وكانت عملية تفشى وباء كوفيد 19 دافعا الى التطور في مجال تطبيقات المراقبة الالكترونية بكافة انواعها واهدافها .حيث شهدت تلك الفترة قيام ما يزيد على 25 دولة باستخدام برامج كاميرات التعرف على الوجه وتتبع بيانات الهواتف الذكية وتطبيقات لتسجيل الاتصال الشخصى مع الآخرين والطائرات المسيرة لفرض أنظمة العزل الاجتماعي.
وكانت الولايات المتحدة أول من أدخل المراقبة الالكترونية في الثمانينات من القرن الماضي،ويوجد اليوم هناك حوالي 40 دولة وهناك أكثر من 350 ألف شخص حول العالم يرتدون الأسورة الإلكترونية، نصفهم تقريباً في أمريكا الشمالية. . واطلقت شرطة أبوظبي المراقبة الإلكترونية في أكتوبر 2017م، وتم تطبيقها في يناير 2018 كبديل عن الحبس في الأحكام النهائية الصادرة عن دائرة القضاء في أبوظبي.وفي سويسرا تم تبني قانون عام 2022، يقر بإمكانية طلب المراقبة الإلكترونية من خلال سوار يثبت حول القدم
وتتميز تطبيقات المراقبة الإلكترونية بتعدد وسائلها خاصة مع التقدم في مجال توظيف البيانات الضخمة في حماية الامن مثل كاميرات التعرف على الوجه او اسوار الكترونية يتم لبسها في المعصم لليد او في القدم الى جانب وسائل تقنية اخرى للتتبع مثل التجسس او الرقابة عبر الهواتف الذكية ، وتستهدف المراقبة الالكترونية للأشخاص ضمان خضوعهم للسلطة التنفيذية وتطبيق إحكام القانون بشان القيام او بالتورط في جرائم او أنشطة ، وتتم المراقبة الالكترونية في خلال مكان وزمن محدد يتم انتهائها او مدها وفق سلطة القضاء .
ويتم ربط تلك التطبيقات التقنية الخاصة بالمراقبة بخدمات تحديد الموقع عبر الانترنت ، حيث يتم الربط ما بين جهاز الإرسال بيد الشخص وجهاز استقبال في مكان تواجده و مركز المراقبة المركزي للتعقب عن بعد والذي غالبا ما يتبع الاجهزة الامنية.
وهناك سوار الكتروني يكون مزود بشريحتي اتصال ، يتم من خلالها تحديد الموقع عبر نظام الخرائط بالأقمار الصناعية وموجات الراديو،ويمكن بذلك تتبع حركة الشخص والسرعة والمسار والبعد عن المكان المحدد.
ويتم النظر الى المراقبة الالكترونية على انها احد الإجراءات الاحترازية التي يتم تطبيقها سواء في مرحلة التحقيق او الإفراج او التحري والتي تصدر أوامرها القضاء او المحكمة . وإجبار المحكوم علية بالتواجد في مكان محدد لمدة زمنية محددة.
وتعد المراقبة الإلكترونية من بين التطبيقات الجديدة للمراقبة او تخفيف عقوبة الحبس لمدة قصيرة الى ترك الشخص يخرج او يراقب خارج اماكن الاحتجاز او الحبس ، ومن ثم فان تطبيق الرقابة الالكترونية يعمل على ان يكون بديل للعقوبة او المراقبة بالطرق التقليدية خاصة الحبس الى تطبيق عقوبة سالبة للحرية الفردية لمدة قصيرة .
ويتم اللجوء الى المراقبة الالكترونية لتحقيق عده اهداف لعل اهمها معرفة مدى نجاح عملية تأهيل المحكوم عليه سابقا او بخضوعة لعقوبة قصيرة سالبة للحرية نتيجة تورطه او قيامة بانشطه يجرمها القانون الوطني ، ويتم النظر الى المراقبة الالكترونية على انها يمكن ان تساهم في الحد من ارتفاع الجرائم او الانشطة الاجرامية والحد من تكرار العمل الاجرامي ، وتقديم حلول سهلة لازدحام السجون او أماكن الاحتجاز ، وتخفيض تكلفة معيشة السجناء على الدولة .والمساعدة في دمج الشخص اجتماعيا سواء بين اسرته او المكان الذي يعيش فية بما يخفف من التاثيرات النفسية لتعرضة للسجن . او ان يتم استخدام المراقبة الالكترونية بديلا للحبس الاحتياطي .
وتواجه عملية تطبيق المراقبة الالكترونية بتحديات تقنية لعل اهمها تمكن الشخص الخاضع لها من إتلاف او تكسير التطبيقات المرتبطة بالمراقبة بما يعني خروجه عن نطاق السيطرة او المتابعة .
وفي الفترة الاخيرة قامت بريطانيا بتكبيل طالبي اللجوء بأجهزة تتبّع ، منذ منتصف يونيو 2022 ، حيث يتم يتم وضع "اسوارة " في الكاحل بقدم الشخص الذي يتم اطلاق سراحة المشروط ، والعمل على مراقبة الشخص ورصد تحركاته داخل منطقة محددة ويتم الزامهم بالتواجد في مكان محدد وفي وقت محدد للعمل على منع هروب طالبي اللجوء، وتبرر الداخلية البريطانية ذلك بمحاولة ضبط سياسة الهجرة الجديدة وان التطبيق يتم بشكل فردي ن وان عملية جمع البيانات عن اللاجئين تخضع لقانون حماية البيانات البريطاني ، وان عملية تطبيق المراقبة الإلكترونية لن يصنف انتهاكا لحقوق الإنسان بموجب المادة الثامنة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان .
،ودفع ذلك الى اعتراض العديد من منظمات حقوق الانسان واعتبرته انتهاكا للحريات المدنية واعترض مجلس اللاجئين" المشارك في "تحالف معا من أجل اللاجئين"، على تلك الممارسات والذي يضم العديد من منظمات المجتمع المدني التي تهم بدمج اللاجئين في المجتمع الريطاني .واعتبر مجلس اللاجئين عن قلقه من نظام المراقبة، وقال "إنها معاملة للناس كأشياء بدلا من رجال ونساء وأطفال ضعفاء يبحثون عن الأمان، يجب أن تتم معاملتهم برحمة وإنسانية تماما كما رحب البريطانيون باللاجئين الأوكرانيين".
ودفع ذلك الداخلية البريطانية الى الاعلان عن استثناء الحوامل والأطفال من تطبيق برنامج المراقبة الإلكترونية، وانه يتم اعادة النظر في كل حالة تم تقييدها بالإسوارة كل ثلاثة أشهر، ويمكن تجديدها تبعا للموقف. وان ذلك التطبيق يهدف الى احتواء عملية تدفق المهاجرين عبر القوارب الصغيرة أو ممن ياتون من خلال مسارات اخرى ،وان عملية الرصد تساهم في معرفة المسارات السرية التي قد يتبعها اللاجئين ، وكذلك متابعه من لهم سجل اجرامي في الشرطة ، ومتابعه المشتبهين بخرق شروط إطلاق السراح الخاص بالهجرة أو وجود معلومات استخباراتية تستدعي التتبع ، وتساعد ذلك في مواجهة امتلاء السجون باللاجئين وان التقييد بأجهزة التتبع يوفر على السلطات الامنية تكلفة احتاجزهم وتوفير اماكن لهم داخل السجون البريطانية ورغم تصاعد نبرة المعارضة الرافضة لنظام المراقبة الإلكترونية فإن زعيم حزب العمل المعارض كير ستارمر أكد أنهم سيوافقون على تقييد طالبي اللجوء بأجهزة تتبع في حالات محددة،
وفي الاسبوع الماضي اندلعت تظاهرة إلكترونية نظمها مقيدون بتلك الإسوارة من طالبي اللجوء القادمين من ألبانيا، حيث قطعوا أجهزة التتبع في بث مباشر، ثم الهروب من رقابة وزارة الداخلية.
وتطلب عملية المراقبة الالكترونية ان تتم وفق ضمانات قانونية تحفظ حقوق الانسان وان تتحول الى اداة لتغيير السلوك بدلا من عدم الفاعلية وان تحتسب مدة المراقبة الالكترونية من مدد العقوبة ، وان تتوفر الاجراءات القانونية اتي يمكن ان يلتمس لها الشخص الخاضع لها لانتهائها او تخفيفها ، وان لا تتحول التطبيقات التقنية إلى اداة للرقابة الشاملة على المواطنين ، وتتحول الى ادوات لانتهاك حقوق الانسان في حالة عدم الوعي او التعامل الامني مع بعض القضايا غير الأمنية مثل قضية الهجرة غير الشرعية او اللاجئين او ، ومن ثم على الرغم من المزايا التي توفرها تطبيقات المراقبة الالكترونية الا انها تحتاج الى مراجعه للتحقق من عدم انتهاكها لحقوق الانسان ،وهو امر يتطلب دور مهما للسلطة التشريعية للرقابة على سلوك السلطة التنفيذية ، ودور المجتمع المدني والإعلام لكشف الممارسات الخاطئة ، وتحقيق فهم مجتمعي لتلك التطبيقات الجديدة في المجال الأمني ، بما يحفظ لها القبول والفاعلية والاستدامة.بما ينعكس على امن المجتمع .