الامن السيبراني والاقتصاد في العصر الرقمي

20-02-2025 04:44 PM - عدد القراءات : 469
كتب د.عادل عبد الصادق
في ظل التحديات المتجددة التي تفرضها عمليات التحول الرقمي وتطبيقاته الاقتصادية،و التي ادت الى إحداث تغيير كمي ونوعي في عناصر الثروة والموارد الاقتصادية ومرتكزات العرض والطلب ، وعوامل النمو الاقتصادي ،وطبيعة العمل وتراكم راس المال والتشغيل والاستثمار وهو ما يتطلب باستمرار بذل جهود مكثفة وهادفة لتطوير وسائل التحليل الاقتصادي وأدواته، وبالتالي تطوير النظرية الاقتصادية لجهة تضمين متغيرات جديدة، ودراسة انعكاسات هذه المتغيرات على أسلوب الإنتاج والعلاقات الاجتماعية الداخلية والعلاقات الدولية
 الامن السيبراني والاقتصاد في العصر الرقمي
 
من الاهمية بمكان لاي حكومة او شركة او منظمة معرفة حجم  ما هو ضروري للاستثمار في الأمن السيبراني والى أي مدى هو كاف. ولم يتم الاهتمام الكافي بتلك القضية على الرغم من حيويتها،ويفتح الباب امام امكانية دراسة اقتصاديات الامن السيبراني ،والقاء المزيد من الضوء والاهتمام بالنماذج المرتبطة بقياس الاستثمارات في مجال الامن السيبراني ، من خلال رصد  التكلفة-المنفعة والمفاضلة.وتحاول هذه الورقة  تحليل استراتيجيات الأمن السيبراني على المستوى الوطني (NCSS) national cyber security strategies  ، وذلك للعمل على تقييم العناصر الاقتصادية الأساسية لصياغة واعتماد نموذج من استراتيجيات الأمن السيبراني على المستوى الاقليمي،ومعالجة ذلك من منظور صنع السياسات العامة للدولة ،ومحاولة قياس تكلفة انعدام الأمن السيبراني ، وتقييم الكفاءة الاقتصادية لـ NCSS والحوافز الاقتصادية لجميع أصحاب المصلحة المعنيين. وذلك في اطار أساسيات علم الاقتصاد للأمن السيبراني والسعى لتطبيقها في سياق NCSSs. على وجه الخصوص ،ولا توجد بيانات كافية حاليًا لقياس هذه التكاليف بسبب عدم القدرة على تحديد التعريف المناسب للأدوار والمسؤوليات داخل الهياكل ، سواء كانت داخل  الحكومات أو المنظمات الخاصة.

اولا، تصاعد العلاقة بين الامن والاقتصاد في البيئة الرقمية     

أصبحت العلاقة بين الاقتصاد والامن علاقة متشابكة ،في ظل عملية التحول الرقمي التي تتجه اليها العديد من الحكومات  للاستحواذ على مقدرات الثورة الصناعية الرابعه،أصبحت قضية  الأمن وتطبيقاته في ظل العصر الرقمي من القضايا الصاعدة ، والتي فرضت المزيد من المتغيرات الجديدة أمام الحكومات والساسة في العديد من دول العالم ،وظهرت مصالح جديدة وأخطار ذات طبيعة سيبرانية ،في ظل  الاعتماد المتزايد  على  الفضاء السيبراني في عمل البنية التحتية وتقديم الخدمات وتراكم الثروة .والاثر السلبي لانعدام او ضعف الأمن السيبراني على الاقتصاد الرقمي ،وذلك في اطار العلاقة الطردية التي تجمع بين كلا البعدين ،.وتاثير ذلك في معدلات الثقة في البيئة الرقمية  والعرض الرقمي والطلب الرقمي ، والبنية التحتية المعلوماتية ،وبخاصة مع تصاعد التهديدات الرقمية وفي نفس الوقت زيادة دور الاقتصاد الرقمي في النمو الاقتصادي ،وهو الامر الذي يدفع الي أهمية التأقلم سواء تنظيميا أو أخلاقيا أو قياس مدى القدرة والاستعداد لخوض غمار التنافسية الجديدة ،والتي أصبحت قائمة على المساهمة في الإبداع والابتكار، وتحويل ذلك لتطبيقات قادرة على الاستحواذ على الأسواق التجارية والفوز بالمكانة والسيطرة في "العالم الجديد" .,

وذلك بهدف  تعزيز قدرتها في مجال الصناعات التكنولوجية والبرمجيات والتطبيقات ،ومواجهة ألأخطار العابرة للحدود التي تستهدف منصات الحكومة’ الإلكترونية والقطاع الخاص والمواطنين.والعمل على سن التشريعات والقوانين التي تحمي البيئة الرقمية.والاستثمار في مجال البنيةالتحتية وبخاصة مراكز البيانات.و لجئت الدول الي زيادة الإنفاق علي تنمية القدرات في مجال الدفاع السيبراني وتخصيص موارد في الميزانيه العامه للدولة او في ميزانيتها المعنية بالامن والدفاع ،الى جانب تشكيل مجالس تعني بوضع السياسات المتعلقة بالأمن السيبراني. باعتباره رافدا من روافد الأمن القومي. وبخاصة في ظل التحديات المتجددة التي  تفرضها عمليات التحول الرقمي وتطبيقاته الاقتصادية،و التي ادت الى إحداث تغيير  كمي ونوعي في عناصر الثروة والموارد الاقتصادية ومرتكزات العرض والطلب.

و لم تصبح وظيفة الامن و الدفاع مقتصرة علي الدولة وفق العقد الاجتماعي لنشأتها ، بل أصبح هناك دور جديد للفرد والقطاع الخاص وباقي اصحاب المصلحة  في الدفاع وحفظ الامن ،وبخاصة ان مصادر التهديدات لم تعد من الخارج فقط بل من الداخل أيضا.وفرض ذلك علي الدولة من جهة الانفتاح للتعاون مع الفاعلين من دون الدولة في الداخل والسعي الي التعاون مع الخارج لتعزيز القدرات من جهة اخري ،ومحاولة اعادة تعريف دورها والبحث عن ممارسة سيادتها مرة اخرى.ويأتي ذلك من منطلق ان الأمن شرط أساسي للبناء الاقتصادي، والذي يمكن ان يساهم  في الحفاظ على تعزيز الأمن وتقويته من جانب أخر.

تراجع دور الدولة ووظيفتها بعد أن تميز ت عملية تصاعد دور الفاعلين من غير الدول بطبيعة "اختراقية تساومية" للدولة، وإضعاف سلطتها على إقليمها، والوظائف المنوطة بها، وهو ما أدى إلى قيام الفاعلين من غير الدول بشراكة الدولة في القيام بوظائفها التقليدية. وأدى الفضاء الإلكتروني إلى وجود صعوبات أمام الدول لفرض قيود على دخول البضائع إليها وكذلك القدرة على فرض الضرائب التي تشكل أهم مورد من موارد الموازنة العامة للدولة والتي تعبر عن سيادة الدولة بقدرتها على استخدام حقها المشروع في جني الضرائب وبخاصة إذا ما تم تسريب رؤوس أموال محلية إلى الخارج؛ وهو ما يشكل ضررا اقتصاديا بالغا بالاستثمار المحلي، وأصبح بإمكان الشركات التكنولوجية الكبرى استخدام إعلانات تجارية للمنتجات دون أن يتم دفع أي رسوم للدولة؛ وهو ما يؤثر على السوق المحلية وتعزيز احتكارها للخدمات والتكنولوجيا بما يؤثر على الاقتصاد الوطني.

تراجع دور الدولة ووظيفتها بعد أن تميز ت عملية تصاعد دور الفاعلين من غير الدول بطبيعة "اختراقية تساومية" للدولة، وإضعاف سلطتها على إقليمها، والوظائف المنوطة بها، وهو ما أدى إلى قيام الفاعلين من غير الدول بشراكة الدولة في القيام بوظائفها التقليدية. وأدى الفضاء الإلكتروني إلى وجود صعوبات أمام الدول لفرض قيود على دخول البضائع إليها وكذلك القدرة على فرض الضرائب التي تشكل أهم مورد من موارد الموازنة العامة للدولة والتي تعبر عن سيادة الدولة بقدرتها على استخدام حقها المشروع في جني الضرائب وبخاصة إذا ما تم تسريب رؤوس أموال محلية إلى الخارج؛ وهو ما يشكل ضررا اقتصاديا بالغا بالاستثمار المحلي، وأصبح بإمكان الشركات التكنولوجية الكبرى استخدام إعلانات تجارية للمنتجات دون أن يتم دفع أي رسوم للدولة؛ وهو ما يؤثر على السوق المحلية وتعزيز احتكارها للخدمات والتكنولوجيا بما يؤثر على الاقتصاد الوطني.

وفقاً لأحدث البيانات العالمية، فإنَّ الاقتصاد الرقمي وما يرتبط به من قطاعات متعددة في مجال الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، والتقنيات الرقمية ذات الثلاثة أبعاد، واستخدامات الآلة ;الروبوت يسهم اليوم مع القطاعات الأخرى المرتبطة به بنحو 22 % من الناتج المحلي العالمي، وتقبع الولايات المتحدة الأميركية على رأس مجموعة الدول في مجال الاقتصاد الرقمي بناتج يصل إلى نحو 11 تريليون دولار؛ أي ما نسبته 58 % من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وتأتي الصين في المركز الثاني عالمياً، باقتصاد رقمي يشكِّل نحو ثلث حجم الاقتصاد الصيني، وبقيمة إجمالية تصل إلى نحو 3.5 تريليون دولار.

وتحتل كلٌّ من اليابان، وألمانيا، وبريطانيا، المراكز الثلاثة التالية عالمياً. وتشير الإحصاءات العالمية إلى أنَّ حجم الاقتصاد الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وصل مع نهاية العام 2018 إلى 30 مليار دولار، بيد أنه ينمو بوتيرة متسارعة تصل إلى نحو 30 % سنوياً.ويعدُّ الحجم الكبير لمستخدمي الإنترنت في العالم من أهم مقومات انتشار الاقتصاد الرقمي؛ حيث يبلغ حجم هؤلاء المستخدمين نحو 3.9 مليار نسمة؛ أي ما يزيد على نصف سكان الأرض، ويضاف إلى ذلك ارتفاع الأجهزة المرتبطة بعمليات الاقتصاد الرقمي من 9 مليارات جهاز إلى نحو 50 مليار جهاز بحلول العام 2020، ما يعني أنَّ الاقتصاد الرقمي قد يتحوَّل إلى المحرِّك الأساس للاقتصاد العالمي، بنموٍّ مطرد، وسيطرة لن تقل عن 50 % من اقتصاد العالم قريباً.على الجانب الآخر، فإنَّ الدراسات الخاصة بالموارد البشرية تشير إلى أنَّ ما يقرب من 75 مليون وظيفة ستنتهي لصالح الآلة مع حلول العام 2025، في حين أنَّ 133 مليون وظيفة جديدة سيتم استحداثها في مجالات الاقتصاد الرقمي، وخاصة فيما يتعلق بعمل الآلة، والعمل الالكتروني[1]

إن النظرة المبسطة لتطور مجتمع المعلومات تؤدي إلى إدراك أن الحوكمة لا يمكنها العمل بأمان إلا إذا تم تطبيق الأمن السيبراني بشكل فعال ، كما أن  لها تأثيرات على التطورات الشاملة في تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وعملية التنمية. وجدير بالذكر إن مؤشر الامن السيبراني العالمي GCI ليس معيارًا فحسب ، بل يجب اعتباره أداة لتوجيه الحكومات بشأن التدابير الواجب اتخاذها للتغلب على التهديدات السيبرانية.ونظرًا لأن الإنترنت أصبح أكثر انتشارًا ، من الخدمات المصرفية عبر الإنترنت إلى الأنظمة الذكية ، أصبح من الضروري وجود معايير أعلى للأمن السيبراني. يجب أن تعمل أنظمة الأمن السيبراني لكل من مزودي الخدمة ومستخدمي الخدمة ولصالح الجمهور في الاخير.وبخاصة ان مجتمع المعلومات العالمي اصبح يواجه بتحديات مختلفة من تهديدات الإنترنت ، مثل الحرمان من الخدمات الإلكترونية ، وانتهاكات سلامة البيانات ، وانتهاكات سرية البيانات ، وترتبط فعالية الإنترنت بالأمن السيبراني مع تقدم المزيد من البلدان في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.يُصدر الاتحاد الدولي للاتصالات مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (IDI) وينشره سنويًا منذ عام 2009. وهو مؤشر مركب يجمع بين 11 مؤشراً في تدبير قياسي واحد. يتم استخدامه لرصد ومقارنة التطورات في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) بين البلدان بمرور الوقت. يتميز التقرير ببيانات رئيسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأداة قياس لقياس مجتمع المعلومات ، مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (IDI). كما يقدم تحليلًا كميًا لمجتمع المعلومات ويسلط الضوء على الاتجاهات والقضايا الجديدة والناشئة والقياس. يقوم MISR بتقييم نتائج IDI على المستوى الإقليمي ويسلط الضوء على البلدان التي تحتل المرتبة الأولى في IDI وتلك التي حسنت مكانتها في تصنيفات IDI الكلية بشكل أكثر ديناميكية. كما يستخدم نتائج IDI لتحليل الاتجاهات والتطورات في الفجوة الرقمية [2]

ثانيا ،  أثر الابعاد الاقتصادية في  الأمن السيبراني على المستوى الوطني (NCSS)

نظرًا لتزايد التهديدات السيبرانية والجرائم الإلكترونية التي باتت تشكل تهديدًا على اقتصاديات الدول التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات في محاولة لتزايد تنافسياتها وتحقيق الرخاء الإقتصادي من خلال توفير الخدمات المختلفة عبر الإنترنت، بات من الضروري تبني استراتيجية وطنية للأمن السيبراني. ولكن يثار هنا تساؤل حول فاعلية الاستراتيجية الوطنية التي تتبناها الدولة ما لم تراعي البعد الاقتصادي. [3]

واهمية العمل على تقييم العناصر الاقتصادية الأساسية لصياغة واعتماد "نموذج" من استراتيجيات الأمن السيبراني تكون صالحه للتطبيق على نطاق واسع ،ومعالجة ذلك من منظور صنع السياسات العامة للدولة ،ومحاولة قياس تكلفة انعدام الأمن السيبراني ، وتقييم الكفاءة الاقتصادية لـ NCSS والحوافز الاقتصادية التي تدفع جميع أصحاب المصلحة المعنيين للانخراط والدمج في تلك الاستراتيجية. وعوامل النمو الاقتصادي ،وطبيعة العمل وتراكم راس المال والتشغيل والاستثمار ، وهو ما يتطلب باستمرار بذل جهود مكثفة وهادفة لتطوير وسائل التحليل الاقتصادي وأدواته، والأخذ بعين الاعتبار تلك المتغيرات الجديدة، ودراسة انعكاسها  على أسلوب الإنتاج والعمل وراس المال .

وذلك من خلال تحديد إلى أي مدى أخذت استراتيجيات الأمن السيبراني الوطنية في الاعتبار السياسات الاقتصادية ،وفي صياغتها،وتحديد ماهية اقتصاديات الأمن السيبراني وتحليل مدى اتخاذ الدول لهذه المبادئ وتطبيقها على استراتيجيات الأمن السيبراني الوطنية . يجب أن يكون جمع  البيانات من مسؤولية هيئة واحدة ، ولكن يجب تقسيمها بين مختلف أصحاب المصلحة ، سواء كانوا حكوميين أو من القطاع الخاص. كما سيكون القياس الكمي لأداء سياسة الأمن السيبراني أداة مفيدة لضمان مراقبة الإنفاق الحكومي لضمان أفضل قيمة مقابل المال.واهمية اتخاذ فرص الاستجابة للتهديدات السيبرانية من اي دولة او حكومة او شركة او منظمة لمواجهة  تلك التحديات و معرفة حجم  ما هو ضروري للاستثمار في الأمن السيبراني ،والى أي مدى هو كاف. وبخاصة مع عدم الاهتمام الكافي بتلك القضية ،وهو ما يفتح الباب امام امكانية دراسة اقتصاديات الامن السيبراني ،والاهتمام بالنماذج المرتبطة بقياس الاستثمارات في مجال الامن السيبراني ، من خلال رصد  التكلفة-المنفعة والمفاضلة في صنع القرار الاقتصادي.

وذلك على الرغم من عدم وجود بيانات كافية  لقياس تكاليف الامن السيبراني ،وعدم القدرة على تحديد المهام والأدوار والمسؤوليات داخل الكيانات سواء كانت داخل الحكومات أو المنظمات الخاصة.واصبح هناك حاجة ملحة لتبني خطة عمل لمثل تلك السياسات من منظور عدة عوامل مثل القدرة على التنفيذ والتقييم من اجل تحقيق المكاسب المالية من جهة والكفاءة في مواجهة التهديدات السيبرانية من جهة اخرى .وبناء علية يجب ان تتضمن الاستراتيجية الوطنية للامن السيبراني المبادئ الاقتصادية التي يمكن ان تطبق على الافراد والقطاع الخاص ،وفهم دور اقتصاديات الامن السيبراني في تحليل سلوك مختلف اللاعبين سواء اكان على مستوى  المهاجمين او المدافعين او على مستوى المنتجين او المستهلكين في سوق الامن السيبراني ، ويصبح دور السياسة العامة للدولة في هذه الحالة  منصبا على تعزيز الاستثمارات المطلوبة وتكيفها اجتماعيافي خلال الآونة الأخيرة، صار الأمن السيبراني سلعة كأي سلعة تُباع وتُشترى؛ حيثٌ يطبق عليها نظريات الإقتصاد. وتشير إحدى الدراسات إلى أن الأمن السيبراني هو سلعة خاصة ذات طبيعة تنافسية؛ حيثٌ تنتج من قبل شركات خاصة والتي تقوم ببيعها للحكومات والشركات والمستهلكين. كما أنها سلعة ذات ملكية عامة كتلك التي تعمل على حماية المعلومات ومجابهة التهديدات.  بالإضافة إلى كونه سلعة، فإنه سوق متداخل مع بعضه البعض؛ حيث إنه في حال أن تعرضت إحدى الشركات لهجوم في شبكاتها الداخلية يتأثر الملايين من المستخدمين ويعرف ذلك في علم الاقتصاد بالعوامل الخارجية (externality).[4] فمن ثم، إن الاستثمار في الأمن السيبراني مثله مثل أي سوق يوثر على الفاعلين فيه بمعنى أنه في حال أن استثمر فيه أحد الفاعلين في السوق والقطاعات المختلفة سيعزز من الأمن السيبراني لباقي الفاعلين والعكس صحيح. ولكنه في الوقت نفسه قد يدفع باقي الفاعلين في السوق  و الدول لعدم الاستثمار في الأمن السيبراني نظرًا لاعتمادهم على أحد المستثمرين في السوق أو الأطراف في المنطقة.[5]

وما يزيد من صعوبة الأمر هو دفع الشركات لعدم الكشف عن نقاط الضعف في أنظماتها السيبرانية وهو ما يطلب توفير حوافز لها ومنها ما يعزز ومنها ما يقلل الأمن بين الأطراف الفاعلة في سلاسل القيمة. كما أن هناك تحدي آخر يتجسد في عدم توافر المعلومات الدقيقة بالقدر الكافي وهو ما يصعب تحديد التكلفة الخاصة بالجرائم السيبرانية، مما يعني بدوره أن الفاعلين أو الدول لن تسعى للاستثمار في الأمن السيبراني بالقدر المطلوب ولن يوفروا الموارد المالية المطلوب[6]

بالإضافة إلي ذلك، هناك صعوبة في تحديد التكلفة المباشرة وغير المباشرة للأمن السيبراني وكذلك صعوبة تقدير فوائده خاصة في ظل غياب فوائد ملموسة. كما أنه من الصعب احتساب عوائد الاستثمار في الأمن لأنه يٌصعب توقع وتقدير حجم الخسائر والمخاطر، لاسيما في ظل غياب معلومات عن معدل الجرائم السيبرانية وتكلفة الخسائر أو حتى معلومات عن فاعلية إجراءات مكافحة الجرائم الإلكترونية، فضلاً عن احتمالية التضليل في التقدير والتحليل للمخاطر. [7]

يعد الامن السيبراني احد عوامل استقرار الدولة وتعزيز قدرتها على اللحاق بالتقدم التكنولوجي،ودفع عجلة النشاط والنمو الاقتصادي ، والذي يتم تحقيقه عبر تطبيقات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات مثل التجارة الالكترونية والمعاملات المالية والحكومة الالكترونية .وبذلك فقد عدت قضية الامن السيبراني وعلاقته بالاقتصاد من ضمن الأهداف بالغة الاهميةلكافة اصحاب المصلحة،وذلك من اجل تحقيق الرخاء الاقتصادي للمجتمعات البشرية.وهو ما يجب ان يظهر في  الإستراتيجية الوطنية للامن السيبراني من خلال ارتكازها على تبني سياسات اكثر توازنا ومشاركة ،و ضمان استمرارية عمل البنية التحتية المعلوماتية واستقرار الاقتصاد،وذلك أخذا بعين الاعتبار كافة العوامل المحفزة لزيادة التنافسية في الاسواق ،وهو الامر الذي يمثل فرصة وتحدي في ذات الوقت .و تركز معظم استراتيجيات الامن السيبراني على البحث عن مدخل شامل  للتدابير التي يمكن ان تنفذ في مواجهة التهديدات في الفضاء السيبراني. ومن ثم أصبح الفاعلين في المجتمع الرقمي بحاجة الى التزود بأساليب واستراتيجيات تمكنهم من ممارسة نشاطهم الرقمي دون تهديد او انقطاع ، والعمل على تطوير البيئة المعيارية والقانونية لتقاسم ومشاركة عبئ الحفاظ على الامن السيبراني.

وتسعى الدول من طرفها  الى توفير ضمانات للحفاظ على امنها القومي في الفضاء السيبراني ، وذلك على الرغم من ان البنية التحتية المعلوماتية هي مملوكة في جزء كبير منها للقطاع الخاص.وتصاعد الاهتمام بعملية تبني استراتيجيات وطنية للامن السيبراني في السنوات القليلة الماضية ، في اغلب الدول المتقدمة في حين انها مازالت تعاني من بعض العقبات في الدول النامية ، ولكنها احتلت مكانة خاصة في  اجندة صانعي القرار والسياسات العامة ،والتي تراها  الدولة عملية طويلة من اجل تعزيز القدرات في مجال الامن السيبراني. واما على المستوى العالمي فقد اصبحت  تستهدف دمج العديد من اصحاب المصلحة في ظل مراعاة الابعاد الاقتصادية،والتي مثلت مدخل مهم لفهم الحوافز التي تحرك الفاعلين من الدول ،  مثل ، مراعاة البعد العابر للحدود للتهديدات السيبرانية.،و تاثير انتشار الشائعات والاخبار الزائفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي على الثقة في الاقتصاد ، وامكانية التعرض لسرقة الاسرار الصناعية في ظل تصاعد دور الابداع والابتكار في اقتصاد الانترنت ، والخسائر الاقتصادية التي تتكبدها الدول من جراء التعرض للهجمات السيبرانية سواء من طرف دولة او فاعل من غير الدولة. وان تعرض الدولة الى القرصنة والجريمة الالكترونية يتسبب في  خسائر مالية الى جانب ازمة ثقة في المؤسسات والاجراءات والسياسات المتبعه .فيخسر الاقتصاد العالمي على سبيل المثال ما يقدر بتريليون دولار سنويا كل عام من الجريمة الالكترونية وهو ما يعادل 1,4 % من الناتج المجلي الاجمالي لدول العالم، ويعبر ذلك التهديد عن اكبر عملية نقل للثروة في التاريخ البشري من مكان الى مكان اخر ومن فاعل الى فاعل جديد.

ثالثا ، إشكاليات وفرص تطبيق البعد الاقتصادي في استراتيجية الامن السيبراني .

أدى الفضاء الإلكتروني إلى وجود صعوبات أمام الدول لفرض قيود على دخول البضائع إليها وكذلك القدرة على فرض الضرائب التي تشكل أهم مورد من موارد الموازنة العامة للدولة والتي تعبر عن سيادة الدولة بقدرتها على استخدام حقها المشروع في جني الضرائب وبخاصة إذا ما تم تسريب رؤوس أموال محلية إلى الخارج؛ وهو ما يشكل ضررا اقتصاديا بالغا بالاستثمار المحلي، وأصبح بإمكان الشركات التكنولوجية الكبرى استخدام إعلانات تجارية للمنتجات دون أن يتم دفع أي رسوم للدولة؛ وهو ما يؤثر على السوق المحلية وتعزيز احتكارها للخدمات والتكنولوجيا بما يؤثر على الاقتصاد الوطني.ومن ثم أصبح  الامن السيبراني احد عوامل استقرار الدولة وتعزيز قدرتها على اللحاق بالتقدم التكنولوجي،ودفع عجلة النشاط والنمو الاقتصادي عبر تطبيقات  مثل التجارة الالكترونية والمعاملات المالية والحكومة الالكترونيةومن ثم أصبح الفاعلين في المجتمع الرقمي بحاجة الى التزود بأساليب واستراتيجيات تمكنهم من ممارسة نشاطهم الرقمي دون تهديد او انقطاع ، والعمل على تطوير البيئة المعيارية والقانونية لتقاسم ومشاركة عبئ الحفاظ على الامن السيبراني،وسعى الدول من طرفها  الى توفير ضمانات للحفاظ على امنها القومي في الفضاء السيبراني ، وذلك على الرغم من ان البنية التحتية المعلوماتية هي مملوكة في جزء كبير منها للقطاع الخاص.

وفي ظل تصاعد العلاقة بين الامن والتكنولوجيا  برزت فرص وتحديات مثل تصاعد دور التطبيقات التكنولوجية في الاقتصاد ،وبروز فجوة الاستجابة السريعه من جانب الحكومات في تبني استراتيجيات وطنية للامن السيبراني تتوائم مع التحديات الجديده ،والتي في مقدمتها تأثير انعدام او ضعف الأمن السيبراني على الاقتصاد الرقمي ،ومن ثم فكان لطبيعة تلك العلاقة الطردية التي تجمعهما تاثيرعلى معدلات الثقة في البيئة الرقمية  والعرض الرقمي والطلب الرقمي ، والبنية التحتية المعلوماتية ،وبخاصة مع تصاعد التهديدات الرقمية وفي نفس الوقت زيادة دور الاقتصاد الرقمي في النمو الاقتصادي .ولخوض غمار التنافسية الجديدة ،والتي أصبحت قائمة على المساهمة في الإبداع والابتكار، وتحويل ذلك لتطبيقات قادرة على الاستحواذ على الأسواق التجارية والفوز بالمكانة والسيطرة في "العالم الجديد" .ويعد  الأمن كذلك شرط أساسي للبناء الاقتصادي فمن دونه لا يمكن تأسيس اقتصاد ناجح ينمو ويفيد الدولة, في حين أن الاقتصاد إذا نجح في تحقيق فوائد ملموسة فإنه يعد وسيلة للحفاظ على تعزيز الأمن وتقويته. وكلما زاد الاقتصاد نمواً وارتفع المستوى المعيشي للمواطن وزادت رفاهيته وزادت شرعية الحكومة والنظام السياسي ورضاء المحكومين وتحقيق الاستقرار السياسي .تتطلب عملية  تحقيق التكامل ما بين البعد الاقتصادي والسياسي في معالجة الامن السيبراني من اجل صنع سياسات عامة فاعلة  في استراتيجيات الامن السيبراني على المستوى الوطني ،وهو مدخل نادرا ما تم الجمع بينهما مع الاعتقاد الشائع انها تسير في مسارات متوازية.وانه اذا تم ترك قوى السوق تتفاعل وفق ارادتها المنفردة سيؤدي ذلك الى نقص في الاستثمار في مجال الامن السيبراني، ووجود بعض السياسات المتعارضة وغير المتسقة ،وضعف التنسيق ما بين الحكومة والفاعلين الاخرين، والاضرار في النهاية بقدرة الدولة على مواجهة الاخطار السيبرانية والتي ستهدد الجميع دون استثناء.

  • نقص المعلومات الدقيقة والمتاحة من خلال استخدام الرصد والقياس داخليًا او من خلال موارد خارجية بشكل يصعب القياس الكمي.مثل صعوبات تقدير الخسائر للهجمات السيبرانية .
  • صعوبة تشارك المعلومات حول الهجمات حيث ان الشركات او المؤسسات التي تعرضت للاختراق قد لا ترغب في مشاركة هذه المعلومات ،وعدم وجود الية للابلاغ
  • نقص التعاون بين الأكاديميين والصناعات والحكومات وهو أمر ضروري للتمكين من إجراء بحوث دقيقة .
  • عدم دمج السياسة الصناعية في الأمن السيبراني في NCSS. من أجل المساعدة في قياس فعالية NCSS ،
  • صعوبة وضع نموذج "مقاس واحد يناسب الجميع" حيث يتم تكيف النماذج التقليدية في اقتصاديات الامن السيبراني وفق السياق العام لـ NCSS
  • طييعة نهج الدولة الاقتصادي ما بين الطابع الليبرالي او الاشتراكي ، وحدود قيام الدولة بفرض تدخلها في القطاع الخاص على الرغم من معارضة ذلك للمبادئ الليبرالية في الاقتصاد .
  • وهو ما يفرض اهمية التوافق  في مواجهة ذلك التحدي في صياغة سياسات اقتصادية جديدة تتواكب مع السياسات العامة للدولة .   

رابعا ، حجم ومحركات نمو السوق العالمي للامن الالكتروني

1-اتجاهات السوق العالمي للامن السيبراني

بلغ حجم سوق الأمن السيبراني العالمي 116.5 مليار دولار أمريكي في عام 2018 ، ومن المرجح أن يتوسع بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 11.0% خلال الفترة المتوقعة. وتكتسب قضية الأمن السيبراني والدفاع ضد التهديدات عبر الإنترنت أهمية أكبر في المشهد الرقمي . وذلك مع تصاعد حجم التهديدات والهجمات المنظمة  لعمليات الاحتيال والجرائم الإلكترونية  وـاثير ذلك في امن البنية التحتية المعلوماتية  .وبخاصة في ظل كون تلك التهديدات عابرة لحدود ،وترتبط بسوق عالمي مفتوح من منتجات وبرامج الحماية والدفاع ، والتي يتنافس فيها العديد من الشركات الدولية الكبري على الاستحواذ على حجم السوق العالمي لما يحقق ذلك من ارباح طائلة ،من المتوقع أن يرتفع الإنفاق على الأمن السيبراني في جميع أنحاء العالم خلال العقد القادم. وان كانت  قيمة سوق الأمن السيبراني العالمي حالياً حوالي 131 مليار دولار أمريكي ، ومن المقرر أن تزيد بنسبة 88 %  لتصل إلى 248 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026 ، ويأتي 75% من   الإنفاق العالمي على الأمن السيبراني من  الحكومات والشركات والمنظمات والأفراد الذين يسعون للدفاع عن أنفسهم ضد النشاط السيبراني الضار ،والذين يشترون منتجات وخدمات مزودي الأمن السيبراني الخارجي، بينما ياتي حجم الانفاق 25% من جميع النفقات الداخلية على الأمن السيبراني مثل  تكلفة استخدام الفرق الداخلية ذات المهارات المتخصصة في الأمن السيبراني. من المتوقع أن تزداد الأموال التي تنفق على وظائف الأمن الداخلي  بحوالي 5.4 % كل عام حتى عام 2026 ،بينما يتوقع ان يزيد حجم  الإنفاق العالمي على منتجات وخدمات الأمن السيبراني الخارجية  بنحو 8  % سنويًا خلال نفس الفترة.ومن محركات نمو الطلب في سوق الامن السيبراني ،هناك عدة اتجاهات تدعم توقعات نمو الإنفاق على الأمن السيبراني:مثل تهديد متزايد للهجمات السيبرانية - يزداد النشاط السيبراني الضار ، حيث يستخدم المجرمون استراتيجيات أكثر تطوراً لاختراق الأنظمة والشبكات.تزايد التعرض لمخاطر الإنترنت - إن التوسع السريع في النشاط الاقتصادي الذي يدعم الإنترنت وعدد الأجهزة والأنظمة المتصلة يزيد من احتمال انتشار النشاط السيبراني الضار على نطاق واسع.تزايد الوعي بالمخاطر - أدت الحالات الأخيرة البارزة للنشاط السيبراني الضار والتغطية الإعلامية لانتهاكات البيانات إلى جعل الشركات والمؤسسات الأخرى على دراية بالمخاطر التي يشكلها خصوم الإنترنت على أعمالهم ،تنظيم متزايد للمخاطر السيبرانية - تشعر الحكومات في جميع أنحاء العالم بقلق متزايد من أن الهجمات الإلكترونية يمكن أن تضرب قطاعات اقتصادية مهمة. يصدر الكثير منهم قوانين جديدة لضمان قيام المنظمات بتعزيز ضوابط الأمن السيبراني الخاصة بهم.سوق الأمن السيبراني متنوع ومتطور -،حيث لم يعد الأمن السيبراني مجرد جدران ناري وبرامج مكافحة الفيروسات. و تطورت بشكل كبير لتشمل مجموعة متطورة من المنتجات والخدمات ، فضلاً عن الأنشطة داخل المؤسسات لبناء وتشغيل نظام الأمن السيبراني

2- تحديات وفرص نمو سوق الامن السيبراني

حيث يتم التعرف على خصائص السوق وحجمة وطبيعة الفاعلين فيه، وكيفية المفاضلة بين التكلفة والمنفعة، وتحليل السلوك الاستراتيجي ، وآليات السوق ، والأثر الاقتصادي للتنظيم من قبل الحكومات. وتحليل المكاسب المالية التي تدفع الى الجريمة السيبرانية ، وقرار الاستثمار في الأمن السيبراني ، والمشاكل المتزايدة في قطاع التأمين للفضاء السيبراني.ومبادئ إدارة المخاطر والازمات لمواجهة الطوارئ السيبرانية .

أ- العوامل الخارجية،يمكن أن تتميز صناعة تكنولوجيا المعلومات بالعديد من العوامل الخارجية المختلفة. :

  • العوامل الخارجية للشبكة مثل نظم التشغيل المعتمد عليها،
  • العوامل الخارجية لانعدام الأمن ، وهناك بعد سلبي يتعلق بامكانية أن يؤثر عدم الاستثمار في الأمن السيبراني من قبل أحد اللاعبين في السوق بشكل سلبي على أمن الآخرين ، وبعد اخر ايجابي يتعلق  حيث يؤدي قيام فاعل واحد في السوق بالاستثمار في الأمن السيبراني الى  مستويات متزايدة من الأمن السيبراني للجميع.

ب- الأمن المتبادل ، يحدث هذا عندما يؤدي الاستثمار من قبل لاعب سوق واحد إلى خلق عوامل خارجية إيجابية بالنسبة للآخرين والتي قد تثبط بدورها الاستثمار الخاص بهم (ركوب مجاني).

ج – عدم توافر واكتمال البيانات ، أوضاع اقتصادية يتصرف فيها اللاعبون في السوق في ظل معلومات غير كاملة.

د. حوافز، تعطي دراسة الحوافز الاقتصادية فهماً أفضل للسلوك القائم على السوق وعلاقته بالأمن السيبراني مثل تحقيق الارباح او النجاح في مواجهة الاخطار .

3-. تعقيد الصناعات في مجال الأمن السيبراني 

تستثمر الدول في الأمن السيبراني وتستفيد الشركات من علاقاتها الجيدة طويلة الأمد مع الدول وتحقق الارباح المالية ،وفي سوق تبلغ قيمته مليارات الدولارات ويتميز باحتكار القلة ،وتغلل الشركات متعددة الجنسيات الى داخل الدول في عمل البنية التحتية المعلوماتية الحرجة والتي هي مملوكة في قطاع كبير منها للقطاع الخاص وهو ما يحد من قدرة الدولة على حمايتها .الأمن سلعة عامة. هناك حاجة للثقة بين الحكومة والشركات التي توفر الأمن ؛ غالباً ما يستخدم الخوف كشرعية لسياسات الأمن العام ؛ وفي ظل  اهتمام متصاعد  من الدول في تطوير السياسات الدفاعية والهجومية في الفضاء السيبراني ، ولا يتعلق الأمن السيبراني عادة بالعنف ؛ ووجود اختلاف في هيكل وتكوين الأسواق .وهو ما يفرض على الدولة ان تتجه الى الصناعات التكنولوجية الوطنية كبديل للاعتماد على الشركات الامنية الخارجية .

أ-. مؤشرات كمية لقياس الأمن السيبراني

 قياس ما إذا كان ينبغي تنفيذ تدبير أمني معين أم لا،معرفة حجم التكاليف والمكاسب المتوقعه من الاستثمار ومقارنة كافة البدائل المطروحة ،

ب-. العائد على نموذج الاستثمار الأمني

 إن النموذج التقليدي لقياس العائد على الاستثمار (ROI) هو مقياس  يستخدم لتقييم كفاءة الاستثمار أو لمقارنة كفاءة عدد من الاستثمارات المختلفة. وقياس كفاءة وفعالية الإنفاق على  الامن من خلال المقارنة بالتكاليف والعائد .

خاتمة  : نحو استراتجية وطنية عربية مستدامة للامن السيبراني .

أصبحت عملية تبني استراتيجة وطنية للامن السيبراني مدخل مهم لحفظ الامن والاقتصاد معا في العصر الرقمي،وما لذلك من تداعيات في المجال السياسي والاجتماعي والثقافي ،وتاثير ذلك في معدلات الثقة في البيئة الرقمية  والعرض الرقمي والطلب الرقمي ، والبنية التحتية المعلوماتية ،وبخاصة مع تصاعد التهديدات الرقمية وفي نفس الوقت زيادة دور الاقتصاد الرقمي في النمو الاقتصادي ،و لجئت الدول الي زيادة الإنفاق علي تنمية القدرات في مجال الدفاع السيبراني وتخصيص موارد في الميزانيه العامه للدولة او في ميزانيتها المعنية بالامن والدفاع ،الى جانب تشكيل مجالس تعني بوضع السياسات المتعلقة بالأمن السيبراني. باعتباره رافدا من روافد الأمن القومي. وبخاصة في ظل التحديات المتجددة التي  تفرضها عمليات التحول الرقمي وتطبيقاته الاقتصادية،و التي ادت الى إحداث تغيير  كمي ونوعي في عناصر الثروة والموارد الاقتصادية ومرتكزات العرض والطلبواتجهت  العديد من  الدول الي ممارسه سيادتها السيبرانيه علي موارد الفضاء السيبراني وذلك بغية  تعزيز قدرتها في مجال الصناعات التكنولوجية والبرمجيات والتطبيقات، ومن اجل كذلك العمل علي خلق بديل وطني مع نمو حركه ونشاط الأخطار العابرة للحدود،والتي تستهدف منصات الحكومه الإلكترونية والقطاع الخاص والمواطنين الى جانب العمل على سن التشريعات والقوانين التي تحمي البيئة الرقمية.والاستثمار في مجال البنيه التحتيه وبخاصة مراكز البيانات.ومن ثم فقد لجئت الدول الي زياده الإنفاق علي تنمية القدرات في مجال الدفاع السيبراني وتخصيص موارد في الميزانيه العامه للدوله او في ميزانيتها المعنية بالامن والدفاع ،الى جانب تشكيل مجالس تعني بوضع السياسات المتعلقة بالأمن السيبراني.

وبخاصة في ظل التحديات المتجددة التي  تفرضها عمليات التحول الرقمي وتطبيقاته الاقتصادية،و التي ادت الى إحداث تغيير  كمي ونوعي في عناصر الثروة والموارد الاقتصادية ومرتكزات العرض والطلب ، وعوامل النمو الاقتصادي ،وطبيعة العمل وتراكم راس المال والتشغيل والاستثمار ،ودراسة انعكاسات هذه المتغيرات على أسلوب الإنتاج والعلاقات الاجتماعية الداخلية والعلاقات الدولية،ومن الاهمية بمكان لاي حكومة او شركة او منظمة معرفة حجم  ما هو ضروري للاستثمار في الأمن السيبراني والى أي مدى هو كاف من خلال  تحليل استراتيجيات الأمن السيبراني على المستوى الوطني (NCSS) national cyber security strategies  ، وذلك للعمل على تقييم العناصر الاقتصادية الأساسية لصياغة واعتماد نموذج من استراتيجيات الأمن السيبراني على المستوى الاقليمي،ومعالجة ذلك من منظور صنع السياسات العامة للدولة ،ومحاولة قياس تكلفة انعدام الأمن السيبراني ، وتقييم الكفاءة  والحوافز الاقتصادية لجميع أصحاب المصلحة المعنيين. وبذلك فقد عدت قضية الامن السيبراني وعلاقته بالاقتصاد من ضمن الأهداف بالغة الاهمية لكافة اصحاب المصلحة،وذلك من اجل تحقيق الرخاء الاقتصادي للمجتمعات البشرية.

واخذت  عملية تبني استراتيجيات وطنية للامن السيبراني  في النمو والتصاعد في السنوات القليلة الماضية ، في اغلب الدول المتقدمة ومازالت تعاني من عقبات في الدول النامية ، واحتلت تلك القضية اهمية خاصة في اجندة صانعي القرار والسياسات العامة للدولة،والتي رات بدورها انها عبارة عن عملية طويلة لتعزيز القدرات في مجال الامن السيبراني ، واما على المستوى العالمي فقد اصبحت عملية دمج العديد من اصحاب المصلحة تاتي في اطار مراعاة الابعاد الاقتصادية،والتي مثلت مدخل مهم لفهم الحوافز التي تحرك الفاعلين من الدول ، في ظل مراعاة البعد العابر للحدود للتهديدات السيبرانية.

 مثل تاثير انتشار الشائعات والاخبار الزائفة على الثقة في الاقتصاد ، والتعرض لسرقة  الاسرار الصناعية في ظل تصاعد دور الابداع والابتكار في اقتصاد الانترنت ، الى جانب الخسائر التي تتعرض لها الدول من الهجمات السيبرانية سواء من طرف دولة او فاعل من غير الدولة ، وتعرض الدول كذلك الى القرصنة والجريمة الالكترونية  تتسبب في خسائر مالية وازمة ثقة في المؤسسات والاجراءات والسياسات المتبعه .فيخسر الاقتصاد العالمي على سبيل المثال ما يقدر بتريليون دولار سنويا كل عام من الجريمة الالكترونية وهو ما يعادل 1,4 % من الناتج المجلي الاجمالي لدول العالم، ويعبر ذلك التهديد عن اكبر عملية نقل للثروة في التاريخ البشري من مكان الى مكان اخر ومن فاعل الى فاعل جديد.

وبذلك فقد عدت من ضمن الاهداف بالغة الاهمية الاستراتيجية ليس فقط للدولة بل للعديد من دول العالم ، وبشكل جعل تحقيق ذلك ضمن الاهداف والمطالب العالمية ولكافة اصحاب المصلحة ،وذلك من اجل تحقيق الرخاء الاقتصادي للمجتمعات ،وهو ما تهدف إلية الإستراتيجية الوطنية للامن السيبراني على مستوى العالم ، ويتطلب ذلك تبني سياسات اكثر توازنا ومشاركة ،للعمل على تعزيز ضمان استمرارية عمل البنية التحتية المعلوماتية واستقرار الاقتصاد أخذا بعين الاعتبار كافة العوامل المحفزة لزيادة التنافسية في الاسواق ،وهو الامر الذي يمثل فرصة وتحدي في ذات الوقت .

بينما تهدف جميع الاستراتيجيات إلى معالجة الأمن السيبراني من أجل الحفاظ على الرخاء الاقتصادي والاجتماعي والتنمية من خلال التطوير المستمر والنشط لاقتصاد الإنترنت .وتنطلق الدول في ذلك من حقيقة ان امكانية الوصول الى مستويات أعلى من الأمن السيبراني سيوفر للاقتصاد ميزة تنافسية لأنه سيوفر بيئة مشجعه للنمو والاستثمار الاجنبي ويمنحها المصداقية والثقة بين كافة اطراف البيئة الرقمية من الطلب والعرض.، وبادراك الدور الذي تلعبة العوامل الاقتصادية في تحسين الأمن السيبراني. ومدى القدره على تضمينها  في الاستراتيجيات الوطنية للامن السيبراني ، واهمية  تحليل سلوك مختلف اللاعبين سواء اكانوا مهاجمين او مدافعين في سوق الامن السيبراني ، ومن ثم يصبح دور السياسات  العامة منصبا على تعزيز الاستثمارات المطلوبة وتكيفها اجتماعيا ..وتشجع العديد من الاستراتيجيات عملية تبني مجموعه من السياسات المرنة لتقديم المزيد من الحوافز لنمو الأسواق في اطار الحفاظ بشكل افضل على الأمن.وهو ما يحتاج لفهم أفضل لهيكل الحوافز للاعبين في السوق المرتبطين بالأمن السيبراني، وتعزيز عملية تبني تدابير مضادة في تقديم الخدمات او المنتجات ، والاستثمار في مجال صناعات الامن السيبراني.

وتهدف عملية تبني استراتيجية وطنية للامن السيبراني  الى تحديد  الرؤية والأهداف   والمبادئ والأولويات التي تحدد طرق معالجة الدولة لقضية  الأمن السيبراني ؛والعمل على دعم مشاركة  أصحاب المصلحة  في عملية دعم  الأمن السيبراني  وتحديد الادوار والمسؤليات ؛ ووصف للخطوات والبرامج والمبادرات التي سيتعتمدها الدولة لحماية بنيتها التحتية الإلكترونية الوطنية ، والعمل على ان تتسم بقدر كبير من زيادة الأمن والمرونة.إن وضع الرؤية والأهداف والأولويات يمكّن الحكومات من النظر إلي الأمن السيبراني بشكل كلي عبر النظام الإيكولوجي الرقمي الوطني ، بدلاً من قطاع معين ، أو استجابة لمخاطر محددة  ،و يسمح لهم بذلك تبني استراتيجية وفق الاولويات الوطنية ،ومواجهة المخاطر الحرجة المرتبطة بالبنية التحتية ، وتعزيز الثقة و رفع الوعي بالأمن السيبراني .

توفر الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني أيضًا فرصة للتوافق بين أولويات الأمن السيبراني مع الأهداف الأخرى المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وذلك لدورها المركزي  لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية للاقتصاد الوطني.وهو ما يجب ان يظهر في  الإستراتيجية الوطنية للامن السيبراني من خلال ارتكازها على تبني سياسات اكثر توازنا ومشاركة ،و ضمان استمرارية عمل البنية التحتية المعلوماتية واستقرار الاقتصاد،وذلك أخذا بعين الاعتبار كافة العوامل المحفزة لزيادة التنافسية في الاسواق ،وهو الامر الذي يمثل فرصة وتحدي في ذات الوقت .و ان تركز معظم استراتيجيات الامن السيبراني على البحث عن مدخل شامل  للتدابير التي يمكن ان تنفذ في مواجهة التهديدات في الفضاء السيبراني.    


[1] خالد واصف الوزراني ، الاقتصاد الرقمي ، جريدة الغد الاردنية ، 2 يوليو 2019

 https://alghad.com/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%82%d9%85%d9%8a/

[2]

[3]Brangetto, Pascal, and Mari Kert-Saint Aubyn.“Economic Aspects of National Cyber Security Strategies.”CCDCOE, 2015. https://www.ccdcoe.org/library/publications/economic-aspects-of-national-cyber-security-strategies/.

[4]نفس المرجع السابق                                                        

[5]“Sustainable Development Goals.”UNDP.Accessed September 2, 2019. https://www.undp.org/content/undp/en/home/sustainable-development-goals.html.

[6]“Overview.”World Bank, 1999.https://www.worldbank.org/en/topic/governance/overview.

[7]Arezki, Rabah, Lili, Barone, Andrea, AbouHarb, Amani, et al. “A New Economy for the Middle East and North Africa.” A New Economy for the Middle East and North Africa (English) | The World Bank, October 3, 2018. http://documents.worldbank.org/curated/en/331081537883965003/A-New-Economy-for-the-Middle-East-and-North-Africa.

8-Arnauld Bertrand, How does digital government become better government?,

9-EY.com, 10 Apr 2019. https://go.ey.com/2AYmo69, visited 29/5/2019

[10] Leonidas G. Anthopoulos,. "Smart Government: A New Adjective to Government Transformation or a Trick?. In: Understanding Smart Cities: A Tool for Smart Government or an Industrial Trick?. Public Administration and Information Technology, vol 22. Springer, Cham,2017, pp 263-293

 



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>