في بعض الأوساط ذات الطبع الأكثر حدة في الاتحاد الأوروبي، تحول الخلاف مع واشنطن إلى استياء من فرض الشركات الأمريكية أسعارا أعلى للطاقة على أوروبا، ما زاد من حوافز الصناعة الأوروبية للانتقال إلى أمريكا.
عادة ما تكون اتهامات أسعار الطاقة غير منطقية أو مبالغا فيها، ومن السهل حل مسألة السيارات الكهربائية إلى حد معقول. القضية الكبرى هي قانون خفض التضخم الذي أصدره الرئيس جو بايدن، الذي وضع الولايات المتحدة على طريق الإعانات الضخمة، الذي سيكافح الاتحاد الأوروبي لاتباعه.
أولا، إن فكرة إنشاء واشنطن متعمدة فارقا في تكلفة الطاقة مع الاتحاد الأوروبي يسرق الاستثمار الأوروبي هي مبالغة كبيرة. الولايات المتحدة لا تتحكم في أسعار شركات الطاقة التابعة لها، وليس ذنبها أن يترك الاتحاد الأوروبي نفسه معتمدا بشدة على الغاز الروسي عبر الأنابيب. إن هناك مفارقة قاتمة هنا: في 2018، تحايل الاتحاد الأوروبي على دونالد ترمب للتخلي عن خطة لفرض رسوم جمركية على السيارات الأوروبية بوعود خادعة باستيراد الغاز الطبيعي المسال الأمريكي. لو كانت تلك التعهدات حقيقية وليست تكتيكية، لكانت أوروبا الآن في وضع أفضل.
فيما يتعلق بمسألة السيارات الكهربائية، تجذب الإعفاءات الضريبية اهتماما كبيرا، لأنه مع اعتماد إعانات المستهلكين على الإنتاج المحلي، فمن الواضح أنها ضد قانون منظمة التجارة العالمية. مع ذلك، هناك أيضا مجال كبير للمناورة أمام المشتكين - الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية - لتجنب التمييز. هؤلاء الثلاثة لم يكونوا ليحصلوا من الناحية الواقعية على إمكانية وصول صادرات سياراتهم إلى الإعفاء الضريبي، لكن كما ذكرت "فاينانشيال تايمز"، يمكن تعديل التشريع عن طريق الضغط الذكي. في الحالة الأخيرة، لو كان للشركات المتضررة منشآت تصنيع خاصة بها في الولايات المتحدة، فيمكنها الضغط على أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونجرس المحليين لمطالبة الإدارة بإعفاءات الصادرات من قاعدتهم الانتخابية.
أما فيما يتعلق بسرقة أمريكا الاستثمار من أوروبا، يلاحظ سيمون إيفينيت من خدمة المراقبة جلوبال تريد أليرت أن التدفقات الداخلية للاستثمار الأجنبي المباشر تكافئ الاستقرار التنظيمي أكثر من الحوافز الضريبية.
الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي هو المساعدات الواردة في أجزاء أخرى من القانون، كدعم إنتاج الهيدروجين صديق البيئة. من الصعب إثارة غضب الرأي العام بشأنها. الهيدروجين ليس رمزيا مثل السيارات، والإعانات تتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية فقط إذا ثبت أنها تلحق الضرر بالمنتجين الأوروبيين.
يكمن وراء هذا التوتر اختلاف جوهري في النهج والقدرات. فإذا تحدثنا بفظاظة، فإن الاتحاد الأوروبي لديه قواعد والولايات المتحدة لديها المال. كان نهج أوروبا لإزالة الكربون يتمثل في البداية في تغيير الأسعار النسبية من خلال برنامج تداول الانبعاثات الخاص بها، الذي تدعمه الآن آلية مخططة لتعديل حدود الكربون تمت صياغتها بجهد جهيد للالتزام بقواعد منظمة التجارة العالمية. بعد أن فشلت في إنشاء برنامجها الخاص بالحد الأقصى للانبعاثات الكربونية وتبادلها، ذهبت الولايات المتحدة بدلا من ذلك لتخصيص مئات المليارات للإعانات والحوافز دون الاهتمام كثيرا بقانون التجارة.
العملاقان التجاريان لديهما أيضا أولويات متناقضة. تركز الولايات المتحدة على التفوق على الصين، وعلى هذا النحو تعد الاستثمار الأخضر قضية ذات أهمية طاغية للأمن القومي، وهو الموقف نفسه الذي يحرك ضوابط صادراتها على أشباه الموصلات. أما الاتحاد الأوروبي فيهتم بشكل أكبر بخلو اقتصاده من الكربون ومحاولة اللحاق بالتكنولوجيا الخضراء.
صحيح أن الاتحاد الأوروبي لديه صناديقه الخاصة للاستثمارات الخضراء، لكنها لا تضاهي تلك الموجودة في الولايات المتحدة لدعم الإنتاج مباشرة. علاوة على ذلك، بعد أن تضرر بشكل أشد من صدمة الطاقة، فإن الاتحاد الأوروبي لديه مخاوف أخرى. تقدر مؤسسة بروجل الفكرية أن حكومات الاتحاد الأوروبي أعلنت ما مجموعه 600 مليار يورو من المدفوعات للمستهلكين لتخفيف ارتفاع أسعار الطاقة عليهم، أكثر من الإنفاق الأمريكي بأكمله على الطاقة وتغير المناخ في قانون خفض التضخم.
ما لم ينجح الاتحاد الأوروبي في تخصيص مئات المليارات الإضافية للاستثمار، فلن تكون هناك نهاية طيبة وودية للتوتر عبر المحيط الأطلسي حول النقد مقابل القواعد. من المحتمل أن يكون شيئا تنبغي إدارته بدلا من حله. إنه بالتأكيد أفضل من عدم إنفاق أي أموال على التكنولوجيا الخضراء وعدم فرض أي أسعار على الانبعاثات الكربونية على الإطلاق، لكن وجود قوة تجارية عظمى واحدة تركز على كل منهما ليس بالتأكيد أفضل طريقة للقيام بذلك.