ويتناول التقرير ما يسمية بالمخاطر الفورية او الانية خلال عام 2025 ، والتي تتمثل في الصراعات المسلحة بين الدول والتي منها تشهدها أوكرانيا والسودان ودول ومناطق أخرى تعكس تصاعد حدة التوترات الجيوسياسية وما يستتبعه من الأزمات الإنسانية.
ويشير التقرير من جهة اخرى لما يطلق علية بالظواهر المناخية المتطرفة والتي تمثلت في زيادة موجات الجفاف والفيضانات والعواصف بما يمثل تهديدا للبنية التحتية والحياة المدنية ، ومن جهة اخرى يشير التقرير الى ظاهرة المعلومات المضلِّلة ،والتي اكتسبت تطورا في ظل تصاعد الذكاء الاصطناعي التوليدي وما اتاحه من سهولة انتاج ونشر المحتوى المضلل بما يكون لها انعكاس سلبي على عملية صنع القرار والثقة في الانترنت.
اما فيما يتعلق بالمخاطر قصيرة المدى حتى عام 2027 فيشير التقرير على انها تشهد اتجاها متصاعدا وهي المعلومات المضلِّلة والتي تؤدي إلى تفاقم الانقسامات المجتمعية وتعرقل الاستجابة الفعّالة للأزمات. الى جانب كذلك الظواهر المناخية المتطرفة بما يجعل قضية المناخ على راس اولوية الاجندة الدولية ، والى جابن ظاهرة الاستقطاب المجتمعي المصاعد والتي تظهر في تعمق الخلافات الأيديولوجية، بما ينعكس في اضعاف فرص الحوكمة ويحدث اضطرابات اجتماعية .وفي الاطار الزمني الثالث والذي يطلق علية التقرير المخاطر طويلة المدى حتى عام 2035، فانها تشمل تحديات كذلك مستمرة فيما يتعلق بالظواهر المناخية المتطرفة وفقدان التنوع الحيوي وانهيار النظم البيئيةوالآثار السلبية المحتملة لتقنيات الذكاء الاصطناعي
وينتقل التقرير الى تناول طبيعة القوى الهيكلية التي تشكّل المخاطر العالمية ويرصد أربع قوى رئيسية منها التسارع التكنولوجي والذي يرتبط بالتقدم في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والهندسة الحيوية وفي نفس الوقت ضعف القدرة على ملاحقة هذا التقدم من الناحية التنظيمية بما يمثل فجوة تمثل نقطة ضعف في المواجهة .
وتمثل قضية التغير المناخي محرك اخر لتتفاقم الكوارث المرتبطة بالمناخ وفقدان التنوع الحيوي والتلوث، مهدّدةً سلامة الإنسان والنظم البيئية. ومن شان التحولات الجيوستراتيجية ان تعمق التنافس العالمي وفي سبيل
الانتقال الى عالم متعدد الأقطاب ، وهي تضعف كذلك فعالية الحوكمة المتعددة الأطراف. وتمثل القوى الرابعة في مخاطر الازدواج الديموغرافي ففي حين تواجه الدول المتقدّمة مجتمعات تشيخ بسرعة تعاني من نقص في الأيدي العاملة وأزمات في أنظمة التقاعد، فيما تتزايد معدلات البطالة في الدول النامية التي تتميز بنسبة شباب مرتفعة.
يختتم تقرير المخاطر العالمية لعام 2025 بجملة من التوصيات الاستراتيجية للتعامل مع التحديات الآنية والمستقبلية والتي منها العمل على تعزيز الحوكمة المتعددة الأطراف من خلال إعادة إحياء دور المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية ، وتطوير تبني اطر تشريعية عالمية والتوصل الى معاهدات واتفاقيات عالمية بشان مكافحة التغير المناخي: تسريع تطبيق الالتزامات المناخية ضمن اتفاق باريس.وحوكمة التكنولوجيا من خلال إرساء أطر تنظيمية للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والأمن السيبراني. وهو ما قد ينعكس في استجابة دولية أكثر تنسيقًا وعدالة وفاعلية للأزمات العالمية.
ومن جهة اخرى تمثل عملية الاستثمار في القدرة على الصمود والمرونة في مواجهة الازمات مدخلا مهما من خلال العمل على التقدم في تطوير البنية التحتية واعتماد معايير الإنشاء المقاوم للمناخ، خصوصًا في المناطق المعرضة بشدة للظواهر المتطرفة. والعمل على استقرار الاقتصاد العالمي من خلال إيجاد شبكات أمان مالي لمواجهة تداعيات التفتّت الاقتصادي. وتطبيق سياسات لإدارة الديون، لا سيما في الدول النامية.
ومن ضمن التوصيات كذلك الاهتمام بالأمن الرقمي من خلال تعزيز سياسات الأمن السيبراني لحماية البنية التحتية الحيوية والبيانات. والعمل على تحديث النظم الصحية وتكثيف الاستعداد الطبي لمجابهة الأوبئة المستقبلية ومعالجة آثار التلوّث والشيخوخة السكانية.
ويشير التقرير الى اهمية تشجيع الابتكار المسؤول من خلال تعزيز المعايير الأخلاقية ووضع وتطبيق مبادئ توجيهية دولية لاستخدامات التقنيات الناشئة، ولا سيما في مجالي الذكاء الاصطناعي والهندسة الوراثية.
واهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص وان يرتكز على توجيه الابتكار نحو تحقيق المصالح المجتمعية.وتمثل الشفافية والمساءلة فرصة من خلال فرض إجراءات وضع علامات مميزة على المحتوى المُنشأ عبر الذكاء الاصطناعي وتحديد الجهات المسؤولة عنه.
ويوصي التقرير باهمية تسريع العمل البيئي من خلال الالتزام بتحقيق صافي انبعاثات صفرية عبرتبنّي سياسات تحول الطاقة إلى مصادر متجددة والتقليل من استخدام الوقود الأحفوري.
والعمل على حماية التنوع الحيوي ودعم برامج إعادة التشجير والحفاظ على المواطن الطبيعية وتطبيق ضوابط صارمة ضد تدمير الموائل.والحدّ من التلوث ووضع أطر عالمية للحدّ من النفايات البلاستيكية والملوثات الصناعية والمواد الكيميائية.
ويهتم التقرير بعملية بناء التماسك المجتمعي من خلال العمل على مكافحة المعلومات المضلِّلة وإطلاق حملات توعية عامة لتزويد الأفراد بأدوات التحقق من المعلومات ومواجهة الأخبار الكاذبة. وان تتبني الحكومات سياسات شاملة يكون من شأنها توفير شبكات أمان اجتماعية تضمن تقليص الفوارق الاقتصادية.وتوسيع برامج التعليم والتدريب لمواكبة التحولات في سوق العمل.واهمية اشراك الشباب وتمكينهم في عمليات صنع القرار في القضايا البيئية والرقمية.
وتعزيز القيادة والتعاون بضرورة تركيز صناع القرار على الأهداف بعيدة المدى عوضًا عن المكاسب المؤقتة. واعتماد نمط الشراكات عبر القطاعات من خلال تضافر الجهود بين الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني لإيجاد حلول مبتكرة. وتشجيع الهيئات الإقليمية (مثل الاتحاد الإفريقي ومنظمة آسيان) على لعب دور أكبر في إدارة المخاطر ذات الطابع الإقليمي.
ولا ينفصل ذلك عن اهمية تعزيز الثقافة المرتبطة بالمخاطر من خلال التعليم والتوعية وإدماج مفاهيم الوعي بالمخاطر في المناهج الدراسية لتنشئة أجيال مدرّبة على مواجهة التحديات.وإشراك المجتمعات المحلية وإنشاء منصات حوارية وأنشطة مجتمعية لتبادل الخبرات والأفكار حول الاستعداد للأزمات.