التوتر السيبراني بين المغرب والجزائر وحالة الحرب الباردة الجديدة

11-01-2023 10:43 AM - عدد القراءات : 320
كتب د.عادل عبد الصادق*
في الواقع أن ما يطلق علية" حربا إلكترونية" بين المغرب والجزائر ما هي إلا أنشطة سيبرانية معادية تقف ورائها أما جهات رسمية أو غير رسمية وتشتمل علي نمطين أساسيين أما نمط الحرب السيبرانية الصلبة عبر القيام بعمليات تخريب أو قرصنة أو عبر نمط الحرب السيبرانية الناعمة عبر شن عمليات الحرب النفسية ونشر الشائعات والأخبار المضللة .
التوتر السيبراني بين المغرب والجزائر وحالة الحرب الباردة الجديدة

ولم يرق ذلك الي حرب سيبرانية فعلية يتورط فيها جيشي البلدين فيما يطلق علية بالحرب الساخنة ،ولكن تأتي تلك الأنشطة في إطار الحرب الباردة منخفضة الشدة ، والتي تعبر عن تصريف الصراع الي أنشطة أقل حدة وفي نفس الوقت محاولة التعبئة القومية والبحث عن ارضية لبناء تأييد بين الرأي العام داخل البلدين .

ويعكس التوتر السيبراني حالة من الامتداد للخلاف المادي حول المصالح والسيادة والدور في الاقليم  ,وذلك مع  وعدم نجاح أي سبل للوساطة وطرأت متغيرات ارتبطت بحالة تصاعد الخلاف  وتحولة من  مجرد حرب كلامية معهودة  الي اتخاذ خطوات عدائية بين البلدين علي المستوى الرسمي ،ومحاولة الطرفين تعزيز التحالف الدولي لصالحها ضد الآخر أو بالتحالف المباشر وغير المباشر مع قوى إقليمية معادية لبعضها البعض كاستقدام إيران في الجزائر مقابل إسرائيل في المغرب ، وما يزيد من خطورة تلك السياسات   محاولة تصدير الخلاف من كونه صراع بين النخبة الحاكمة في الجزائر والنظام الملكي في المغرب الي صراع بين الشعبين وهو في حقيقة الأمر ينفصل عن الواقع ، وذلك بالرغم من محاولة ترسيخ الكراهية بين الشعبين عبر نشر مسوح للرأي "غربية" تؤكد ذلك دون أن تمتلك اي منهجية علمية وتكشف عن تسييس البحث العلمي في العلاقات الدولية.

وتأتي توظيف المجال السيبراني في الصراع بين البلدين لما له من أهمية في  تقديم  الخدمات المدنية وعمل البنية التحتية وحالة التحول الرقمي المتسارعة في البلدين ،ومن ثم إمكانية تعرض البنية التحتية و المصالح الحيوية والقوى البشرية للأخطار السيبرانية . وبخاصة مع ضعف القدرات الوطنية في الأمن السيبراني.
وهو مجال خصب تبحث عنه الشركات الكبري للاستثمار فيه .وتبحث من جهة الدولتين لامتلاك قدرات الردع والدفاع والهجوم السيبراني مع تعاظم التهديدات العابرة للحدود الدولية .

ويعزز هذه المخاوف حالة الصراع البارد بين المغرب والجزائر ومحاولة كلا منهما امتلاك القوة السيبرانية التي تمكنها من تحقيق انتصار استراتيجي ،

وعلي الرغم من حالة التوظيف السياسي للصراع بين الجزائر والمغرب من قبل نظامي البلدين إلا أن هناك قوي دولية وإقليمية تحاول أن تبحث عن موضع قدم في المغرب العربي ولديها مشروعها مثل إيران وإسرائيل والتي ستضر الوحدة الوطنية والإقليمية لدول المغرب العربي.
وانتقل ذلك الي الصراع من أجل تطوير  القدرات في مجال التجسس وخاصة مع توارد تقارير عن تعاون مغربي مع الشركة المنتجة لبرنامج التجسس"بيجاسوس" بالأضافة الي التعاون مع إسرائيل في مجال الأمن السيبراني.
وكانت قد حصلت شركة “Elbit Systems” الإسرائيلية  في العام الماضي على صفقة بحوالي 70 مليون دولار لتزويد القوات المسلحة الملكية بنظام “Alinet” للحرب الإلكترونية (EW) واستخبارات الإشارة (SIGINT)،
ومن جهة أخري أن امتلاك إيران لتنكولوجيا عسكرية يقدم حلول للجزائر للتعاون معها وبخاصة في مجال الفضاء والمسيرات والتعاون مع دول أخري في محاولة لمواجهة أي تقدم استراتيجي عسكري في المغرب .
ومن ثم فإن كلا البلدين حولتا التقارب الأيديولوجي والفكري وبخاصة فيما يتعلق بالموقف من اسرائيل الي تعاون عسكري وتقني .

ولا شك أن الاتجاة نحو عسكرة العلاقات بين المغرب والجزائر سيزيد من الأضرار بمصالح شعوبها لأنه ببساطة سيوجه انفاق كان يمكن توجيه للتنمية وهي في أشد الاحتجاج لذلك وبخاصة في ظل أزمة الاقتصاد العالمي الراهنة.

ومن ثم فإن وعي الرأي العام في كلا البلدين بمخططات الوقيعة العسكرية بين البلدين  وبأهمية إعلاء المسؤولية التاريخية لدى صانعي القرار يمكن أن يحول دون توظيف المجال السيبراني في شحن الكراهية وفي الضغط علي القيادات لحل الخلافات بالطرق السلمية من أجل مصلحة ومستقبل كلا الشعبين والذين سيدفعان تكلفة أية تهور عسكري محتمل .

 

* مدير المركز العربي لأبحاث الفضاء الإلكتروني.
 


© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>