الاحتجاج الالكتروني والفاعلون الجدد في الحياة السياسية

26-11-2012 12:45 PM - عدد القراءات : 124
كتب عادل عبد الصادق
لم يكن اضراب 6 ابريل والدعوة لاضراب مماثل في 4 مايو الحدثين الوحيدين اللذين لعب فيهما المدونين على الانترنت بدور الاحتجاج بل قد سبقهما دورا مماثلا في احداث ماضية تميزوا فيها بالتحرر من الانتماء لاي تيار سياسي ومتكاتفين حول قضية عامه او في اطار محاولة كشف سلبيات المجتمع والحكومة ،
الاحتجاج الالكتروني والفاعلون الجدد في الحياة السياسية


  وترواح اهتمامهم  بين قضايا ذات بعد محلي الى الاهتمام بقضايا ذات بعد دولي تدفع بتفاعلا متواصلا محليا ودوليا ، وذلك بعد ان ساعد الانترنت على  تجاوز الحدود بين الخاص والعام وبين المستوى الداخلي للدولة وما بين المستوى الدولي وكذلك ما بين الفرد والنخبة والمجتمع ، وظهر دور الانترنت في تنظيم الفاعليات السياسية والتاثير في الراي العام .
 وبغض النظرعن فشل كلا الاحتجاجين او نجاحهما الا انهما عكسا بلا شك العلاقة المتنامية بين تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والمجال العام في مصر،ويعد الاحتجاج الالكتروني ظاهرة ذات ابعاد شتى يسيطرعليها الطابع السياسي والتكنولوجي ،واتت  كجزء من تفعيل ديموقراطية جديدة ذات طابع الكتروني عبرآليات الرأي والتعبيرعبر الانترنت، وبرزت تساؤلات حول  ماهية ذلك النمط الجديد من الاحتجاج وما هي صورة وتاثيرة على الحراك السياسي والراي العام،ومسببات ظهور فاعلون جدد في العمل العام وتاثيرهم على المؤسسات الوسيطة ومستقبل دورهم؟
 
نمط جديد للضغط  
 
و يعد الاحتجاج شكل من أشكال الضغط غير العنيف على المؤسسات الحكومية أو الرسمية وذلك لتحقيق مطالب معينة وياتي هذا الضغط في شكل  اضراب عن العمل او وقفات احتجاجية او اي مظاهر احتجاج يتم الاتفاق عليها ، وجاء التزواج ما بين الاحتجاج  كادة للتعبير عن الراي والانترنت  كوسيله واداه لاستخدام  الفضاء الالكتروني  في التنظيم والحشد والتعبئة والتجنيد والتنسيق وشن حملات دعائية ،ويأتي هذا في صورة تقديم المساعده في الشكل التنظيمي والدعائي للاجتجاج التقليدي او في وجود احتجاج ياخذ طابعا الكترونيا بحتا او وجود احتجاج يجمع كلا النمطين ، وهناك من يحتج على بعض المواد المنشورة عبر الانترنت والمعادية وكذلك المطالبة بتغيير اوضاع او سياسات او احتجاج على اعتقالات او احداث بعينها. وظهر ذلك في تناول بعض القضايا ذات البعد الدولي مثل القيام بحملات الكترونية لمقاطعه المنتجات الدنماركية او الاحتجاج على ممارسات اسرائيل في الارض المحتلة الى الاهتمام بقضايا حياتية تعبر عن معاناه المواطن كارتفاع الاسعار اوسياسات حكومية محدده .
ويعمل الفضاء الالكتروني كوسيط في اجراء الاتصالات بين مؤيدو الاضراب ،وطرح امكانية الاستفادة من خبرات شبابية على صلة بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات ،كما يتميز بدرجة عالية من المرونة والانفتاح على الاخر، في اطار من الرغبة في تحقيق المنفعه العامة ،ويتيح الفرصة للتفاعل والاتصال المستمر بين منظمو الاضراب بما ينعكس على تطوير استراتيجيتهم ،وايضا يتم توظيف الانترنت في نشر المعرفة والوعي بالقضية محل الاحتجاج،وتوفير وسيط اعلامي سريع الانتشار ورخيص التكلفة وفي منتاول فئة عريضة من الشباب عير تشكيل مجموعات على موقع الفيس بوك او المواقع الاجتماعية والمدونات ورسائل المحمول المجانية .
 
 
صور واشكال
 
·        جمع التوقيعات الالكترونيه للمطالبة بتغيير سياسات او قرارت او ازالة صور تعد مسيئة اخلاقيا او دينيا
·   الدخول إلى غرف الدردشة والمنتديات في الإنترنت للقيام بحوارات وتكوين رأي مناصر أو مناهض لقضية من القضايا؛ وتكوين التحالفات السياسية في الإنترنت.
·   كما يتم نشر افكار الاضرابات او الاعتصامات بين اكبر عدد من مستخدمي الانترنت عن طريق المجموعات البريدية ورسائل المحمول .
·        مهاجمة المواقع الحكومية الالكترونية او مواقع الخصوم والقرصنه وسرقة المعلومات ونشر الفيروسات وغيرها.
·        إرسال كم كبير من الرسائل الاحتجاجية لكافه الاطراف المعنية بصورة ضاغطة ومزعجة عن طريق البريد الإلكتروني
·      انشاء مواقع انترنت  لنشر الأفكار والرؤى الخاصة بالموقف الاحتجاجي للحصول على تاييد الرأي العام وتجنيد المواليين والداعمين لفكرة الاحتجاج من جماعات المصالح المختلفة .  
حراك سياسي
 
 اخذ الاحتجاج في مصر صورة متداخلة حيث بدات الدعوة لتفعيلة الكترونيا  ومستفيدة من المناخ العام والواقع الاجتماعي والاقتصادي لبعض القوى الفاعلة على ارض الواقع .حيث تم الدعوة الية في شكل متوازي مع دعوة اضراب عمال المحلة في شكل تضمان معهم في البداية ثم اتسعت الدعوة الكترونيا لتتجاوز قضية عمال المحلة الى قضايا عامة تهم جموع الشعب المصري وتم تنويع آليات الاحتجاج لاكسابة مزيدا من المرونة والاتساع  .  
فبالاضافة الى التفاعلات الاخرى على الانترنت شهد  موقع الفيس بوك ما يزيد على 70 الف عضو في حركة تنظيم اضراب 6 ابريل والدعوة لاضراب 4 مايو. وعلى الرغم من صعوبات تحديد المسئول عن الدعوة لان مسالة التفاعل تكون لحظية وسريعه تم الاعلان عن  اتهام مدونه تدعى" اسراء عبد الفتاح" بالمسئولة عن هذه الدعوة ، بعد ان انطلقت الدعوه للاحتجاج عبر الفيس بوك وعبر العديد من المجموعات والمنتديات والمجموعات البريدية كما تناقلتة وسائل الاعلام التقليدية في شكل الخبر والتعليق  بما زاد من زخم الدعوه للاضراب  بالاضافة الى  انضمام حركة كفاية وبعض من احزاب المعارضة مثل العربي الناصري و الكرامة والجبهة الديمقراطية.
وفي مقابل ذلك تم  استغلال الانترنت في تشكيل دعوات مضاده لافكار الاحتجاج ،مثل تلك الدعوات التي اطلقوها مواليين للحزب الوطني في مواجهه الاضراب على موقع الفيس بوك  وتم تشكيل مجموعه "لا للتخريب " ، وعكس ذلك تفاعلا متصاعدا بين الشارع السياسي والانترنت وايضا بروز قوى تغيير جديدة تتجاوز الأحزاب والنقابات والحركات الشعبية التقليدية وتتفوق عليها من ناحية التأثير والقدرة على الحشد وتنظيم الاحتجاجات،  كما كانت هذه الدعوة قابلة للانتشار عبر ما يزيد على 9 مليون مستخدم للانترنت و31مليون مشترك في التليفون المحمول في مصر،وانتقلت الدعوة الى بلدان اخرى في العالم العربي وتضامن مع الدعوة مصريين في الخارج ،وتم طرح افكار حول انشاء تحالفات اقليمية ذات طابع شبابي للتغير في العالم العربي ، وظهر تطورذاتي اخر تعلق بالمدونين واتجاههم  للانتقال من مرحلة الطابع الفردي الى المؤسسي الجماعي حيث ظهرت اتحادات للمدونين ،واصبحت دعوات الاحتجاج تعبر عن افكار عامه قابلة الانتشار والتفاعل والمساهمة والتطوير من قبل افراد من مختلف دول العالم.
وفي طريقة التعامل مع الاحتجاج الالكتروني ظهر تيارين الاول يتكون اغلبيتة من الشباب لا ينطوي لمؤسسات رسمية معارضة يرى في الانترنت المتنفس للتعبير والداعي لحرية ممارستها عبر الانترنت ، وتيار اخر يغلب علية كبار السن ينظر بعين الشك والتوجس تجاه تلك الثورة الشبابية ويرونها مقدمة للفوضي وانها تعد استخداما غير شرعي وجريمة الكترونية.
ابعاد ومسببات
 
1- بعد مؤسسي: يتمثل في ضعف دور الاحزاب السياسية والمجتمع المدني وممثلي السلطة التشريعيه كمؤسسات وسيطة بين الحاكم والمحكوميين ، وعدم التوافق بين التغييرات في الراي العام وبين عملية وضع السياسات ،بالاضافة الى الضغط الخارجي في شكل ارتفاع الاسعار العالمي الذي مثل ضغطا اضافيا .  
2- بعد تكنولوجي: الارتباط المتزايد بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات وفر فرص امام لاعبيين جدد ، وخاصة مع ما وفرة الانترنت من وسيلة سهلة ورخيصة وسريعه الانتشار ،وكذلك اندماج الخدمات مع بعضها حيث يتيح الانترنت خدمة الاتصال والموبيل خدمة الانترنت وامكانية التراسل المجاني بينهما فضلا عن الحرية المتاحة وارتفاع سقفها عن وسائل الاعلام التقليدية 
3- بعد تنموي : ان المجتمعات التي تكون في طور التحول يكون لديها حالة متصاعدة من الحراك السياسي ، وقد شهد المجتمع المصري عدد من السياسات التي تشكل دورا هاما في ايجاد حالة من الحراك السياسي بين المهتمين بالشان العام  ،بالاضافه الى ان انفتاح المواطن على الخارج تجعل لدية طموحات وتطلعات اكبر قد تمثل ضغطا على صانعي القرار وقد لا تتوافق مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي .
4- بعد ذا طابع جيلي او عمري حيث ان المجتمعات العربية عامة ومصر خاصة تحوي فئة عمرية من الشباب تشكل ما يقرب من60% لديهم رؤي للتغيير وعلى دراية كافية بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات والتفاعل معها مقابل الفئات العمرية الاخرى التي ما زال بعضها ينظر اليها بعين المتشكك والناقم عليها ويحاول ان يطبق سياسات امنية تقليدية لا تصلح مع تطورات العصر .   
 
مخاوف ومستقبل
 
على الرغم من دورالاحتجاج الالكتروني كاداة في دعم الديموقرطية الا انه قد اثار مخاوف تتعلق بدورة في نشر الشائعات التي قد تضر بمصالح قومية ، وانه قد لا يعبرعن واقع اجتماعي حقيقي او رغبات واسعه لدي الراي العام ، وقد تستخدم بعض الجهات الخارجية المعادية الانترنت لبث شائعات بهدف التاثير على الاستقرار الداخلي ،وتبقى  مجهولية المصدر الحقيقي  خلفه دافعه للاعتقاد بان تلك الدعوة ذات طابع شعبي عام ،الى جانب ان سرعه انتشار المعلومات عبر الانترنت وزيادة حجم التفاعلات الاتصالية قد تعمل على تضخيم من قضايا فئوية او شخصية لتصبح كقضية عامة مستفيدة من الزخم الاعلامي الذي يثار حولها ، وتؤدي المواجهه الامنية عبراعتقال المدونين الى نتيجة عكسية حيث يتم اعاده عملية التجنيد والتعبئة خلف قضية جديدة بما يعمل على اطالة امد الازمة ، ومن ثم فان الرد الحقيقي على الاحتجاجات يجب ان ياتي في شكل مواجهه بأفكار مضادة في ظل حرية التعبير والراي بدلا من استخدام الترهيب والعنف ، لانالاحتجاجات  بطبيعتها تاتي تعبيرا عن واقع اجتماعي ومشكلات اقتصادية وهذا ما قد يفسرنجاح اضراب 6 ابريل الذي ارتبط بالعمال وفشل اضراب 4 مايو ، كما ان الاحتجاج الالكتروني يعبر عن ظهور قوى جديدة فاعلة في الحياه السياسية ، يمكن الاستفاده منهم بعيدا عن اتهامهم بنشر الشائعات او الفوضي ، وذلك لاعتمادهم  على آليات عمل مختلفة تشكل لها مصادر قوه جديدة وتشكل دورها المستمر في طرق التاثير وتعبئة الراى العام . وكونهم تعبير عن واقعهم الاجتماعي الذي يِعيشون فية وكنتيجة لمآلات الثورة التكنولوجية والاتصالية وكاضافة جديده لنشاط الحركات الاجتماعية وتغير في طبيعتها ، وكونهم فئة عمرية اغلبها من الشباب يعاني من مشكلات ولدية طموحات .
ودفع ذلك الانترنت لان يكون لاعبا هاما في الحياه السياسية المصرية  كونه وسيلة اعلامية تمثل متنفسا للتعبير من قبل فاعلون جدد يمتلكوا القدرة على مخاطبة الراي العام وصوغ اهدافة والتلاحم مع مشاكلة بدرجة اكبر واسرع من المؤسسات التقليدية، واصبحت تعبيرا في ذات الوقت عن مفارقة هامه مؤداها  تزايد دور ادوات الراي والتعبير عبر الانترنت  في ظل تعثر محاولات الاصلاح السياسي  .
 
*ملف الاهارم الاستراتيجي يونيو 2008 مؤسسة الاهارم
.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>