المقالات - تصاعد المصالح والمخاطر في المجال السيبراني |
: 136 | |
|
الاربعاء,12 فبراير 2025 - 05:59 ص د.عادل عبد الصادق
دفعت تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة إلى زيادة حدة الصراع والتنافس والتعاون بين القوى في النظام الدولي. وانعكاس ذلك في تحول وانتقال القوة وممارستها وطرق الحصول عليها سواء على مستوى الحكومات أو الأفراد أو الشركات.وأصبح للمجال السيبراني دور في تقديم الخدمات المدنية والعسكرية على حد سواء ، وتوفير بيئة رقمية وسيطة لانتقال الأفكار والأموال عبر الحدود وبالاعتماد على البنية التحتية المعلوماتية.
|  اضغط للتكبير
|
ودفع التقدم الحاصل خلال العقدين الأخيرين في انتشار ونفاذ تكنولوجيا الاتصال والمعلومات عالميا ، ففي الفترة بين عامي 2019 و2021، ارتفعت نسب استخدام الإنترنت في إفريقيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 23% و24% على التوالي.وارتفع عدد المستخدمين عالميا بمقدار ما يقرب من 800 مليون ليصل إلى 4.9 مليار شخص في عام 2021، أو 63% من سكان العالم ، وبات نحو ثلث سكان العالم غير متصل، أي ما يعادل نحو 2.9 مليار شخص. ويعيش 96? منهم في البلدان النامية.
وجاء ذلك مع زيادة مقابلة أخرى في معدلات التعرض للجرائم السيبرانية كأحد انماط التهديدات السيبرانية ،والتي ارتفعت بنسبة وصلت لـ 600%عام 2021. وتلقت الشركات وحدها 40%منها مقارنة بعام 2020 ،وبمتوسط 870 هجوم سيبراني ،وشهدت أوروبا وأمريكا الشمالية أكبر ارتفاع في الهجمات السيبرانية مقارنة بالعام الماضي حيث وصلت لـ 65%و 57%على التوالي،وشهدت منطقة أسيا والمحيط الهادي أكبر عدد من محاولات هجوم الفدية، وزادت الهجمات السيبرانية بها بنسبة 20% وفي حين بلغت 37% في أمريكا اللاتينية ، و 15%في أفريقيا.
وقد قدرت حجم الخسائر الاقتصادية للجريمة الالكترونية وحدها 16.4 مليار دولار في اليوم ، و684.9 مليون دولار في الساعة ، و11 دولار في الدقيقة و 190 الف دولار في الثانية الواحدة .
وبلغت الخسارة العالمية 6.5 تريليون دولار سنويا عام 2021 ويتوقع ان تصل الى 10.5 تريليون دولار عام 2025 . وذلك بعد ان كانت 3 تريليون عام 2015.
وأصبحت الهجمات السيبرانية تقع في مرتبة عالية من المخاطر التي تهدد الاقتصاد والتجارة الدوليين، وبخاصة مع نمو التجارة الالكترونية في الاقتصاد العالمي.وفي ظل وجود درجة عالية من التعقيد والتشبيك والاعتماد الدولي المتبادل سواء على المستوى الفوقي أوالتحتي ، وفي ظل بيئة دولية "سيبرانية "جديدة تحولت معها ممارسة أنماط القوة الصلبة والناعمة.
ويقف وراء تلك التهديدات السيبرانية ،فاعلون ، من الدول التي تشنها على دول أخرى في ظل حالة الصراع فيما بينهم ، وهناك هجمات يقف ورائها من يعملون في الجريمة المنظمة ،والقراصنة الذين ينشطون بشكل مستقل أو بالتحالف مع احد الأطراف الدولية ، وهناك هجمات سيبرانية يمكن أنتأتي من الداخل عبر الموظفين أوالساخطين أوالمعارضين للنظام السياسي، وهناك هجمات يمكن أن تشنها الجماعات الإرهابية ضد المنشآت الحيوية بهدف تحقيق هدف سياسي.
وفي الأزمات الدولية بدأ يظهر دور الإنترنت وتوظيفه في العمل العسكري، والحفاظ على مرونة الخدمات الحكومية والعمل على تماسك الجبهة الداخلية،وإبقاء المواطنين على اتصال ومعرفة بالمعلومات، ناهيك عن إمكانية تلقيهم المساعدات والإغاثة.وبرز دور شبكات التواصل الاجتماعي في التأثير في الرأي العام تجاه الموقف من الحرب سواء على مستوى الجبهة الداخلية أوالرأي العام العالمي. وسعت الأطراف المتحاربة إلى تدمير قدرة العدو في الحرب على التواصل، كأحد تكتيكات العزل والتمهيد للهزيمة أو الاستسلام.
وبرزت عدة ملامح ومتغيرات داخل البيئة الدولية ،الأول،إن تسارع وتيرة التغييرات التقنية عمل على الحد من القدرة على التنبؤ بالمخاطر وهو ما يعزز من أهمية الاستجابة للتهديدات وإنشاء نظام للردع السيبراني، والثاني ،إن امن الفضاء السيبراني يتطلب وجود نظام مرن وآمن للإفراد والشركات والحكومات وهو ما يعزز من الثقة في البيئة الرقمية ودورها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
الثالث،تزايد حجم الخسائر الاقتصادية وارتفاع تكلفة التهديدات السيبرانية والوعي لدى صانعي القرار من الحكومات وكافة أصحاب المصلحة في مجتمع المعلومات العالمي .والرابع، وجود حالة من التبني السريع للرقمنة من قبل الحكومات سواء كانت في شكل تطبيقات أو منتجات ،أو لتقديم الخدمات ومن ثم إمكانية زيادة التعرض كذلك للمخاطر ،الخامس ، تصاعد دور المجال السيبراني في عمل وتكامل سلاسل التوريد العالمية ،ووجود البرمجيات مفتوحة المصدر أو الطابع العابر للحدود للمكونات التقنية أو البرامج ،بما يطرح إشكاليات حول ملكية الأنظمة ،والاختصاص القانوني ، ووجود أطراف ثالثة لتقديم وظائف مهمة. السادس ، تزايد اعتماد الدول على الخدمات الرقمية المتكاملة، مع تبني إنترنت الأشياء (IoT)وتطبيقات الذكاء الاصطناعي .والتي يمكن أن تتم في جزء كبير منها عبر الحدود الدولية ومن قبل شركات أجنبية كبرى. السابع ، تصاعد أهمية الاقتصاد الرقمي في توسيع الأسواق وفي جني الأرباح وفي الاستثمار في الإبداع والابتكار.الثامن ، حالة التداخل الوظيفي بين المجال السيبراني وغيره من المجالات الدولية الأخرى كالبر والبحر والجو والفضاء الخارجي .
|
|
|