و تتميز تلك الاجهزة اللاسلكية بعملها عن طريق استقبال إشارة من جهاز إرسال تتحول بعدها إلى موجة راديو تحمل رسائل صوتية ونصية عبر الشبكات اللاسلكية وتتميز بطول عمر البطارية وهو الأمر الذى جعلها وسيلة للتواصل لأولئك الذين يعملون فى مجالات الطوارئ والاتصالات الحرجة مثل الأجهزة الأمنية أو من قبل العاملين فى أنظمة الرعاية الصحية والطوارئ.
وكان اتجه الحزب للتوسع فى استخدام تلك الأجهزة للحماية من التجسس أو الاغتيالات من جانب إسرائيل والتى تتمتع بقدرات متقدمة سواء فى مجال التجسس والتقنية أو فى تحالفاتها الاستخباراتية، ولعب الموساد والوحدة 8200 المتخصصة فى الحرب السيبرانية دورا فى الخداع الإستراتيجى والتخطيط والتنفيذ وبدأت منذ إعلان نية الشراء للأجهزة ثم التعاقد والشحن والتسليم.ثم المراقبة والتحكم فيها عن بعد فالتفجير عبر موجاتها الترددية، وتم الكشف عن تصميم تلك الاجهزة وتم تجميعها في إسرائيل. ثم اعادة تصديرها الى مورد خارجي هو شركة بى إيه سى بالمجر والتي استخدمت كغطاء للحصول على العلامة التجارية لشركة جولد أبوللو التايوانية المنتجة للبيجر إلى جانب توظيف الهندسة العكسية لتزييف وبيع منتجات آيكوم "اليابانية ".،وذلك مع ميل العلامات التجارية الأصغر حجماً إلى عدم الاستثمار بشكل كبير في مراقبة المنتجات المقلدة،
وبات من المؤكد ان نجاح اسرائيل في القيام بتلك المهمة جاءت عبر تراكم معرفي واستخباراتي حول الحزب من جهة والى استثمار عناصر الضعف التي عاني منها الحزب داخليا ومن اختراق الحرس الثوري الايراني وعن حجم التعاون الاستخباري بين اسرائيل وحلفائها وخاصة من قبل الولايات المتحدة.
وذلك الى جانب عناصر الضعف الداخلي لحزب الله والتي نشا جزء منها من انتقال معركتة ضد اسرائيل "المقاومة " الى التورط في القيام بعنف مذهبي ضد السنة في سوريا وفتح التجنيد لعناصر سورية ، والتي كانت هدفا للموساد ،الى جانب تبعات اتساع نشاط الحزب في العراق واليمن ، بالإضافة إلى نقص التأييد الشعبي داخل لبنان على اثر الجمود السياسي والتدهور الاقتصادي ، ومن ثم كان "طوفان الاقصي" محاولة لإعادة إنتاج شرعيته من جديد في زمن متغير ومعطيات امنية جديدة .
.ومن ثم جاءت عملية نجاح عملية تفجير الأجهزة اللاسلكية لتكشف عن عدد الدلائل:
أولا: الكشف عن نمط مركب من الاختراق جمع بين البعد الأمنى والتقنى وما بين البعد المادى بالبعد النفسى وما بين توظيف مواد تقنية وتفجيرية لتعطيل نظم الاتصالات الإستراتيجية لحزب الله ومن ثم تعطيل عملية الاتصال وصنع القرار والقيادة والسيطرة.
ثانيا ، تحويل آلاف أجهزة البيجر إلى عبوات ناسفة صغيرة وتفجيرها المتزامن بين عدد كبير من الضحايا كانت جزء من عمليات الصدمة والرعب ضد حزب الله للتمهيد للعمل العسكري الموسع والاغتيالات ضد القيادات العليا والوسطي لحزب الله. وصولا لاغتيال حسن نصر الله في 27 سبتمبر 2024.
ثالثا ، استغلال قوة الموساد المتمثلة الى جانب تقدمة التقني في قدرته الكبيرة على تجنيد عملاء واختراق الخدمات اللوجستية والمشتريات لحزب الله وفي الاضرار بأمن سلاسل التوريد في التجارة الدولية وذلك عبر توظيف الهندسة العكسية والهندسة الاجتماعية في التضليل واختراق الدائرة المحيطة بالحزب.
رابعا ، تعزيز الفشل التقني لإيران وحزب الله في تعزيز القدرات المتقدمة في التجسس وتوظيف القدرات السيبرانية المتقدمة لإسرائيل لتحقيق أهداف عسكرية و إلحاق أضرار مادية بالخصم
خامسا : تصاعد تحمل المدنيين والمنشآت المدنية عبء العمل العسكرى وليس الجنود أو المعدات العسكرية بما يعد انتهاكا للقانون الدولى الإنسانى يفرض المسئولية الدولية وانتهاك سيادة الدولة اللبنانية .
سادسا، ان استخدام الاجهزة المنخفضة التقنية كردع لمحاولات الاختراق أصبح امرا مكلفا ليس فقط في سهولة الاختراق بل في صعوبة التحذير والاستجابة السريعة للمخاطر المرتبطة بعملية التفجير او بنشر التحذيرات السريعة ،
سابعا ، ارتباط الأمن السيبرانى بأبعاد اخرى اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية يجعل برمجيات الحماية من التهديدات لا تنفصل عن أهمية الصناعة الوطنية للأجهزة والقدرات البشرية والتي تسهام فى تعزيز حماية الأمن القومى ومواجهة تحدياته فى عالم متغير التجارب الناجحة فى كل من الصين وروسيا وان الارتكان فقط الى نظم حليفة يمكن ان يعرض الأمن كذلك للخطر.
ثامنا : استمرار تصاعد نمط التدمير المادي للحرب السيبرانية الذى يلحق أضرارا جسدية بجنود الخصم أو مادية للمنشآت المدنية سواء عبر تفخيخ أجهزة الاتصالات أو المسيرات. أو اختراق نظم التحكم والسيطرة وتحويل اجهزة الاتصالات من مورد محتمل للتجسس الي أداة للقتل بما يكشف الخداع الاستراتيجي
تاسعا ، انعكاس قدرة اسرائيل على اختراق نظم الاتصالات لحزب الله وإيران في تحقيق اهداف عسكرية وإستراتيجية كان لها نتائج نوعية على الميدان مع شن إسرائيل الحرب البرية ضد جنوب لبنان.
عاشرا ، تصاعد العلاقة بين تامين الاتصالات الإستراتيجية والأقمار الاصطناعية ودورها في العمل العسكري ومن ثم أهمية تامين القدرات الوطنية في امتلاك ذلك بما يضمن الامن والقوة السيبرانية في عالم متغير.
|