العمل الهجين .. معادلة مربحة لجميع الأطراف

28-03-2023 11:11 PM - عدد القراءات : 247
كتب بيليتا كلارك من لندن FINANCIAL TIMES
هذه قصة عن رجل يدعى جيمس وامرأة تدعى جولي وأي شخص آخر لا يزال يتشبث في العالم الجديد بالعمل المكتبي الذي أطلقت عنانه جائحة كوفيد قبل ثلاثة أعوام بالضبط تقريبا.
العمل الهجين .. معادلة مربحة لجميع الأطراف

 

 
جيمس لونج هو ممول مخضرم في لندن أسس شركة استشارية مالية صغيرة للطاقة النظيفة تدعى لونجريتش كابيتال في 2019، قبل انتشار الجائحة مباشرة.

كانت جولي جيمينيز، وهي في الـ30 من عمرها، واحدة من أوائل الموظفين الذين تم تعيينهم، حيث كانت وقتها في لندن تعمل في استثمارات البنية التحتية في أحد أكبر البنوك في أوروبا.

مع عمليات الإغلاق في بريطانيا، بقي لونج في لندن بينما انتقلت جيمينيز إلى مدينة مشمسة أكثر في جنوب أوروبا. هي ما زالت هناك الآن بينما لا يزال لونج في لندن، حيث يعملان بضعة أيام في الأسبوع في مكتب الشركة في ساحة سانت جيمس.

تأتي جيمينيز إلى مكتب لندن مرة واحدة على الأقل شهريا لبضعة أيام ثم تسافر كثيرا إلى الخارج لحضور اجتماعات العمل. أداء الشركة جيد، حيث نسقت واحدة من أكبر صفقات تمويل الهيدروجين الأخضر في المملكة المتحدة خلال الـ12 شهرا الماضية. لكن يصف لونج ترتيبات عملها بالـ"المحادثة المستمرة" بينما تطلق عليها جيمينيز "الموضوع المثير".

كلاهما متفق على أن بعض الأعمال يجب أن تتم بصورة شخصية، مثل اجتماعات العملاء، فيما يمكن إنجاز بعضها الآخر بسهولة عن بعد، مثل الأعمال الورقية لإتمام صفقة ما. كما يتفقان أيضا على أنه من الجيد للموظفين الأصغر سنا العمل وجها لوجه مع أشخاص أكثر خبرة.

لكن هناك توافقا أقل بينهما حول فئة ثالثة من المهمات مثل تقديم عرض لاجتماع سيتم عقده مع عميل أو اجتماعات الفريق الداخلية.

يقول لونج، "أميل إلى القول إن معظم الأشياء يجب فعلها بحضور شخصي، لكنني أقدر أن هناك مجالا للعمل عن بعد".

مع ذلك، تقول جيمينيز إن الجائحة أظهرت مدى الكفاءة والإنتاجية التي يمكن أن تكون عليها عندما تكون حرة في التركيز بعمق في المنزل، بعيدا عن الملهيات في المكتب. "بعد أن أصبحت أعلم ذلك الآن، فإنه من المحبط أن أضطر لحضور اجتماع شخصيا بينما أعلم أن ذلك لن يساعد على ما أعمل عليه".

كما أنها تعتقد أيضا أن كثيرا من الوقت يضيع في السفر لحضور اجتماعات العمل التي يمكن عقدها بسهولة عبر الإنترنت. أما لونج فيشعر أن جزءا كبيرا من الحياة المهنية يتطلب الحضور بصورة شخصية.

إذن من منهما على حق؟ بعد ثلاثة أعوام من بدء العمل الهجين أو عن بعد، هل أصبحنا نعرف ما إذا كان ذلك يضعف الإنتاجية أو يعززها؟ هل كان أمثال إيلون ماسك على حق في أن يفرضوا على الموظفين العودة إلى المكتب أم أن المسألة ليست كذلك؟

لقد بدأت الإجابات في الظهور - لبعض أنواع العمل في بعض أنواع الشركات. تم تحديدها في ورقة معدلة أخيرا أصدرها المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية وشارك في تأليفها البروفيسور نيك بلوم، عالم الاقتصاد في جامعة ستانفورد الذي تتبع الشركات نصائحه حول العمل الهجين على نطاق واسع.

أظهرت الدراسات قبل الجائحة وأثنائها أن إنتاجية موظفي مراكز الاتصال الذين يعملون من المنزل ارتفعت نحو 10 في المائة.

لكن لا يعمل الجميع مثلما يعمل موظفو مراكز الاتصال، كما وجدت دراسة أخرى عن خريجين يعملون في فرق في شركة آسيوية لتكنولوجيا المعلومات أن الإنتاجية تراجعت 8 في المائة على الأقل بعد إرسالهم فجأة إلى بيوتهم عندما ضربت الجائحة.

لكن هؤلاء الموظفين انتقلوا من العمل في المكتب بالكامل إلى العمل عن بعد بالكامل على عجل، وكما ذكر في الورقة التي شارك بلوم فيها، لم تكن هناك مجموعة ضابطة عشوائية، لذا يصعب تقييم النتائج.

تأتي مزيد من الإجابات من تجربة عشوائية أجريت على المديرين وغير المديرين في شركة كبيرة للتكنولوجيا أجراها بلوم في 2021 و2022. عملت إحدى المجموعات في المنزل الأربعاء والجمعة. بينما بقيت المجموعة الأخرى تعمل في المكتب بدوام كامل.

النتيجة؟ لم يكن هناك ما يشير إلى أن العمل الهجين من المنزل أدى إلى زيادة الإنتاجية أو خفضها بشكل ملحوظ. لكن العاملين أحبوه، وانخفضت معدلات تناقص عدد الموظفين بمقدار الثلث.

أخبرني بلوم الأسبوع الماضي أن النتيجة النهائية هي أن الأشخاص الذين يقولون إن العمل من المنزل يضر بالإنتاجية في الأغلب ما يتحدثون عن العمل عن بعد بالكامل، الذي يمكن أن يؤثر في الإنتاجية - لكن يمكنه أيضا جذب الموظفين وخفض التكاليف المكتبية.

يجب على الشركات حساب تلك المقايضة. لكن بلوم يقول فيما يخص المديرين والمختصين، إن الأدلة تظهر أن الخلط بين العمل في المنزل وفي المكتب يعود بالفائدة على الجميع. "ليس من المنطقي العودة إلى العمل من المكتب خمسة أيام في الأسبوع".

في النهاية، هذا يعني أن كثيرا من الأشخاص، مثل لونج وجيمينيز من "لونجريتش"، على استعداد لمواصلة دفع بعضهما بعضا حتى يجدا بتأن طريقة جديدة لإنجاح العمل.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>