i_icon/   phone_icon   site_map
مقالات HTML Elements Reference

المقالات -
المنصات الرقمية والرأى العام

: 1043
الاربعاء,7 اغسطس 2024 - 11:55 ص
د.عادل عبد الصادق
الاهرام 7 اغسطس 2024

عبر بيان الحكومة المصرية عن الانفتاح بشكل اكبر على الرأى العام من أجل تعزيز العلاقة مع المواطن من جهة والمساعدة على القيام بوظائفها من جهة أخري،ويأتى ذلك فى ظل متغيرات جديدة ارتبطت بالبيئة الرقمية، وما حملته من تغير فى طبيعة المجتمع والأدوات التى أصبح يمتلكها للرأى والتعبير، وانعكاس ذلك على رؤية المواطن عن ذاته ومحيطه واتجاهاته نحو الحكومة وللعالم من حوله.

المنصات الرقمية والرأى العام
اضغط للتكبير


وتصاعد دور المنصات الرقمية فى عمليات الاتصال المباشر بين الحكومة والمواطن، فى مقابل تراجع دور المؤسسات السياسية الوسيطة المعنية تقليديا بذلك، واتساع حجم القضايا والاهتمامات وظهور فاعلين جدد يهتمون بـالسياسة أو بالشأن العام، ونتج عن ذلك زيادة فى حجم المطالب والتوقعات لدى المواطن تجاه الحكومة، وهو ما شكل ضغطا عليها لتحقيق التوازن ما بين المطالب والاستجابة لها، وأصبحت المنصات الرقمية بمثابة برلمان لمحاسبة الحكومة ورصد إنجازاتها على الأرض مع بروز أنماط المواطن الإعلامى والشريك والناقد والباحث والمتحالف والمراقب. والتى تظهر فى حجم التفاعل خاصة بين المراهقين و الشباب فى ظل التحول الرقمى ومؤشراته الكمية حيث انه فى يناير 2024 بلغ حجم انتشار الهواتف الخلوية 110.5 مليون مستخدم، وبلغ عدد مستخدمى الانترنت فى مصر ما يزيد على 82 مليون مشترك من بين 113.6 مليون نسمة، وبلغ عدد مستخدمى الشبكات الاجتماعية نحو 45.40 مليون مستخدم وبلغت خدمات شركة ميتا ما نسبته 55.9% من المستخدمين للانترنت من بين الاكبر من 13 عاما، بينما يستخدم اليوتيوب نحو 44,70 مليون مستخدم، بينما يستخدم تطبيق تيك توك 32.94 مليون مستخدم بين من هم اكبر من 18 عاما و17.24 مليون مستخدم لتطبيق سنابشات، ويستخدم 5.84 مليون لتطبيق اكس تويتر سابقا .

وتكشف انماط استخدام المنصات الرقمية عن اشكالية التعبير الفعلى عن اجندة الرأى العام و علاقة ذلك باتساع نطاق التأثير والتعبئة، والتى تتم عبر ما يتم رصده من اتجاهات او ترندات او هاشتاجات او حملات ترتبط بما ينشره المستخدمون او المؤثرون من محتوى ذى صلة. أو نقل ما يتم تداوله من اخبار وقضايا الى القنوات الفضائية او الصحف الورقية او المواقع الالكترونية لها او بالانتقال الايجابى او السلبى الى الشارع. وارتباط التحول فى نمط التفاعل بطبيعة القضية وبين كونها تحمل طابعا شخصيا ويتم تصديرها على انها قضية رأى عام او بالتعبير عن قضية ذات اولوية بالفعل لديه، ومدى غلبة الشحن العاطفى دون العقلى وهو ما يؤدى الى خفوت الاهتمام رويدا والتمهيد لظهور قضايا اخرى شبيهة نتيجة عدم معالجة الاسباب الحقيقية لها وعدم توظيف تكرار حالاتها الفردية فى تطوير السياسات العامة المرتبطة بها، وهو ما يجعل الرأى العام يقع بين حالتين من الشحن والتفريغ المتواصل مع التدفق الهائل للمعلومات. وأثرت خوارزميات المنصات الرقمية فى تكوين غرف للصدى والانغلاق على نفسها بعيدا عن سرد باقى القصة وتصاعد دور الشركات التقنية فى التحكم فى المحتوى وانتشاره على حساب دور الإعلام الوطني، وتأثير الطابع الفردى للمنصات الرقمية فى تفتيت الاهتمام بين الرأى العام مقابل الدور الذى كان يلعبه الإعلام الجماهيري. ويستخدم المال السياسى عبر المنصات الرقمية للتعبئة حول القضية، سواء عبر اللجان الالكترونية، او الإعلانات الرقمية والتسويق لعدد المشاهدات كمقياس للتعاطف بغض النظر عن تحول ذلك الى تأييد واقعي، وإمكانية ان يكون مصدرها خارج نطاق المجتمع المحلى المعني.

وفى وقت الأزمات او الانتخابات تزيد مخاطر المحتوى المولد عبر الذكاء الاصطناعى فى نشر الأخبار والمعلومات المضللة، ومساهمة التغريدات المقتضبة والصور فى بروز السطحية وسياسة القطيع او عبر نشر قوالب فكرية جامدة، او اجتزاء النص وخروجه من سياقه بما قد يؤدى الى نشر اتجاهات العنف او الكراهية او العنصرية، وتسبب دخول غير المتخصصين فى معالجة القضايا، خاصة ذات الطبيعة القانونية فى تضليل الرأى العام والإضرار بسير العدالة. ومن شأن الاتصال الحكومى الفعال عبر المنصات الرقمية ان يساعد فى التعبئة للموارد المادية والبشرية لخدمة الأهداف القومية، خاصة فى ظل تنامى دور الحكومة فى مواجهة القضايا الناشئة عبر دورها التنظيمى التى تحمل فرصا وتحديات جديدة، سواء للفرد او المجتمع او الدولة منها ذات طبيعة مادية وأخرى رمزية عابرة للدور التقليدى للحكومة إلى باقى الفاعلين داخل المجتمع من جهة وعابرة للحدود بما يتطلب معه تعزيز التعاون الإقليمى والدولى من جهة أخري.

وتمثل ثقافة المستخدم عبر المنصات الرقمية، والتى يتم تكوينها عبر التعليم الإلزامى او الذاتى ركيزة للوعى بالمصالح الوطنية وبمخاطر الترويج للتفاهة والتمييز بين الغث والثمين وما بين العام والخاص وما بين حق التعبير عن الرأى وانتهاك الخصوصية، وهو ما يولى أهمية للنظرة النقدية لما يتم عرضه فى إطار الحرية المسئولة والمشاركة والشفافية بين المواطن والحكومة وبما يساعد فى بناء الثقة والحوكمة معا، وتفعيل دور مراكز الفكر فى قياس الرأى العام، وأهمية توظيف البيانات وجودتها فى عملية صنع القرار، ودور وسائل الإعلام والمجتمع المدنى فى رفع الوعى بالمخاطر والفرص للمنصات الرقمية، ومعالجة الفجوة بين القدرات والأهداف فى ظل موارد الدولة الفعلية، وبما ينعكس فى تعزيز عملية التنمية وتبنى السياسات العامة التى تعبر بالفعل عن التوجهات الحقيقية للرأى العام.

المصدر


Share/Bookmark

accr2024

  • فوضى الأسواق تمهد لنظام عالمي ينهي حقبة منظمة التجارة «المعادية»
  • هل تُفسد هواتفنا أدمغتنا حقاً؟
  • الاقتصاد الإبداعي... حين تصبح الفكرة ثروة والمحتوى صناعة
  • هل ستكون الطاقة المستدامة ركيزة مستقبل مراكز البيانات في الشرق الأوسط؟
  • النصب الإلكترونى فى عصر الذكاء الاصطناعى
  • Facebook
    Comments
    el-doo2_text/
    accr2024/


    النصب الإلكترونى فى عصر الذكاء الاصطناعى
    فى رحلة البحث عن الأموال الزائفة ما بين الضحايا والمجرمين.أصبحت جريمة النصب والاحتيال المالى من الجر

    نمط تفخيخ سلاسل الإمداد والتوريد في الحرب السيبرانية
    جاء التفجير المتزامن يومي 17 و18 سبتمبر 2024 فى لبنان لأجهزة بيجر وآيكوم للاتصال اللاسلكى ليقتل ال

    جولة أخرى حول حوكمة الذكاء الاصطناعى
    جاء انعقاد قمة الذكاء الاصطناعى فى باريس فى العاشر والحادى عشر من فبراير الحالي، لتطرح من جديد قضية

    hama
    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    التاريخ