المقالات -
المؤلف وجيل الإنترنت

: 1843
الاثنين,23 يناير 2017 - 12:38 م
العرب أزراج عمر

هل يعود سبب نفور هذه الأجيال الجديدة من الكتب إلى ندرة المؤلفات التي تغري وتشبع فضولهم الثقافي والفني والعلمي والأدبي والفكري، أم أن هذا الجيل الجديد قد سرقته منا ثقافة الإنترنت الضحلة والهواتف النقالة؟

المؤلف وجيل الإنترنت
اضغط للتكبير

تجاور بيتي الإقامة الجامعية المخصصة للطالبات ويبلغ عدد المقيمات فيها 17 ألف طالبة، أما إقامة الطلاب الذكور فلا تبعد كثيرا عني أيضا ويتجاوز تعداد المقيمين فيها 20 ألف طالب. منذ إقامتي في هذه المنطقة اعتدت الخروج يوميا لأمشي مدة ساعة على الأقدام وذلك بعد فراغي من المطالعة المنهجية والكتابة الدائمة. في هذه الأثناء كنت أرى أمامي أعدادا لا تحصى من هؤلاء الطلاب والطالبات وهم يعودون من الجامعة أو يذهبون إليها للدراسة ولكنني لم أر يوما أحدا منهم يحمل كتابا أو مجلة أو حتى صحيفة يومية بين يديه وأثار هذا الوضع استغرابي وقلقي في آن واحد.

ما رأيته في هذه الأوقات هو المحافظ التي تبدو فارغة إلا من الكراريس والأقلام، والهواتف النقالة الملتصقة بآذان هؤلاء الطلاب والطالبات لساعات طويلة فقط وكأنهم يخاطبون دون توقف سكان العالم جميعا.

لكي أفهم هذه الظاهرة، قادني فضولي إلى المركز الجامعي في العديد من المرات ورحت أنظر في كل الجهات لعلي أرى طالبة أو طالبا يطالع كتابا أو مجلة، ولكن مسعاي خاب مرة أخرى. وحتى أزيل الشكوك سألت الكثير منهم عن الكتب التي يطالعونها ويتفاعلون معها وأدركت من أجوبتهم أنهم يطالعون بعض فصول الكتب المقررة عليهم فقط، أما ما عدا ذلك فلا وجود له في حياتهم اليومية.

وفي الواقع فإن جميع منازل معارفي، من الأساتذة والمعلمين والإداريين وغيرهم، التي زرتها كضيف لم أر فيها مكتبة عائلية صغيرة أو كبيرة. والأدهى والأمر هو أن الأساتذة أنفسهم يكتفون بالكتب التي يدرَسون بعض فصولها لطلابهم وقد أفادني عدد منهم بأنهم لا يقرأون أكثر من كتاب كامل خارج نطاق المنهج الدراسي في السنة الواحدة.

لقد تكررت هذه التجربة التعيسة أمامي مرارا وتكرارا كلما سافرت عن طريق القطار أو الحافلة، حيث لم يحدث أن أبصرت مسافرا ذكرا أو أنثى يفتح كتابا مهنيا أو ثقافيا عاما لقراءته والتمتع به والاستفادة من المعارف التي يزخر بها، وفي تلك الأثناء كانت الهواتف النقالة بين أيديهم سيدة الموقف أيضا.

ففي كل هذه الحالات سألت نفسي: هل يعود سبب نفور هذه الأجيال الجديدة من الكتب إلى ندرة المؤلفات التي تغري وتشبع فضولهم الثقافي والفني والعلمي والأدبي والفكري، أم أن هذا الجيل الجديد قد سرقته منا ثقافة الإنترنت الضحلة والهواتف النقالة؟ ألا يفسر هذا الوضع المحزن والعقيم كساد الكتاب المطبوع، حيث لم يعد الروائي أو الشاعر أو الناقد في بلداننا يطبع سوى ألف نسخة أو أقل من كتابه الذي لا يباع إلا القليل منه، أما النسخ الكثيرة الباقية فمصيرها الدائم هو الرفوف المنسية التي يعلوها الغبار في المكتبات؟

كاتب جزائري

أزراج عمر


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى عالم «التحرير الجيني»
  • هل «الإنترنت» عدوَّة التقدم؟
  • إفريقيا تجد ضالتها في العملات الرقمية
  • الذكاء الاصطناعي .. استثمارات متنامية
  • تعدين بيتكوين .. هل ستنتهي اللعبة؟
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ