تحديات فرض الضرائب على التجارة الالكترونية .

04-01-2023 08:53 AM - عدد القراءات : 593
كتب د.عادل عبد الصادق*
من أهم مظاهر ممارسة الدولة لسيادتها هي قدرتها على فرض "الضرائب" والرسوم "الجمركية "،والتي تعد من أهم الموارد المالية للموازنة العامة للدولة ، وقد فرضت التجارة الالكترونية تحديات أمام سيادة الدولة وبخاصة فيما يتعلق بالثروة والتي من مظاهرها "الضرائب" ، والتي كانت يتم فرضها على الشركات الأجنبية العاملة بموجب قوانين الاستثمار المحلية.
 تحديات فرض الضرائب على التجارة الالكترونية .

 بينما تمارس الشركات التقنية والتطبيقات الرقمية عبر الحدود نشاطها دون أن يكون لها مقر داخل الدولة ،وهو ما فرض تحديات أمام ضرورة  تحديث ،الأول ،  التشريعات الوطنية المتعلقة بفرض  الضرائب. والثاني ، في تحديث طرق عمل الإدارة الضريبية، والثالث ، حالة التغير في ثقافة  المجتمع الضريبي .وذلك أخذا بعين الاعتبار ضرورة وجود القوانين المنظمة ،ومراعاة العادات الاجتماعية و علاقة الأسواق بالتكنولوجيا ، ومعالجة الثلاث فجوات الناجمة عن هذا التطور ،وهي الفجوة التشريعية "القوانين المنظمة" ،والفجوة الإدارية والتي تعاني منها الإدارة الضريبية "وزارة المالية أو مصلحة الضرائب" ، والفجوة المعرفية والمفاهيمية والتي يعاني منها المجتمع الضريبي"الممولين" والمتكون من الأفراد أو الشركات والمؤسسات. وهو ما يشكل في الأخير العلاقة بين هيكل النظام الضريبي والتطبيقات التقنية .

وبخاصة في ظل تباين التشريعات والقوانين الضريبية من دولة إلى أخري ، إلى جانب تباين الطرق المحاسبية وشروط الإفصاح عن تلك الصفقات ، وعدم توافر المعلومات أو النتائج عن الأرباح المتحققة للشركة من الإقليم أو الدولة ، إلى جانب صعوبة تطبيق آليات للرقابة على المبيعات[1].

وهناك وجهات نظر بشأن تطبيق الضرائب على التجارة الالكترونية،الأولى ،ترى انه التطبيق من شأنه أن يعيق عملية تحرير التجارة بما يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي والتكنولوجي. والثانية ، إن الإعفاء الضريبي للتجارة الالكترونية يمكن إن يعمل على التأثير السلبي على الموازنة العامة للدولة على النحو الذي يؤثر في خططها التنموية، وبخاصة إن هناك إقبال متصاعد على التجارة الالكترونية مع سهوله إبرام الصفقات .

والثالثة،ترى إن هناك صعوبة في تطبيق القوانين الخاصة بفرض الضرائب على شركات هي بالأصل غير مقيمه داخل الدولة ، ولا تمتلك الدولة أية إجراءات عقابية على المخالفين ،ناهيك عن صعوبة حصر تلك العمليات من خلال رصد المبيعات أو الخدمات التي يمكن إن تخضع للضريبة[2]

وتواجهه عملية فرض الضرائب على التجارة الالكترونية عدة صعوبات ترتبط بطبيعتها العابرة للحدود الدولية ،والتداخل  في التعامل مع قوانين وتشريعات متعددة ،وهو ما يفرض صعوبة في الوصول إلى معاملة موحدة ، وذلك الى جانب التضارب بين تطبيق مبدأي" عالمية الإيراد" أو" إقليمية الضريبة"وذلك كأساس لعملية فرض الضرائب ، ففي حين يتم الاعتماد على جنسية الممول يتم الأخذ في الاعتبار محل إقامته الدائمة ،وهو ما يعرف بـ"عالمية الإيراد" من خلال فرض ضريبة على غير المقيمين بالنسبة للدخل الذي يتحقق من مصادر داخل الدولة سواء تم عن طريق تواجد مادي للمنشاة في هذه الدولة أو وكيل له سلطة إبرام العقود. ولا يتحقق ذلك في حالة إن تكون المنشاة المعلنة مقيمة في الخارج وليس لها الوجود المادي في الدولة الاخري،بينما يعتمد "مبدأ الإقليمية "على مصدر الدخل كأساس لفرض الضريبة حيث لا تؤخذ الضرائب من الدخول التي تتحقق من مصادر خارج الدولة .ويتم فرض الضريبة على الدخل لكل ممول مقيم داخل الدولة التي تفرض الضريبة أو ينتمي لجنسيتها بصرف النظر عن مكان تحقق الإيراد[3]

وهناك اتجاه أول ،يري انه يتم التطبيق مثلما يتم مع الصفقات التي تتم عبر الأوامر والرسائل البريدية "بين البائع والمشترى"،ولكن يكون هناك بائع ومشتري واحد لسلعه مادية بينما تكون الصفقة عبر تطبيقات التجارة الالكترونية متاحة أمام المشترين كافة ،ودون التقيد بمكان محدد ، ولا تعبر الرسالة البريدية عن إتمام كلي للصفقة بقدر ما تعبر عن مرحلة تمهيدية لإتمامها مقارنة فيما يتعلق بالتجارة الالكترونية حيث يتم عقد الصفقة لحظيا وآنيا ودون تأخير عبر الانترنت . 

ويرى الاتجاة الثاني ، انه في حالة مزاولة النشاط عبر آليات اتوماتيكية بصفة رئيسية يمكن اعتبار المكان الذي توجد فيه هذه الآلات هو الدليل على وجود المنشأة الدائمة فيه ، وهو لا يعد حلا حاسما لأساس فرض الضريبة على الدخل الناتج من هذه الصفقات ،وقد تتم"الحركة "من خلال أكثر من جهاز في دول مختلفة ، وإعطاء دولة الممول الحق في فرض الضريبة وليس دولة مصدر الدخل . ويركز الاتجاة الثالث ، على إمكانية تطبيق تشريعات الضرائب القائمة على الصفقات التي تتم عبر الانترنت وحماية الشركات من إن تخضع للضريبة في إقليمين أو دولتين عن نفس الصفقة.والرابع ، يعتبر إن شبكة الانترنت تماثل المرفق الدولي الذي لا تمتلكه دولة بعينها وبالتالي فان كل دولة تستطيعان تخضع للضريبة أي صفقة تتم عبر شبكة الانترنت وتمر عبر حدودها

*مدير المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني

 

 

[1]Erlend E. Bø, Joel Slemrod and Thor O. Thoresen,Taxes on the internet Deterrence effects of public isclosure,DiscussionPapers,Statistics Norway Research department, No. 770 , January 2014.(shorturl.at/lnIOS)

[2]ياسر عوض عبد الرسول " المشاكل الضريبية للإعلان الرقمي في مصر "، المؤتمر العلمي الرابع لكلية الحقوق ،القانون والاعلام، جامعه طنطا ، 23-24 ابريل 2017 https://goo.gl/G2TfUs))

[3]رأفت رضوان ،رشا عوض ،ولاء الحسيني ،"الضرائب في عالم الأعمال الالكترونية " ،المعهد العربي للتخطيط ، .arab-api.org،(shorturl.at/grFJ8)

 



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>