التجارة الالكترونية ودورها في النمو الاقتصادي

12-02-2025 06:06 AM - عدد القراءات : 753
كتب د.عادل عبد الصادق
أصبحت التجارة الالكترونية تنمو بشكل متسارع لما تتميز به من خصائص الجاذبية والسرعة في الانتشار والرخص في التكلفة ،وتختلف طبيعة المعاملات التجارية في الاقتصاد الحقيقي عما بات يعرف بالاقتصاد الرقمي
التجارة الالكترونية ودورها في النمو الاقتصادي
 ،وأصبح  له دور في النمو الاقتصادي معتمدا على إنتاج السلع والخدمات ذات الصلة مباشرة وغير مباشر بتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة ،ومكونا جديدا للثروة والمكانة بعيدا عن المؤشرات التقليدية للقوة الاقتصادية المعتمدة على الموارد الطبيعة او السلع المادية. وأصبحت تواجه الدولة تحدي لسيادتها التقليدية على أراضيها أو "منافذها"، لصالح حرية الانتقال للأفكار والأموال والسلع عبر الحدود.
ومع اتساع نطاق الارتباط والانتشار للتطبيقات الرقمية تسارعت في الوقت نفسه  حجم الاعتماد والتعامل للحصول على الخدمات والسلع بما  انعكس على  زيادة حجم التجارة الالكترونية من ناحية والى زيادة ما ينفقه المواطنين والشركات على التجارة و الإعلانات من جهة أخري.
وأصبح  من المهم الموائمة بين النشاط التجاري الرقمي ومستوى وضع السياسات او التطبيقات أو البنية التحتية اللازمة . وتميزت حركة التعاملات الالكترونية  بان التحويل النقدي يتم عبر الانترنت وبدون سيطرة مباشرة على تلك التحويلات من البنوك المركزية في العديد من الدول،وكون حقيقة ان الشركات المشغلة للخدمة هي عابرة للحدود الدولية ،ومن ثم لا تخضع للولاية القضائية الوطنية ، وليس لأغلبها مكاتب داخل البلدان التي تعمل بها.
وهي بذلك تختلف عن باقي الشركات متعددة الجنسيات العاملة في مجال النفط والغاز او غيرها والتي ترتكز على الوجود الفعلي كأساس لعملها وعلى خضوعها للقانون المحلي الخاص بالاستثمار الأجنبي.
ومن جهة أخري تتميز التعاملات التقليدية بوجود نقطة"دخول وخروج" للتحكم من قبل الدولة تتمثل في الجمارك والمنافذ الحدودية وتضمن سيطرة الدولة على التعاملات مع الدول الاخري سواء عن" التصدير" او "الاستيراد" للسلع المادية .
وقدرتها على إلزام"المتعاملين" او "التجار" بقيد كافة المعاملات التجارية التي يقومون بها سواء أكانت مؤسسات فردية او شركات ،وحق الإدارة الضريبية في المطالبة بمراجعه وفحص الدفاتر والسجلات ،ومراقبة وفحص عملية دفع المنشأة للمستحقات الضريبية والجمركية،وذلك بالاعتماد في عملية التبادل على عقود تجارية مكتوبة بين الأطراف المعنية.
وأما في التعاملات ذات الطبيعة الالكترونية ، فان سيطرة الدولة على دخول وخروج المعاملات على السلع المادية تبقي ولكنها تتقلص في حالة السلع غير المادية مثل الكتب الرقمية والبرمجيات او الصحف الرقمية والتي تمر عبر الفضاء الالكتروني.
  وتتوفر السهولة في استخدام التطبيقات والبرامج الالكترونية لتسجيل التعاملات والاسترجاع والفحص ،وتواجه عملية التعاقد مدى الاعتراف بالتوقيع الالكتروني كوسيلة من وسائل الإثبات والتحقق لإتمام الصفقات التجارية 
وتتميز التجارة الالكترونية باختفاء البعد المادي للشركات او الأشخاص الذي يقومون بتقديم الخدمة او السلعة عبر الانترنت ، والاعتماد بشكل اكبر على المستندات الالكترونية كبديل عن الورقية ، ويتم التعامل بين الإطراف في شكل آلي ومباشر وبدون وسطاء ، وتباين التشريعات والقوانين الضريبية من دولة الى أخري ، الى جانب تباين الطرق المحاسبية وشروط الإفصاح عن تلك الصفقات ، وعدم توافر المعلومات او النتائج عن الأرباح المتحققة للشركة من الإقليم او الدولة ، الى جانب صعوبة تطبيق آليات للرقابة على المبيعات .
اطلقت أول استراتيجية وطنية للتجارة الإلكترونية في ديسمبر 2017، و بالتعاون مع منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)،  وتضمنت العديد من السياسات والاجراءات التي تهدف الى تحقيق تقدم ملموس في كافة مناحي التجارة الالكترونية ، وكان من أهم ملامحها السعي الى توفير مصادر التمويل اللازمة سواء عبر مؤسسات التمويل الدولية وآليات متابعه التنفيذ ، وجاء الى جانب ذلك اهمية توفير البنية التشريعية اللازمة لبث الوعي باهمية التجارة الالكترونية وتنظيم التعاملات والتي منها ما يتعلق اصدار قوانين  لحماية المستهلك، والتوقيع الإلكترونى، ومكافحة جرائم تقنية المعلومات وتبني  قانون الدفع غير النقدي دعما للتوجه نحو الشمول المالي والتحول الرقمي وتدشين المجلس الاعلي للمدفوعات و تعزيز البنية التحتية وتطبيقات التكنولوجيا المالية وبالإضافة إلى قانون حماية البيانات الشخصية ،  
ومن الركائز الاخري للإستراتيجية الوطنية للتجارة الالكترونية هو العمل على  دعم الإبداع وتنمية الصناعات الحرفية فى مجال التجارة الالكترونية، ورعاية الأفكار الإبداعية والشركات الناشئة وتشجيع الدخول الى الاسواق الاقليمية والعالمية وبخاصة في ظل اطلاق منصة التجارة الالكترونية في الدول الإفريقية ، واهمية خلق فرص عمل للشباب، وتنمية التجارة الداخلية والخارجية ، وهو ما من شأنه ان يساهم في زيادة ونمو حجم التجارة الالكترونية فى الاقتصاد القومى.
وتتطلب الإستراتيجية الوطنية للتجارة الالكترونية تطوير منصة الكترونية للمنتجات المصرية وذلك بالتنسيق والتعاون مع كافة الشركاء من القطاعين الحكومي والخاص، وبالاستفادة من الخبرات والتجارب الدولية الناجحة،ومشاركة كافة الجهات المعنية بالتجارة الإلكترونية في تحديث وتطبيق الإستراتيجية الوطنية ومنها وزارة التجارة والصناعة، ووزارة المالية، والجمارك، وجهاز حماية المستهلك، والبنك المركزي، والهيئة القومية للبريد، والبنوك التجارية.
وذلك بغية العمل على سرعة إقرار قانون التجارة الإلكترونية ودمج السوق الرسمي وغير الرسمي، واعتماد الهوية الرقمية الوطنية ،و سن التشريعات القانونية الخاصة بتنظيم تعاملات التجارة الإلكترونية، وتطوير نظام بنكي متطور  واعتماد نظم الدفع الإلكتروني، وقد اثرت جائحة "كوفيد 19 في إحداث متغيرات تتعلق بالتجارة الالكترونية ، المتغير الاول ،هو ثقافة المستهلك حيث  ادت جائحة "كوفيد 19" الى تغيير سلوك المستهلك المصري ،حيث أصبح الناس يعيشون بشكل مختلف وفي بيئة جديدة تدفعهم للتفكير والتصرف وطرق التسويق والانفاق. ، والمتغير الثاني ، هو تأثير جائحة كوفيد 19 على الشركات المصرية ، والتي واجهت تحديات القدرة على مواجهة تحديات الطلب من جهة وتحدي التحديث والتطوير بما يتلائم مع مقتضيات التجارة الالكترونية والتحول الرقمي . والمتغير الثالث ، يتعلق بمدى تاثير مرحلة ما بعد جائحة كوفيد 19 في مستقبل التجارة الإلكترونية في مصر ، وبخاصة انها تشهد نموا غير مسبوقا   .


© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>