وحالياً، أصبح الذكاء الاصطناعي المخصص لمهام معينة أداة حقيقية، وبدأت الشركات تكتشف كيفية استخدامه.
إن الذكاء الاصطناعي التوليدي والمساعد الافتراضي والسيارات ذاتية القيادة هي بعض أوجه الاستخدام الأولى لهذه التكنولوجيا. حيث يكف العمال عن أداء المهام الشاقة في إدخال البيانات مثل استخراج معلومات محددة من البريد الإلكتروني لملء طلب أو إرسال إيصال. وتستطيع البرامج أن تستخرج البيانات المالية من ملفات الإفصاح العامة المودعة بسرعة أكبر من الإنسان وأن تقدم ملخصاً فورياً لها.
وتدور معظم أحداث هذه الثورة في المكاتب على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالشركات.
أما حيث يلتقي الذكاء الاصطناعي بالعالم المادي - ويخلق إمكانية التضارب والصراع – فذلك في مجالات التصنيع والخدمات اللوجستية. فالروبوتات تجوب بالفعل أرضيات المصانع والمخازن، ويجعلها الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً وسرعة ومرونة. وكما هو الحال عادةً مع التكنولوجيا الجديدة، فإن الجيش يحث على الابتكار.
قال رئيس قطاع الأجهزة في شركة "أمازون" إنّ روبوت الشركة "أسترو" (Astro)، الذي كُشف النقاب عنه العام الماضي ولم يتوفر منه سوى عدد قليل للغاية، من المتوقع أن يكون متاحاً على نطاق أوسع خلال الأشهر المقبلة.أفاد ديف ليمب، النائب الأول للرئيس، والمسؤول عن ...
هذا التزاوج بين الذكاء الاصطناعي والروبوتات سيحتاج إلى وضع قواعد خاصة للحفاظ على سيطرة البشر عليها، لاسيما أن هذه الآلات المتنقلة تنطلق خارج حدود المصنع وتصبح أكثر انتشاراً في اقتصاد الخدمات.
تطوير روبوتات الأغراض العامة
تتخصص تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتوفرة الآن على الروبوتات المتنقلة في أداء المهام البسيطة، ولكنها ستصبح أكثر تعقيداً مع مرور الوقت.
تبيع شركة "تيراداين" (Teradyne)، التي تمتلك شركتي "يونيفرسال روبوتس" (Universal Robots) و"موبايل إنداسترال روبوتس" (Mobile Industrial Robots)، رافعة طبليات متنقلة مزودة بخمس كاميرات تسمح لها "بالرؤية" وشريحة من "إنفيديا" تساعدها على "التفكير" في أفضل طريقة لالتقاط الطبلية أو الحمولة، حتى لو كانت تالفة أو في وضع غير ملائم.
ولم تزل هذه الصناعة في المراحل الأولى من إنتاج روبوتات للأغراض العامة تكون قادرة على قبول الأوامر الشفهية ومعالجتها لتحويلها إلى الأكواد البرمجية اللازمة لتنفيذ مهمة محددة.
وفي حين أن الروبوتات الصناعية المبرمجة لإنجاز المهام النمطية المتكررة ستحافظ دائماً على مكانها وأهميتها، فإن تعدد استخدامات الروبوتات ذات الأغراض العامة سيجعلها تنتشر إذا خفض الصناع أسعارها حتى تستطيع منافسة العمال الذين يعملون بالساعة.
تقوم شركة "فورميك تكنولوجيز" (Formic Technologies) بتأجير الروبوتات الصناعية للشركات، وتقدم روبوتاً يتولى وضع الصناديق على رافعة الطبالي مقابل حوالي 15 دولاراً في الساعة مع الصيانة.
يستطيع الذكاء الاصطناعي بالفعل كتابة الأكواد البرمجية من مخطط سير هذه العملية الذي يوضح كل خطوة من خطوات إنجاز المهمة باستخدام مربعات وأسهم. ولن يمر وقت طويل قبل أن تقتصر الحاجة على توجيه أوامر شفهية واضحة فقط للروبوت.
وقامت العديد من الشركات، ومن بينها "بوسطن ديناميكس" (Boston Dynamics) و"أجيليتي روبوتيكس" (Agility Robotics)، بتصميم روبوتات تشبه البشر، ويجري اختبار بعضها في المستودعات. ومن الواضح أن الخطة هي إنتاج هذه الآلات التي تسير على قدمين بكميات كبيرة، ولهذا السبب اشترت شركة "هيونداي موتور" شركة "بوسطن ديناميكس" في صفقة اكتملت في عام 2021.
هل تزدهر شركات الروبوتات الناشئة في عصر الذكاء الاصطناعي؟
اقرأ أيضا
هل تزدهر شركات الروبوتات الناشئة في عصر الذكاء الاصطناعي؟
يتعاظم الاعتقاد بأن بزوغ فجر الذكاء الاصطناعي يعني أيضاً اقتراب ظهور روبوتات تشبه البشر أخيراً. عن ذلك قال شاهين فارشتشي، الشريك في "لوكس كابيتال"، وهي شركة رأس مال استثماري تركز على التقنيات الناشئة: "كانت لدينا تصورات بشأن الروبوتات البشرية في الثق ...
بالنسبة لأولئك الذين يشعرون بالقلق من استحواذ الروبوتات الذكية الشبيهة بالبشر على جميع الوظائف، لا يوجد سبب للذعر. فالبراعة التي لا مثيل لها في الأيدي البشرية تجعل للناس فائدة على الأقل خلال هذا القرن.
تعاني هذه الروبوتات الشبيهة بالبشر في بداياتها من مشاكل تتعلق بالسلامة وعمر البطارية المحدود وهي بطيئة إلى حد ما وعديمة الكفاءة. غير أن ذلك لا ينبغي أن يوقف النقاش حول كيفية التعامل مع آلة ذكية اصطناعية تستطيع أن تتحرك. فقد أبدى الجيش اهتماماً كبيراً بجميع أنواع الروبوتات البرية والبحرية والجوية. فهل من الممكن منع الروبوتات البرية من قتل البشر؟ قد يكون من المقبول أن يتخصص أحدها في حمل ونقل الإمدادات أو يساعد في إجلاء الجنود الجرحى. فهل ينبغي السماح لها بالقتل أيضاً؟
ربما فات الأوان على إجراء هذه المناقشة. فالطائرات المسيرة المستقلة تماماً تقتل الناس بالفعل في أوكرانيا. ويقول بيتر سينغر، وهو زميل بارز في مؤسسة "نيو أميركا" غير الربحية في مقال نشر في 14 أبريل، إن الجهود التي بذلتها مجموعة صغيرة من النشطاء والدبلوماسيين فشلت في محاولة حظر الروبوتات القاتلة لأن هذه الآلات مفيدة للغاية.
الهيمنة على صناعة الروبوتات
يجب على الولايات المتحدة أن تصنع هذه الروبوتات الشبيهة بالبشر (والكلاب) في الداخل وأن تعتمد على سلسلة توريد من الأميركتين. فبعد اختراع الروبوت الصناعي، فشلت الولايات المتحدة في إنتاجه على نطاق واسع، وتهيمن اليابان الآن على هذه الصناعة مستحوذة على نحو 46% من إنتاج الروبوتات الصناعية. أما ألمانيا فلديها 6%. ولا يقدم "الاتحاد الدولي للروبوتات" تفاصيل حول مستوى إنتاج الصين من الروبوتات الصناعية، لكنه كبير وينمو بسرعة (ربما أكثر من 100 ألف روبوت في السنة).
إذا كانت الصين تنتج جيشاً من الروبوتات، فمن الأفضل أن تكون الولايات المتحدة قادرة على مجاراتها.
أميركا تدرس تشديد القيود على وصول الصين لرقائق الذكاء الاصطناعي
تدرس إدارة بايدن فرض المزيد من القيود على وصول الصين إلى تكنولوجيا الرقائق المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، مستهدفة الأجهزة الجديدة التي تستعد الآن لمرحلة الطرح في الأسواق، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر.من شأن الإجراءات، التي تتم مناقشتها، أن تحد من ...
على الجانب المدني، من المنطقي أن نشترط أن يكون هناك إنسان مسؤول دائماً عن تصرفات روبوت أو عدة روبوتات. فإذا حدث خلل في الأكواد أو غير ذلك من المشكلات، يجب أن يستطيع الشخص المسؤول التعرف على المشكلة على الفور واتخاذ الإجراءات التصحيحية، بما في ذلك تعطيل الآلة. وهذا أمر واضح ومباشر في المصنع أو المستودع. غير أنه يصبح أكثر تعقيداً عندما تكون روبوتات الخدمات أكثر تطوراً وتتفاعل مع الجمهور.
من المسؤول؟ وهل يجب أن يكون هناك مفتاح لتعطيل الروبوت في حالة الطوارئ؟ وهل يمكن لأي شخص أن يضغط على هذا المفتاح؟
آلات خطرة وقاتلة
يجب معالجة هذه الأسئلة الآن لأن الروبوتات خطرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. فقد قتل روبوت أحد موظفي شركة "بل" (Bell) في عام 2022 أثناء تشحيم البكرات على حزام ناقل كان يشكل جزءاً من رافعة طبالي آلية. أدت حركة العلبة التي تحتوي على مادة "WD-40" للتشحيم والتنظيف فوق الرافعة إلى تشغيل كاميرا النظام وتفعيل ذراع الروبوت مما أدى إلى سحق العامل البالغ من العمر 54 عاماً، وفقاً لتقرير صادر عن إدارة السلامة والصحة المهنية.
على الرغم من أن الأمر قد يستغرق عقوداً من الزمن حتى تصبح الروبوتات متطورة بما يكفي للتفاعل بشكل روتيني مع البشر، فقد حان الوقت الآن لوضع الأساس لما يسمى بالذكاء الاصطناعي الذي يتضمن العمل بأمان إلى جانب البشر. إنها عملية دقيقة للغاية لأن القواعد يجب ألا تخنق الابتكار.
لا شك أن التزاوج بين الروبوتات والذكاء الاصطناعي سيعود بالنفع على البشرية. فالروبوتات عبارة عن أدوات ستتولى المزيد من الوظائف المملة والقذرة والخطيرة التي يؤديها البشر الآن، مما سيحرر الناس من الوظائف المتكررة والمرهقة جسدياً.
لكن الآلات يمكن أن تنحرف وتخرج عن السيطرة، وتتضاعف المخاطر كلما أصبحت أكثر انغماساً في الحياة اليومية. يجب أن تطبق مجموعة من القواعد للتأكد من أن الكلمة الأخيرة دائماً للبشر.