لقد جعل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) حياتنا أكثر راحة. قبل اختراعه، كان الناس يعتمدون على الخرائط الورقية القابلة للطي، والاستدلال المكاني، والإشارات البيئية للتنقل.
مع مرور الوقت، قد يُضعف الاعتماد المفرط على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الذاكرة المكانية. أظهرت إحدى الدراسات أن الحصين -مراكز الذاكرة في الدماغ- كان أكبر حجماً لدى سائقي سيارات الأجرة لأنهم يحتاجون إلى حفظ مخططات الشوارع المعقدة.
وجدت دراسة حديثة أخرى أن سائقي سيارات الأجرة والإسعاف أقل عرضة للوفاة بسبب مرض ألزهايمر مقارنةً بغيرهم من العاملين في المهن الأخرى. أحد التفسيرات المحتملة هو أن هذه الوظائف تتطلب استخداماً متكرراً وآنياً للمهارات المكانية والملاحية، مما قد يساعد في الحفاظ على صحة الحُصين أو حتى تحسينها.
هذا لا يعني أنه لا ينبغي على الناس استخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) للحصول على تحديثات حركة المرور، ولكن هناك طرق لتفعيل الذاكرة المكانية. على سبيل المثال، حاول تخطيط طريق إلى مقهى جديد أو استكشاف طريق مختلف للعودة من العمل.
ومن جانبة يعلق الدكتور عادل عبد الصادق مدير المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني انه بالفعل قد اصبح تاثير الخدمات الرقمية يتسع مع زيادة الاعتماد عليها من قبل الانسان ومن ثم يكون لها تاثير على صحة الانسان النفسية والجسدية ، وان الذاكرة هي اول تلك الضحايا نتيجة اعتماد الانسان على تخزين الارقام والمعلومات والصور على الذاكرة الالكترونية بجهازه الخلوي ".
ويضيف عبد الصادق ، " ان الامر يشبه بان يلغي الانسان قدرات الذكرة داخل المخ لصالح اجهزة اخرى خارجية بما يكون له تاثير على تنشيط المخ والذاكرة ، وخاصة ان القدرة على التدريب والتفكير والتخزين والاسترجاع داخل المخ من الوظائف الطبيعية التي ان تدهورت تؤثر على صحة الانسان وقواه العقية " .
ويعلل الدكتور عادل عبد الصادق بالقول ايضا " اننا اصبحنا نشهد تصاعد في حالات الزهايمر والنسيان والتشويش الفكري وعدم التركيز " وذلك نتيجة للاعتماد المفرط على الخدمات الرقمية ليس فقط للقيام بوظائف الانسان الخارجية كالعمل بل كذلك بالقيام بوظائف الجسم الحيوية وهو ما يكون له تاثير كبير على زيادة الادمان والاغراق في الخدمات الرقمية والى تاثير ذلك على صحة الانسان في العصرالرقمي " .
واما عن كيفية مواجهة ذلك يقول الدكتور عادل عبد الصادق " ان وعي الانسان بمخاطر الانغراق الرقمي هو الركيزة المهمة لمواجهة التاثيرات السلبية على صحة الانسان وان الشركات التقنية يجب ان تتخذ وتتطور سياسات من شانها تقليل الاعتماد عليها او التحذير من ذلك لدى جمهور المستخدمين ويضيف الدكتور عادل عبد الصادق ان هناك اهمية للعودة للطبيعية والتخلص من الاجهزة الخلوية وممارسة تمارين قوية الذاكرة الى جانب العودة الى التفاعالات الاجتماعية والثقافية والتي تعزز من العلاقات الانسانية " .