المقالات -
أي مستقبل للجامعات في القرن الحادي والعشرين ؟

: 1122
الثلاثاء,7 ديسمبر 2021 - 04:25 ص
د.عادل عبد الصادق*

فرضت جائحة كوفيد 19 الاهتمام بشكل متصاعد بقضية التعليم وبخاصة مع الالتجاء الى تطبيقات التعلم عن بعد في ظل التوجه لاتخاذ خطوات احترازية لمواجهة العدوى والانتشار للفيروس ،ومن جهة اخرى حالة التغير في سوق العمل والوظائف وفق التطور في المهارات الرقمية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل . وهو الامر الذي فرض تساؤلات حول ماهية تطبيقات التعليم عن بعد؟ وهل تلعب وحدها دورا كافيا في العملية التعليمية ؟

أي مستقبل للجامعات في القرن الحادي والعشرين ؟
اضغط للتكبير

وما هو تاثير ذلك على مستقبل العملية التعليمية سواء في المدارس او الجامعات؟ وهل التعليم يجب ان يكون داخل اروقة الجامعات ام يمكن ان يتم خارجها ؟ وكيفية مواجهة حالة التغير في المهارات المطلوبة لسوق العمل في العصر الرقمي؟ وما هو تأثير تطبيقات الذكاء الاصطناعي ؟ وكيف يمكن اعداد طالب او خريج قادر على المرونة والابتكار بما يواكب حالة التغير في المهارات والوظائف في ظل تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة ؟
وياتي هذا  في ظل الثورة العلمية والتكنولوجية ، وما فرضته الثورة الصناعية الرابعة  من مهارات ووظائف جديدة وهو الامر الذي يفرض اعادة النظر في ماذا نتعلم وكيف نتعلم وما هي طبيعة الجدوى والاثر من العملية التعليمية ؟.ويفرض ذلك بطبيعة الحال ادراك اهمية إدماج التعليم  والتعلم في المنظومة التكنولوجية ،والذي يمكن أن يساهم في  تحقيق النهضة التعليمية المنشودة والوصول الى تحقيق شعار " المجتمع الذي يتعلم " . ذلك الامل الذي اصبح حقيقة ممكنة بفضل الثورة التكنولوجية وما اتاحتة من ادوات ووسائل واصبح  للانترنت  دورا في التعليم والتدريب وفي التأثيرعلى كافة اطراف العملية التعليمية واساليبها ومصادرها وبما مثل ذلك من اهمية في التنمية البشرية بصفة عامة  وخاصة في مجتمع دولي اصبحت المعلومات والمعرفة جزء اساسي من تطورة ومجالا تتنافس فية الدول .

واصبح لا يمكن تحقيق المجتمع المعلوماتي إلا بتكوين الفكر المعلوماتي بين أفراد المجتمع بمختلف المستويات ومن أهم المؤسسات التي يمكن الاستفادة منها في تكوين هذا المجتمع هي المدارس والجامعات. وتقوم عملية ادماج تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في العملية التعليمة باعتبارها عملية متكاملة على تطبيق هيكل من العلوم والمعرفة عن التعليم الإنساني واستخدام مصادر تعلم بشرية وغير بشرية لتحقيق الاهداف  التعليمية والتوصل لتعلم أكثر فعالية ، وتعزيز الاهتمام بالمكتبات الرقمية والمحتوى الإلكتروني وحقوق الملكية الفكرية والبنية المعلوماتية ودور المعلم والموجه والإدارة الإلكترونية .

اصبحت المؤسسة التعليمية في ظل الثورة التكنولوجية نظام مفتوح على المجتمع وتحولت البيئة التعليمية المغلقة الى بيئة مفتوحة تعتمد على شبكات المعرفة ووسائل تكنولوجيا التعليم الحديث عبر سلسلة من الإجراءات الموجهة نحو تحقيق هدف،و اصبح لذلك تاثيرعلى عملية تصميم ونقل ومصادرواطراف العملية التعليمية.   وبرزت اهمية العنصر البشري والتسهيلات المادية والمالية والمواد التعليمية والأجهزة في  تحسين الرسالة التعليمية عن طريق استخدام الادوات التكنولوجية في التعليم وظهور المواقع التعليمية على الانترنت وظهور نمط جديد من التعليم عبر الانترنت بالاضافة الى العديد من مواقع تعليم المهارات الخاصة باللغات والمواد العلمية بالاضافة الى الكم الهائل من المعلومات المتوافره عبر الشبكة الدولية للمعلومات .

واصبح هناك تأثير تكنولوجيا الاتصال والمعلومات على اطراف العملية التعليمية واثرا ذلك ايجابيا على دور المدرس بتعزيز قدرته على اذكاء مهارته التدريسيه والمنهجيه والحصول على المعلومات التي تخدمه علميا ومناهجيا ، اما عن الطالب او المتعلم فان دورة اصبح اكثر فاعلية عن طريق قدرته على متابعه المحاضرات والدروس وجمع المادة العلمية الخاصة بشكل قد يتجاوز دور المدرس  وخاصة مع الاستفادة من الوسائط الاعلامية المتعددة والتي تعمل على اتاحة المادة العلمية بالصوت والصورة ويمكن ان يتفاعل معها الطالب عن طريق استخدام رسائل المحمول او الدخول على مواقع الانترنت ،  كما اتاح الانترنت وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات تاثيرا على  المحتوى والرسالة التعليمية بدورة في التاثير على الأفكار والرموز والبيانات والمفاهيم والمبادئ والنظريات والاتجاهات والقيم، ويتم صياغتها في صورة كلمات أو رسوم أو صور سينمائية متحركة أو فيديو.

 أما فيما يتعلق بالمادة التعليمية فاصبحت متوفرة ومتعددة وبالقدر الذي يلائم طموح الطالب او المتعلم في زيادة معلوماته ، عن طريق القدرة الاتصالية العالية سواء من خلال علاقته مع المحاضر او من خلال النقاش مع الزملاء او من خلال المشاركة في المنتديات والتعليقات عبر الانترنت ، وكان لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات دورا في التاثير على عنصر هام من العملية التعليمية وهي الاجهزة والتجهيزات  الخاصة بالعملية التعليمية كالكاميرات وآلات التصوير والكمبيوتر، اما التاثير على الاماكن او المنشآه  التعليمة فجاء التاثير في شكل بعدين اما بتقليل اهميتها عن طريق  القدرة على تحسين عملية التعليم عن بعد عن طريق الانترنت ووسائل تكنولوجيا الاتصال والمعلومات .

اما البعد الاخر فتعلق بالعمل على تحسين قدرة تلك المنشآت التعليمية على تحسين دورها في العملية التعليمية وتوفير الادوات التعليمية التكنولوجية للطالب من اجهزة حاسبات ومعامل حديثة وتقنيات استعراض المادة العلمية من موادة فيلمية او القدرة على ادخال تقنيات المحاكاه  العلمية في المعامل عبر الكمبويتر بالاضافة الى التاثير على دور مصادر المعلومات في المنشآه التعليمية كالمكتبة المدرسية والمعامل والمبنى المدرسي. وكان لكل تلك المتغيرات تاثيرا واضحا على الأساليب التعليمية واستراتيجيات وخطوات العمل التي يقوم بها الأفراد أو تستخدم بها المواد التعليمية والأجهزة التعليمية .

وجاء ذلك في اطار كون الدراسة عبر الانترنت أصبحت إحدى المعالم البارزة في تطور استخدام التكنولوجيا في مجال التعليم، وظهر ذلك في تطبيقات مختلفة في مراحل التعليم الاساسية او في المرحلة الجامعية ، ولم يتوقف الامر عند ذلك فقد دفعت عملةي التطور المستمر في المهارات وفي تطلعات السوق الى الحاجة الى تغير ىني للمهارات وهو ما يتطلب ان يقوم الشخص بالتعليم المستمر عبر تطبيقات التعلم عبر الانرنت مناجل العمل على المواكبة لحالة التغير فيا الوظائف والمهن والمهارات وهو أمر لا توفره الجامعه وبخاصة بعد التخرج منها ، ومختلف المجالات وتطوير الكوادر البشرية

اتاح الاننرنت  العديد من المزايا  لعل اهما؛

اولا : في الكم الهائل من  مصادر المعلومات. والمعرفة ومن امثال تلك المصادر اتاحة العديد من الدرويات العلمية من مختلف الجامعات والمراكز البحثية المتخصصة والمقالات والكتب وقواعد البيانات و الموسوعات العلمية بالاضافة الى المواقع التعليمية والبرامج التربوية الحديثة بما يعمل على زيادة القدرات وسرعه اكتساب المهارات الفنية  وثانيا عملت شبكة الانترنت على تعزيز فرص  الاتصال غير المباشر وتجاوز ضرورة الوجود المادي وذلك عن طريق ما اتاحته  ثورة الاتصال من  البريد الالكتروني والمجموعات البريدية والرسائل الصوتية عبر الانترنت والتي تتميز برخص تكلفتها وفاعلياتها .

وثالثا: عملت شبكة الانترنت على تعزيز الاتصال المباشر وتحسين التفاعل بين الاشخاص عن طريق التخاطب بالكتابة او بالصوت والصورة او عن طريق المؤتمرات العلمية المرئية التي تنقل على الهواء ، كما اتاح الانترنت رابعا؛ القدرة على حفظ المعلومات واستراجعها بسهولة بما يعمل على تخفيض تكلفة العملية التعليمية ويوفر الوقت والجهد ، وخامسا ؛اتاحت محركات البحث العالمية على الشبكة الدولية قدرة طالب العلم ان يكون على دراية كافية بما يريد بما اثرعلى قدرته على الانجاز والاطلاع على احدث المعلومات وبسهولة ،

وسادسا :عملت شبكة الانترنت على زيادة المبادرة الفردية التي يقوم بها الباحث او المتعلم بدلا من الطرق التقليدية في التعليم بما يمكنه من تشكيل وجه نظر خاصة بة وفق ما استند الية من مصادر مختلفة عن غيرة وتطوير طرق التفكير الابداعي والعمل على تنمية  إستراتيجيات حل المشاكل,وتنمية مهارات التفكير العلمي.وتحقيق التعلم طويل الأمد.

 ومثلت شبكة الإنترنت مثال واقعي للقدرة على الحصول على المعلومات المختلفه واتاحة الفرصة للتعلم الجماعي الذي ينطلق من مبادرة فردية ، ويتم الاتصال بأقل تكلفة ووقت  و إمكانية الوصول إلى عدد أكبر من الجمهور، و سهولة تطوير محتوى المناهج الموجودة عبر الإنترنت. وبما  يساعد على إيجاد عملية تعليمية تتسم بالحيوية والتفاعلية الشديدة بما يظهرعلى مستوى الخريجين وسوق العمل وخاصة مع اهمية الاقتصاد الرقمي في النمو الاقتصادي .

وهناك جهود حثيثة من قبل الحكومة  لادخال التكنولوجيا المنظومة التعليمية وايضا في اطار الاهتمام بتطبيقات الحكومة الالكترونية، وظهرت مبادرات خاصة بالمدارس الذكية واستخدام التقنيات في التعليم  وانشاء جامعات الكترونية ، وما يزال العالم العربي يخطو الخطوات الأوليه في اعتماد وسائل التقنيات الحديثة، وخاصة في مجال الجامعات الالكترونية التي تطرح برامج كاملة للدارسين عبرالإنترنت .

وتعترض عملية التطبيق عدد من المعوقات لعل اهما الفجوة الرقمية بين من يستطيع الوصول اليها ومن لا يستطيع ، وارتفاع معدلات الامية والفقر و هناك عوائق تتعلق بضعف المحتوى باللغه العربية على الانترنت ، وهذا الى جانب ضعف الاستثمارات في البنى التحتية المعلوماتية . وهذا ما يتطلب الحاجة الى رفع مستوى التدريب والتعامل مع التقنيات الحديثة ومواكبة التطور السريع  والعمل على ارساء اطار تشريعي وقانوني يتعامل مع استخدامات الانترنت  وايضا رفع الوعي بثقافة الانترنت ودورها في نشر العلم ودعم العملية التعليمية والمعرفية بصفة عامه . كما انه يجب التاكيد ان عملية دفع التنمية التكنولوجيه في العالم العربي وخاصة في المجال التعليمي لا تنفصل عن معالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها المواطن وهذا ما يستتبع وجود استراتيجية  وطنية لدمج تطبيقات التعلم عن بعد وتوظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم .

وتطرح عملية التطور المستمر في المهارت التي يتطلبها سوف العمل اهمية العمل على ادخال منظومة جديدة من التعليم المستمر لا يقتصر فقط على اعطاء الشهادات الدراسية بل يركز على بناء الشخصية النقدية والابتكارية والقادرة على البحث عن بدائل للمشكلات وغيرها من المهارات التي تؤهل الطالب لان يتواكب بسرعة مع سوق العمل وبخاصة مع حالة التغير السريع في الوظائف التي تختفي والتي تظهر بفعل الثورة الرقمية ، ومن ثم فان هذه التحديات تتطلب اعادة النظر في ما يسمى بالمنهج الدراسي وما يتعلق بالمنشآه التعليمية وكيفية ادائها لدورها وما يتعلق بالمدرس وتاهيلة لان يقود التفكير بدلا من ان يحشي المعلومات وان يعزز من مهارات البحث العلمي وليس التلقي من طرف واحد .

وكذلك اعادة النظر في الامتحانات والتي لايجب ان تقيس قدرة الطالب على الحفظ او اعاطاء اجابات نموذجية بل تقيس قدرة الطالب على الابداع وانها لا يجب ان تتحول اى اداة عقابية للطلبة بل الى اداة توجهية للطالب ، وان البعد التعليمي لا يجب ان ياخذ في اعتبارة الابعاد النظرية فقط بل الى الجوانب التطبيقة واهمية الانشطة الاجتماعية والفنية والرياضية في صقل شخصية الطالب  وكل ذلك يتطلب استراتيجية شاملة من جانب الدولة من جهة والى وعي الاسرة كذلك في اهمية تقبل التغير في المنظومة التعليمية ،  وعن فرص  تحول الجامعات الى تطبيقات رقمية للتعلم عن بعد ،على اية حالة ان العملية التعليمية والمعرفة تحتاج الى الوعي بالتحديات التي فرضها العصر الرقمي وكذلك كيفية اغتنام الفرص التي يتيحها امام من يملك المهارة والمعرفة والابتكار في عصر اصبحت المعرفة هي قوة ومكانة وثروة الفرد والمجتمع معا .

 *مدير المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»
  • هل «الإنترنت» عدوَّة التقدم؟
  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • تعدين بيتكوين .. هل ستنتهي اللعبة؟
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ