وبرزت تحديات تتعلق بكيفية التوازن ما بين طغيان آلة التحليل الذاتي وما بين العقل البشري ، وما بين كون تلك التطبيقات أدوات مساعدة ام تحولها لأدوات مسيطرة على توجهات البحث العلمي. وهو ما يفرض تحديات امام فهم ودراسة الظاهرة الارهابية ومن ثم الحد من التفسير والتنبؤ بها.وأصبحت مراكز الفكر أمام فرص وتحديات جديدة على النحو الذي يؤثر في طبيعة دورها ووظيفتها ومخرجاتها ، وفي ظل ما أصبح متوافر من قدرات كبيرة في جمع وتحليل المعلومات والقدرة علي التفسير .
وجاء الذكاء الاصطناعي التوليدي ليضيف تحدي جديد للعلوم الانسانيه والاجتماعيه برمتها ما سيؤثر في نظرياتها ومقولاتها النظرية. فتواجدت قدرات إضافية ليس فقط في جمع المعلومات والتحليل بل في إصدار النتائج والأحكام ، وأصبح تشارك تلك التطبيقات في إنتاج المحتوي وتساهم في إخراجه بصورة أكثر تأثيرا وجاذبية.واصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي يساهم في مرحلتي المعرفة والحكمة من هرم المعرفة .وهو الدور الذي كان مقتصرا على العنصر البشري من قبل ، وعلي النحو الذي من شأنه أن يؤثر في دراسة الظواهر الإنسانية و منهجياتها والقدرة علي التنبؤ والتفسير.
فأصبح هناك صندوق اسود يتم فية معالجة البيانات المدخلة بسرعة وبدقة وينزوي دور العنصر البشري في استخلاص النتائج لصالح خوارزميات الذكاء الاصطناعي.ومن ثم فإنها تحتاج الي إضفاء أخلاقيات البحث العلمي علي تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
ويدفع ذلك مراكز الفكر الي إعادة التموضع من جديد للاستفادة من تلك التطبيقات لخدمة البحث العلمي مع الحفاظ على أهمية العنصر البشري في قراءة تلك النتائج ومنع تحيز تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وأخلاقيات تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في عمل المراكز البحثية وبخاصة أنها منتجة من قبل شركات تقنية كبري عابرة للحدود وأن هناك افتقاد للقدرات الوطنية والعربية للتقدم في هذا المجال .
وعلى الرغم من تراجع الاهتمام بالعلوم الإنسانية والاجتماعية في ظل الطوفان الرقمي الا ان اهميتها تتصاعد لمواجهة التحديات الجديدة والاسئلة التي تفرضها تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي ، وخاصة مع اتساع الفجوة النظرية والامبريقية والسياسية والتي تفرضها وتيرة التطورات التقنية ، وتفرض قضايا وافكار جديدة ووسائل للبحث ومفاهيم جديدة وتحدي للنظريات التي كانت تفسر او تحلل الظواهر الانسانية ، واصبحت امام تطبيقات جديدة .تفرض نفسها على الابعاد الاجتماعية والثقافية وما يستتبع معه من تاثيرا على الفرد والمجتمع والدولة .وطبيعة القيم الاخلاقية الجديدة التي تفرض نفسها كاستجابة للتحديات اتي تفرضها تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي .
وتفرض من جهة اخرى البيانات الضخمة والقدرة على تحليلها عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي ، والتي أصبح لها دورا في تفسير وتحليل الظواهر الانسانية وتحويلها الى مؤشرات كمية قابلة للقياس والرصد ، وهو ما يثير تعقيدات ذات طبيعة علمية حول مدى قدرة الادوات الجديدة على تقديم حقائق واقعية ، ومواجهة مخاطر التحيز لتلك التطبيقات والتمييز الثقافي او حتى الفجوة المعرفية في البيانات المدخلة والتي تعتمد عليها تطبيقا الذكاء الاصطناعي التوليدي ، ومن ثم تظهر نتائج خاطئة ومضللة .
ومن جهة أخرى تتيح عملية التوسع في الذكاء الاصطناعي التوليدي والروبوتات تساؤلات فلسفية وجودية امام الانسان وإحساسه بذاته مع تغول تلك التطبيقات على دوره التقليدي في الحياة كمفكر او منتج ثقافي، وما لذلك من تاثيرات على التجمع البشري والانساني لصالح تمكن الروبوتات من مزاحمة البشر وقيامهم بوظائف كانوا يقومون بها ، بالإضافة الى قضية التحرر لإرادة الإنسان مقابل خضوعة للسيطرة الصامتة من قبل تلك التطبيقات المختلفة للذكاء الاصطناعي . الأمر الذي يجعل من التطور التقني منصة لاغتنام الفرص ومن جهة اخرى اهمية الحفاظ على القيم الأخلاقية والاجتماعية والثقافية للأفراد والمجتمعات في ظل عالم متغير. وتمثل دراسة الظاهرة الارهابية تحديا لمراكز الفكر في ظل صعود تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في عملية الرصد والتفسير والتنبؤ باتجاهات تطورها وتفاعلاتها المختلفة