تصاعدت وتيرة الربط بين قضية امن الفضاء الخارجي،والصراع على مقدراته من قبل قوى دولية تقليدية وأخرى صاعدة ،وذلك من أجل الاستحواذ على "القوة الفضائية "،وفي ظل الأهمية الإستراتيجية لها ،وظهور جيل جديد من "سباق الفضاء " يتميز بقوة النزوح نحو العسكرة ،وحالة من "التعدد" في الفاعلين و"التصاعد" في التأثير ،و"التنافس" بين الدول والشركات الخاصة ،وهو ما كان له انعكاس ليس فقط على "الامن الفضائي" بل كذلك على الأمن الجماعي الدولي.
القوة الفضائية في ميزان القوي الدولية
تحول الفضاء -كمجال دولي جديد- لساحة لصراع ذو ابعاد مختلفة منها ذات طابع تجاري وعلمي وعسكري ،وتراوح الاستخدام بين ان يكون في خدمة اهداف قومية للدولة او لتحقيق اهدافا انسانية ، وبين وجود حدود لذلك الاستخدام الى وجود آفاق لا نهاية لها مع الطموح البشري واتساع الكون في ذات الوقت ،وعلى الرغم من إمكانية الفصل بين الطابع المدني والأخر العسكري توجد حالة اخرى للاستخدام المزدوج للأنشطة الفضائية .
والتي يتم توظيفها عسكريا في حماية الأمن القومي،والتكتيكات الحربية،والتجسس،وتأمين نظام الملاحة الجوية،والإنذار المبكر،والاتصالات العسكرية ، وعلى المستوى المدني يتم استخدامه في البث الإذاعي والتليفزيوني،والاستشعار عن بعد،والأرصاد الجوية،ونظام تحديد المواقع العالمي،والاتصالات و الانترنت الفضائي.
وحمل بذلك الفضاء مضامين متعددة ذات طبيعة عسكرية ومدنية - اقتصادية ساهمت في بروز "القوة الفضائية "كنمط جديد يرتبط بـ"القوة الشاملة"،وسعت للاستحواذ عليها الدول الكبري والصغرى في النظام الدولي على حد سواء .
وبزغت متغيرات تعلقت،
أولها ،تنامي العلاقة بين التكنولوجيا والأمن وأثرها في تطور القدرات الدفاعية او الهجومية ،وفي ظل دفع التوتر الدولي لعسكرة غير مسبوقة في حجم الإنفاق العسكري أو بتطور نشر الاسلحة او التهديدات شملت كافة المجالات الدولية الخمس (البر والبحر والجو والفضاء الخارجي –والفضاء السيبراني) .
ثانيا ،تصاعد الأهمية الإستراتيجية للفضاء مع بروز حوافز جديدة لمواجهة ندرة الموارد على الأرض واحتمالية وجود حياة وموارد خارجها،والتنقيب عن المعادن الثمينة او الاستعمار الجديد للكواكب وبخاصة القمر.
ثالثا ، تميز الفضاء بخصائص فيزيائية مختلفة يجعله يتشابك وظيفيا مع بقية المجالات الدولية ، ويعزز من الانتقال في الفكر العسكري- الاستراتيجي من حقبة " القوة الجوية " الى "القوة الفضائية" ،والتحول من "السيطرة على الأجواء" الى الاهتمام بـ "المجال الاعلى" في الفضاء.
رابعا ، دمج الدول للفضاء الخارجي في العمليات العسكرية التقليدية وفي استراتجيات الامن القومي ،وهو ما أدي لتغيير مبادئ الحرب والامن والدفاع و القوة والصراع .
خامسا، صعود دور "اقتصاد الفضاء "في الاقتصاد العالمي ،والمعني باستخدام الموارد الفضائية وفهمها وإدارتها وتوظيفها في شكل منتجات وخدمات ذات صلة بالمعرفة والبحث والتطوير، والتطبيقات التي توفرها البنية التحتية الفضائية،،بلغ حجم "اقتصاد الفضاء" ما يزيد على 400 مليار دولار، ويتوقع ان يصل لـ 2,7 تريليون دولار في عام 2040 ، وبلغ حجم الاستثمار الدولي 75 مليار دولار عام 2018 مقارنة بـ52 مليار دولار عام 2008.
سادسا : تصاعد دور الشركات الخاصة في الصناعات الفضائية ،ووصل عددها ما يزيد على 223 شركة بعد ان كانت 33 في عام 2009 ،وبلغ حجم استثمار الشركات الناشئة في الفضاء 3,25 مليار دولار عام 2018 .فمن بين 400 ثري عالمي يوجد 16 شخص من أصحاب تلك الشركات.والمتوقع ان يصل حجم سوق سياحة الفضاء الى 3 مليار دولار حتى عام 2030.
سابعا : الزيادة غير المسبوقة في إطلاق الأقمار الصناعية ،ففي خلال عقد واحد وصلت عدد الدول التي نجحت في الإطلاق 82 دولة عام 2018 مقارنة بـ 50 دولة عام 2008 ، وتم اطلاق 900 قمر صناعي في الفترة(2014-2018 ) ، وشهد عام 2018 أكبر عدد من عمليات الإطلاق المداري التي أجريت منذ عام 2000 (114 عملية إطلاق).
نظرية جيمس اوبرج في القوة الفضائية
عرف "جيمس أوبرج" القوة الفضائية بأنها"حاصل جمع القدرة التكنولوجية،والسكان،والاقتصاد،والصناعة،والقوة العسكرية،وإرادة الدولة وغيرها من العوامل التي تسهم في دعم إمكانيات الدولة علي ممارسة الإكراه،أو الإقناع أو ممارسة التأثير السياسي علي أعمال الدول الأخرى،بغرض الوصول للأهداف الوطنية من خلال القدرات الفضائية".

اتجاهات الجيل الثاني من سباق التسلح الفضائي
تسابقت العديد من الدول للاستحواذ على "القوة الفضائية" منذ إطلاق القمر الصناعي "السوفيتي " عام 1957 ،وأعقب ذلك الجهود الأمريكية بإطلاق المركبة ابولو للقمر في عام 1969 ،وتميز سباق التسلح في الفضاء خلال حقبة الحرب الباردة بالتنافس في ميادين الدفاع، وكانت جزءا من عمليات لحرب نفسية متبادلة،وفيما عرف آنذاك بـ "حرب النجوم" ،وعدم تبلور فكرة نشر دروع مضادة للصواريخ في الفضاء ،وانحسار النشاط الفضائي في قوتين ،وأعقب ذلك قيام كل قوة بدعم حلفائها في مجال تبني البرامج الفضائية في إطار ما عرف بحروب الوكالة. ودخل بعد ذلك العديد من الدول للنادي الفضائي بتبني مشروعات وطنية او بالتعاون مع القوى الكبرى الحليفة، ومازالت تحتفظ الولايات المتحدة بالهيمنة الفضائية بامتلاكها ما يزيد على 50% من الأقمار الصناعية.
وجاء تطور "الجيل الجديد" من سباق تسلح الفضاء ليتميز بعدة خصائص لعل اهمها ، الاول ،تصاعد استخدام الأقمار الصناعية في العمل ألاستخباراتي والحروب النفسية والإعلامية بين القوى الدولية أي عبر التوظيف العسكري للقوة "الناعمة".
والثاني، توظيف الأقمار الصناعية في العمل العسكري سواء على المستوى التكتيكي او الاسترتيجي او العملياتي ، و تطوير ونشر واستخدام الأسلحة الدفاعية والهجومية التي تستهدف البنية التحتية الفضائية لدول اخري .
الثالث ، التحول الى رقمنة الاقمار الصناعية ليتواكب مع التقدم في مجال تكنولوجيا الاتصال والانترنت ،والتطور في الاطلاق والتشغيل ،
الرابع :اتجاه الدول لامتلاك وتطوير التقنيات المستخدمة في الخداع أو التعطيل أو التدمير للانظمة الفضائية الأخرى ،للدفاع عن بنيتها التحتية او لتحقيق اهداف إستراتيجية ة،ومواجهة خطر الأسلحة الباليستية او للمساعدة في عمل حربي على الارض أو ضمان حرية الملاحة الفضائية
الخامس :تحسين القدرة في التحكم والسيطرة بالقوة الفضائية بامتلاك نظم عسكرية "تسلح" او "قواعد" في الفضاء ،وظهرت وفق اعتبار مكان تواجد الهدف أو بمكان وجود "السلاح" أنماط جديدة منه (سلاح فضاء- فضاء، فضاء- أرض، أرض- فضاء وأرض- أرض (عبر الفضاء).
السادس ، التغير في طبيعة السلاح "الفضائي" من اعتماده على قوة النيران الى القدرات السيبرانية التي تمكنه من التعمية والاختراق والتشويش للأقمار الصناعية .وأخذ "السلاح الفضائي" طبيعة متحركة تكتسب قوتها بالاصطدام بالهدف وتدميره،أو بتوظيف أشعة الليزر او الموجات الكهرومغناطيسية، تدمير الألواح الشمسية للأقمار الصناعية المعادية او بتحويل مفردات الطبيعة الفضائية لاستحداث الظواهر الطبيعية كالرعد والعواصف والأعاصير والزلازل بشكل اصطناعي"غاز الكيمتريل" .
وعلى الرغم من غلبة الطابع العسكري على تلك الأسلحة الا انه يمكن ان تستخدم كذلك في مهام مدنية ، كتدمير نيازك مدمره تسقط على الارض .

مؤشرات تنامي العسكرة في الفضاء الخارجي
على الرغم من كون الدول هي المستثمر الرئيسي في الأنشطة الفضائية الا ان مركزها يشهد حالة من التراجع لصالح القطاع الخاص في ظل عولمة النشاط التجاري ،وأدت الزيادة في الفاعلين او الانشطة لزيادة مقابلة في المكاسب واخري في المخاطر المرتبطة بالصراع .
وشملت اتجاهات تنامي العسكرة ، اولا ، دعم عمليات الحفاظ على القوة الفضائية من خلال إطلاق الصواريخ أو أقمار اصطناعية حول ارض ،وثانيا ، استخدام مقدرات الفضاء في تعزيز العمل العسكري على الارض ، وثالثا ، تعزيز قدرات الحماية والردع والرقابة لضمان امن الملاحة الفضائية ومنع الاعداء وتمكين الاصدقاء.
ومن اهم مؤشرات السباق نمو مجال استكشاف الفضاء بين القوى الدولية مثل رغبة الصين الوصول للمريخ بحلول عام 2020 ، وأن تصبح "قوة فضائية كبرى" بحلول عام 2030.ودول اخري مثل روسيا وإسرائيل والهند وكوريا الجنوبية والبرازايل،وظهرت قوة صاعدة مثل المكسيك وجنوب افريقيا وإيران وسنغافورة ونيجيريا والأرجنتين.ويشهد الفضاء الأسيوي حالة غير مسبوقة من التنافس انعكاسا لحالة التوتر حول الحدود والمصالح بين القوى الإقليمية مثل الهند وباكستان .او ما بين ايران والغرب ،او بين اسرائيل والعرب.
القوة الفضائية لإسرائيل
في 12 ابريل 2019 تحطمت مركبة الفضاء الإسرائيلية "بيريشيت" على القمر بعد الوصول ،ولو نجحت ستكون رابع دولة تصل للقمر بعد روسيا وامريكا والصين ، وتمتلك اسرائيل قدرات في تطوير تكنولوجيا الأقمار الصناعية صغيرة الحجم ووسائل إطلاقها. ومن بين الأقمار الصناعية الإسرائيلية في الفضاء هي خمس من أقمار الاتصالات "عاموس"، وعشرة اقمار "اوفك" لمجالات التجسس، واثنين من القمار الصناعي "روس" للتصوير، والقمر الصناعي البحثي "تكسات 2".
،ومن اهم مؤشرات عسكرة الفضاء إنشاء الولايات المتحدة رسميا جيش خاص اغسطس 2019 ،واعلان فرنسا تشكيل قيادة عسكرية للفضاء في يوليو 2019 وقيام عدد أخر من الدول مثل روسيا الصين بإجراء تجارب لاختبار قدراتها الصاروخية في الفضاء الخارجي .
وفي نهاية مارس 2019 ، أطلقت الهند صاروخًا مضادًا للأقمار الصناعية على خط إطلاق الصين ذلك عام 2007، وهو ما أقلق المجتمع الدولي ،وبخاصة مع امكانية انتقال عمل الأقمار الصناعية العسكرية من العمل الاستخباراتي وجمع المعلومات الى الدخول في العمل المادي الحربي. وتشير التقديرات ان تطوير تقنيات تسليح الأقمار الصناعية سيتم بحلول العام 2030.
وعلى الرغم من عدم ظهور القدرة على تحويل الفضاء كمنصة لإطلاق النيران على الأرض الا ان المخاوف بشأن ذلك تتصاعد وذلك بسبب، اولا ، لكون الفضاء الخارجي مرفق دولي مشاع للاستخدام من قبل كافة الفاعلين سواء من الدول او من غيرهم . ثانيا ، زيادة التوجه لدى الدول الكبرى في مجال القوة الفضائية لإقامة قواعد ثابتة على القمر .
ثالثا، التطور في مجال الصواريخ البالسيتية العابرة للقارات والتي يمكن ان تحمل رؤوس نووية ،. رابعا ،عدم وجود قدرات كبري في مجال الدفاع عن البنية التحتية الفضائية ضد الهجمات المحتملة مثل موقف الولايات المتحدة على الرغم من هيمنتها
خامسا،دخول لاعبين من غير الدول في مجال الاستخدامات الفضائية وبخاصة الشركات الخاصة والتي لا تخضع لالتزامات القانون الدولي المبرمة ،مثل دور الشركات الأمريكية كشركة SpaceX أو شركة Virgin Orbit أو شركة Blue Origin
سادسا ، ان حال اللايقين بمدي ما وصلت إلية الدول من أبحاث في تطوير أسلحة فضائية يدفع البقية الى الاستثمار فيها لتحقيق ردع مفترض ضد احتمال التعرض للهجمات.
سابعا ، أتاحت تكنولوجيا الفضاء تنامي القدرات الذاتية للدول، بعد ان كانت صعبة الوصول نتيجة التقدم في مجال التكنولوجيا و المعرفة وتقليل التكلفة وسهولة الاستخدام.

ازدحام الفضاء
عدد الأقمار والمركبات الفضائية التي تم إطلاقها حتى عام 2018 بزيادة 90% عن عام 2001
المصدر : مكتب الامم المتحدة لشئون الفضاءUNOOSA ،جريدة الواشنطون بوست
القانون الدولي ومنع عسكرة الفضاء
من شان حالة التصاعد من جهة للاستخدامات العسكرية المتطورة للفضاء الى جانب عدم مواكبة القانون الدولي لتلك التطورات ،أن يؤثر في مفردات "الامن الفضائي" كجزء من الامن الجماعي الدولي.
و كان من أهم الجهود الدولية لاتخاذ إجراءات وتدابير وقائية التوصل لاتفاقية الفضاء الخارجي والأجرام السماوية عام 1967،لتنظيم الاستخدام السلمي،ومرور الرحلات والمركبات الفضائية ،وحرية استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي دون تمييز وعلى قدم المساواة ،وعدم جواز التملك القومي للفضاء او بادعاء السيادة أوضع اليد أو الاحتلال أو بأي وسيلة أخرى،و التزام الدول في مباشرة نشاطها بالقانون الدولي بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة بغية صيانة السلم والأمن الدولي .
ولم تذكر الاتفاقية الأسلحة الفضائية وحظرها مع التطور التكنولوجي في مجال أبحاث تطويرها ونشرها واستخدامها ،وعدم وجود اتفاق دولي يمنع الاختبارات العسكرية للقدرات الصاروخية في الفضاء.
اقترحت روسيا والصين في مؤتمر نزع السلاح عام 2008 معاهدة لمنع وضع أسلحة في الفضاء ، أو استخدامها أو التهديد بها ، وترفض الولايات المتحدة بدء مباحثات حول التسلح في الفضاء تحت رعاية الأمم المتحدة بدعوى أنها ستعمل على الحافظ على القدرات الفضائية لكل من روسيا والصين..
وفي عام 2014 رفضت مرة اخرى المقترح الروسي –الصيني للتوقيع على معاهدة لحظر الأسلحة في الفضاء،وذلك بدعوى غياب آليات التحقق والمراقبة.
في مارس 2019 اجتمع خبراء حكوميون بجينيف من 25 دولة بمكتب الأمم المتحدة لعقد مباحثات حول كيفية منع تحول الفضاء لساحة "حربية"، ووضع عدة بنود يمكن تضمينها في المستفبل في معاهدة للأمم المتحدة ، و أخذ التدابير الدولية على أساس قانوني غير ملزم ،ويرى اتجاة ان ذلك يعد أكثر فعالية من اتفاقية ملزمة. بينما يفضل الاتحاد الأوروبي بما فيها ألمانيا أهمية تعزيز إجراءات الشفافية وبناء الثقة كتدابير لينه لمنع التسلح الفضائي. وتسعى روسيا والصين إلى تقديم معاهدة دولية محدثه لحظر نشر السلاح في الفضاء لمؤتمر حول نزع السلاح يقام برعاية الأمم المتحدة.
وتطالب الولايات المتحدة من جانبها بتطبيق الفصل 51 من ميثاق الأمم المتحدة بنصه أنه “يمكن لدولة ما أيضا استخدام القوة العسكرية لحماية نفسها من الأعمال العدائية”،والربط بين ذلك والفصل الثالث من معاهدة 1967 الذي ينص على“أن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة يمتدان ليشملا استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي”، وبإمكان أي دولة القيام بمهام مراقبة الفضاء وتطبيق القوة الفضائية لحماية ممتلكاتها في الفضاء.


نحو مستقبل آمن في الفضاء الخارجي
دفعت حقيقة أن تكنولوجيا الفضاء أصبحت في متناول الجميع ، الى اتساع مستمر في قدرات واستخدامات الدول ،وهو ما يفرض المزيد من التعاون الدولي وأهمية ترشيد الاستخدام لمواجهة الاخطار ذات الطبيعة العالمية.
وتحديد كيفية تنظيم الاستخدام من قبل الدول من جهة والشركات الخاصة من جهة اخري ، وبخاصة مع انتقال الشركات من مرحلة تقديم المنتجات والخدمات الفضائية الى القيام بالاستكشاف إلى ما وراء مدار الأرض المنخفض بموافقة الدولة ،وأصبحت تتطلع تلك الشركات الى تجاوز مدار الأرض ،وهو التطور الذي يمكن ان يقلل من دور الدول في مجال الفضاء لصالح القطاع الخاص .في ظل اختلاف الدافع ما بين الطابع السياسي والاخر التجاري .
و تواجه عملية التحكم او السيطرة على سابق التسلح في الفضاء بتحديات ترتبط باختلاف طبيعته عن غيره من المجالات الدولية الاخري ،والتي يمكن اخضاعها للسيطرة المادية وسهولة المراقبة والتفتيش ،و صعوبات تتعلق بكون الفضاء مشاعا ولا يستطيع احد ادعاء تملكة او ممارسة سيادة الدولة عليه.
وتعاني الولايات المتحدة من نقطة ضعف إستراتيجية على الرغم من هيمنتها تتمثل في عدم امتلاكها منصات لحماية أقمارها من اي اعتداء او هجوم يكون مصدره الفضاء ،وتحاول منع محاولة إعاقة أنشطتها الفضائية من قبل دول اخري.
ويفرض امتلاك دول لأسلحة فضائية ان يعرض أي دولة تمتلك"بنية فضائية" لخطر الهجوم ،أو أن تصبح هدفا لهً في حالة النزاع المسلح "على الارض " ،واحتمال تجاوز تأثير ذلك طرفي او اطراف الصراع المفترضين لتصيب كافة أنظمة البنية الفضائية المدنية الكونية،وهو ما يكون له تداعيات مختلفة على المجتمع الدولي قاطبة.
ويأتي هذا في إطار تطور الفكر الاستراتيجي العالمي المتمثل في ان من يستطيع السيطرة على مائة كيلو في محيط الكرة الأرضية الى جانب القمر يمكنه السيطرة على الأرض ، وبخاصة مع دخول دول جديدة النادي الفضائي الدولي ، وهو ما سيعمل من جهة على صعوبة السيطرة على السلوك الدولي ويكسر من جهة اخري احتكار القوى الكبري التقليدية له ، و هو ما يدفع لأهمية الحفاظ على الاستخدام السلمي للفضاء في ظل فوضي الاستخدام وعدم تطبيق القانون الدولي .
واهمية التوصل لمعاهدات لمنع مضادات الأقمار الصناعية، والأسلحة المنشورة في الفضاء،وضمها الى اتفاقيات الحد من التسلح،الى جانب الإجراءات الطوعية لبناء الشفافية والثقة المتبادلتين.وتفعيل اتفاقية عام 1976، وتعزيز دور الأمم المتحدة والمجتمع المدني العالمي والرأي العام والإعلام لفرض قيود على مثل ذلك التطور المدمر لأمن واستقرار المجتمع الدولي.
وترسيخ قواعد لحماية البنية التحتية في الفضاء الخارجي من خطر القصف او التدمير، ومواجهة الأخطار الكونية مثل التغير المناخي والمخلفات الفضائية .ومواجهة تحدي تحول الهدف من السيطرة علي القمر أو استكشاف الكواكب خارج المجموعة الشمسية الى مجال لممارسة الهيمنة والسيطرة من جانب الدول الكبرى.وهو ما يتطلب ان يكون الفضاء مجالا للتعاون والتكامل.و ترسيخ اعتباره مرفقا دوليا وترثا مشتركا للإنسانية.
وذلك في ضوء ،
اولا ، تحول سباق الفضاء من الجانب العلمي فقط الى العسكري ومن النشاط العسكري السري الى الاعلان عن تاسيس جيوش فضائية بما يعني الاقرار بتحول المجال لـ"ساحة حربيه"، وفي ظل تصاعد اهمية "القوة الفضائية" على حساب "القوة الجوية ".
ثانيا ،على الرغم من تصاعد الاستخدامات العسكرية للفضاء الا ان المجتمع الدولي يتجه الى زيادة الاعتماد عليه كذلك في الانشطة المدنية- التجارية وبخاصة في مجال الانترنت والاتصالات.
ثالثا، يعكس سباق التسلح في الفضاء حالة العسكرة التي يشهدها المجتمع الدولي في المجالات الاخري وحالة الصراع على الحدود والنفوذ والهيمنة بين القوى المختلفة.
رابعا،التحول من حالة الاستكشاف المداري حول الارض الى السعي لاقامة قواعد ومركبات ثابته على القمر او غيره من الاجرام السماوية .
خامسا ، علي الرغم من النمو المتسارع في قدرات الدول الاخري الا ان الولايات المتحدة ما زالت تحتفظ بالهيمنة الفضائية الا ان تضييق الفارق يقلق واشنطون .
سادسا ، ان وجود مظاهر للصراع والتنافس لا يمنع جهود اخري للتعاون والتحالف الدولي في مجال البحث العلمي كمحطة الفضاء الدولية .
سابعا ، تنامي دور الاستخدامات العسكرية للفضاء في مناطق الصراعات،كعمل المنظمات الارهابية "الدعومة من الدول"،وعمل منصات اطلاق للطائرات بدون طيار، وشن الحروب النفسية .
ثامنا، يشكل تصاعد دور الشركات الخاصة في الفضاء تحديا لسلطة الدولة والقانون وفي نفس الوقت اتاحة الفرصة للمزيد من التقدم في الفضاء مع تراجع الانفاق الحكومي ،مثل حالة تراجع ميزانية وكالة "ناسا" الفضائية من 4% عام 1969 لتصل الى 0,5% منذ عام 2011 وحتى الان.
تطورات في الفضاء الافريقي 2019
اتخذ المجلس التنفيذى للاتحاد الأفريقى، في مارس 2019 ،قرارا باستضافة مصر لوكالة الفضاء الأفريقية وهو الامر الذي يساعد في دفع جهود التنمية الوطنية والإقليمية وفقا لأجندة أفريقيا 2063.
وتساعد الوكالة في توسيع دائرة الاستكشافات الفضائية وغيرها من أعمال الاستشعار عن بعد ، بما يعزز العمل الأفريقي المشترك لتطوير علوم الفضاء من خلال تكامل كافة الأبحاث التي تجريها الدول الأعضاء في الوكالة ، خاصة في مجال السيطرة على مصادر المياه الخاصة بالدولة، ودعم حماية الحدود وترسيم مشاريع تطوير المدن.
وتتيح وكالة الفضاء الأفريقية عملية دخول القارة السمراء لـ " نادى الكبار" الذي يضم الدول التي تمكنت من امتلاك وكالات للفضاء ، مما يعزز انطلاق القارة بقوة نحو العالمية ، ومن الاهمية بمكان تعزيز قدرة الوكالة في حماية الأقمار الصناعية لدول القارة في الفضاء الخارجي ، واستحداث ونقل وتوطين وتطوير علوم وتكنولوجيا الفضاء ، وامتلاك القدرات الذاتية لبناء وإطلاق الأقمار الصناعية ، بما يخدم استراتيجيات دول القارة في مجالات التنمية والأمن القومى
وكان الاتحاد الافريقي قد اعتمد في 2016، "السياسة والإستراتيجية الفضائية الأفريقية" لتطوير البرامج الفضائية ودعمها ماديا ودفع التعاون في هذا المجال وبخاصة في ظل تضاعف الطلب الإفريقي على الترددات في كل عام، متخطيا سعة شبكة ألياف الاتصالات الأرضية، وتشجيع شركات تشغيل الأقمار الصناعية التجارية على إطلاق المزيد منها.
ومن جهة اخري أعلنت مصر اطلاق قمرها الصناعي "اجيبت سات A " في فبراير 2019 ، وطيبة 1 في نوفمبر 2019 ،واعلان روندا اطلاق اول قمر صناعي لتقديم خدمة الانترنت في 3 مارس 2019 ، واطلاق أنجولا أول قمر صناعي للمواصلات "أنجوسات" ، واصبحت سابع دولة أفريقية تملك آلة ذات مدار ثابت فوق الأرض بعد المغرب وغانا .وحدث تطور في مجال الاقمار الصناعية وهي الجزائر ومصر وجنوب أفريقيا. ونيجيريا والتي تخطط لإرسال أول رائد إلى الفضاء بحلول عام 2030.

Sources: Based on UNOOSA (2019[3]), Outer Space Objects Index and Space in Africa (2018[4]), https://africanews.space.