عمالقة التكنولوجيا تخفض امتيازاتها لمواجهة ركود محتمل

30-01-2023 07:31 AM - عدد القراءات : 153
كتب كريستينا كريدل من لندن FINANCIAL TIMES
حصدت نيكول تساي ملايين المشاهدات على "تيك توك" عبر مشاركة مقاطع فيديو ليوم عادي تعمل فيه في "جوجل". عند دخولها المكتب في أحد المقاطع، كانت تمسك بحفنة من الحلوى في مكتب الاستقبال، وتتلقى بعض مكالمات الفيديو في غرف اجتماعات ذات طابع خاص مزينة بالترتر الذهبي أو الفراشات وتتسكع مع كلاب الموظفين. "بالطبع، كل ما تراه في المكتب مجاني"، كما قالت في تعليقها الصوتي على الغداء قبل "إنهاء يومها" على كرسي التدليك.
عمالقة التكنولوجيا تخفض امتيازاتها لمواجهة ركود محتمل


لكن الأسبوع الماضي، انتشر لتساي مقطع فيديو مختلف تماما بعد نشر "يوم في الحياة يتم تسريحها من العمل في جوجل". تضمنت اللقطات، التي تم التعليق عليها بوسم #حياة_الشركات #corporatelife، شاشة كمبيوتر رمادية تظهر إغلاق حساباتها في العمل، وتساي تبكي، ومشاهد في ديزني لاند حيث كانت تسعى إلى الحصول على العزاء.

مثل عشرات الآلاف من العاملين في قطاع التكنولوجيا في الأسابيع الأخيرة، وجدت تساي نفسها عاطلة عن العمل وسط تصفية حسابات وحشية تجتاح الصناعة. بعد فورة توظيف استمرت لأعوام لدعم خطط النمو الطموحة، تعمل شركات التكنولوجيا الكبرى على كبح قاعدة التكلفة الخاصة بها بعد الانخفاضات في أسعار الأسهم على مستوى القطاع نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة.

خلال هذا الشهر، قال سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة ألفابت، إن الشركة "قامت بعمليات التوظيف من أجل واقع اقتصادي مختلف عن الواقع الذي نعيشه اليوم"، حيث أعلنت الشركة الأم لشركة جوجل أنها ستسرح 12 ألف موظف. تم تقديم تبريرات مماثلة في شركتي "ميتا" و"مايكروسوفت" ومجموعات تكنولوجيا أخرى لتسريح أعداد كبيرة من الأشخاص.

قال مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، "توقع كثيرون أن يكون هذا تسارعا دائما سيستمر حتى بعد انتهاء الجائحة (...) لسوء الحظ، لم يتم ذلك بالطريقة التي توقعتها"، في الوقت الذي خفض فيه عدد الموظفين بمقدار 11 ألف شخص.

لا تقتصر الآثار السلبية في هذا القطاع على فقدان الوظائف، بل أيضا في تلك الميزة التي تتفرد فيها الحياة في قطاع التكنولوجيا، ميزة العمل في المكاتب. وسط منافسة شرسة لتوظيف الموهوبين في وقت تحقيق أرباح ضخمة، حصل الموظفون على صفقة رائعة من وادي السيليكون. استخدمت الشركات مجموعة من المزايا والعروض المجانية لجذب المواهب والاحتفاظ بها وكذلك الاحتفاظ بالموظفين في المكاتب، ويفضل ارتداء الملابس ذات العلامات التجارية المعروفة.

عند توقيع عقد في مجموعة تكنولوجية كبيرة، وصل الأمر بالموظفين أن يتوقعوا طعاما مجانيا أو مدعوما بشكل كبير، مع أنواع طعام متعددة في مطعم الشركة. المكاتب العصرية ضرورية أيضا، مع كثير من المساحات الجانبية للتواصل مع الزملاء والتنفيس عن الضغوطات. في الأغلب ما تكون المكاتب مجهزة بصالات رياضية وغرف ألعاب للحفاظ على صحة الجسم والعقل.

لكن مع انحراف ميزان القوى بعيدا عن الموظفين في السوق الحالية ومع ممارسة المستثمرين للضغط على المديرين التنفيذيين لتعزيز الربحية، بدأت الشركات في تقليص نفقاتها.

العام الماضي، خفضت شركة ميتا، التي تمتلك "فيسبوك" و"انستجرام" و"واتساب"، مزايا الصحة والرفاهية للموظفين، وأنهت خدمة غسيل الملابس الداخلية، وألغت أرصدة سيارات الأجرة، وقلصت ميزانيات الطعام. تشير التقارير إلى أن التخفيضات في وظائف شركة ألفابت شملت نحو 27 معالج تدليك في الشركة ويقال إن شركة سيلز فورس ستنهي "أيام الرفاهية" - وهي يوم عطلة مرة واحدة في الشهر للتركيز على القضايا الصحية.

في هذه الأثناء، قام إيلون ماسك بتخفيض الامتيازات إلى جانب عدد الموظفين في "تويتر" بعد استحواذه عليه مقابل 44 مليار دولار لمصلحة ما يسميه ثقافة العمل المتشددة. حسب ما ورد ستتحول الشركة إلى سياسة الغذاء "المدفوع ثمنه جزئيا" وخفضت الإنفاق على السفر المدعوم والهواتف المحمولة. الأهم من ذلك بالنسبة إلى بعض الموظفين، أن التقارير أشارت إلى خفض مزايا دعم إنجاب الأطفال.

بالنسبة إلى بعض الموظفين الذين يحبون العمل عن بعد في ظل الجائحة، قد تكون الامتيازات المكتبية أقل جاذبية مما كانت عليه في السابق لقضاء ساعات في المكتب. القول المأثور إنه لا يوجد شيء اسمه وجبة غداء مجانية لا يزال ساري المفعول.

كما قال أحد المحللين، كثير من الموظفين يبقون رؤوسهم منخفضة ويأملون أن يكون قطع دعم الطعام هو القطع الوحيد الذي يؤثر فيهم.

يقول بروس دايسلي، نائب الرئيس الأوروبي السابق في "تويتر"، الذي تحول إلى مستشار في ثقافة مكان العمل، إن الغريب أنه بينما قد يكون فقدان الامتيازات مزعجا في الوقت الحالي، فإن إعطاء الامتيازات أو إزالتها يميل إلى أن يكون ذا تأثير محدود للغاية في آرائنا في أماكن عملنا. إن المعتقد القائل إنه عندما تظن الشركات أن منح الكماليات الصغيرة يجعلنا نحب وظائفنا بشكل أكبر، هو في الحقيقة، لا تأثير له".

قد يكون بعض عمليات التسريح أمر لا مفر منه. يقال إن نائب رئيس سابق في "فيسبوك" حذر الموظفين في مناسبة خارج مقر الشركة قبل بضعة أعوام، "لا شيء من هذا حقيقي، لن تدوم الامتيازات إلى الأبد".



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>