراسل المجاني بينهما فضلاً عن الحرية المُتاحة وارتفاع سقفها عن وسائل الإعلام التقليدية حيث يوجد في مصر ما يزيد على 18 مليون مُستخدم للإنترنت و62 مليون مُشترك في خدمة التليفون المحمول فضلاً عن دور الفضائيات والإعلام الخاص .

-     بُعد تنموي : ان المجتمعات التي تكون في طور التحول يكون لديها حالة مُتصاعدة من الحراك السياسي، وقد شهد المجتمع المصري عدد من السياسات التي تُشكل دوراً هاماً في إيجاد حالة من الحراك السياسي بين المُهتمين بالشأن العام، بالإضافه إلى أن انفتاح المواطن على الخارج يجعل لدية طموحات وتطلُعات أكبر قد تُمثل ضغطاً على صانعي القرار وقد لا تتوافق مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي.

-     بعد ذا طابع جيلي أو عمري: حيث أن المجتمعات العربية عامة ومصر خاصة تحوي فئة عمرية من الشباب تُشكل ما يقرُب من 60% لديهم رؤي للتغيير وعلى دراية كافية بتكنولوجيا الإتصال والمعلومات والتفاعل معها مُقابل الفئات العمرية الأخرى التي ما زال بعضها ينظُر إليها بعين المُتشكك والناقم عليها ويحاول أن يُطبق سياسات أمنية تقليدية لا تصلُح مع تطورات العصر.

 

 

ثالثاً: الفضاء الإلكتروني والرأي العام "الإلكتروني":

 

1- ماهية الرأي العام الإلكتروني:

يُعد الرأي العام مؤشراً هاماً لقياس مدى رضا القاعدة الشعبية عن السياسات العامة للدولة من جهة، بالإضافة إلى دوره في تشكيل وتحديد توجهات المواقف الشعبية المُختلفة نحو القضايا الداخلية والخارجية على حد سواء من جهة أخرى. ومن ثم أصبحت عملية معرفة توجهات الرأي العام ومدى قبولة أو رفضة لسياسة مُعينة تُشغل صانعي القرار في مُختلف دول العالم لما له من دور في تحقيق الشرعية والرضا عن النظام السياسي القائم ويُقلل من حدة العنف تجاهه.

وشهد الرأي العام وقياسة تطوراً هائلاً بسبب عدد من المُتغيرات أهمها الثورة التكنولوجية وما أتاحته من فُرص التعبير عن الرأي بُحرية ويكفي فقط عدد الوسائل التي أتاحتها شبكة الإنترنت.

ومن ناحية أخرى أصبح حجم المعلومات والبيانات تُتاح بشكل فوري وضخم أمام العديد من الأشخاص بما أدى إلى زيادة المعرفة بمن وكيف ولماذا وأين حول العديد من القضايا. وتم إتاحة الفرصة أمام الجمهور إلى أن ينتُج مادته ويُقدم معلومات يكون لها نصيب من الإنتشار والتأثير عبر وسيلة اعلام سهلة ورخيصة وتم كسر احتكار الدولة أو النُخبة السياسية في تشكيل الرأي العام وتوجهاته إزاء قضايا ما وتمت من ناحية أخرى زيادة حجم الفاعلين في صناعه وتشكيل الرأي العام. 

وشكلت شبكة الإنترنت أهم بنية تحتية لمجتمع الإعلام المُتنامي من جميع البلدان والثقافات واللغات والفئات العمرية المُختلفة والمهن دون تمييز . وكانت بداية هذا الدور قد ظهر منذ منتصف التسعينيات في دعم مفهوم ومُمارسة الديمقراطية، وأخذ هذا الدور في التبلور المُتصاعد مع النمو المُتزايد للإنترنت وانتشار تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وعمل الإنترنت على إعاده تنشيط المجال المدني وتوسيع نطاق الحياة المدنية وفتح مجالات واسعة عن طريق تنوعه وسرعته وتحديه للحدود الجغرافية، وكذلك عمل الإنترنت على إتاحة الفرصة أمام العديد من البشر المُختلفون في توفير فرص للتفاعل والإتصال فيما بينهم حول  الجدل السياسي العام وعملية صناعه القرار.

وأصبح الإنترنت أداه في التعبئة والتجنيد والتنظيم والتصويت والمعارضة، وأتاح الإنترنت من خلال  عملية استطلاعات الرأي والمُشاركة في الإنتخابات للعديد من الناس أن يُعبروا عن أرائهم بشكل مُنتظم، وقد عمل على اتساع  دور المواطنين في عملية صُنع القرار وعمل على سد الفجوة بين المواطنين ومن يُمثلونهم في المجالس النيابية. وقد أدت الابتكارات التكنولوجية إلى نشوء أشكال جديدة من وسائل الإعلام مُترافقة مع نماذج جديدة لتوزيع المعلومات واستهلاكها واستخدامها. كما تم تخطي الخطوط التقليدية الفاصلة بين الجمهور والمؤسسات الإعلامية مع اكتساب المواطنين إمكانية الوصول إلى منابر جديدة يُعربون من خلالها عن آرائهم وأفكارهم الخاصة، ويتجاوزون بذلك المؤسسات الإعلامية الكبرى والحكومات التي ظلت لمدى طويل صاحبة القرار النهائي في ما يتعلق بتحديد المعلومات التي يتم نشرها

ويُمثل الفضاء الإلكتروني آلية هامة في عملية التأثير على الرأي العام، وتتميز في ذات الوقت  بعدد من الخصائص حيث أنها قد تكون أداة لنشر رأي عام ذو طابع فردي مُعين وذلك بنشر معلومات موجهة من خلال مجموعة من البرامج والأدوات والمقالات والأخبار والصور والتفاعلات الإعلامية المُتنوعة والتي تخدم بشكل غير مباشر، ومن حيث لا يشعُر المُتلقي ذلك الرأي.

 ويتميز الفضاء الإلكتروني بوجود حالة من  الإنفتاح على الخارج وما يحملة من قيم مُغايرة عن الداخل إلى أن تكون هناك عملية تغيير معرفي  وقيمي عبر عملية طويلة تتنوع فيها جزيئات التكوين المعرفي الجديدة التي يُراد إحلالها محل المعرفة القديمة.

كما أن من الآليات التي يُنتهجها مُرتادوا الفضاء الإلكتروني في التأثير على الرأي العام، الإنحياز لبعض الآراء وإبرازها للجمهور، والتركيز عليها بأكثر من طريقة سواء كانت مُباشرة أو غير مُباشرة، والإحتفاء بها، والحديث عن إيجابياتها، والتقليل من شأن سلبياتها، وفي المُقابل تقوم بتشويه الآراء الأخرى، وإبراز سلبياتها وتضخيمها، وافتعال الإشكالات حولها، ويصل الوضع أحياناً لحد تجاهل تلك الآراء وحجبها عن الجمهور.

وهذا إلى جانب النظر إلى الفضاء الإلكتروني وما يُدار من خلالة على أنه يُعبر عن موقف يتعلق ويُمثل الرأي العام، حيث يتم رؤيته على أنه يُمثل المصلحة الوطنية أو يُعبر عن معظم وأغلبية الجمهور وذلك قد يأتي في شكل استطلاعات رأي الكترونية أو حجم التعليقات والتأييد.

 ويُتيح عملية المعلومات وتفاعلاتها عبر الفضاء الإلكتروني إلى الدفع بصياغة تكوين معرفي جديد لدى الأفراد حول القضية محل التأثير أو على الأقل إحداث خلخلة في التكوين المعرفي القديم حول تلك القضية، ويتم ذلك من خلال تزويد المُتلقي بالمعلومات المُختلفة المُباشرة وغير المُباشرة، والتي تعمل على اجتثاث الأصول المعرفية القائمة لقضية أو لمجموعة من القضايا لدى الأفراد، وإحلال أصول معرفية جديدة بدلاً عنها.

كما أن وسائل الإعلام قادرة على تصوير القضايا والأحداث والأشخاص على خلاف الواقع الفعلي، وتقديم تلك التصورات للجمهور على أنها تُمثل الصورة الحقيقية، وذلك من خلال توظيف مفهوم الصورة الذهنية، حيث تعرض وسائل الإعلام جُزءاً من الصورة الحقيقية عن قضية ما، وتُركز عليه، وتُقدمها للجمهور على أنها تُمثل الصورة الحقيقية بكامل أجزائها، ومن خلال تعرُض المُتلقي المُستمر لوسائل الإعلام  تتكون لديه صور ذهنية مُتعددة عن جملة من القضايا أو الأحداث بُناء على الإتجاهات السياسية والفكرية والثقافية لتلك الوسائل. ان تغيُر التكوين المعرفي والقدرة على صياغة الواقع تُحدث على المدى البعيد تغييراً آخر على مستوى المواقف والآراء؛ إذ أن مواقف الأفراد وآراءهم تُبنى في العادة على التكوين المعرفي للقضية محل التأثير وصورتها الذهنية، وبمجموع تلك الآراء يتشكل الرأي العام في المجتمع.

وبالقياس يُمكن توصيف تعريف للرأي العام الإلكتروني بأنه ذلك الرأي الذي يُعبر عن أكبر شريحة مُمكنة من الجماهير في هذا الفضاء الواسع على شبكة الإنترنت.

والرأي العام الإلكتروني في هذا العالم المُتخيل هو كل (فكرة - اقتراح - رأي – مُشاركة) أو حتى لفظ اعتراض غاضب أو نكتة تُعبر عن توجه معين أو تُدافع عن أيديولوجية بعينها أو تنبُع من تجربة شخصية سواء فردية أو جماعية لتصل إلى نتيجة سياسية عامة يتم توصيلها كرسالة اتصالية من خلال تلك الشبكة (الإنترنت)؛ لتأخذ دورها في المُشاهدة والإطلاع من قِبَل كل من يملُك أو يستطيع استخدام تلك الخدمة، والإطلاع في الوقت نفسه على تلك القنوات التي يستخدمها الآخرون ليتكون ما نعرفه بـ"الرأي الإلكتروني". وفي هذه الحالة فالرأي الإلكتروني يُعبر عن كل الشرائح التي تملُك تلك الوسيلة أو الأداة التكنولوجية للتعبير والتواصل والنقاش.

ويرتبط تكوين الرأي العام الإلكتروني بمُتغيرين أساسيين هما مستوى التعليم ومدى  تواجد شبكة للاتصالات وخدمات الإنترنت المتوفرة.ويرتبط بالمُتغير الأول عدد من المُتغيرات الفرعية؛ مثل عدد المدارس والجامعات والمعاهد العلمية، ومدى توفر ثقافة الإنترنت من خلالها، ومستوى التعليم. أما المُتغير الثاني فيرتبط بعدد خطوط التليفون ومدى قوة الشبكة الموجودة، إلى جانب عدد الشركات التي تُقدم هذا النوع من الخدمة، وكذلك مقاهي الإنترنت أو بصفة عامة الأماكن المُتاحة للجماهير التي تُقدم مثل هذا النوع من الخدمة (الإتاحة - المجانية - السرعة).

2- آلية و طبيعه العلاقة بين الفضاء الإلكتروني وحركة المواطن:

       ويُحرك النمو السريع في انتشار تكنولوجيا الاتصال والمعلومات هو رغبة المواطن في الحصول على المعلومات والاطلاع على كل ما يخُص حياته وأخباره المحلية بدون أن يكون للرقابة الحكومية أي دور في تحديد ماهية تلك المعلومات والأخبار المنشورة، وأصبحت العملية السياسية  بتفاعُلاتها وأطرافها ومؤسساتها تشهد تأثير إيجابي على تقليل حجم النفقات في العديد من الأنشطة السياسية  اللازمة للمجال السياسي العام، كما ساهمت في زيادة الكفاءة الإدارية خاصة تمكُن الأطراف السياسية من إدارة سلاسل العرض والطلب بطريقة أكثر فعالية، وزيادة التنافسية بين فاعلي العملية السياسية، وعملت على جعل رأس المال السياسي أكثر شفافية.

وعمل الإنترنت على تضييق فجوة المعرفة السياسية بإنتاج المعلومات وانتشارها وحرية الوصول إليها وقُدرة أي فرد على المُساهمة فيها وإنتاجها على إزالة اللًبس والغموض المعرفي سواء ما يتعلق بالقضايا الداخلية أو الخارجية من خلال نموذج يتكون من ثلاثة أضلاع هي: جمع المعلومات، والتعليق عليها والتحاور حولها، ثم إتخاذ خطوات فعلية. والميزة في هذا النموذج هي أن التقنيات الجديدة بدءاً من الإنترنت وكل ما تبعه، قادرة على تقديمها. والمُتصلين بشبكة الإنترنت لديهم القدرة على التجادل، والتحاور بطرق جديدة  تزيد من قوتها وتأثيرها "المدونين"، ومجموعات النقاش والرسائل الفورية، وجميعها يجعل التنفيذ الفعلي أسهل بكثير. وهذا ما يُطلق علية "الديمقراطية الطارئة"  والتي تُشير إلى أن إتخاذ القرار من المُمكن أن ينبُع من عالم "المدونات" أي أن الأفكار أحياناً تولد من شبكات محدودة بين الأشخاص ومنها إلى شبكات مجتمعية، ثم إلى شبكات سياسية.

     وأصبحت كل تلك المظاهر ملمحاً رئيسياً لمجتمع المعرفة.  وأصبحت شبكة الإنترنت وما توفره من إمكانية الدخول إليها من كافة الأفراد في العالم  يُعزز بشكل ضمني  من قيم الديمقراطية التشاركية والطابع اللامركزي والإدارة الذاتية وحرية الاختلاف وإتاحة الفُرص للتعبير عن هويات ومصالح مُتعددة ومُختلفة من خلال شبكات الاتصال والمعلومات، كما يُرجح السوق المفتوحة للأفكار التي تُشكل بيئة عمل التكنولوجيا من الإبداع والابتكار كوسيلة للإستمرار ويُعزز من الطابع الإنساني والقيم الإنسانية المشتركة، وحماية خصوصية الأفراد والحق في المعرفة وحق المواطن في الإعلام وصنع القرار، وغيرها من الحقوق التي أصبحت لصيقة الصلة بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات. 

    ويعمل الإنترنت على دفع حركة المواطن من خلال المُساعدة على تقوية التنظيم السياسي  والشرعية السياسية وتعزيز قدرة الحصول على الدعم الشعبي  والقدرة على تحديد الهدف ووضع استراتيجيه للحركة وتعزيز القدرة على القيادة، كل ذلك يتحرك في شكل مُخرجات يقودها المواطنين  والتي  تظهر في شكل إحداث  التغيير السياسي  التدريجي أو الجزري، والقدرة على تقييم مُعدلات المكسب والخُسارة والمُشاركة في الإنتخابات ودعم الإعلام ونقل المعلومات، ويدفع الإنترنت في حركة موازية لحركة المواطن إلى القيام بعملية نقل المعلومات وتعبئة وحشد الرأي العام.

وبهذا يكون الفضاء الإلكتروني بمثابة آلية هامه في عملية التأثير على الرأي العام. وتتميز في ذات الوقت بعدد من الخصائص حيث أنها قد تكون أداة لنشر رأي عام ذو طابع فردي مُعين وذلك بنشر معلومات موجهة من خلال مجموعة من البرامج والأدوات والمقالات والأخبار والصور والتفاعلات الإعلامية المُتنوعة والتي تخدم بشكل غير مباشر، ومن حيث لا يشعُر المُتلقي ذلك الرأي.

 ويتميز الفضاء الإلكتروني بوجود حالة من الإنفتاح على الخارج وما يحمله من قيم مُغايرة عن الداخل إلى أن تكون هناك عملية تغيير معرفي  وقيمي عبر عملية طويلة تتنوع فيها جزيئات التكوين المعرفي الجديدة التي يُراد إحلالها محل المعرفة القديمة.

    ومن الآليات التي ينتهجها مُرتادوا الفضاء الإلكتروني في التأثير على الرأي العام الإنحياز  لبعض الآراء و إبرازها للجمهور، والتركيز عليها بأكثر من طريقة سواء كانت مُباشرة أو غير مباشرة، والإحتفاء بها، والحديث عن إيجابياتها، والتقليل من شأن سلبياتها، وفي المقابل تقوم بتشويه الآراء الأخرى، وإبراز سلبياتها وتضخيمها، وافتعال الإشكالات حولها، ويصل الوضع أحياناً لحد تجاهُل تلك الآراء وحجبها عن الجمهور.

وهذا إلى جانب النظر إلى الفضاء الإلكتروني وما يُدار من خلالة على أنه يُعبر عن موقف يتعلق ويُمثل الرأي العام، حيث يتم رؤيته على أنه يُمثل المصلحة الوطنية أو يُعبر عن معظم وأغلبية الجمهور وذلك قد يأتي في شكل استطلاعات رأي الكترونية أو حجم التعليقات والتأييد.

 ويُتيح عملية المعلومات وتفاعلاتها عبر الفضاء الإلكتروني إلى الدفع بصياغة تكوين معرفي جديد لدى الأفراد حول القضية محل التأثير أو على الأقل إحداث خلخلة في التكوين المعرفي القديم حول تلك القضية، ويتم ذلك من خلال تزويد المُتلقي بالمعلومات المُختلفة المُباشرة وغير المُباشرة، والتي تعمل على اجتثاث الأصول المعرفية القائمة لقضية أو لمجموعة من القضايا لدى الأفراد، وإحلال أصول معرفية جديدة بدلاً عنها.

كما أن وسائل الإعلام قادرة على تصوير القضايا والأحداث والأشخاص على خلاف الواقع الفعلي، وتقديم تلك التصورات للجمهور على أنها تُمثل الصورة الحقيقية، وذلك من خلال توظيف مفهوم الصورة الذهنية، حيث تعرض  وسائل الإعلام جزءاً من الصورة الحقيقية عن قضية ما، وتُركز عليه، وتُقدمها للجمهور على أنها تُمثل الصورة الحقيقية بكامل أجزائها، ومن خلال تعرُض المُتلقي المُستمر لوسائل الإعلام  تتكون لديه صور ذهنية مُتعددة عن جملة من القضايا أو الأحداث بناء على الإتجاهات السياسية والفكرية والثقافية لتلك الوسائل، وتغيُر التكوين المعرفي والقدرة على صياغة الواقع تٌحدِث على المدى البعيد تغييراً آخر على مستوى المواقف والآراء؛ إذ أن مواقف الأفراد وآراءهم تُبنى في العادة على التكوين المعرفي للقضية محل التأثير وصورتها الذهنية، وبمجموع تلك الآراء يتشكل الرأي العام في المجتمع.

 

 

رابعاً : الفضاء الإلكتروني وتغيُر طرق وأدوات  قياس الرأي العام :

يرتبط الإعلام الجديد في جزء كبير منه بإنتاج المُستخدم للمحتوى والاستفادة من مُميزات وخصائص ذلك الإعلام الجديد وسهولة استخدامة وانتشارة وإتاحة الفرصة أمام كل فرد للتأثير من خلالة مع التطور المُماثل في مجال البرمجيات والتطبيقات على الإنترنت بما عمل على السهولة الفنية للمُستخدم في المُشاركة في تقديم المعلومات وإنشاء المحتوى فتم التطور من إنشاء المواقع إلى البريد الإلكتروني ثم إلى غرف الدردشة والمنتديات ثم المدونات Blogs  والتي أصبحت عُنصراً جاذباً للعديد من دول العالم بسبب شكلها وتصميمها ومجانيتها ومُلائتمها للتشارُك بالنص والصوت والصورة بما أثر في بروز ظاهرة جديدة من المدونين يُمكنهم التأثير في الرأي العام حول العالم  وفي إطار نوع من الإحساس بالذات وبالآخرين ومُتطلبات الفرد والجماعة.

      وأتاح الفضاء الإلكتروني كوسيلة إعلام تتميز بخصائص مُميزة تجتذب إليها العديد من المُشاركين ليكون لة دور رئيسي في صياغة وتشكيل الرأي العام بما وفره من إمكانيات وقُدرات هائلة في التأثير على الآخرين، الأمر الذي جعل منه من أحد العوامل التي تؤثر بقوة على الرأي العام.

ومن أهم أدوات الراي والتعبير عبر الانترنت  :

التجمعات الافتراضية: وهي عبارة عن مواقع على شبكة الإنترنت تُمثل نُقطة التقاء لمجموعة من الأشخاص يتواصلون معاً من خلالها بإستخدام نظم القوائم البريدية أو التراسل الفوري والمُحادثة والحوارات المطولة، والذين يجمعهم اهتمام مُشترك إزاء قضية ما.

المنتديات: هي عبارة عن برمجيات يتم تركيبها على مواقع الإنترنت، لتسمح بتلقي مُساهمات وأفكار وآراء من قبل أي شخص يُسجل نفسه في المنتدى، وعرضها على المُشاركين الآخرين في اللحظة نفسها، ثم إتاحة الفرصة لكل المُشتركين الآخرين لقراءة المُساهمة فوراً والرد عليها في اللحظة ذاتها، سواء بالإتفاق أو الإختلاف أو بالدفاع أو الهجوم. ومن هنا ينشأ الحوار الديمقراطي بشفافية وبلا قيود.

التعبير عن الرأي عبر نظام التصويت التليفوني:  حيث يتم الاتصال التليفوني للمُشاركة بالرأى والتعبير وأيضاً عبر الهاتف للمُشاركة في أحد البرامج أو التعبير عن مُشكلة ما أو موقف مُعين والتي تُعد جزء من عملية قياس الرأي العام.

استطلاعات الرأي الإلكترونية: حيث أصبحت مادة دسمة في الكثير من المواقع على شبكة الإنترنت والتي تهدف إما إلى استطلاع رأي زوار الموقع تجاه موقف معين أو محاولة بناء رأي تجاه قضية ما، وأصبح هناك استمارات رأي الكترونية  إلى جانب استطلاعات رأي سريعة حول الأحداث الجارية، وتتميز تلك الإستطلاعات بسهولة تسجيل المُستطلع رأية وإلى درجة الأمان التقنية في الإستطلاع وتفادي عملية الأخطاء في عملية الإحصاء حيث يتم الإحصاء الكترونياً.

آلية التصويت والإنتخابات: حيث يُستخدم الإنترنت في عملية التصويت في الإنتخابات بالإضافة إلى الأدوات الأخرى مثل الهاتف المحمول والهاتف الثابت والبرامج الإلكترونية التي تُساعد على  إعداد الجداول الإنتخابية وقواعد بيانات الناخبين وتنقيتها وفرز الأصوات وإعلان النتائج  وتتميز برامج التصويت الإلكترونية بالشفافية والحيادية.[2]

البريد الإلكتروني والمجموعات البريدية: حيث يُستخدم لنقل الأفكار والآراء بين الأشخاص والتواصل السياسي بين المُرشحين والناخبين أو ما بين القادة السياسيين والجماهير حيث يتم إنشاء مواقع خاصة برؤساء الدول والزعماء وبها البريد الإلكتروني الخاص بهم أو رؤساء الأحزاب السياسية أو قاده الرأي العام. ويتم تجميع عدد من البريد الإلكتروني في مجموعات يتم التراسل فيما بينهم وإعلام أعضائها بالمواد الإعلامية بشكل فوري وسريع والدعوة للإنضمام إليها من قبل أي مُستخدم للإنترنت حيث تكون العضوية بها مفتوحة. 

مواقع الإنترنت الخاصة : حيث أدى سهولة إنشاء موقع على شبكة الإنترنت إلى اتجاه الأفراد أو المنظمات أو الأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدني إلى إنشاء مواقع خاصة تعرض لقضايا مُعينة حيث رُخص التكلفة وتعدُد الوسائط الإعلامية حيث إمكانية إنشاء إذاعه عبر الإنترنت أو بث مواد إعلامية بما يقترب من وسيلة إعلام خاصة لكافة التيارات السياسية والدينية.

المدونات: وهي صفحات مجانية توفرها مواقع على الإنترنت للمُستخدمين حيث تتنوع وفق غرض القائم بالإتصال حيث يكون هناك مدونات شخصية ومدونات ذات طابع اجتماعي وسياسي أو تخدم على مصالح حزبية، وتحتوي على مجموعة من المقالات القصيرة التي يتم تحديثها بإستمرار كما في الصحيفة اليومية التقليدية، وآلية للنشر الإلكتروني على الإنترنت بأسلوب سهل، وأيضاً وسيلة نشر عامة أدت إلى زيادة دور الإنترنت بإعتبارها وسيلة للتعبير والتواصل أكثر من أي وقت مضى.

مواقع التوقيعات الإلكترونية: والتي تُتيح فرصة التسجيل بعدد كبير كمعارض أو مطالب بتغيير سياسة مُعينة حيث يعتمد شرعية تلك التوقيعات بكم التوقيعات التي تجمعها عبر التسجيل من خلال مواقعها. وتكون تلك التوقيعات نوعاً من المُعارضة السلمية. والتعبير عن آراء مُختلفة. 

رسائل SMS والموبايل:  حيث يتم استخدام رسائل الموبيل في حشد التعبئة السياسية والإطلاع على أخبار الانتخابات وخاصة مع اندماج خدمات الإنترنت والتحويلات المالية والخدمات التليفزيونية والإذاعية من خلال الهاتف المحمول وكذلك إمكانية التصويت في الإنتخابات من خلاله.[3]

مواقع الشبكات الاجتماعية: وهي تلك المواقع التي تُتيح فرصة التعارف والاتصال بين عدد كبير من الأفراد على مستوى العالم كما يتم انشاء مجموعات يُمكن أن تجتذب إليها المزيد من الأفراد وتتميز تلك المواقع بسرعه تناقل المعلومات والصور، وخاصة مقاطع الفيديو وذلك مثل موقع الفيس بوك وموقع تويتر. [4]

     الإستفتاء عبر الإيميل: ويتضمن ارسال استمارة الإستفتاء عبر الإيميل ويقوم المبحوث بإعادة ارسالها عقب الإجابة عليها وهذا النوع يحتوي على أسئلة بسيطة وقليلة مع إضافة بعض الأسئلة المفتوحة وتصلُح هذه الطريقة بالنسبة للإستفتاء الصغير على عينة كبيرة وتكون الإستجابة عالية في حالة إستخدم عدد محدود من الأسئلة.

الإستفتاء عبر مواقع الإنترنت: هذا النوع من أبحاث السوق يتطلب إنشاء مواقع خاصة فالأبحاث التسويقية تُعتبر وسيلة سهلة الوصول إليها وتتسم بالتفاعلية والإنتشار.

هناك ثلاثة وسائل لإعلام المبحوثين بوجود استبيان وارسال دعوة للإجابة على الاستبيان عبر الإيميل، والتسجيل في القوائم، ووضع دعوة لدخول الموقع للإجابة على الإستبيان.

الوسيلتين لهما نفس السمات من حيث التعريف بالإستبيان وتوزيعها على المبحوثين ثم تحليل النتائج.[5]

استطلاعات الرأي الإلكتروني: وهي عبارة عن استمارة قد تكون صغيرة أو بسيطة تهدف إلى استطلاع رأي زائري الموقع حول أحد القضايا الهامة حيث يتم اظهار النتائج وعدد المصوتين ونسب المُشاركة. 

التعليقات الإلكترونية: وهي عبارة عن قيام المُستخدم بكتابة تعلقيق على خبر أو حدث مُعين للتعبير عن رأية أو موقفة من قضية ما وهناك عدد من المواقع تُتيح تلك الخدمة. 

وتوفر تلك الأدوات الأخيرة الوقت وتُعتبر أكثر فاعلية فيُمكن ارسال الإستبيان لكثير من أفراد العينة في وقت قياسي، والميزة الرئيسية هو أن يُمكن للباحث من خلالها عمل ورقة عمل تفاعُلية فهذه العملية تضيف إلى الإستبيان العديد من الوظائف التي تتأكد من خلالها من مدى صحة الإستبيان فهي يُمكنها شرح المُصطلحات والتحقُق من الإجابات.[6]

 

خامساً : الفضاء الإلكتروني ومظاهر التحول في الرأي العام (التفتُت مُقابل التجميع):

1- خصائص التحول:

·       المركزية واللامركزية: بتنقية الجهاز البيروقراطي من الفساد وعرقلة القرارات وتقليل التكلفه وتوفير قنوات اتصالية سهلة، وبشكل يُقلل من الاعتماد على الإدارة الوسيطة أو الهرمية وجعلت القرارات أكثر سُرعة للإستجابة لمُتطلبات المجتمع بما يزيد من الكفاءة والفاعلية.

·       التفتُت والإندماج: بالتأثير على التنظيم الإجتماعي وإنشاء روابط وتجمعات الكترونية بين الدول المُختلفة، بما يُعزز من التفاهم الدولي المُشترك، وكذلك تسهيل عملية اندماج  المجتمعات المحلية في السياسة العالمية وإمكانية التنسيق لتشكيل رأي عام دولي خلف القضايا المُختلفة.

·       الشفافية: أصبح العالم أكثر قُرباً من بعضه البعض عن طريق دعم التكتل وراء قضايا عالمية وجعلت ما يحدُث في أي دولة يُمكن معرفته في دولة أخرى كإنتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات الحد من التسلُح والديمقراطية والمُحاسبة السياسية، وساعد ذلك على حالة الشفافية في نشر المعلومات وما يكون لها دورفي صنع القرار. 

·       التعبئة والرشادة: مكنت المعلومات من إمكانية تعبئة الرأي العام خلف ما يحدُث ودفع الجماهير للقيام برد فعل قد يغلُب علية الإستجابات العاطفية تارة، والمُساعده في الرشادة في إتخاذ القرارات تارة أخرى من خلال وسائل الإعلام الجديد.

·       السرعة: بتجاوز الزمان والمكان وقيود الجغرافيا وذلك بفعل الكمبيوتر والأقمار الصناعية وأنظمة الاتصالات بما ساعد في عمل المنظمات الإنسانية وعمليات حفظ السلام، وتوفير معلومات بصورة سريعه عن أماكن الكوارث والصراع والقضايا والأحداث العالمية، وبما يعمل على تسريع الخُطى لإحتواء الصراعات، وتسريع وتيرة التدخُل الدولي في إطار الأمن الإنساني المُشترك. 

 

2- مظاهر التحول وآلياته:

·       إتاحه الفرصة لكل جماعة أو فرد في تكوين جماعه تقف خلف قضية ما تُعبر عنها وتتعلق بمصالحها ويكون الإنضمام لهذه الجماعه مفتوحاً أمام الجميع ممن لديهم الرغبة في المُشاركة.

·       تجاوز المجتمع المحلي بكل تقسيماته الضيقة للخروج إلى رؤية عامه تتعلق بإهتمام بقضية من قضايا الرأي العام الدولي، وأصبح لتلك القضايا وغيرها دور في الإستحواذ على اهتمام المواطن المحلي الذي ظهر كمواطناً عالمياً تُهمه قضايا عالمية ويتفاعل معها من خلال المُظاهرات أو الإحتجاجات أو المُشاركة بالرأي والتعليق أو تكوين تحالفات مؤيدة وذلك عبر الفضاء الإلكتروني.

·       تحول القضايا التى ينبغي أن يتم التفاعل بشأنها داخل الحياة الأسرية أو فى حدود ذات الفرد تنتقل لتُصبح موضع حوار في المجال الوسيط أو المجال العام. وذلك بعد كسر احتكار دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية.

·       بروز دور للكُتلة الحرجة من الشباب لقيادة حركة التفاعلات الحادثة على الفضاء الإلكتروني وما تُمثلة من المعارضة  لكل ما هو قائم والرغبه في تغييرة كله أو بعضة، وذلك في ظل حالة من عدم إشباع الحاجات الأساسية. إبتداء من الحاجة إلى العمل والدخل، وحتى الحاجة إلى التعبير والمُشاركة، الأمر الذي يعنىي أنهم رافضون للمجتمع الواقعى القائم.  

·       تُمكن الفرد من صناعة المحتوى السياسي واستقباله وإرساله وذلك بالإستفادة من إمكانات الهاتف المحمول وقدرته على التصوير والاتصال بالإنترنت وغيرها من الخدمات المُختلفة. وإتاحة القدرة على المُشاركة السياسية من أي مكان وفي أي زمان.

·       القدرة على القيام بشكل جديد من الحركات الاجتماعية ونوع جديد من وظائف المجتمع المدني وذلك بالقدرة على القيام بعمل فردي تطوعياً حراً غير خاضع لتوجهات من جهات  مُعينة بل للقناعات الخاصة للفرد.

·       القدرة على التحول من الإحتجاج الشخصي إلى تكوين وتشكيل جماعات وتحالفات الكتروني عبر الفضاء الإلكتروني وبما يُساعد في عملية التأثير في الرأي العام.

·       اتاحة الفرصة إلى تكوين اعلام بديل يُعبر عن اتجاهات المُعارضة وقادر على  الربط بين فئات اجتماعية مُختلفة تتمثل في القوى الاجتماعية والثقافية والمُدافعين عن حرية الرأي والتعبير، وآراء الأقليات أو اتجاهات مناوئة للمعتقدات والأفكار السائدة والراسخة في المجتمع. وتبني آراء وموضوعات لا تحظى بالقدر الكافي من اهتمام وسائل الإعلام التقليدية، والتصدي لهيمنة وسائل الإعلام التقليدية، والمُشاركة في وسائل الإعلام، وحشد الدعم والتضامن ضد سياسات النظام السياسي.

 

سادساً : الفضاء الإلكتروني وانماط بروز الفاعلون الجُدد في تشكيل الرأي العام:

 

1.      الفضاء الإلكتروني وخلق بيئة إعلامية بديلة لوسائل الإعلام التقليدية:

أصبح الإنترنت أقرب إلى برلمان عالمي يستطيع كل فرد أن يُعبر عن راية وفكرة ويُشارك في صُنع القرارات وعملية إتخاذها بصورة غير مُباشرة وكما يستطيع أن يعترض وهذا ما يُعد من أُسس الديموقراطية، وتم تشكيل مجموعات افتراضية شبيه بالأحزاب السياسية، وتُساهم كجماعه ضغط الكتروني تؤثر على القرارات السياسية للحكومات وتؤثر في عملية صُنع قرارات السياسة العامة وذلك كان له تأثير على المؤسسات الإعلامية الرسمية والتقليدية سواء في طبيعة دورها أو نشاطها وقدرتها على التأثير في الرأي العام، حيث أدى الإعلام الإلكتروني إلى الإنتقال من الإعلام الجماهيري إلى إعلام فردي يُمكن أن يوجهه الفرد للتأثير على الرأي العام وعلى السياسات الحكومية بعيد عن المؤسسات الوسيطة.

وقد شكل الإعلام الإلكتروني بيئة جديدة تستطيع كافة التيارات الفكرية والسياسية والثقافية والدينية التعبير عن نفسها بحرية وبدون أي حواجز أمنية أو جغرافية. وكذلك الموقع الإخبارية ومواقع الصحف ومواقع مُنظمات المجتمع المدني، وقد وفر الإنترنت أداة لنقل مُعاناة المُهمشين في حياتهم ومشاكلهم اليومية، وذلك بعيداً عن هرمية المؤسسات التقليدية بشكل أثر على فاعلية المعلومات المُتاحة بما يخدم التمثيل السياسي للمواطنين وعلى دور الأحزاب السياسية والمجتمع المدني. أيضاً ظهر الإعلام الإلكتروني كبديل عن المؤسسات التقليدية والصحف الورقية، وبشكل عمل على جذب الأفراد للتعبير عن آرائهم بشكل مُختلف عن الرقابة الرسمية وبرؤية مُغايرة عما تتداوله الصحف الرسمية الورقية، وتميُزه بسهولة الحصول على المعلومات وانتشارها وانخفاض تكلفتها وصياغة الرسالة الإعلامية بشكل جيد، وبما أدى لكسر احتكار الدولة لوسائل الإعلام الجماهيري وتوسيع قاعدة المُساهمين في تشكيل قضايا الرأي العام بدلاً من دور النخبة التقليدي، وقد شكل ذلك ضغطاً على الحكومة تجاه ترشيد سياستها العامة، كما ساعد الإنترنت على تحسين دور وأداء الصحافة التقليدية على المُتابعة الجيدة وتعزيز مهنيتها.بالإضافة إلى الحد من دور الصحافة الحزبية والأيدلوجية.

 

2.      الفضاء الإلكتروني وتشجيع عملية التغير السياسي والتحول الديموقراطي:

 

لقد أدت عملية التدفق الحر للمعلومات على إزالة الحواجز بين النظم السياسية وبعضها البعض بشكل أدى إلى تحول الإنترنت إلى سوق عالمي للأفكار الديمقراطية وما وفرته ثقافة الإنترنت ذاتها من حرية ونمط اللامركزية في الاختيار، وكذلك تم استخدام الإنترنت في الترويج للأجنده الدولية لحقوق الإنسان وأدي إلى انفتاح المُجتمعات المُنغلقة على ثقافات أخرى بدرجة ما تتمتع  بالحرية والمستوى الاقتصادي والمعيشي بشكل أدى إلى مزيد من الضغط على النظم السياسية القائمة لتلبية مطالب مواطنيها والذي أصبح يتطلع نحو الأفضل والملائم لثقافته وقيمه مع التوجه نحو العالمية. وذلك لما أتاحه الإنترنت من حرية الحوار والتعبير عن الرأي والمناقشات من خلال منتديات الإنترنت والمدونات وإنشاء المواقع والمجوعات البريدية واستطلاعات الرأي الإلكترونية والتجمعات الإفتراضية ونُشطاء الإنترنت، وعملية الإحتجاج والعصيان المدني الإلكتروني.

   وأصبح هناك علاقة بين ما يُتيحه النظام السياسي من حرية تكنولوجية وشرعيته السياسية، حيث أصبح الموقف من حريات وسائل الإتصال والمعلومات والإنترنت تؤشر لدرجة انفتاح النظام السياسي نحو الديمقراطية وعمل الإنترنت كمُعارض سياسي من خلال جعل المعلومات أكثر انفتاحاً على المجتمع، وتجاوز مساؤي المركزية، والمُساعدة في انتشار فكرة وتجاوز الزمان والمكان وإتاحة الفرصة للتعبير والضغط على الحكومة، والقدرة على تغيير خطط  تحقيق الأهداف بسرعة، والقدرة على امتصاص الضربات الأمنية والقمعية، واستفادت المُعارضة السياسية الرسمية وغير الرسمية  مما أتاحه الإنترنت من آليات للإحتجاج أو التظاهر عبر حشد المواطنين للتفاعل مع قضية ما عبر المنتديات أو المجموعات البريدية أو غرف الدردشة أو التصويت الإلكتروني على أحد القضايا، أو رسائل المحمول، وكان من أكثر استخداماً للإنترنت في المُعارضة السياسية أقباط المهجر ثم الإخوان المسلمين في مصر، وأثر الإنترنت على كفاءة التنظيم السياسي من خلال سرعه الإستجابة للأحداث السياسية، والعمل على مُناهضة السياسة القمعية  والحشد والتعبئة والتجنيد للمُعارضة  دون الحاجة للدعم الخارجي بالضرورة.

 

3.      الفضاء الإلكتروني وتعزيز المُشاركة السياسية  الرسمية وغير الرسمية :

 

تُعرف المُشاركة السياسية بأنها النشاط الذي يقوم به الأفراد بصفتهم الشخصية بهدف التأثير على القرارات الحكومية، أي أنها تتعدى مُجرد التصويت في الإنتخابات أو العضوية في الأحزاب السياسية، ومن هنا تظهر قُدرة المدونات في توسيع مفهوم المُشاركة السياسية من خلال إعادة تعريف السياسي ليضُم كافة التفاعلات اليومية المُرتبطة بالتأثير على بنية القوة في المجتمع والتأثير على توزيعها، وكذلك في تكسير الحواجز بين العام والخاص، وبين النخبة والجماهير وبين الفرد والدولة، ويقوم المدونون بإنشاء قنوات خاصة خارج القنوات السياسية الرسمية للمُشاركة بطريقتهم للتعبير عن آرائهم ومصالحهم، وما أتاحته من أدوات تعبير جديدة دور فاعل في المُشاركة السياسية غير الرسمية في مصر، لما تتمتع به من ارتفاع سقف حرية التعبير، وكشفها لمُشكلات بنيوية وتنظيمية وثقافية ودينية وقانونية داخل المجتمع وكونها أداة للتفاعل بين الفرد والمجتمع والدولة، وتأثيرها على طبيعة ونمط العلاقة بين مُدخلات ومُخرجات النظام السياسي.[7]

وكذلك المُساعدة في توسيع دور وعدد المُشاركين في قضايا بناء الرأي العام، وتشكيل درجة الوعي السياسي المكون للفكر، وبما بجعل الأفراد لديهم المبادرة لتنمية معارفهم وآرائهم السياسية بنفسهم دون الركون بالضرورة إلى مؤسسات الدولة الرسمية والإعلام الحكومي، وبدأ الإنتقال من حالة الرأي إلى إثارة الحوار والنقاش حول القضايا العامة في حوار يكون ذا طابع ندي، وهذا ما يصُب في التأثير على الرأي العام وصانعي القرار وفي نفس الوقت يُمثل ضغطاً ورقابة على أداء الحكومة في آن واحد، تأسيساً على ذلك يُتيح الإنترنت التواصل مع العالم بأكمله، وبالتالي ستتغير أيضاً بشكل حاسم عملية تشكيل الرأي العام.

        ومن المُمكن أن يُحدِث تطور كهذا نتيجتين مُهمتين، وهما: الإشتراك العريض لقطاعات واسعة من المجتمع في بناء الرأي العام، وتبعاً لذلك مُشاركة عامة أوسع في مراحل إتخاذ القرار حيث أدت الثورة التكنولوجية وما أتاحه الإنترنت من إمكانية مُساهمة أي فرد في العملية السياسية إلى ظهور فاعلون جُدد ولاعبين في الحياة السياسية ومن هؤلاء الأفراد الذي أصبحت لديهم القدرة على لعب دور الصحفي والإعلامي وكذلك المدونين والقراصنة الذين يقومون بدور في المُهاجمة والاعتراض والمُعارضة للنظام السياسي والتأثير على الأمن الرقمي وبيئة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وكذلك أتاحت مواقع التعارف الاجتماعية عبر الإنترنت لوجود تجمعات شبابية ليست فقط محلية بل أنها تُعد دولية الطابع والتأثير حيث زيادة التعارف بين الشباب في العالم ومُناقشة قضايا هامة وتنسيق المواقف حولها وجمع التبرعات كقضية الفقر ومكافحة الإيدز.

 

4.      الفضاء الإلكتروني وجودة الأداء الحكومي والحكم الصالح والنمو الاقتصادي:

 

     أصبح مفهوم الحكومة الإلكترونية يؤثر على عمل ووجود الحكومة الكلاسيكية مع قدرتها على الاندماج الهائل في مُحيطها الاقتصادي والاجتماعي في ظل الدخول لمجتمع المعلومات  بالترافق مع تغييرات مؤسساتية واستقدام لخبرات ومهارات إضافية بما يؤدي لتحسين الخدمات العامة وتعزيز الإجراءات الديمقراطية، ويُقدَم الدعم اللازم للسياسات الحكومية، ويُقدم إدارة أكثر كفاءة لمواردها، وبالتالي تمكينها من تنفيذ سياساتها وخططها بكفاءة مرتفعة حيث المُساهمة في  رفع جودة المعلومات وتبسيط طرق الوصول إلى المعلومات، وتخفيض كبير في زمن إنجاز المُعاملات، وتخفيض كبير في أعباء الحصول على الخدمات الحكومية، وتخفيض كُلفة تقديم الخدمة، ورفع مستوى تقديم الخدمة العامة، ورفع الكفاءة وتحقيق رضي الزبون (المواطن).

    وما يكون ذلك انعكاس على عملية التنمية بقدرة المواطنين من الوصول إلى المعلومات بشكل أسهل، وهذا يؤدي لنشوء علاقة ثقة بين المواطن والحكومة، وتحفيز التحول الرقمي للمجتمع وإيجاد حالة من الحوار بين الجهاز الحكومي وأفراد المجتمع بما يؤدي إلى رفع كفاءة السياسات الحكومية وتحسين القدرة التنافسية للإقتصاد واستقطاب رؤوس الأموال والإستثمارات.   

   كما جعلت بوابات الإنترنت التي تُساهم في تقديم الخدمات الحكومية العامة على التواصل المحلي مع المواطنين دون وسطاء حكوميين بما أدى إلى الوصول إلى درجة عالية من الرضا عن أداء الحكومة والقُدرة على تقييمها. وساعد الإنترنت في التوجه نحو الحكم الجيد والرشيد عبر برامج الحكومة الإلكترونية والتي تعمل على الحد من الفساد الإداري والبيروقراطية بما يؤدي لترشيد النفقات الحكومية، والقدرة على استيعاب مطالب المواطنين من خلال توفير تلك النفقات في تحسين نوعية الخدمة وسرعتها، وبما يعمل على تشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي بشكل يظهر في النمو الاقتصادي الذي أصبح الاقتصاد الرقمي المبني على تكنولوجيا الإتصال والمعلومات يلعب دوراً في معدلات النمو الاقتصادي عالمياً وكذلك دور التجارة الإلكترونية واعتماد المؤسسات المالية والمصارف والبنية التحتية على الإنترنت.

 

5.      الفضاء الإلكتروني والمُساهمة في تفعيل دور المجتمع المدني:

 

عمل الفضاء الإلكتروني على المُساهمة في تقوية مؤسسات المجتمع المدني سواء بقدرتها على التواصل مع مُجتمعها سواء عبر مُبادرتها أو مُبادرة المواطنين الذي يُصبح لديهم القدرة على الإتصال وبسهولة بتلك المُنظمات الأهلية، وبشكل يزيد من القدرة على تحسين أداء المجتمع المدني والعمل على المُحاسبية تجاه نفقاتها ومستوى تواصلها مع الجماهير، وقد توافر لتلك المُنظمات مواقع على الإنترنت يُمكن من خلالها تفعيل الرقابة على سير العملية الإنتخابية ومواقع مُنظمات المجتمع المدني التي تُراقب سير العملية الإنتخابية والأفراد الذين يستطيعون أن يبثوا ملاحظتهم عبر المدونات أو المواقع البريدية أو المُنتديات أو الدردشة أو استطلاعات الرأي الإلكترونية، وتلقي الشكاوي والمراسلات عبر البريد الإلكتروني أو عبر الاتصال المُباشر، وكشف الفضاء الإلكتروني عن القضايا التي تتفاعل مع الشارع، وتعكس اهتمامات الحياة اليومية، والعمل على لفت الإنتباه لدى تلك المُنظمات الأهلية إلى قضايا مُعينة أو أماكن أصبحت بحاجة إلى مُساعدة، بل وتطور هذا الدور لإنشاء مُنظمات مدنية للدفاع عن قضايا ما بُناء على تأثير تكنولوجيا الإتصال والمعلومات، فمثلاً قضية التحرش الجنسي التي فجرها "مدون" عن طريق الإنترنت ساهمت في إيجاد مُنظمات أهلية ضد التحرش وتدريب الفتيات على الدفاع عن نفسها، بل وجدت الحاجة إلى إيجاد كيان قانوني أو نقابي يُدافع عن حرية الرأي والتعبير عبر الإنترنت كتلك التي تتعلق بالمدونات، ووفر الإنترنت أداة للتواصل والإرتباط بين مُنظمات المجتمع المدني المحلي والعالمي.[8]

 

6.      الفضاء الإلكتروني وظهور أشكال جديدة للمُعارضة والإحتجاج الاجتماعي:

 

أتاح الإعلام الجديد الفرصة أمام الجمهور للتعبير عن احتجاجهم ومُشاركتهم وضغطهم على النظام السياسي الحاكم مُستفيدين في ذلك من اتساع دائرة انتشار الفضاء الإلكتروني أمام الجمهور.

ويُعد الإحتجاج شكل من أشكال الضغط غير العنيف على المؤسسات الحكومية أو الرسمية وذلك لتحقيق مطالب مُعينة ويأتي هذا الضغط في شكل إضراب عن العمل أو وقفات احتجاجية أو أي مظاهر احتجاج يتم الإتفاق عليها، وجاء التزاوج ما بين الإحتجاج  كأداة للتعبير عن الرأي والإنترنت كوسيلة وأداة لاستخدام الفضاء الإلكتروني في التنظيم والحشد والتعبئة والتجنيد والتنسيق وشن حملات دعائية .

       ويأتي هذا في صورة تقديم المُساعدة في الشكل التنظيمي والدعائي للإحتجاج التقليدي أو في وجود احتجاج يأخذ طابعاً الكترونياً بحتاً أو وجود احتجاج يجمع كلا النمطين، وهناك من يحتج على بعض المواد المنشورة عبر الإنترنت والمُعادية وكذلك المُطالبة بتغيير أوضاع أو سياسات  أو احتجاج على اعتقالات أو أحداث بعينها. وظهر ذلك في تناول بعض القضايا ذات البعد الدولي مثل القيام بحملات الكترونية لمقاطعه المُنتجات الدنماركية أو الإحتجاج على مُمارسات إسرائيل في الأرض المُحتلة إلى الاهتمام بقضايا حياتية تُعبر عن معاناة المواطن كإرتفاع الأسعار وسياسات حكومية مُحددة.

       ويعمل الفضاء الإلكتروني كوسيط في إجراء الإتصالات بين مؤيدو الإضراب، وطرح إمكانية الإستفادة من خبرات شبابية على صلة بتكنولوجيا الإتصال والمعلومات، كما يتميز بدرجة عالية من المرونة والإنفتاح على الآخر، في إطار من الرغبة في تحقيق المنفعة العامة، ويُتيح الفرصة للتفاعل والإتصال المُستمر بين مُنظمو الإضراب بما ينعكس على تطوير إستراتيجيتهم، وأيضاً يتم توظيف الإنترنت في نشر المعرفة والوعي بالقضية محل الإحتجاج، وتوفير وسيط إعلامي سريع الإنتشار ورخيص التكلفة وفي متناول فئة عريضة من الشباب غير تشكيل مجموعات على موقع الفيس بوك أو المواقع الإجتماعية والمدونات ورسائل المحمول المجانية.

         وخاصة ما إذا تم النظر إلى تأثير نشر كليبات التعذيب وكيف آثرت على السياسات الحكومية في مصر بمُراجعه أساليب التحقيق ومُعاقبة المُتورطين في عمليات التعذيب وكذلك في الدور الذي قام بة المدونون في تنظيم احتجاج 6 إبريل والدعوة لإحتجاج 4 مايو 2008 حيث شهد المجموعة الداعية له على "الفايس بوك" ما يزيد على 70 ألف عضو، ولعبت تكنولوجيا الإتصال والمعلومات دوراً أخر في بورما خلال مظاهرات الإحتجاج في أغسطس - سبتمبر 2007 ضد النظام العسكري، كما ساعد استخدام الرسائل الهاتفية القصيرة في حشد المواطنين للإنطلاق في الإحتجاجات الجماهيرية، التي أدّت في عام 2001 إلى سقوط رئيس الجمهورية آنذاك "جوزيف إسترادا" في الفلبين. وكذلك الحال في ميانيمار حيث أظهرت القمع العسكري ضد الرُهبان فيما عُرف بمسيرة الرهبان البوذ دوراً في حشد المجتمع الدولي ضد الحكم العسكري بها. وما ظهر جلياً في الإنتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو 2009. وخاصة بما أتاحته الإنترنت ووسائل تكنولوجيا الإتصال والمعلومات من ظهور أساليب جديدة للمُعارضة والإحتجاج وحتى المُقاومة، ومن أهم صور الإحتجاج جمع التوقيعات الإلكترونية للمُطالبة بتغيير سياسات أو قرار أو إزالة صور تُعد مُسيئة أخلاقياُ أو دينياُ، والدخول إلى غُرف الدردشة والمُنتديات في الإنترنت للقيام بحوارات وتكوين رأي مُناصر أو مُناهض لقضية من القضايا؛ وتكوين التحالُفات السياسية في الإنترنت. 

          ويتم نشر أفكار الإضرابات أو الإعتصام بين أكبر عدد من مُستخدمي الإنترنت عن طريق المجموعات البريدية ورسائل المحمول، ومُهاجمة المواقع الحكومية الإلكترونية أو مواقع الخصوم والقرصنة وسرقة المعلومات ونشر الفيروسات وغيرها، إرسال كم كبير من الرسائل الإحتجاجية لكافه الأطراف المعنية بصورة ضاغطة ومُزعجة عن طريق البريد الإلكتروني، وإنشاء مواقع انترنت لنشر الأفكار والرؤى الخاصة بالموقف الإحتجاجي للحصول على تأييد الرأي العام وتجنيد المواليين والداعمين لفكرة الإحتجاج من جماعات المصالح المُختلفة([9]).

 

سابعاً : التجمعات الإلكترونية وبروز نمط جديد من الحركات الاجتماعية: 

 

1-       الفضاء الإلكتروني وبناء رأس المال الإجتماعي:

              لقد أدت الثورة التكنولوجية إلى تنشيط المُجتمعات المحلية وزيادة الروابط بين الأفراد والمُجتمع حيث زيادة الحالة التفاعلية بين الأفراد سواء أكان في شكل فردي أو في شكل تنظيمات سياسية وحركات اجتماعية والتي تدعو إلى الحُكم الديمقراطي والعمل على بناء هويات محلية فاعلة تسعى لأن يكون لها دور في اللعبة السياسية مع زيادة الوعي بالهويات المحلية وأهمية دورها في العملية السياسية، وجعلت بوابات الإنترنت التي تُساهم في تقديم الخدمات الحكومية العامة على التواصل المحلي مع المواطنين دون وسطاء حكوميين بما أدى إلى الوصول إلى درجة عالية من الرضاء عن أداء الحكومة والقدرة على تقييمها.

كما استغل صُناعي القرار ما أتاحتة الثورة التكنولوجية من فعاليات للحوار مع أعضاء الحكومة السياسيين أو مع القاعدة الحزبية أو الجماهيرية، بما يُساعد على الإرتباط القوى مع المجتمعات المحلية وتشجيع دورها في صنع القرار بالإضافة إلى دور المجتمع المدني والحكومة اللامركزية. وامتد تأثير الفضاء الإلكتروني للمُساهمة في بناء رأس المال الاجتماعي للديمقراطية المحلية وذلك من خلال تنشيط المجتمعات المحلية وزيادة الروابط بين الأفراد والمجتمع حيث زيادة الحالة التفاعلية بين الأفراد سواء أكان في شكل فردي أو في شكل تنظيمات سياسية وحركات اجتماعية التي تدعو إلى الحكم الديمقراطي، والعمل على بناء هويات محلية فاعلة تسعى لأن يكون لها دور في اللعبة السياسية مع زيادة الوعي بالهويات المحلية وأهمية دورها في العملية السياسية، وإعادة تشكيل القوة والثروة بين أطراف المجتمع وبين غيرها من المُجتمعات.

 

2- الحركات الإجتماعية والتجمعات الإلكترونية:

       يتم النظر إلى "الحركات الإجتماعية" بوجه عام على أنها ردود أفعال لتغييرات بنائية في المجتمع ومن ثم فإنها مُرتبطة بتحولات الإقتصاد والسكان والتكنولوجيا وبنية النظام السياسي ذاته، وأنها سواء أكانت عُنصر هدم أم بناء داخل المجتمع أو دورها الوظيفي فهي في جميع الحالات نتاج اختلالات اجتماعية داخل النظام، وتُعرف الموسوعه السياسية "الحركة" على أنها التيار العام الذي يدفع طبقة من طبقات أو فئات اجتماعية مُعينه إلى تنظيم صفوفها بهدف القيام بعمل موحد لتحسين حالتها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو تحسُنها جميعاً.

         وتُعرف موسوعه علم الاجتماع الحركات الاجتماعية "على أنه الجهود المُنظمه التي يبذُلها عدد من الناس المؤثرين وتهدف إلى تغيير أو مُقاومة تغيير جانب سلبي أو أكثر في المجتمع"، كما أنها جُهد مُتصل لجماعه كبيرة نسبياً من الناس يستهدف إحداث التغيير الإجتماعي بدرجات مُختلفة – بأسلوب عنيف أو سلمي- يُنجم عن حدوث خلل في البناء الإجتماعي والنظام السياسي ونمط القيم الثقافية ويتوافر فية قدر من الوعي بضرورة التغيير ومضمونه ويتسم بخليط من التنظيم والعفوية وسريع الانتشار والتغلغل خاصة بين عامه الناس.

         وتتميز الحركات الاجتماعية الجديدة بأنها بعيدة عن التحديد في إطار طبقة مُعينة وأنها تتبنى هويات مُتنوعه وتكون أهدافها ثقافية بالأساس وتعتمد على التنظيم الرسمي غير الرخو وتتميز بوعي مُرتفع وهي تهتم بتوسيع المُجتمع المدني والإستقلالية وهي اجتماعية وليست سياسية بشكل مُباشر، وتسعى تلك الحركات لكى تكون مزجاً بين مُختلف جوانب الحياه الاجتماعية وتوسيع دائرة النشاط السياسي وتقوم الحركات الاجماعية الجديدة بالربط ما بين القضايا الخاصة والعامة، ولا تسعى الحركات الاجتماعية إلى امتلاك مؤسسات السُلطة ولا تزاحُم الأحزاب السياسية بل أنها تأمل في ترسيخ نمط فعال من المُشاركة الاجتماعية، والتي قد تتحول إلى حزب سياسي.

ويُعد التغيير الاجتماعي، عملية تحول بالطريقة التي يُنظم فيها ‏المجتمع، وداخل المؤسسات، وفي توزيع السُلطة داخل مُختلف المؤسسات الاجتماعية والسياسية. ‏ومن أجل تغيير السلوكيات على نطاق واسع، يجب مُراعاة بعض المُمارسات الثقافية الضارة ‏والمعايير الاجتماعية والتباينات الهيكلية، لذلك تنحو نهج التغير الاجتماعي إلى التركيز على ‏المجتمع المحلي كوحدة للتغيير.‏ والذي تلعب به وسائل الاتصال والإعلام الجديد دورعوامل التغيير Agents of Change حيث تعمل من خلال إحداث أبعاد اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية. وتحريك العلاقات على مستوى  الأفراد والأنساق الاجتماعية ورصد الأبعاد التنموية لتكنولوجيا الاتصال وذلك لاحتوائها على مُعطيات تُفسر تطور المجتمع بإتجاه المعلوماتية ورصد ملامح التغير الاجتماعي فى المُجتمع المعلوماتي.

 

3- ظهور التجمعات الالكترونية ذات الطابع الاجتماعي:[10]

 

      لقد ساهمت شبكة الإنترنت في إيجاد إطار جديد للعلاقات الاجتماعية عابرة للحدود حيث أحدث ذلك تغييراً في الجماعه الاجتماعية التي تُعد مجموعه من الأفراد يجمع بينهم قيم مُشتركة وشعور بالإنتماء ويدينون بالولاء لقيم وتقاليد مُشتركة، وجعل الإنترنت من السهولة في انشاء تجمعات اجتماعية تتجاوز القيم والمكان ليكون الأساس المُشترك بين جماعات مُشكلة عبر الفضاء الإلكتروني هو الاهتمام المُشترك أو الموقف من قضية ما وبما خلق ما يُمكن أن يُسمى بالجماعات الإلكترونية، والتي تُعبر عن شكل جديد من أشكال التفاعل الإنساني بين العديد من الأفراد في مُختلف الدول وينتمون إلى هويات مُختلفة ويتواصلون فيما بينهم من خلال الإتصال بالإنترنت واستخدام كافة أدوات الرأي والتعبير والإتصال، والتي ساعدت على نقل حركة التفاعلات الاجتماعية على أرض الواقع وجعلت من تلك التفاعلات حدثاً إعلامياً يُمكن أن ينتشر عبر وسائل الإعلام ليُصبح حدثاً عالمياً بما جعل من قضايا محلية تأخد بعداً دولياً.

    وتتم التفاعلات داخل التجمعات الإلكترونيه عن اتصال الكتروني تفاعلي ومتواصل ويضُم أفراد مُتنوعين يشتركون في نفس الأفكار والأنشطة وهناك إتاحة لمن يُريد المُشاركة. وساهم الإنترنت في تشكيل وعي الفئات الاجتماعية التي تتفاعل بداخلها وتلعب دوراً حيوياً في تكامل منظومة القيم الثقافية وظهر ذلك في بروز الطابع الإلكتروني للثقافة والتي تحولت بدورها إلى رموز داخل الفضاء الإلكتروني.

وهذا ما جعل جماعات الإنترنت لها إطار جديد من التفاعلات الاجتماعية ذات الطابع الدولي وذلك بخروجها من طبيعة الجماعات الاجتماعية التقليدية، وساهمت عده عوامل في تعظيم ذلك التحول كالإنتشار الواسع لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات عالمياً وزيادة حجم المُستخدمين وبروز العالم كما لو كان قرية صغرة وبرزت القضايا الدولية بشكل أكثر الحاحاً فيما يتعلق بالأمن الانساني.

وتتميز التجمعات الإلكترونية إلى أنها تجمُعات اجتماعية لا ترتبط بمكان مُحدد ويكون بين تلك التجمعات وسائل للإتصال والتواصل عبر الفضاء الإلكتروني، ويكون لدى هذه التجمعات أهداف مُشتركة أو اهتمامات مُتشابهه ويكون هناك حُرية في الإنضمام إلى هذه التجمعات أو الخروج منها أو تجميد الإنضمام.

وظهر التجمع الإلكتروني كتعبير عن حجم التفاعلات التي تحدُث داخل الفضاء الإلكتروني عبر مستويات اجتماعية واقتصادية وجغرافية مُختلفة.

  وظهرت ثقافة الكترونية تتميز بأنها تتركز على المعرفة الجديدة وأهمية المعلومات، وتتميز بأن لها معايير أخلاقية جديدة ومؤسسات ثقافية وتعتمد على الابداع والابتكار وظهور اعلام جديد وعلاقات اجتماعية جديدة وموازين للقوة جديدة وآليات مُتعددة.

 ومع بروز تلك التجمعات الإلكترونيه ظهر الفاعلين داخل تلك التجمعات فيما يُطلق علية نشطاء الإنترنت وهم الأفراد الذين لديهم مُشاركات الكترونية نشطة على مستويات مُتعددة، وهم الأشخاص الذين يبدون أكثر ميلاً من غيرهم في نتاج مُبادرات ذات صلة بما يجري من حولهم من تفاعلات في كافة مناحي الحياه أو بعض منها وما يتصل بها من قضايا ذات صلة بمُجتمعهم أو وطنهم تجاه العالم وقد تكون تلك المبادرات قولية أو عملية وترتبط بالواقع وتتحرك الكترونياً عبر الفضاء الإلكتروني.

   واكتسب ذلك أهميته من حالة التفكك التي تُعانيها بعض المُجتمعات نتيجة بعض المُشكلات ومع حالة العجز التي تُعانيها مؤسسات الدولة في مواكبة المطالب المُتزايدة لمواطنيها مع حالة الإنفتاح بين ما هو محلي وما هو عالمي وما هو مُمكن تحقيقة وما لا يُمكن تحقيقه.

   تُمثل مواقع الشبكات الاجتماعية امتداداً طبيعياً للعلاقات الاجتماعية الحقيقية، حيث أنها تربُط شبكات الأفراد الذين قد لا يتشاركون المكان نفسه، ومن هنا يُمكن تعريف مواقع الشبكات الاجتماعية على أنها : "خدمات توجد على شبكة الويب Web-Based Services تُتيح للأفراد بناء بيانات شخصية Profile عامة أو شبه عامة خلال نظام مُحدد، ويُمكنهم وضع قائمة لمن يرغبون في مُشاركتهم الاتصال ورؤية قوائمهم أيضاً للذين يتصلون بهم، وتلك القوائم التي يصنعها الآخرون خلال النظام".

    وتمكنت تلك المواقع من الخروج من مكان جغرافي مُحدد إلى تعدي الإقليم والعالم مثل "فيس بوك" مرتبط بالولايات المتحدة الأمريكية، و"أوركوت" بالهند، و"ميكس" باليابان، و"لونارستورم" LunarStorm بالسويد، و"بيبو" Bebo بالمملكة المتحدة، و"فريندستر" بجنوب شرق آسيا، و"هاي فايف" بالبرتغال وأمريكا اللاتينية، و"ساي وورلد"Say world  بكوريا ودفعت عملية الاستخدام المُتزايد والمُتسارع لمواقع الشبكات الاجتماعية في مناطق العالم المُختلفة عملية التأثير على  القيم والمُمارسات داخل كل مجتمع وعلى المستوى الدول ككل وذلك عن طريق تأثير الإعلام والاتصال في التغيير.

      وبروز سلوكيات ترتبط ببيئة الاستخدام لهذه الشبكات في أثناء وجودهم وبما يخلق مجال للتفاعل وأدوات ووسائل جديدة للتعبير وخاصة مع ما تتميز بة من حرية وكسر الحواجز وعدم كشف الهوية، وأصبحت تلك الأدوات يتم استخدامها إما لتعريف الذات أو التعبير عنها والاتصال مع غيرها بإنشاء روابط اتصالية. وساعدت تطبيقات الشبكات الاجتماعية على الإنترنت امكانية توافر المعلومات والبيانات عن الأشخاص والبلدان والمواقع التي يُمكن على أساسها خلق شبكة تفاعُل بين كافة المُستخدمين، وتتوقف قوة الشبكة على طبيعة التفاعل أو الصلة أو التبادُل وقوة الراوبط بين الأفراد وحجم الشبكات والإنتشار. [11]

 

 

ثامناً: الحملات الإلكترونية والتأثير في الرأي العام:

1- ماهية الحملة الالكترونية

كشف الفضاء الإلكتروني عن المجموعات والأفراد الأكثر تأثراً بغيرهم وهم ما نُطلق عليهم "قادة الرأي" لأنهم القادة الاجتماعيون وفي أيديهم السيطرة على وجهات النظر السائدة في المجتمع تجاه قضية، وهم الذين يستوعبون المادة الإعلامية بشكل أسرع من غيرهم ويستجيبون قبل الآخرين لتبني الأفكار المُستحدثة، وتلعب الحملات والتي تكاد تكون أقرب إلى عمل جماعي يهدف لتحسين الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية والعمل على تغييرها، وخاصة من الأفراد المُهشمين الذين يستخدمونها للتعبير عن حياتهم اليومية بعيداً عن الصراع القائم داخل المؤسسات الرسمية الحكومية.

       وتُعد الحملات الإلكترونية "عمل فردي أو شبه فردي يتحول إلى عمل جماعي "تطوعي" مُنظم يستهدف أحداث التغيير الإجتماعي والثقافي والسياسي داخل المجتمع عن طريق استخدام الفضاء الإلكتروني كوسيط لحجم التفاعلات أو المزج بينه وبين فاعليات على أرض الواقع "وقد تكون الحملة مجرد رد فعل سُرعان ما ينتهي وقد تتحول الحملة إلى حركة عن طريق قُدرتها على الاستمرار وما ترتبط بة من قضية ذات أبعاد مُختلفة. وكذلك حجم التأييد من جانب المجتمع ومؤسساته المعنية.

 وتتنوع الحملات الإلكترونية ما بين حملة يتم شنها من الفضاء الإلكتروني وتنتقل إلى التأثير على أرض الواقع، وحملة أخرى تنتقل من أرض الواقع سواء أكانت في شكل أحداث أو وقائع إلى الإنتشار عبر الفضاء الإلكتروني وهناك نوع ثالث يتم شن الحملة داخل الفضاء الإلكتروني بين مُستخدمية فقط. ويُمكن القول أن الحملات الإلكترونية التي تم شنها تراوحت ما بين الإهتمام بالشأن المحلي إلى الاهتمام بقضايا دولية وذلك من حيث درجه الإهتمام أما من ناحية الإستمرارية فهناك حملات تميزت بأنها كانت رد فعل وقتي، وهناك حملات تطورت من مجرد رد الفعل إلى تطوير طريقة عملها وإطالة عُمرها.

أما من حيث القائمين عليها فيقوم بها مدونون ونشطاء الإنترنت، وغير مُنتمين إلى حزب سياسي في أغلبهم والتي قد ينضم إليهم حركات وتيارات سياسية مُعارضة أمثال حركة كفاية أو الإخوان المُسلمين أو أحزاب التجمع والوفد. وكشف ذلك ضعف الأحزاب السياسية في التعبير عن رؤيتها وفشلها في جذب الشباب والتأثير في الرأي العام، أما من حيث القضايا فهناك حملات عبر الفضاء الإلكتروني اهتمت بقضية محلية خالصة وهناك من الحملات من اهتم بقضايا دولية فقط والتي ارتبطت بحملة مُقاطعه البضائع الغربية.

  وتم تشكيل مجموعات افتراضية شبيه بالأحزاب السياسية، وتُساهم كجماعه ضغط الكتروني تؤثر على القرارات السياسية للحكومات وتؤثر في عملية صُنع قرارات السياسة العامة، وأدى إلى تطوير أساليب العمل الاجتماعي في إطار تحول الإنترنت إلى وسيلة إعلام دولية. مع اندماج كل من أنواع الإعلام التقليدية مثل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي داخل الإنترنت.

 

2-                                         اهداف الحملات الإلكترونية

تهدف الحملات الالكترونية إلى التعبير عن رأي أو موقف لا يُمكن التعبير عنه على الواقع، والتأثير على الرأي العام وأفكار الناس وآرائهم في قضية مُعينة، وتحريك الطاقات والقدرات الشعبية على الإنترنت واستغلالها لأهداف مُحددة. وإيصال الرأي أو الموقف إلى جهات مُحايدة (أو حتى معادية) لا يُمكن الوصول لها من خلال الواقع ولا يتم الوصول لها إلا بهذه الأساليب.

    وتنطلق  الحملة الإلكترونية عبر أرضية تتكون من عمل الفرق والمسئولين، ونقطة تواصل وتشاور فيما بينهم لتنفيذ مهام الحملة بالإضافة إلى خلق شبكة من المؤيدين لتلك الحملة سواء بين مُستخدمي الإنترنت أو تحقيق التفاعُل مع غيرهم من الجمهور ويكون هدف الحملة استهداف الشباب بإعتبار أنهم الفئة الأكثر التصاقاً بإستخدام تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والاكثر قابلية على النشاط والحركة وخاصة بين طلبة الجامعات ولا ضير من جذب بعض رموز المجتمع أو مشاهيرُه للحملة بما يُحقق الإنتشار، ويتم اطلاق الحملة سواء عبر موقع إنترنت أو مُنتدى حواري أو مجموعة نقاش خاصة، أو عن طريق توزيع المُلصقات والشعار الخاص بالحملة، وأهدافها ونظراً إلى طبيعه الحملة غير الربحية فإنها تعتمد على الجهد التطوعي من جانب مؤيدي ومُناصري الحملة.[12]

 3- صور وأشكال الإحتجاج وشن الحملات عبر الفضاء الإلكتروني: 

· جمع التوقيعات الإلكترونيه للمُطالبة بتغيير سياسات أو قرارت أو إزالة صور تُعد مُسيئة أخلاقياً أو دينياً. 

· الدخول إلى غُرف الدردشة والمنتديات في الإنترنت للقيام بحوارات وتكوين رأي مُناصر أو مُناهض لقضية من القضايا؛ وتكوين التحالُفات السياسية في الإنترنت.

·  كما يتم نشر أفكار الإضرابات أو الإعتصامات بين أكبر عدد من مُستخدمي الإنترنت عن طريق المجموعات البريدية ورسائل المحمول.

· مهاجمة المواقع الحكومية الإلكترونية أو مواقع الخصوم والقرصنة وسرقة المعلومات ونشر الفيروسات وغيرها.[13]

·  إرسال كم كبير من الرسائل الإحتجاجية لكافة الأطراف المعنية بصورة ضاغطة ومزعجة عن طريق البريد الإلكتروني.

· انشاء مواقع انترنت لنشر الأفكار والرؤى الخاصة بالموقف الإحتجاجي للحصول على تأييد الرأي العام وتجنيد المواليين والداعمين لفكرة الإحتجاج من جماعات المصالح المُختلفة.  

. تأسيس مجموعات على مواقع الشبكات الاجتماعية وجذب الأعضاء إليها كمواقع الفيس بوك، وتويتر، وغيرها لخلق شبكة من الاتصال والتواصل بين المجموعه وخارجها. 

4- عناصر نجاح الحملات الالكترونية :

·       درجة ارتباط أعضاء الحملة بعضهم البعض من خلال استخدام كافة الوسائط المُمكنة لدعم التفاعل بين المجموعه من جانب وبينها وبين المجتمع والرأي العام من جانب آخر.

·       عدد الأفراد المُشاركين في الحملة الذين يُمثلو قدرة على جذب الآخرين وفي نفس الوقت لديهم درجة عالية من الانسجام الداخلي.

·       درجة التفاعل بين الحملة والرأي العام فكلما كانت درجة التفاعل عالية كلما زاد عمر الحملة ودرجة تأثيرها ونجاحها.

·       الادراة الجيدة للحملة فيما يتعلق بإختيار الشعار وطبيعه الاتصالات والمعلومات والعلاقة مع الصحف ووسائل الإعلام الأخرى.

·       قُدرة الحملة من الإنتقال من الطابع الإلكتروني من خلال التجمعات الإلكترونية إلى ترجمة ذلك على أرض الواقع في شكل تفاعُلات يحس بها من لا يتعامل مع الإنترنت أو من لا ينضم إلى تلك الحملة.

·       قدرة الحملة على نسج علاقات جيدة من المؤسسات ذات الصلة وخاصة مؤسسات المجتمع المدني وأجهزة الدولة المعنية.   

·       يتوقف نجاح الحملة على تحديد أهداف الحملة وإطارها الزمني و توزيع المهام بشكل دقيق ومحدد بين جميع الفرق والمسئولين بالاضافة الى  الفريق الفني والطابع الاعلامي للحملة  من خلال تصميم الشعار، والاستعانه  بالمنتديات والقوائم البريدية من أجل نشر موضوع وفكرة الحملة وأنشطتها وبياناتها .

 

5- دور الحملات الالكترونية في التغيير داخل المجتمع[14]

 

·       . ان الحملات الإلكترونية لا ينبغي أن تُقاس بمدي نجاحها أو عدد المُوقعين أو المُشاركين فيها ولكن بقدرتها على توصيل الإحتجاج إلي المسئولين والتعبير عن الجماهير وحقوقها وحرياتها المُنتقصة أو المُعتدي عليها.

·       ان الرد الحقيقي على الإحتجاجات يجب أن يأتي في شكل مواجهه بأفكار مُضادة في ظل حرية التعبير والرأي بدلاً من استخدام الترهيب والعنف.

·       ان الإحتجاجات بطبيعتها تأتي تعبيراً عن واقع اجتماعي ومُشكلات اقتصادية

·       ان الإحتجاج الإلكتروني يُعبر عن ظهور قوى جديدة فاعلة في الحياه السياسية، يُمكن الاستفاده منهم بعيداً عن اتهامهم بنشر الشائعات أو الفوضي، وذلك لاعتمادهم على آليات عمل مُختلفة تُشكل لها مصادر قوه جديدة، تشكل دورها المُستمر في طرق التأثير وتعبئة الرأى العام.

·       ان الحملات الإلكترونية والفاعلين بها تعبير عن واقعهم الاجتماعي الذي يِعيشون فيه وكنتيجة لما آلت الثورة التكنولوجية والاتصالية وكإضافة جديده لنشاط الحركات الاجتماعية وتغيُر في طبيعتها، وكونهم فئة عُمرية أغلبها من الشباب يُعاني من مشكلات ويملك  طموحات.

·       ويمتلك الفاعلون في الحملات الإلكترونية  القدرة على مُخاطبة الرأي العام وصوغ أهدافه والتلاحم مع مشاكلة بدرجة أكبر وأسرع من المؤسسات التقليدية، وأصبحت تعبيراً في ذات الوقت عن مُفارقة هامه مؤداها تزايُد دور أدوات الرأي والتعبير عبر الإنترنت مع حالة الحراك الاجتماعي والسياسي.  

·       تُعبر الحملات الإلكترونية عن دور الإعلام الجديد والاتصالات في دفع عملية التنمية الشاملة، والذي قد يتم عن طريق التغيير السلوكي والاجتماعي وهو ما يتطلب استراتيجيات مُختلفة ومجموعات فريدة من المهارات‏، والقنوات الجماعية ووسائط الإعلام  والطرق القائمة على المُشاركة، وخاصة مع دور الفرد المركزي في دعم ‏استراتيجيات تغيير السلوك. ‏

تاسعاً: دور الفضاء الإلكتروني بين صُنع السلام وبث الكراهية الدينية :

   كانت العلاقة بين الفضاء الإلكتروني ودرجات التأثير في الرأي العام العالمي عبر ما يتم بثة من مواد اعلامية قادرة على الانتشار والتمدد وحسن الرسالة الإعلامية من خلال تنوعها بين الصوت والصورة والنص إلى المزيد من الجذب والتأثير، وهذا ما أضاف أبعاد جديدة لتأثير الصورة على التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الدول حيث بات يُطلق على عصر المعلومات عصر الصورة وما تحملة من رموز ودلائل ثقافية مُعينة، وكان من أبرز تلك النماذج نشر كليب اعدام الرئيس الراحل صدام حسين عشية عيد الأضحى المُبارك عام 2006  ولم يُنشر ذلك على واقعة الاعدام فقط بل تم نقل ردود أفعال حول الواقعه بما آثار استياء غالبية المُسلمين السنه من جانب ومن جانب آخر آثار الاستياء من الولايات المتحدة الأمريكية واحتلالها للعراق وهذا ما دفع إلى قيام المزيد من المُظاهرات داخل العالم الاسلامي احتجاجاً على وقائع الاعدام وما تم بها من اهانه الرئيس الراحل وعلى توقيت الاعدام في حد ذاته.

      وكان هناك حادثة آخرى هي نشر 12 رسم كاركاتير مُسيئ للنبي محمد (ص) في جريدة محلية دنماركية والتي تم نشرها من خلال موقعها على الإنترنت وتبادلها بين العديد من المُستخدمين بما جعل تلك الرسوم قضية دولية تؤثر في الرأي العام داخل العالم الإسلامي حيث نتج عن نشر تلك الرسوم وتبادُلها إلى حدوث اعمال شغب في الشرق الاوسط وافريقيا والعالم الاسلامي بما ادى الى حرق السفارات ومقطاعه البضائع الدنماركية واستدعاء الدول لسفرائها من الدنمارك وقد تم قتل 200 شخص في هذه الاحداث ،هذا فضلا عن العديد الاحداث مثل الاعصار البحري الذي ضرب جنوب شرق اسيا المعروف بتسونامي والذي شهد حالة من التعاطف الدولي وكذلك ما يحدث في الزلازل والبراكين[15]

1-         الفضاء الإلكتروني وبث الكراهية الدينية

    وتكمُن أهم مُسببات زرع الكراهية حين يُصبح الفضاء الإلكتروني واستخدام مواقع الإنترنت المُعبرة عن كافة الأديان والثقافات والتي يُمكن أن يُساهم في انتاجها أناس يحملون رؤى مُتطرفة أو أنها على غير وعي أو سطحية المعرفة مع حرية استخدام تلك المواقع، حيث يتم ابراز كل دين وتاريخة وأتباعه والتشكيك في الأديان الأخرى وتم توظيف كافة الأدوات والوسائل التكنولوجية من خلال النص والصوت والصورة للتأثير على الجمهور حيث يسود في تلك المواقع احتكار الحقيقة المُطلقة، ويكون الفضاء الإلكتروني مرتعاً للإنتقام من المُختلف الديني والتي تنبع من ظلم اجتماعي وسياسي وكأداة للحرب النفسية.

   وهناك أسباب تتعلق بخصائص وذاتية الفضاء الإلكتروني وما يوفره من ميزة نسبية عن الوسائل التقليدية سواء في الانتشار، وقدرتة على صياغة الرسالة وجودتها وكمصدر للأخبار تعتمد علية الصحُف التقليدية الورقية، وجاء ذلك مع حدوث عمليات تشابُك للعامل الثقافي مع احتقانات داخلية تأخذ شكل تباينات اقتصادية وعرقية أو أثنية خاصة في الدول الضعيفة في بنائها القومي، ومُحاولة الاستغلال السياسي للدين، وخاصة من قبل اليمين المُتطرف في أوروبا لإثاره التمييز ضد الأقلية العربية والإسلامية أو تغليب العامل الأمني على السياسي الذي يستغل الدين في التعبئة والحشد كحالة المُحافظين الجُدد في الولايات المتحدة، وهناك عامل يتعلق بأهمية وتصاعد دور الدين في العلاقات الدولية وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وزيادة انتشار تكنولوجيا المعلومات بمُعدلات مُتسارعه والتي دفعت إلى الإحساس المُتزايد بالأنا مقابل مُحاولة الأخر فرض قيمه ومُعتقداته حيث كشفت عن الانتماءات الأولية والهويات التي كانت تُعتبر سرية من قبل.[16]

   وأثرالفضاء الإلكتروني في القيم والأفكار والإتجاهات والسلوك والمعرفة لأفراد المجتمع، وظهر دور العامل الثقافي مع وجود توترات اجتماعية بما أثر في النخب والجماعات والأفراد الذين يُساهمون في صنع السياسة العالمية، والتفاعل بين كافة التيارات السياسية سواء أكانت شرعية أو غير المُعترف بها، ووجود استقطاب فكري بسعى كل جماعة فكرية للحفاظ على ما تراه موضع قدم في مُستقبل جديد فهو صراع حول رؤية المستقبل.

   يشهد الفضاء الإلكتروني عمليات الدمج مع الثقافات المُختلفة وتحولها لصور رمزية سريعة الانتشار والتحرُك والتفاعل مع الآخرين، وإنتاج وإدارة وتوزيع العملية الثقافية في العالم وظهر الدين كأحد مكونات تلك العملية لتدفع الأفراد للتعرُف على أوجه عديدة للإنسانية ومُتمايزة عن نظرتهم الأحادية، وبشكل يتم فيه التفاعل إلى حد الصدام ما بين التقليدية والقيم المحلية وما يفرضه الفضاء الإلكتروني من تحد لتلك القيم والجماعات التي تُدافع عنها في صورتها التقليدية.

   ويأتي هذا مع تراجع الإعلام الجماهيري للصالح الإلكتروني حيث لا سيادة للدولة علية وقدرته على الانتشار وقدرته الفائقة على تضخيم جزئيات إعلامياً بعيداً عن أهميتها النسبية عبر مواقع الإنترنت، والتي انصب جزء منها على بث الكراهية الدينية مع المُختلف الديني. وأصبح الإنترنت ظاهرة مركزية في عالم الحداثة وما بعدها والتي تتفاعل مع التقاليد الدينية للجماعات الأصولية في ظل  مخاطر صراع حضاري يتم تغليفه بطابع ديني مما يُضفي على الصراع عُمقه وطول أمدة وتوالي خسائره.

  وادى الاعلام الالكتروني لتقسيم الجمهور لفئات ومجموعات صغيرة، وبدأ هذا التنوع يزيد بدوره من التشتُت الثقافي والتمحور حول موضوعات مُحددة، وفُقدان التماثُل الثقافي الذي ميز المجتمعات القومية. وتحول الإعلام الجماهيري إلى إعلام فئوي يُستخدم لإذكاء الصراعات العنصرية وتنمية اتجاهات الكره لدى الكثير من الفئات المُناهضة لفئات أخرى، وأصبحت هذه السمات تتمتع بحضور دائم لمنظومة الإعلام الإلكتروني ووسائله في نطاق تطور تقنيات المعلومات المُعاصرة، وزحزحة قوة الدولة القومية وركائزها لصالح فئات وجماعات كفاعلين من غير الدول، وأخذت التكنولوجيا مكانها ضمن سياقات مجتمعية تملُك خصوصيات تاريخية لكنها تندرج في الوقت نفسه ضمن الحراك الاجتماعي العالمي.

    ويتميز الإعلام الإلكتروني برُخص الأداة، وضعف الرقابة وتنوع وسائلة وانتشاره وتخطيه للحدود وقدرة أي فرد على التأثير فيه، وشكل نوعاً اجتماعياً جديداً من التواصل وهو كثيف دون شك لكنة صادر ومُتلقي ومحسوس من قبل كل فرد على حده، وتم تملُكه في إنحاء العالم كافة من قبل كل الحركات الاجتماعية للتأثير على وسائل الإعلام الكبرى والتحكم في المعلومات وتكذيبها إذا لزم الأمر أو حتى إنتاجها وقد تم تملُكه في أنحاء العالم كافة من قبل كل الحركات الاجتماعية، لكنها ليست أبداً الوحيدة التي تستخدم آلية التحريك والتنظيم الجديدة وأصبحت الحركات الاجتماعية وكذلك الأفراد قادرين على التأثير على وسائل الإعلام الكبرى والتحكم في المعلومات وتكذيبها إذا لزم الأمر أو حتى إنتاجها.

   ويأتي هذا مع الإرتباط المُتزايد بين مُعتنقي الأديان واستخدام الفضاء الإلكتروني إما للتعبير عن هويتها أو مُحاولة توظيفه في معارك مع مُعتنقي الأديان الأخري،‏ ويأتي هذا مع بروز عدد من العوامل علي الساحة الدولية‏،‏ منها بروز دور الدين في العلاقات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة‏،‏ وتطور هذا الدور بعد أحداث‏11‏ سبتمبر‏2001‏ في ضوء ما شهده العالم خلال العقد الأخير من تطور مُذهل في وسائل الإتصال والمعلومات وانتشارها عالمياً‏.‏ لقد بات الفضاء الإلكتروني وسيلة اعلام دولية الطابع سواء ما يتعلق بالمُستخدم أو المُتلقي أو ما يتعلق بدولية التأثير‏،‏ وذلك بعد أن وصل إلي مئات الملايين من المواقع وما يزيد علي ‏3‏ مليارات مُستخدم‏،‏ وكلما تمددت شبكات الاتصال والمعلومات عالميا‏ً كلما زاد عدد المُستخدمين أيضاً وهكذا يشهد الفضاء الإلكتروني حجماً هائلاً من التفاعلات بين المستويين المحلي والدولي‏،‏ وهو ما يُساعد علي انتقال الأفكار والقيم بحرية في أرجاء العالم وتتنوع تلك الأفكار ما بين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية غير أن النتائج ترصُد أن الحوار بين مُعتنقي الأديان عبر الفضاء الإلكتروني له جوانب سلبية عديدة‏‏ تمثلت في استخدام الجماعات الأصولية الدينية مواقع الإنترنت لبث الكراهية والعُنصرية ضد المُختلف الديني‏،‏ التي ما تلبُث إلا أن تتمحور وتظهر في شكل توظيف سياسي للدين‏،‏ والإتجاه إلي العنف كوسيلة للتغيير‏‏ أو ما يتعلق بالتأثير علي وحدة المُجتمعات المحلية من خلال التنوع الذي عمل بدوره علي زيادة التشتت الثقافي‏‏ وتحولت شبكة الإنترنت جزئياً إلي اعلام فئوي يُستخدم لإذكاء الصراعات وتنمية اتجاهات الكره‏‏ فضلاً عن التأثير علي احتكار الدولة الرسمي لوسائل الإعلام وقدرتها علي التعبئة والتأثير‏.

 

2- الفضاء الإلكتروني وصنع السلام وحوار الحضارات  


   لم تقف المظاهر السلبية لاستخدام الفضاء الإلكتروني حائلاً دون إتاحة الفُرصة أمام المجتمع الدولي لقطف ثمار تلك الثورة التكنولوجية علي كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأيضاً علي مستوي حوار الأديان أو الحضارات أو علي الأقل العمل علي اذكاء الحوار بين مُختلفي المصالح والقيم والإتجاهات‏،‏ وذلك كنتيجة لإنفتاح العالم علي أجزائه ومكوناته‏ والدور الفاعل والمؤثر للفضاء الإلكتروني في عملية انتاج وإدارة وتوزيع العملية الثقافية في العالم‏،‏ وهو ما وفر للأفراد في كل المجتمعات فُرص التعرف علي أوجه عديدة للإنسانية ومُتمايزة عن نظرتهم الأُحادية‏،‏ ومن ثم ظهر التفاعل ما بين القيم المحلية وبما يحمله الفضاء الإلكتروني من تحد لها‏‏ ومثل ذلك في الوقت نفسه مجالاً خصباً لتلاقُح الأفكار وإمكان صياغة فكر انساني مُشترك‏.‏

وهكذا تبلور أكثر دور الفضاء الإلكتروني في توجيه الاهتمام بقضايا عالمية‏،‏ وإبراز عواقب الصراع علي البشرية‏‏ الأمر الذي فرض الحاجة لزيادة الاهتمام بالسلام ومُعالجة أية خلافات عن طريق الحوار والتفاوض بدلاً من استخدام العنف والحرب‏‏ وأصبح المجتمع الدولي ليس فقط مدفوعاً بدور الدول الراعية للسلام بل أيضاً بدور الفاعلين الجُدد من غير الدول الذين يدعون للسلام‏ وأصبح بمقدرة الأفراد التحاور مُباشرة مع غيرهم خارج حدود الدول التي ينتمون إليها‏،‏ وذلك بالاعتماد علي الشبكات الاتصالية الدولية وانشاء التجمعات الإلكترونية واستخدام أدوات الرأي والتعبير المُختلفة عبر الإنترنت‏، وأصبح التفاعل يُمكن أن يتم علي مستويات محلية بين الدول دون المرور بالضرورة عبر مؤسسات الدولة الرسمية أو حتي عبر المؤسسات الدولية الوسيطة‏.

   وساعد الفضاء الإلكتروني في منع وتسوية الصراع والمصالحة أو حتي إدارة الأزمة‏‏، ودعم أيضا القدرة علي إقامة تحالُفات جديدة في صورة شبكات الكترونية بين الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص وحشد الرأي العام الدولي والتنسيق الفعال مع تجاوز الحدود المكانية والهياكل البيروقراطية‏‏ وأصبح لذلك تأثير علي التنظيم الاجتماعي والتفاهُم الدولي المُشترك‏‏ وعلي تسهيل عملية اندماج المُجتمعات المحلية في السياسة العالمية بعد أن أصبح العالم أكثر قُرباً من بعضه البعض‏‏ فما يحدُث في أي دولة يُمكن معرفته في دولة أخري‏‏ وهكذا سادت الشفافية في نشر المعلومات وحرية الوصول إليها ونقلها والتفاعل بشأنها‏‏ وبما يؤثر في تعبئة الرأي العام العالمي خلف ما يحدُث ودفع الجماهير للقيام برد فعل قد يغلُب عليه الإستجابات العاطفية تارة أو المساعدة في الرشادة في اتخاذ القرارات تارة أخري‏‏ وذلك من قبيل الموازنة بين التكلفة والعائد للصراع مع تجاوز الزمان والمكان وقيود الجغرافيا للكشف عن أماكن الكوارث والصراع‏، وبما يعمل علي تسريع الخُطي لإحتواء الصراعات والتدخل الدولي في إطار الأمن الإنساني المُشترك.

   أتاح الفضاء الإلكتروني الفُرصة للتعبير عن جميع الإتجاهات والتيارات السياسية والقضايا منها ما يتعلق بالطبع المحلي والتي يُمكن تدويلها بسرعة أو الأخري ذات الطابع الدولي‏،‏ كما تُساعد عملية الإنفتاح علي مصادر المعرفة والثقافات المُختلفة في دعم فكرة الإختلاف والتعدُد‏،‏ فضلاً عن أن توافر المعلومات عن الصراعات وإعداد الجرحي والقتلي والدمار الذي تُسببه الحروب والصراعات من شأنه أن يُساعد علي دعم فكرة السلام علي حساب فكرة الحرب‏، وهو ما يدفع إلي أهمية تعزيز دور الفضاء الإلكتروني في دعم السلام الدولي وبما يُساهم كذلك في بناء رأس المال الاجتماعي المُساند للسلام والتعايُش المُشترك وحل الصراع والمصالحة، وإقرار مبدأ العدل والمساواه ومد جسور التعاون بين كل الدول والمجتمعات‏.‏

 

 

عاشراً: مُحددات وفُرص تأثير الفضاء الإلكتروني على الرأي العام:

 

    عمل الفضاء الإلكتروني على إتاحة المعلومات بحرية وتبادلها وانتشارها بسرعة ونقل وجهات نظر مُختلفة عما تروجه وسائل الإعلام الرسمية والصحف التقليدية عن طريق الصحافة للجمهور، والمدونات التي شكلت أحد روافد الإعلام الإلكتروني من خلال قُدرة الفرد على المُبادرة فيما يتعلق بصياغة المادة الإعلامية وتشكيلها والعمل على انتشارها، مع الحرية في اختيار الموضوع وتحرير النص والحجم وتوقيت النشر وسهولة البث وقلة التكلفة، بالإضافة إلى إمكانية تجاهُل المصدر. كما أن أصحاب المدونات يكون مُتاحاً لهم استخدام كافة الوسائل التقنية في إخراج رسالة إعلامية تجمع بين الصوت والصورة والكتابة والخلفية الموسيقية بشكل يجذب إليها الجمهور.

   ولم يُصبح الفضاء الإلكتروني مُجرد وسيلة اعلامية فقط بل أصبح وسيطاً ومصدراً هاماً للمعلومات التي يتم توافرها بشكل مُستمر حول شتى القضايا والموضوعات، وهذه المعلومات قد تكون صحيحة ضمن سياقاتها الطبيعية، وقد تُنزع منها فتتغير دلالاتها، وقد تكون معلومات ناقصة ومشوّهة، بل وقد تكون مكذوبة، كما أنها قد تكون معلومات مُحايدة لا يُراد منها خدمة توجّه معين، وقد تكون معلومات موجهة، وهذه المعلومات والمعارف المتنوعة تُعدّ القاعدة الرئيسة التي من خلالها تتمكن وسائل الإعلام من إحداث أنواع مُختلفة من التأثير سواء المدى القريب أو البعيد.

   وعلى الجانب الآخر عمل الإنترنت على نمو الإتجاهات المحلية الضيقة والولايات التقليدية، والعمل على تفتُتت المُجتمعات القومية والهويات الثقافية والدينية وتصاعُد الأصوليات الدينية، وزيادة حجم التعبئة الطائفية على أُسس سياسية واجتماعية، والمُساعدة في بث الكراهية الدينية وانتشار جرائم الإنترنت والإرهاب  والقرصنة. حيث أصبح للإنترنت دوراً في إحداث تغييرات في بنية المجتمع وإحداث تغيُرات ثقافية واجتماعية من جراء ديناميكيات الإنترنت، وأصبح هناك ما يُمكن أن يطلق علية بتكنولوجيا الثقافة وأصبح لشبكة الإنترنت دوراً فاعلاً ومؤثراً في عملية إنتاج وإدارة وتوزيع العملية الثقافية في العالم.

     والقدرة على إتاحة الفرصة للتعرُف على ملامح مُختلفة للثقافات العالمية، وظهر الإعلام الإلكتروني الذي أثر على درجة التماثُل الثقافي الذي كانت تتمتع بة المجتمعات القومية حيث ظهرت قوى ومجموعات جديدة تستطيع التعبير عن ثقافتها وقيمها المُختلفة عن السياق العام لها،  في ظل التصادم ما بين القيم المحلية وما تفرضه الإنترنت من قيم قد تُشكل تحدي لها، ومن ثم أصبح هناك استخدام للإنترنت لخلق نمط مُختلف يتناسب مع السياق الاجتماعي ويُعبر عن القيم المحلية ويُغير طبيعة ونمط التفاعل بين المؤسسات الاجتماعية، كما كشف الإنترنت عن الانتماءات الأولية والهويات التي كانت تُعتبر سرية من قبل وأثر ذلك على نمط المجتمعات والتراتبية الاجتماعية والوعي الاجتماعي والهوية، وأصبح الفضاء الإلكتروني يُحاكي البيئة الاجتماعية الطبيعية من جراء وجود مجتمعات افتراضية، وتجمهُرات رقمية على شبكة (الإنترنت) والتفاعل بين مُختلف أنواع البشر لهذه الجماعات الإلكترونية .

     كان لظهور الإعلام الجديد أثره الواسع والكثيف على المجتمع وفي كافة الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبرز ذلك في تداخُل ذلك الإعلام الجديد وتوظيفة داخل ما يُعرف بمُجتمع المعلومات حيث المعرفة والمعلومات المكون الأساسي لة، كما أدى بروز الإعلام الجديد إلى بزوغ أدوات وآليات جديدة يستخدمها فاعلون جُدد من المدونيين ونشطاء الإنترنت  في محاولة منهم لإحداث التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي داخل مجتمعهم، فتارة يتم استخدام تلك الأدوات كوسائل اعلامية جديدة للحصول على الحشد والتجنيد والتعبئة والتنسيق والتمويل والتواصل مع غيرهم وجمع المعلومات، وتكوين التحالُفات، وتارة آخرى بالتعبير عن ارتباط ذلك بدورهم المُتزايد في الحياة العامة، وتارة بإدارة حالة من النقاش العام حول بعض قضايا المجتمع في محاوله لوضع أجندته وأولوياته.

     وكان من أهم تلك الأنشطة التي يقوم بها الفاعلون تتمثل في عدد من الوسائل منها المُشاركة في التعليقات أو نقل الأخبار أو المُشاركة في استطلاعات الرأي الإلكترونية أو انشاء مدونات أو تكوين المجموعات البريدية أو غرف الدردشة أو يتم ذلك عن طريق تكوين مجموعات على المواقع الاجتماعية مثل موقع الفيس بوك وغيرها والتي تجمع الملايين حول العالم، ويأتي إلى جانب ذلك القيام بشن حملات الكترونية تُعبر عن احتجاج ما ازاء وضع معين من أجل تحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو دينية.

   وينشأ ذلك التأثير وينطلق عبر الفضاء الإلكتروني، ويتم انتقاله وتداولها ونشرها الكترونياً ويكون ذلك مقدمة للتأثير على الشارع الاجتماعي والسياسي أو أن يكون ذلك التأثر انعكاساً ومواكبة ومُشاركة لحالة الحراك الاجتماعي والسياسي ويكون دور تلك الحملات مُقتصر على الترويج الإعلامي لها والدعوة للتضامن والتآزر خلف القضية التي تُمثلها، أو أن تكون تلك الحملات تنشأ بالتوازي مع ظهور الحركة الاحتجاجية أو الداعية إلى تغيير سلوك ما داخل المجتمع. ويتم ذلك عبر السعى إلى إيجاد فكر جديد لحل المُشكلات ونشر هذا الفكر عبر وسائل الإعلام الجديد في محاولة للتأثير على الرأي العام وذلك من أجل تغيير الواقع أو الإسهام في تغيُرة.

   ويُمكن  ذكر عدد من الملاحظات  تتعلق بمحدودية تأثير الفضاء الإلكتروني في الرأي العام ومن ثم تكون عُرضة للتلاشي وقصر عمرها الإفتراضي وضعف القدرة على الانتشار، وتتطلب عملية إدارة عملية التأثير في الرأي العام وضع استراتيجية مرنة لاستيعاب عدد من المُتغيرات التي تُمكنها من استيعاب الأفكار الجديدة وقبول النقد البناء.

    وقد ترجع محدودية التأثير إلى عوامل ذاتية ترتبط بطبيعه الارتباط بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات ومدى وجود فجوة رقمية بين من يملُك الاتصال ومن لا يملُك، هذا بالإضافة إلى طبيعه علاقه ما يتم إثارته على الفضاء الإلكتروني بالواقع والتعبير عن القضايا الاكثر الحاحا والتأثير في وضع أجندة الجمهور وأولوياته.

   وقد تستند حملات التأثر في الرأي العام عبر الفضاء الإلكتروني إلى معلومات خاطئة أو تتعرض لحاله الاستقطاب الطائفي الذي ينقلها من كونها ذات أهداف عامة وتتعلق بالمواطنة وعلاقة الفرد بالدولة وعلاقتة بالمجتمع إلى سلاح يتم استخدامة في شن حرب نفسية مع  المُختلف الديني عن طريق استخدام أدوات الاعلام والاتصال عبر الفضاء الإلكتروني في شحن الجمهور وتعبئته بآراء مغلوطة أو يتم تضخيمها وبما يُشكل في مُجمله خطر على مُستقبل السلم الاجتماعي  وخاصة ما يتعلق بالحض على الكراهية الدينية والعُنصرية.

   وكذلك قد يتم استخدام حملات التأثير في الرأي العام عبر الفضاء الإلكتروني من قبل جهات تهدف إلى نشر الشائعات التي قد تضُر بمصالح قومية فمثلاً التضخيم من مسأله التحرُش الجنسي في مصر وتأثير ذلك على السياحة أو ما يتعلق بعرض حالات الفساد بما قد يضُر بفرص الاستثمار، وهذا إلى جانب أن الحملة قد لا تُعبر عن واقع اجتماعي حقيقي أو رغبات واسعه لدي الرأي العام، وقد تستخدم بعض الجهات الخارجية المُعادية الإنترنت لبث شائعات بهدف التأثير على الاستقرار الداخلي كحالة الإحتجاجات على نتائج الإنتخابات الرئاسية في إيران 2009، وتبقى امكانية مجهولية المصدر لتلك الافكار تدفع بالإعتقاد بأن تلك الدعوة ذات طابع شعبي عام إلى جانب أن سرعه انتشار المعلومات عبر الإنترنت وزيادة حجم التفاعلات الاتصالية قد تعمل على تضخيم من قضايا فئوية أو شخصية لتُصبح كقضية عامة مُستفيدة من الزخم الإعلامي الذي يثأر حولها.

    وظهرت ثلاثة أنواع من حملات التأثير في الرأي العام عبر الفضاء الإلكتروني ارتبطت بالتطوع أو الحصول على الدعم أو الحشد أو تنظيم فاعليات، ومن هذه الأنواع نوع من الحملات ارتبط بالانتقال من حدث واقعي ليتنقل إلى التفاعُل عبر الفضاء الإلكتروني معه من خلال تكوين التجمعات والراوبط الشبكية سواء في شكل مجموعات الفيس بوك أو في المجموعات البريدية أو غيرها ومثال لذك حالة اضراب عمال المحلة أو التعبير عن رفض بيع بنك القاهرة، وكان هناك نوع آخر من الحملات ظهر كفكرة داخل احدى التجمعات الإلكترونية بأنواعها المُختلفة ليتم التفاعل معها وانتقالها بين مُختلف مُستخدمي المواقع الاجتماعية والإنترنت بصفة عامه وكان من أبرز تلك النماذج حركة اضراب 6 إبريل والتي ارتبطت أو استفادت من الواقع الاجتماعي لمُمارسة المزيد من الحشد والتعبئة،

 أما النوع الثالث الذي يفترض أن يكون الحملات الإلكترونية مواكبة لحادث تفاعُلي على أرض الواقع والتي ارتبط أغلبها بنسق القيم داخل المجتمع وهذا النوع إذا كان غير كامل النجاح السريع إلا أنه يُساهم على المدى الطويل في تغيير القيم وخلق نسق قيم جديد، ومن أمثال تلك الحملات حملة "احترم نفسك .. لسه فيك رجالة يا مصر" لمواجهه التحرُش الجنسي أو ما يتعلق بمحاولة مواجهه العنف اللفظي ضد المرأه مثل حملة "قل لي امراه ولا تقُل مُزة"، أما النوع الرابع من تلك الحملات التي تتعلق بالتوعية مثل حملة "اللجنة القومية لمُكافحة انفلزنزا الخنازير" أو ما يتعلق بدعم العمل الخيري كدعم حملة التبرع بالدم أو مستشفي السرطان أو جمع التبرعات لمنكوبي غزة.

    وتلعب تلك الحملات عبر الفضاء الإلكتروني في مُجملها على دعم التنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية بالإضافة إلى المُساهمة في دعم الحكم الرشيد والمحاسبة والتي قد تأتي في شكل احتجاج ضد بعض مُمارسات أجهزة الدولة أو احتجاج على أوضاع اجتماعية واقتصادية قائمة أو احتجاج على قيم المجتمع التي قد يتم النظر إليها على نحو سلبي كالنظرة إلى المرأه أو التحرش الجنسي أو النظرة إلى المُطلقات أو مواجهه السلبية بصفة عامة.

   ومن ثم فإن التجمعات الإلكترونية والتي تُعبر عن نفسها برد فعل إيجابي بقيامها بشن حملات من أجل التأثير في الرأي العام عبر الفضاء الإلكتروني تـأتي لكي تُشبع حاجة اجتماعية في التعارُف والتواصل وتحقيق نوع من الاتصال المُباشر والالتصاق بقضايا الشارع  وهذا الاهتمام لا يُفرق على أسس سياسية أو من حيث السن أو الجنس أو الدين وهذا ما يجعل هذا المجتمع يتسع بإتساع دائرة الاهتمام بالقضية وتحمل نوعاً من المصداقية حيث أن أغلبهم لا ينتمون إلى أحزاب سياسية أو يتلقون تمويلاً خارجياً بل أنهم يقومون بعمل طوعي لخدمه المجتمع الذي يعيشون بة، ويُمكن استغلال ما تُعبر عنه تلك الحملات من قدرات شبابية في خدمة المجتمع عن طريق تعزيز علاقتهم بأجهزة الدولة بدلاً من تجاهلهم.

الخـاتمــــــة:

   ساعد الفضاء الإلكتروني في زيادة فرص وعدد الفاعلين في تشكيل الرأي العام وكسر حواجز الخوف بما أدى إلى حالة من الانفجار أو العشوائية من جانب ومن جانب آخر أدى إلى إتاحة الفُرصة أمام فئات جديدة والمُهمشين للتعبير عن مصالحها.

و أوجد الفضاء الإلكتروني عدد من الأدوات والآليات الجديدة التي تتميز بعناصر تنافسية وجاذبة للجمهور ووفر أدوات جديدة للتعبير والاتصال تتميز بالسهولة والانتشار وتجاوز الحدود المكانية والزمانية، .ووفر الفضاء الإلكتروني كوسيلة اعلام دولية الطابع، الفرصة لتحويل القضايا المحلية إلى الطبيعه الدولية بما ساعد على دمج المُجتمع المحلي في السياسة العالمية مع كسر سيطرة الإعلام الغربي على حركة الإعلام الدولي،وأتاح الفضاء الإلكتروني الفُرصة لتداخُل التأثير بين ما هو محلي وما هو دولي حيث التلاحم ما بين الجمهور وقادة الرأي بشكل يُتيح فرصة تشكيل التحالُفات والتكتُلات التي تقف خلف مصالح مُعينة

ومثلت التجمعات الإلكترونية والحملات والمجموعات البريدية والنشطاء على المواقع الاجتماعية منصات للرأي والتأثير وجمع وجذب أكبر عدد من المُستخدمين.

  وضاعف الفضاء الإلكتروني من القنوات التي من خلالها يتم تدوير المعلومات والأفكار في نطاق موسع، واستطاعت هذه الوسائل في ذات الوقت أن تُضعف من قُدرة السُلطات على الرقابة والقمع والتأثير في الرأي العام.

وعمل الفضاء الإلكتروني كوسيط أو كمؤسسة للرقابة على أداء السُلطات التنفيذية من خلال ما يتم في شكل مُعارضة أو احتجاج قد تأتي في صورة تعليقات الكترونية أو المُشاركة في استطلاعات الرأي أو غرف الدردشة أو بتشكيل تحالُفات وحركات مُعارضة وذلك مع التجاوز النسبي للقيود على حرية الرأي والتعبير.

وأتاح الفضاء الإلكتروني الفُرصة للتعبير عن المُهمشين اقتصادياً كالفقراء أو دينياً كالأقباط والشيعه والبهائيين والقرآنين وغيرهم بما أدي لظهور هويات كانت سرية من قبل وظهرت إلى العلن لتُعبر عن نفسها. ومنحتهم القدرة على مُخاطبة الرأي العام وصوغ أهدافة والتلاحم مع مشاكلة بدرجة أكبر وأسرع من المؤسسات التقليدية.

وكان لاتساع الفضاء الإلكتروني أمام كافة الفاعلين وجاذبية أدواته دور في استخدمها كأداة لبث الكراهية والعنف وشن الحرب النفسية ومحاولة التأثير على الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الداخلي قد تقف ورائها جهات خارجية أو مُعادية.   

وأدى ظهور الفضاء الإلكتروني واستخداماته إلى تغيير شكل وطبيعه عمل النظام السياسي حيث لعب الفضاء الإلكتروني دور المؤسسات الوسيطة والتواصل ما بين عملية صنع القرار والرأي العام.

وعلى الرغم من تمكُن المُعارضين من استخدام الفضاء الإلكتروني في مُهاجمة الحكومة إلا أن الحكومة تمتلك الفُرصة أيضاً في استغلال قُدراتها وتعزيز مهامها على نحو يعمل على تحقيق مطالب الجماهير بسهولة ويُسر عن طريق الحكومة الإلكترونية، أو عن طريق استخدام الإنترنت كوسيلة اعلام لتبرير وجهات نظر الحكومة أو النظام الحاكم تجاه المُخالفين لة أو مُمارسة الرقابة عليهم أيضاً.

وساعد الفضاء الإلكتروني على نقل النشاط السياسي الداخلي إلى ظاهرة عالمية حيث التواصل بين دول العالم المُختلفة والإنفتاح حول التطورات الديموقراطية في العالم وزيادة الوعي بحقوق الانسان عالمياً جعل هناك حالة من حالات تدويل القضايا المحلية سواء بجذب اهتمام الرأي العام الدولي أو الضغط على المؤسسات السياسة الحاكمة من قبل المؤسسات الدولية، أو العمل على النيل من شرعية النظام وسمعته الدولية.

  ومن ثم اصبح الفضاء الإلكتروني أصبح يُستخدم في العمليات النفسية وحرب الأفكار والغزو الثقافي وخاصة أنه يُلائم عدم التوجه إلى تصعيد العنف من قبل الأعداء خاصة في حالة القرارات السياسية الخلافية، وكذلك  عدم قدرة الحكومة على تنظيم تدفُق المعلومات عبر الحدود، فإنه يجعل الجمهور يخضع للعمليات النفسية.

وتحتاج عملية تدفق المعلومات عبر الفضاء الإلكتروني إلى مواطن غير تقليدي يستطيع أن يفرز المعلومات دون أن ينساق خلفها وهذا ما يحتاج أيضاً إلى رد فعل حكومي غير تقليدي، رد يُركز على مواجهة الأفكار بأفكار مُضادة دون اللجوء إلى التصعيد بإعتقالات أو غيرها لأن من شأن ذلك اطالة التوتر والأزمة.

وتصبح قُدرة أي فرد على أن يكون اعلامياً في ان يملُك القدرة على بث مواد اعلامية ونشرها قد يؤدي إلى مُمارسة المزيد من الضغط على الحكومة حيث تكون الطلبات والضغوط أكبر من قدرة الحكومة على الاستجابة لها، كما أن ذلك قد يؤدي إلى انشغال الجهات التنفيذية بالنواحي الإعلامية على حساب مُعدلات الإنجاز على أرض الواقع.  

وتأتي العلاقة بين الفضاء الإلكتروني والرأي العام في شكل أفكار قد لا تُلقي بشعبية كبيرة أو تُمثل أحد أولويات المجتمع بل أنها قد تُعبر عن مصالح فئة محدودة بما يعمل على تضخيمها وبعدها عن حجمها الحقيقي داخل المجتمع وبما قد يؤدي إلى بعض تلك القضايا إلى أن تُصبح كما لو كانت قضية رأي عام.

ويمكن ان يكون هناك حالة من الإنقطاع عن الواقع نتيجة الارتباط بالفضاء الإلكتروني بما يؤثر على شكل التفاعلات الاجتماعية الواقعية، ويؤدي التواصل الإنساني عبر الاتصال غير المُباشر ومن أناس قد يكونوا مجهولي الهوية إلى الأضرار بالتفاعلات الاجتماعية الأخرى التي قد تتم داخل الأسرة أو الأصدقاء أو الجامعة أو الأحزاب السياسية أو المُجتمع المدني.  

 

 

 

مـراجـــع



هوامش الدراسة :

 

(([1] انظر في ذلك عادل عبد الصادق  الديموقراطية الرقمية ، سلسلة مفاهيم ، المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية ، اكتوبر 2009

([2] ) يصب تطبيق التصويت الالكتروني في سبيل تشجيع عملية المشاركة السياسية بصفة عامة  وخاصة انها وصلت في انتخابات عام 2005 الي 26.2 % من المسجلين في الجداول الانتخابية، و في انتخابات الرئاسة التي اجريت في 2005 وصلت هذه النسبة الي 23 % فقط من المسجلين في الجداول الانتخابية،وذلك من عدد من لهم حق التصويت البالغ 31 مليوناً و 826 الف ، وبلغت نسبة مشاركة الشباب عن 15 %  ، ومن ثم فان استخدام التصويت الالكتروني من شأنه ان يجذب فئات الشباب والنساء وكبار السن ومتحدي الإعاقة للإدلاء باصواتهم دون معوقات و يقضي في الوقت نفسة على مظاهر البلطجة والعنف الانتخابي.

([3]) وصل عدد مستخدمي المحمول في مصر 62 مليون مستخدم ووصل عدد مستخدمي الانترنت الى 18 مليون مستخدم فضلا عن انتشار الالاف المقاهي التي تقدم خدمة الانترنت 

([4])وصل عدد مستخدمي موقع الفيس بوك فى مصر ما يزيد على 4 مليون مصرى يستخدمون الفيس بوك بما يمثل 5% من السكان، مما يجعل ترتيب مصر رقم 23 على مستوى العالم فى استخدام الفيس بوك، والأولى على مستوى الشرق الأوسط.

([5]) هناك العديد من المواقع التي تقدم خدمة التوقيعات الالكترونية لحشد التأييد حول قضية ما، من بيانات المثقفين الورقية إلى الأنترنت، وأشهر المواقع هو موقع الحملات الإلكترونية المعروف www.Petitiononline.com الذي يشترك فيه 69 مليون شخص عبر العالم والذي يفاجئ متصفحه بعدد كبير من حملات جمع التوقيعات في كل المجالات السياسية، الاقتصادية، وحتى الدينية. ويتضمن، إلى جانب ذلك، حملات ضد ومع كل شيء تقريبا، وإن كانت أهمها وأكثرها الحملات ذات الصبغة السياسية، كما توجد حملات من كل دول العالم تقريبا.

([6] )وجد الباحث ان على الرغم من ان التعليقات الالكترونية هي من احد الوسائل الهامة للتعبير عن الراي الا انها  غالبا ما يتم التحكم بها من خلال ادارة التعليقات التابعه للموقع المنشور علية المادة ومن ثم فان التعليقات التي يتم نشرها قد يكون بها نوعا من التحيز لافكار او سياسة الموقع على الرغم من حرص المواعق على الاعلان بان التعلياقت او الاراء المنشورة لا تعبر عن سياسة الموقع .

([7]). قامت جماعه الإخوان المسلمون بعرض ما اطلقت علية المطالب السبعة التي اجتمعت عليها القوي السياسية والجمعية الوطنية للتغيير والدكتور محمد البرادعي،فيما اعتبرته بداية الانطلاق نحو تحقيق الإصلاح المنشود، وقامت جماعه الاخوان بدعوة الشعب المصري بمختلف فئاته واتجاهاته وطبقاته إلي المشاركة في حملة التوقيعات علي هذه المطالب السبعة، من خلال موقع www.tawkatonline.com  وكذلك عن طريق موقع الجمعية الوطنية للتغيير http://www.taghyeer.net/ حيث بلغ عدد الموافقين على موقع الجمعية 119129 شخص

 

([8]) اصبح هناك العديد من منظمات المجتمع المدني التي تعمل من خلال موقعها علىالانترنت مثل موقع منظمة شايفنكوا لمراقبة الانتخابات وغيرها  من المنظمات التي اصبح لها بوابة على الانترنت وليمثل بذلك امتداد وتطور في عمل تلك المنظمات وطرق ارتباطها بالجمهور المستهدف .  

 

([10]) تجدر الاشارة الى ان أي تجمعات الكترونية سواء على موقع الشبكات الاجتماعية الفيس بوك او غير من تحالفات المدونيين لا تتم ترجمته بالضرورة في شكل قوة سياسية على ارض الواقع الا اذا كان ذلك مرتبطة بفاعليات على ارض الواقع ، كما ان عدد اعضاء مجموعات الفيس بوك قد يكون مضلالا وليس معبرا عن واقع الحال كون الانضمام لتلك المجموعات قد يتم ممن هم دون السن القانوني وكذلك انضمام عدد من غير حاملي الجنسية المصرية وامكانية الانضمام للفرد للمجموعه اكثر من مرة ، فضلا عن أي مشاركة لا تتم بالضرورة في مشاركة فعلية في الانتخابات مثلا من قبل العضو في المجموعه على الفيس بوك .  

([11]) يوجد من الشبكات الاجتماعية حول العالم  ما يزيد على 50  تضُم كل منها أكثر من مليون مُستخدم مُسجل. وتستحوذ تسع شبكات على غالبية المُستخدمين منها "فيس بوك" Facebook 124.000.000، "وندوز لايف سبيسز" Windows Live Spaces 120.000.000، "ماي سبيس" My Space  110.000.000، "هابو" Habbo 100.000.000، "هاي فايف" Hi5 80.000.000، "فريندستر" Friendster 80.000.000، "أوركوت" Orkut 67.000.000، "فليكستر" Flixter 63.000.000، و"كلاسميتس دوت كوم" Clossmates.com.

 

(([12] في انتخابات مجلس الشعب المصري 2010 قامت جماعه الاخوان المسلمين في محاولة لتلافي القيود القانونية والامنية على عملها بشن حملة إلكترونية الضخمة على شبكة الإنترنت، هى الأكثر ابتكاراً وتنوعا للتعريف بالمرشحين وبرنامجهم بعيدا عن الرصد الأمنى، إذ تتضمن الحملة الاستفادة من كبر وانتشار التنظيم الإخوانى فى الاتصال بالجماهير ومواقع التواصل الاجتماعى المختلفة مثل «فيس بوك» و«تويتر» و«يوتيوب» والمواقع العامة، وإنشاء مواقع خاصة للمرشحين ووضع أخبارهم بصفة منتظمة، إلى جانب تفعيل المواقع الإخوانية الإلكترونية، الموجودة  أوتدشين مواقع جديدة .

([13]) قام مجموعة من قراصنة الانترنت ،باختراق صفحة " جمال مبارك"على الفيس بوك وهى الصفحة التى أنشئت لجمع توقيعات لتأييده ، حيث فؤجى المشتركون تأييد لجمال مبارك بان الجروب  تحول الى صفحة للهجوم جمال مبارك  ووالده الرئيس مبارك ،وحل محل صورة جمال مبارك صورة بها علامة "اكس "باللون الاحمر ،ومذيله "بتوقيع غير مرغوب فيك أنت وأبوك "،وفى لحظات أمتلات الصفحة بتعليقات الشامتين محيين الهاكرز الذين تمكنوا من السطو على الصفحة وتحويلها من صفحة لتأييد "أل مبارك"الى صفحة  للهجوم عليهم ،بل ولتأييد الدكتور البرادعى المرشح المفترض للرئاسة،بالاضافة الى صور بها صور الرئيس ونجله مذيله بلا للتوريث  وغيرها من  الجمل المعارضة له،وكان عدد المشتركين فى الصفحة قد وصل الى أكثر من 3400عضو فى أقل من  أسبوع بالاضافة الى أعضاء كثيرون انسحبوا بعد السطو على الصفحة .

[14])) من الملاحظ ان الحملات التي استهدفت التغيير السياسي- والتي كان اشهرها الدعوة الى اضراب 6 ابريل - كانت اقل من مثيلتها التي استهدفت الاحتجاج على الوضع الاقتصادي او المطالبة بتغيير قيم المجتمع ازاء قضايا معينة مثل المراة او مواجهه ارتفاع سن الزواج او الغلاء او تجارة المخدرات او التحرش الجنسي ضد المراه  او المطالبة بغلق محلات الخمر او بالدعوة للحجاب وغيرها  .  

([15] )مثل موقع المنتدي الانساني  الذي يهتم بمواجهه الكوارث الانسانية في دول مختلفة  http://www.humanitarianforum.org/?lang=ar

(([16] انظر في ذلك مواقع عدة على الاننرنت للبهائيين والقرائنين والشيعه بالاضافة الى مواقع لاقباط المهجر ومواقع تهاجم الاسلام واخرى تهاجم المسيحية فضلا عن الدعوات الغربية التي تم التاثر بالغرب مثل جماعه الايموس  كما نجحت مجموعة الحملات الإلكترونية التي شارك فيها عشرات آلاف الشباب، عبر موقع facebook في إجبار إدارة الموقع على إغلاق صفحة "مدّعي الألوهية

·         مراجع الدراسة  :

باللغه العربية :

(1)     السيد يسن "شبكة الحضارة المعرفية من المجتمع الواقعي الى العالم الافتراضي " ، دار ميريت ، القاهرة 2009

(2)     حسـن مظفـر الـرزو،"الفضاء المعلوماتي"، مركز دراسات الوحدة العربية ،الطبعة الأولى، بيروت 2007 ،ص ص 213-323.

(3)     عادل عبد الصادق "الاحتجاج الالكتروني والفاعلون الجدد في الحياة السياسية " ملف الأهرام الاستراتيجي ،مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام   العدد 162، يونيو 2008.

(4)       ـــــــــــــــــــــــ،" الإعلام الجديد وبروز الفاعليين الجدد في المجال العام :حالة استخدام الحملات الالكترونية، ورقة مقدمة لـ مؤتمر الاعلام والتعبئة والمحكومية في مصر ، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام . 5-6\يوليو 2009،

(5)     ــــــــــــــــــــــ،"الفضاء الالكتروني وحوار الحضارات وصنع السلام " جريدة الاهرام ، 7-5-2009

(6)     ــــــــــــــــــــــــ،" حقيقة دور الانترنت في بث الكراهية الدينية في العالم " ، ملف الاهرام الاستراتيجي ، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية  بالاهرام ، العدد144 ، ديسمبر 2006

(7)      ـــــــــــــــــــــــ ،"الحملات الإلكترونية والتأثير في الرأي العام " جريدة الاهرام ، 17 مارس 2010
http://www.ahram.org.eg/108/2010/03/17/4/11752.aspx

(8)     ـــــــــــــــــــــــ، الديموقراطية الرقمية ، سلسلة مفاهيم ، المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية ، اكتوبر 2009

(9)     د. علي محمد رحومة،" علم الاجتماع الآلي،" ،سلسلة عالم المعرفة ،  المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت 2008

(10) مانويل كاستلز "وسائل الاتصال الجماهيرية الفردية الجديدة" مجلة لوموند دبلوماتيك  ، أغسطس 2006 .

(11) محمد جمال عرفة " تأثير الحملات الإلكترونية على الرأي العام -إسلام أون لاين- 2006/06/18
www.islamonline.net/Arabic/In...06/06/02.shtml

(12) محمد خليل " لرأي العام الإلكتروني"، شبكة اسلام اونلاين 21/06/2004http://www.islamonline.net/arabic/mafaheem/2004/06/article02a.shtml#11

(13) د. مراد بن علي زريقات , الرأي العام الإلكتروني ( تأثير وسائل الاتصال الإلكترونية في الرأي العام )
ورقة عمل مقدمة
ضمن ندوة الجرائم الإلكترونية ،جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، 02-04/06/2008م

(14) وليد رشاد زكي عمر طه "الجماعات المتشكلة في الفضاء العالمي :بناؤها ومضامين تفاعلاتها الاجتماعية "  رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الاداب ،جامعه عين شمس ،2007 ،ص ص 45-50

باللغه الانجليزية:

 

(1)    Acicognani,"on the linguistic nature of cyber space and virtual communities", virtual reality ,vol.3,1998 ,pp16-24

(2)    Chang Woo-young ,The Cyber Balkanization and Structural Transformation of the Public Sphere in Korea, Journal of Contemporary Eastern Asia, Volume 7, No.2: 29-48 September 2008 | 29

(3)    Habermas, Jürgen. The Structural Transformation of the Public Sphere: An Inquiry into a category of Bourgeois Society. Trans. Thomas Burger with Frederick Lawrence. Cambridge, MA: MIT Press, 1991&   Marshall Soules, Jürgen Habermas and the Public Sphere, http://records.viu.ca/~soules/medi205/habermas.htm

(4)    Towards: knowledge societies , unesco world report ,unesco 2005(http/www.uesco.org/publications )

(5)    http://usinfo.state.gov/journals/itgic/0306/ijga/welcome.htm

(6)    Lincoln Dahlberg ,Cyberspace and the Public SphereExploring the Democratic Potential of the Net,Convergence March 1998 vol. 4 no. 1 70-84

(7)     Kasun Ubayasiri ,Internet and the Public Sphere: A glimpse of YouTube ,CENTRAL QUEENSLAND UNIVERSITYhttp://ejournalist.com.au/v6n2/ubayasiri622.pdf

(8)   WANG Rong,Research on public sphere in cyberspace:Dominance, verbal conflict and interaction processes of China’s online forum,Communications and New Media Programme,Faculty of Arts and Social Sciences,National University of Singapore http://www.cprsouth.org/wp-content/uploads/drupal/Rong%20Wang.pdf





Share/Bookmark

accr2024

  • نقد العقل التقني الإقطاعي
  • إقطاعيو عصر العولمة
  • الامن السيبراني والاقتصاد في العصر الرقمي
  • العلوم الانسانية والاجتماعية على محكّ الذّكاء الاصطناعي في بلدان الجنوب
  • الأمن السيبراني في أولويات الأمن القومي الإسرائيلي
  • Facebook
    Comments
    el-doo2_text/
    accr2024/


    الشركات التقنية فى أتون الحرب التجارية
    جاء تعليق ترامب لفرض الرسوم الجمركية على الهواتف الذكية والكمبيوتر وأشباه الموصلات وعدد من الأجهزة و

    النصب الإلكترونى فى عصر الذكاء الاصطناعى
    فى رحلة البحث عن الأموال الزائفة ما بين الضحايا والمجرمين.أصبحت جريمة النصب والاحتيال المالى من الجر

    نمط تفخيخ سلاسل الإمداد والتوريد في الحرب السيبرانية
    جاء التفجير المتزامن يومي 17 و18 سبتمبر 2024 فى لبنان لأجهزة بيجر وآيكوم للاتصال اللاسلكى ليقتل ال

    hama
    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    التاريخ