إلكترونيات: استشعار المؤشرات الحيوية دون ملامسة الجسم

26-03-2023 07:29 AM - عدد القراءات : 1159
كتب ينا أوكونين ولوري سيدانيمو
جهاز لرصد المؤشرات الحيوية للإنسان -مثل ضغط الدم ومعدل نبض القلب- يوفّر مزايا عديدة تتفوق على التقنيات المستخدمة حاليًا، من بينها قدرات استشعار مُحسنة والراحة وسهولة الاستخدام.
إلكترونيات: استشعار المؤشرات الحيوية دون ملامسة الجسم

أجهزة متابعة المؤشرات الحيوية ذات أهمية قصوى في مجال الطب والرعاية الصحية، وتشمل المؤشرات الحيوية عددَ ضربات القلب وضغط الدم ومعدل التنفس، ويفضِّل الناس عادة أجهزة التتبع اللاسلكية القابلة للارتداء، لأنها أقل إزعاجًا1،2 ويمكن أن توفّر الرعاية الصحية لكبار السن في المنازل بدلًا من الاضطرار لارتياد مؤسسات الرعاية الصحية3.

كتب هوي وكان4 في دورية Nature Electronics عن جهاز يمكن أن تكون له تطبيقات عملية في حالات الرعاية الصحية بالمنزل والمؤسسات الطبية على حد سواء.

يُستخدم حاليًا العديد من التقنيات لمراقبة المؤشرات الحيوية، ومنها الأقطاب الكهربية والسماعات الطبية ومقاييس الإجهاد وأجهزة الموجات فوق الصوتية، ولكن جميع تلك الأجهزة لا تخلو من العيوب، فيما يتعلق بالراحة وسهولة الاستخدام.

فعلى سبيل المثال، الأقطاب الكهربائية (مثل مُخَطِط كهربيّة القلب) والسماعات الطبية، تتطلب احتكاكًا مباشرًا بالجلد، وهو ما قد يتسبّب في عدم الراحة، وتقييد حركة الإنسان. كذلك فإن مقاييس الإجهاد تراقب ضغط الدم ومعدل التنفس باستخدام أحزمة أو أساور، وهو ما يمكن أن يعيق الأنشطة اليومية. وأخيرًا فإن أجهزة الموجات فوق الصوتية هي أجهزة محمولة، لكنها غالبًا ما تكون ثقيلة ومزعجة.

ويوجد نهج بديل هو استخدام تقنية ارتداد ذبذبات الراديو radio-frequency backscattering، إذ تنعكس موجات الراديو مرتدة عن الجسم قبل أن تُلتَقط5. وإحدى المزايا الواضحة لهذه الطريقة أنها لا تتطلب ملامسة مباشرة للجلد.

وتستطيع تقنيات ذبذبات الراديو المستخدمة حاليًا مراقبة معدلات التنفس، لكنها لا تزال تواجه صعوبة في اكتشاف الذبذبات الميكانيكية الصغيرة داخل الجسم، مثل معدل ضربات القلب أو النبض6. ورغم إمكانية معرفة معدل ضربات القلب باستخدام أساليب فلترة دقيقة، فقد تعذَّر قياس ضغط الدم ومتابعة العديد من الأشخاص في وقت واحد.

يجمع جهاز هوي وكان للرعاية الصحية بين تقنية ارتداد ذبذبات الراديو وتقنية أخرى أطلقا عليها اسم "الاستشعار المتماسك قريب المدى" near-field coherent sensing (NCS). وفي هذه التقنية، يُعاد توجيه موجات الراديو إلى أنسجة الجسم، ويؤدي هذا إلى توليد إشارات مرتدَّة أقوى من الأعضاء الداخلية تفوق في قوتها الإشارات المتولِّدة بالطرق التقليدية، والتي تنعكس فيها الموجات بالأساس عن سطح الجسم7،6. ولأن الطول الموجي للموجة المتولدة يكون أقصر داخل الجسم من طولها خارجه، فإن تقنية NCS تكون أكثر حساسية لحركة الجسم الميكانيكية من التقنيات السابقة.

وللتمييز بين الإشارات المرتدة المرتبطة بالمؤشرات الحيوية المختلفة، من المهم أن نعلم ما إذا كان مصدر إشارة معينة من داخل الجسم أم من خارجه. وفي تقنية NCS، يجري تجميع (أو مضاعفة) الإشارات المرتبطة بالحركة الداخلية في الجسم، وكذلك الحال مع الإشارات الصادرة عن حركة سطح الجسم. وهذه المضاعفة مفيدة لأنها تتيح لعدة إشارات منفصلة الاشتراك في قناة تواصل واحدة دون تشويش.

طبَّق هوي وكان تقنية NCS باستخدام أداة تُعرف باسم "بطاقة تعريف ذبذبات الراديو الخاملة"، وهي أداة مزوَّدة بشفرة تعريف رقمية فريدة8(الشكل 1)، تتكون من هوائي ومجسّات استشعار، وتتزود بالطاقة الكهرومغناطيسية من جهاز خارجي يُسمَّى القارئ. وعند تنشيط البطاقة، ينقل الهوائي موجات الراديو إلى داخل الجسم، ثم تلتقط مجسات الاستشعار الإشارات المرتدة عن الجسم، وتُرسَل المعلومات إلى القارئ لاستعادة بيانات المؤشرات الحيوية للجسم.

الشكل 1| جهاز رعاية صحية لاسلكي. أشار هوي وكان4 إلى ابتكار جهاز لمراقبة المؤشرات الحيوية للإنسان، مثل معدل ضربات القلب. يعمل الجهاز لاسلكيًا ولا يتطلب ملامسة الجلد، ويستخدم أداة تعرف باسم "بطاقة تعريف ذبذبات الراديو الخاملة"، يمكن دمجها في الملابس. تشتمل البطاقة على هوائي ومجسّات استشعار مطرزة بالملابس، وتعمل بالطاقة الكهرومغناطيسية (السهم الأزرق) المستمدة من جهاز إلكتروني يسمى القارئ. ينقل الهوائي موجات الراديو التي تدخل الجسم وتنعكس عنه، ومن ثم تُلتقط الإشارة المرتدة بواسطة مجسات الاستشعار المدمجة في البطاقة، وأخيرًا، تُرسَل هذه المعلومات إلى القارئ (السهم الأحمر) لاستعادة بيانات المؤشرات الحيوية للإنسان.

  الشكل 1| جهاز رعاية صحية لاسلكي. أشار هوي وكان4 إلى ابتكار جهاز لمراقبة المؤشرات الحيوية للإنسان، مثل معدل ضربات القلب. يعمل الجهاز لاسلكيًا ولا يتطلب ملامسة الجلد، ويستخدم أداة تعرف باسم "بطاقة تعريف ذبذبات الراديو الخاملة"، يمكن دمجها في الملابس. تشتمل البطاقة على هوائي ومجسّات استشعار مطرزة بالملابس، وتعمل بالطاقة الكهرومغناطيسية (السهم الأزرق) المستمدة من جهاز إلكتروني يسمى القارئ. ينقل الهوائي موجات الراديو التي تدخل الجسم وتنعكس عنه، ومن ثم تُلتقط الإشارة المرتدة بواسطة مجسات الاستشعار المدمجة في البطاقة، وأخيرًا، تُرسَل هذه المعلومات إلى القارئ (السهم الأحمر) لاستعادة بيانات المؤشرات الحيوية للإنسان.

وبيَّن الباحثان أنه يمكن تطريز البطاقة في الملابس مباشرة، حتى إذا غُسلت الملابس عدة مرات، تظل البطاقة المدمجة محتفظة بشكلها ووظائفها.

وتوجد ميزة أخرى لتقنية NCS هي إمكانية فصل وصلة الإرسال (من القارئ للبطاقة) عن وصلة الاستقبال (من البطاقة للقارئ)، لذا فإن جهاز الرعاية الصحية الذي ابتكره الباحثان يمكنه رصد الإشارات بفاعلية أكبر من الطُرق المستخدمة حاليًا6،7.

وتُعد البطاقة جهاز ارتداد خاملًا (أي إنها تتواصل عن طريق عكس الإشارات اللاسلكية)، وهو ما يعني أنها يمكن أن تستخدم تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية الحالية، وتشمل المعلومات الرقمية المتبادلة بين القارئ والبطاقة شفرة تعريف البطاقة ومعلومات إضافية من مجسات الاستشعار المدمجة بالبطاقة.

ويوضّح هوي وكان أنه من أجل زيادة المسافة التي تسمح برصد المؤشرات الحيوية بين البطاقة والقارئ إلى الحد الأقصى، وتقليل تأثير حركة الشخص، يمكن استخدام بطاقة تعريف نشطة لذبذبات الراديو اللاسلكية بدلًا من البطاقة الخاملة، وتلك البطاقات تعمل بالبطاريات وتبعث موجات راديوية على نحو مستمر، وهو ما يعني أنها لا تحتاج لاستقبال طاقة كهرومغناطيسية من القارئ، غير أن البطاقات النشطة بصفة عامة أعلى تكلفة بكثير من البطاقات الخاملة.

ويمكن للجهاز الذي ابتكره هوي وكان متابعة عدّة أفراد في الوقت نفسه، وربما يؤدي إلى قياس المؤشرات الحيوية في مؤسسات الرعاية الصحية بصورة أوتوماتيكية. لكن هذا الجهاز يحتاج إلى أداة قراءة صغيرة الحجم، وسهلة الحمل، ويسهل دمجها في البيئات المحيطة. ويُعد هذا أحد التحديات الرئيسية التي يجب التغلب عليها قبل أن يصبح من الممكن استخدام الجهاز في عالم الواقع، ويجب أن تختبر الأبحاث المستقبلية كفاءة هذه الأجهزة القابلة للارتداء التي يمكن خياطتها بالمنسوجات، وتبيَّن فاعليتها في دراسة سريرية.

سوف تتزايد أهمية التقنيات الصحية اللاسلكية في المستقبل، خاصة في ضوء عدد سكان العالم الآخذ في التقدم في العمر، ويوفّر عمل هوي وكان أساسًا يمكن البناء عليه في ابتكار أجهزة لا تلامسية يمكن ارتداؤها للعديد من التطبيقات المتنوعة للرعاية الصحية وتعزيز الصحة.

References

  1. Pantelopoulos, A. & Bourbakis, N. G. IEEE Trans. Systems Man Cybernet. C 40, 1–12 (2010). | article

  2. Mahdavi, H. & Rosell-Ferrer, J. Physiol. Meas. 38,1226–1241 (2017).| article

  3. Teixeira, C. C. et al. http://dx.doi.org/10.1590/0104-0707201500003970014 (2015)| article

  4. Hui, X. & Kan, E. C. Nature Electron. http://dx.doi.org/10.1038/s41928-017-0001-0 (2017). | article

  5. Lin, J. C. Proc. IEEE 63, 1530 (1975).| article
  6. Kao, T.-Y. J. et al. IEEE Trans. Microw. Theory Techniques 61, 1649–1659 (2013).| article

  7. Chen, K. M., Huang, Y., Zhang, J. & Norman, A.IEEE Trans. Biomed. Eng. 47,

    105–114 (2000). | article
  8. Catarinucci, L., Colella, R. & Tarricone, L. 3rdInt. Symp. Appl. Sci. Biomed. Commun. Technol.http://dx.doi.org/10.1109/ISABEL.2010.5702838

    (2010). | article

تعمل لينا أوكونين ولوري سيدانيمو في "كلية العلوم والهندسة الطبية الحيوية" في جامعة تامبري للتكنولوجيا، 33720 تامبري، فنلندا

البريد الإلكتروني:leena.ukkonen@tut.fi

 lauri.sydanheimo@tut.fi



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>