i_icon/   phone_icon   site_map
مقالات HTML Elements Reference

الكتب - مراجعه كتب
انتبه لدماغك: التقنيّات الرقميّة ترسم شبكاتها عليه

: 11892
الاثنين,5 يونيو 2017 - 08:29 ص
عرض :خالد العزب

صدرت أخيراً ترجمة عربية لكتاب «تغيّر العقل: كيف تترك التقنيّات بصماتها على أدمغتنا»، من تأليف البريطانيّة سوزان غرينفليد الحاصلة على الدكتوراه من «جامعة أكسفورد» في علم النفس التجريبي، والتي تملك رصيداً من كتب تبحث موضوع العقل والدماغ.

انتبه لدماغك: التقنيّات الرقميّة ترسم شبكاتها عليه
اضغط للتكبير
صدرت أخيراً ترجمة عربية لكتاب «تغيّر العقل: كيف تترك التقنيّات بصماتها على أدمغتنا»، من تأليف البريطانيّة سوزان غرينفليد الحاصلة على الدكتوراه من «جامعة أكسفورد» في علم النفس التجريبي، والتي تملك رصيداً من كتب تبحث موضوع العقل والدماغ. وتترأس حاضراً فريقاً في أكسفورد يضمّ مجموعة متنوّعة من المختصين يتولّى بحث الآليّات التي تحدث في الدماغ عندما تصيبه أمراض عصبيّة كـ «آلزهايمر». وكذلك نشرت غرينفليد عدداً من الكتب حول العقل والدماغ. وترجم كتاب «تغيّر العقل» الدكتور إيهاب عبدالرحيم، وصدر عن سلسلة «عالم المعرفة» الكويتيّة. ويملك الزميل عبدالرحيم رصيداً ضخماً في ترجمة الكتب والبحوث العلميّة، كما تولّى تحرير «مجلة تعريب الطب» بداية من العام الذي انطلقت فيه (1997) حتى 2007.
يتمثل الهدف الرئيسي من كتاب «تغير العقل» في استكشاف الطرق المختلفة التي تؤثّر التقنيّات الرقمية بها على أنماط التفكير والمهارات المعرفيّة والإدراكيّة، إضافة إلى التبدّلات التي تحدثها في الثقافة ونمط الحياة اليوميّة والتطلعات الشخصيّة وغيرها. وترى المؤلفة أن الأطفال في العالم المتقدّم باتوا أمام فرصة وافرة للعيش عمراً مديداً، بل أنّ ثلثهم ربما يعيش أكثر من مئة سنة، بفضل التطوّرات المستمرة في الطب. وتضيف: «يمكننا أن نتوقع حياة أطول وأكثر صحة، وبفضل التكنولوجيا يمكننا أن نتوقع وجوداً متحرّراً على نحو متزايد من مشاكل الحياة المنزليّة اليوميّة التي اتسمت بها حياة الأجيال السابقة».
ظاهرة «الارتباط الفائق»
وترى أنه على عكس الجنس البشري في الماضي، بل وفي سيناريوات مرعبة تعيشها مجتمعات كثيرة حاضراً، «نحن نأخذ حقنا في ألا نشعر بالجوع أو البرد أو الألم أو الخوف المستمر طوال حياتنا، باعتباره من الحقوق المسلّم بها بصورة بديهيّة». وتقتبس عن الخبير التقني الأميركي مارك برينسكي مصطلح «المواطن الرقمي» Digital Citizen، فتستخدمه في وصف الشخص الذي تتحدّد هويته بفعل قدراته في التقنيات الرقمية، وبالتالي يرتبط ما هو متوقع منه مع البراعة والألفة التلقائيّة في التعامل معها.
يرجح كتاب «تغيّر العقل» أن تشهد السنوات العشر المقبلة ظاهرة مثيرة تتمثّل في تأثر هويّات الناس بالتطوّرات التكنولوجيّة، خصوصاً المعلوماتيّة والاتّصالات المتطوّرة. ويشير إلى تقرير أعدّه جون بدينغتون كبير مستشاري الحكومة البريطانيّة، تمثّل محوره الأساسي في التدقيق بظاهرة «الارتباط الفائق» («هايبر كونكتيفتي»Hyper Connectivity) للأفراد، بمعنى أن يكون الناس على تواصل دائم مع بعضهم بعضاً عبر الانترنت على غرار ما هو حاصل فعليّاً في الـ»سوشال ميديا»، وزيادة المعلومات الشخصية بفضل الشبكات وغيرها. ولفت أيضاً إلى أنّ «الارتباط الفائق» يترافق مع تفاعلات متنوّعة تفضي إلى التأثير في هويّات الأفراد والمجموعات والمجتمعات. وأثار التقرير سؤالاً مقلقاً عن آفاق تلك الظاهرة، داعياً إلى التعامل معها بجديّة وتعمق، وعدم الاكتفاء بالانفعالات المختلفة حيالها.
ويشير كتاب «تغيّر العقل» إلى واقعة ملموسة تتمثّل في التطوّر الذي يخطف الأنفاس في مواقع شبكات التواصل الرقمي الاجتماعي. «أصبح لدينا ما نسميه الآن هوية الـ «فايسبوك» تسندها الكتابة المستمرة للمشاعر بدل قولها، وكذلك تأكيد ما يحبونه وما يكرهونه كتابة. وتالياً، بات ممكناً قراءة الأشخاص عبر شبكات الـ «سوشال ميديا» التي أتاحت للمرّة الأولى رسم نوع من الذات المثاليّة وغير الواقعيّة لكل فرد، فكأنها شخصية بديلة. وواقعيّاً، يتحدث الناس أحياناً عن ظهور شخصية منفصمة، في الإشارة إلى الفارق الضخم بين الذات التي تظهر عبر الإنترنت في مقابل حالها واقعيّاً خارج الاتصال مع الإنترنت».
كذلك تتناول غرينفليد آثار تلك الظواهر على الدماغ معتبرة أن من الاستحالة بمكان فصل الهوية عن البيئة من جهة والسياق الذي تتحرّك فيه الهويّة من الجهة الثانية. وتضيف: «من المحتم أن تتشكّل هوية الجيل القادم في سياق ثقافة افتراضية متغلغلة ومتغيرة باستمرار... إن البنية الحقيقيّة لحياتنا تعني أن الصداقات في العالم الحقيقي تواجه منافسة من تلك التي نبنيها عندما نتحول إلى وسائل التواصل الاجتماعي المريحة والموجودة باستمرار... وبالنسبة إلى أولئك الذين ليست لديهم علاقات ثابتة ومستقرة، يكون للانغماس المفرط في الصداقات الافتراضية تأثير سلبي في الهوية».
ذكاء الورق وغباء الشاشة
ترى غرينفليد أن التواصل عبر الشبكات الاجتماعية يرسم خرائط مباشرة على الدماغ المادي. وتقتبس عن البروفسور ريوتاكا ناي من «يونيفسر سيتي كولدج» في لندن أن حجم الشبكة الاجتماعية على الإنترنت للفرد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بجوانب معينة من البنى المادية في الدماغ، خصوصاً في المناطق المرتبطة بعملية الاستعراف الاجتماعي.
وعلى وجه التحديد، وجد ناي أن التباين في عدد الأصدقاء على «فايسبوك» يتنبأ بقوة وفي شكل ملحوظ بحجم مناطق معينة في الدماغ. وكذلك وجد باحثون آخرون أن كثافة المادة الرمادية في منطقة دماغيّة بعينها ترتبط بحجم الشبكة الاجتماعية في العالم الحقيقي، وهي تتأثر أيضاً بحجم الشبكة الاجتماعية الافتراضيّة على الانترنت!
ويحمل كتاب «تغيّر العقل» مفاجآت علميّة مدهشة، تبرز بينها دراسة آن مانغين من «جامعة أكرشوس للعلوم التطبيقية» في أوسلو. ورصدت أهمية استخدام القيام بفعل القراءة بلمس الورق من خلال مقارنة أداء قرّاء الكتب الورقية بمن يقرأون على الشاشة. وتوصلت إلى نتيجة مفادها بأن القراءة الإلكترونية أسفرت عن فهم أدنى للنص نتيجة القيود الماديّة للشاشات التي تجبر القراء على التمرير صعوداً وهبوطاً، ما يشوّش قراءتهم نتيجة لعدم الاستقرار المكاني للكلمات. وتبرز أهمية الأمر عند تذكّر أن وجود تمثيل مكاني ذهني جيد للتصميم المادي للنص يؤدي إلى فهم المادة المقروءة في شكل أفضل. واستطراداً، يحصل فهم أفضل لدى من يقرأون على الورق مقارنة بقرّاء الشاشات. وتبيّن أن الأخيرين يفهمون النصوص بطريقة رديئة، بل تبتعد أحياناً عن معنى النص فعليّاً.

Share/Bookmark

accr2024

  • رحيل جوزيف ناي مبتكر نظرية «القوة الناعمة»
  • «زر اللايك»... مفصل في تاريخ الثقافة
  • التعليم في عصر التحولات الكبرى
  • هل بات الكاتب مجرد «مفبرك بيانات»؟
  • الإقطاعية التقنية: هل هي بديل الرأسمالية؟
  • Facebook
    Comments
    el-doo2_text/
    accr2024/


    صناعة المحتوى .. الثروة والقيمة والأثر
    توفر صناعة المحتوى مصادر سهلة لجنى الأرباح، إلى جانب دورها المؤثر فى القلوب والعقول، وذلك فى مقابل ت

    آفاق الصراع السيبراني بين إسرائيل وإيران
    يتناول المقال البعد السيبراني في الصراع بين اسرائيل وايران ويركز على طبيعة الأنماط التي استخدمت وكيف

    التعاون الرقمى بين مصر والصين
    تتسم العلاقات المصرية - الصينية بالشراكة الاستراتيجية والتعاون المشترك فى كل المجالات، والتى من ضمنه

    hama
    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    التاريخ