التجارة الالكترونية بين فرص النمو وتحديات التنظيم

05-09-2022 11:36 PM - عدد القراءات : 813
كتب د.عادل عبد الصادق
أصبحت التجارة الالكترونية من أهم ملامح الاقتصاد الرقمي والذي أصبح يلعب دورا مهما في النمو الاقتصادي ، ومن ثم المساهمة في خلق وظائف جديدة وخاصة في ظل تصاعد التوجه نحو التحول الرقمي ، والذي جاء على اثر تبعات جائحة كوفيد 19 ، والتي كشف عن تصاعد نمو التجارة الالكترونية ومن جهة أخري طرحت المزيد من الفرص أمام الإفراد والشركات والدولة ، ومن جهة ثالثة تزايد الاهتمام بمواجهة التحديات أمام نمو التجارة الالكترونية ،وأهمية تبني سياسات واستراتيجيات للنمو في مجال التجارة الالكترونية وفي ظل التطور النوعي في المسار الدولي المهتم بقضية التعامل مع الشركات التقنية العابرة للحدود.
التجارة الالكترونية  بين فرص النمو وتحديات التنظيم

 

أولا ، سوق التجارة الالكترونية والبيئة المحفزة  للنمو

لعبدت عدة عوامل في  اتجاهات نمو التجارة الالكترونية حيث كان للتدابير المصاحبة لجائحة "كوفيد 19 " من الإغلاق والتباعد الاجتماعي دورا مهما  ، والتي تمت تحت شعار ؛“Stay Home- Stay Safe”  ، وهو الأمر الذي أدى إلى انتعاش التجارة الالكترونية بين كل من المنتجين والمستهلكين  والوسطاء والشركات التقنية لشخصي. حيث  بلغت حركة التجارة الإلكترونية العالمية للبيع بالتجزئة 22 مليار زيارة شهريا في يونيو 2020 ، وجاء إلى جانب ذلك  الجهود الحكومية لتسهيل التعاملات المالية عبر الانترنت ، ورفع كفاءة البنية التحتية ، وتقديم الشركات تخفيضات على تكلفة استهلاك البيانات والمدفوعات الرقمية والتحويلات المالية عبر الهاتف المحمول.وذلك في إطار توسع الحكومات في تطبيقات الشمول المالي ، وفي ظل بيئة رقمية أصبحت تشهد تصاعد في نمو التعرض للمنصات  الرقمية  المختلفة والتي منها الشبكات الاجتماعية ، وتطبيقات الترفيه أو التسلية ومشاهدة الأفلام أو الأغاني أو الألعاب الالكترونية ، و رواج الإعلانات الرقمية عن المنتجات، وهو الأمر الذي كان من شانه أن لعب دور في تسهيل توزيع وتسويق  السلع والخدمات بالوسائل الإلكترونية.وقيام الشركات الكبرى العالمة في مجال البيع بالتجزئة بجهود لمواجهة الضغوط على البنية التحتية وتزايد الطلب إلى بذلك المزيد من الاستثمار في مجال الخدمات السحابية و تحقيق المرونة والاستجابة السريعة. وإدراك أهمية  التعاون الدولي لتحسين عملية  تقديم الخدمات عبر الحدود ، والتي فرضت التعاون بين الشركات التقنية والعديد من الحكومات ، والعمل على تطوير السياسات المتعلقة بالطلب والعرض عبر المنصات الرقمية ، وذلك عبر تشجيع المشروعات الصغيرة و التنافسية بين الاقتصاديات الوطنية ، وهو ما يصب في زيادة نمو الناتج القومي الإجمالي . وسهلت التطبيقات الرقمية من التسويق والتنظيم وإتاحة المعلومات ، و توظيف البيانات الضخمة Big Data والذكاء الاصطناعي والخوازيميات في معرفة اتجاهات ورغبات المستهلكين ، وقدرة ذلك في تسهيل الإعلان ثم البيع للمنتجات ،و زيادة القوة الشرائية للمستهلكين مع التحول في مجال المدفوعات الرقمية .و مكافحة الجريمة الالكترونية سواء في الناحية التشريعية أو التنظيمية.وتلعب البنية التحتية وتطبيقات التقنية البازغة مثل انترنت الأشياء و الذكاء الاصطناعي  إلى جانب شبكات الجيل الخامس دورا في تعزيز نمو التجارة الالكترونية .

وفي ذلك في إطار دور البيئة الرقمية في توفير وسيط لبيع وشراء المنتجات أو الخدمات عبر الحدود الدولية.

و زادت التجارة الالكترونية  بنسبة 16.8? في  جميع أنحاء العالم خلال الفترة الماضية .وذلك مع وجود محفزات مثل القدرة على توسيع الأسواق الخارجية للمنتجات ، والقدرة على التواصل بين المنتجين والمستهلكين بما يعمل على تحسين جودة المنتجات وملائمة للأذواق المختلفة ،وانخفاض الحواجز الجمركية وتكلفتها بمقارنة بالتجارة التقليدية.

 من المتوقع أن يبلغ إجمالي سوق التجارة الإلكترونية العالمية 5.55 مليار  في عام 2022. من المتوقع أن ينمو هذا الرقم خلال السنوات القليلة المقبلة، مما يدل على أن التجارة الإلكترونية  أصبحت خيارًا مهما  لتجار التجزئة عبر الإنترنت.فقبل عامين تم إجراء 17.8? فقط من المبيعات من عمليات الشراء عبر الإنترنت. ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 21? في عام 2022، بزيادة قدرها 17.9? في حصة سوق التجارة الإلكترونية على مدار عامين.و من المتوقع أن يستمر النمو، ليصل إلى 24.5? بحلول عام 2025، وهو ما يعني زيادة 6.7 % في خمس سنوات فقط.[1]

 وفقًا لـ eMarketer، ستصل مبيعات التجزئة عبر الإنترنت إلى 6.17 تريليون دولار بحلول عام 2023، حيث تستحوذ مواقع التجارة الإلكترونية على 22.3? من إجمالي مبيعات التجزئة.

وشهدت أمريكا اللاتينية 85 مليار دولار من مبيعات التجارة الإلكترونية في عام 2021، بزيادة 25? من 68 مليار دولار في عام 2020.ومن المتوقع أن ينمو سوق التجارة الإلكترونية الهندي إلى 111.4 مليار دولار بحلول عام 2025، ارتفاعًا من 46.2 مليار دولار في عام 2020.وشهدت روسيا والمملكة المتحدة والفلبين نموًا في مبيعات التجارة الإلكترونية بأكثر من 20? في عام 2021. وتواصل الصين قيادة سوق التجارة الإلكترونية العالمية، حيث تمثل 52.1? من إجمالي مبيعات تجارة التجزئة الإلكترونية في جميع أنحاء العالم، مع إجمالي المبيعات عبر الإنترنت التي تزيد قليلاً عن 2 مليار دولار في عام 2021. كما أن لديها أكبر عدد من المشترين الرقميين في العالم، 824.5 مليون، وهو ما يمثل 38.5? من الإجمالي العالمي.من المتوقع أن يصل سوق التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة إلى أكثر من 875 مليار دولار في عام 2022، أي ما يزيد قليلاً عن ثلث الصين. ، وتحتل المملكة المتحدة  ثالث أكبر سوق للتجارة الإلكترونية  حيث تستحوذ على 4.8? من حصة مبيعات التجزئة للتجارة الإلكترونية. تليها اليابان (3?) وكوريا الجنوبية (2.5?).وتنمو التجارة الالكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة  12.8%، وذلك في ظل تطوير البنية التحتية ، وزيادة معدلات الوصول واستهلاك الإنترنت .إذ تمثل نسبة السكان المستخدمين لخدمات الإنترنت أكثر من 54%. [2]

 

 

ثانيا ، التجارة الالكترونية ودورها في النمو الاقتصادي

 

وأصبحت التجارة الالكترونية تنمو بشكل متسارع لما تتميز به من خصائص الجاذبية والسرعة في الانتشار والرخص في التكلفة ،وتختلف طبيعة  المعاملات التجارية في الاقتصاد الحقيقي عما بات يعرف بالاقتصاد الرقمي ،وأصبح  له دور في النمو الاقتصادي معتمدا على إنتاج السلع والخدمات ذات الصلة مباشرة وغير مباشر بتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة ،ومكونا جديدا للثروة والمكانة بعيدا عن المؤشرات التقليدية للقوة الاقتصادية المعتمدة على الموارد الطبيعة أو السلع المادية.وتساعد التجارة الإلكترونية في خلق فرص عمل جديدة ،وإزالة عقبات التسويق وتنمية الصادرات ،

وتوفر التجارة الالكترونية فرص تمكين الشركات من توسيع أسواقها الخارجية ، وتقليل تكلفة إدارة العمليات والتوزيع وتحسين صورة العلامة التجارية ، وتقديم خدمات بشكل أفضل وأسرع وكفئ ، وزيادة التواصل مع المستهلكين وزيادة الإنتاجية ودعم سلاسل الإمداد العالمية

ومن جهة أخرى يستفيد المستهلكين من سرعة تلبية الطلب والتسليم وفق أذواقهم وتوفير سبل إبداء الرأي حول معدلات رضائهم ، ومن جهة ثالثة يستفيد المجتمع من خلال تمكين الحكومات من تقديم خدمات منخفضة التكلفة ودمج المناطق النائية في عملية الشمول المالي ، وقلة الضغط على المرافق الحيوية مثل الطرق ،  

ومع اتساع نطاق الارتباط والانتشار للتطبيقات الرقمية تسارعت في الوقت نفسه  حجم الاعتماد والتعامل للحصول على الخدمات والسلع بما  انعكس على  زيادة حجم التجارة الالكترونية من ناحية والى زيادة ما ينفقه المواطنين والشركات على التجارة و الإعلانات من جهة أخري.

وأصبح  من المهم الموائمة بين النشاط التجاري الرقمي ومستوى وضع السياسات أو التطبيقات أو البنية التحتية اللازمة . وتميزت حركة التعاملات الالكترونية  بان التحويل النقدي يتم عبر الانترنت وبدون سيطرة مباشرة على تلك التحويلات من البنوك المركزية في العديد من الدول،وكون حقيقة إن الشركات المشغلة للخدمة هي عابرة للحدود الدولية ،ومن ثم لا تخضع للولاية القضائية الوطنية ، وليس لأغلبها مكاتب داخل البلدان التي تعمل بها

 وهي بذلك تختلف عن باقي الشركات متعددة الجنسيات العاملة في مجال النفط والغاز أو غيرها والتي ترتكز على الوجود الفعلي كأساس لعملها وعلى خضوعها للقانون المحلي الخاص بالاستثمار الأجنبي.

ومن جهة أخري تتميز التعاملات التقليدية بوجود نقطة"دخول وخروج" للتحكم من قبل الدولة تتمثل في الجمارك والمنافذ الحدودية وتضمن سيطرة الدولة على التعاملات مع الدول الاخري سواء عن" التصدير" أو "الاستيراد" للسلع المادية .وأصبحت تواجه الدولة تحدي لسيادتها التقليدية على أراضيها أو "منافذها"، لصالح حرية الانتقال للأفكار والأموال والسلع عبر الحدود.

وقدرتها على إلزام"المتعاملين" أو "التجار" بقيد كافة المعاملات التجارية التي يقومون بها سواء أكانت مؤسسات فردية أو شركات ،وحق الإدارة الضريبية في المطالبة بمراجعه وفحص الدفاتر والسجلات ،ومراقبة وفحص عملية دفع المنشأة للمستحقات الضريبية والجمركية،وذلك بالاعتماد في عملية التبادل على عقود تجارية مكتوبة بين الأطراف المعنية.

وأما في التعاملات ذات الطبيعة الالكترونية، فان سيطرة الدولة على دخول وخروج المعاملات والفحص،ع المادية تبقي ولكنها تتقلص في حالة السلع غير المادية مثل الكتب الرقمية والبرمجيات أو الصحف الرقمية والتي تمر عبر الفضاء الالكتروني.

  وتتوفر السهولة في استخدام التطبيقات والبرامج الالكترونية لتسجيل التعاملات والاسترجاع والفحص ،وتواجه عملية التعاقد مدى الاعتراف بالتوقيع الالكتروني كوسيلة من وسائل الإثبات والتحقق لإتمام الصفقات التجارية[3]

وتتميز التجارة الالكترونية باختفاء البعد المادي للشركات أو الأشخاص الذي يقومون بتقديم الخدمة أو السلعة عبر الانترنت ، والاعتماد بشكل اكبر على المستندات الالكترونية كبديل عن الورقية ، ويتم التعامل بين الإطراف في شكل آلي ومباشر وبدون وسطاء ، وتباين التشريعات والقوانين الضريبية من دولة إلى أخري ، إلى جانب تباين الطرق المحاسبية وشروط الإفصاح عن تلك الصفقات ، وعدم توافر المعلومات أو النتائج عن الأرباح المتحققة للشركة من الإقليم أو الدولة ، إلى جانب صعوبة تطبيق آليات للرقابة على المبيعات[4]

 

ثالثا:  اتجاهات المحاسبة الضريبية للتجارة الالكترونية

من أهم مظاهر ممارسة الدولة لسيادتها هي قدرتها على فرض "الضرائب" والرسوم "الجمركية "،والتي تعد من أهم الموارد المالية للموازنة العامة للدولة ، وقد فرضت التجارة الالكترونية تحديات أمام سيادة الدولة وبخاصة فيما يتعلق بالثروة والتي من مظاهرها "الضرائب" ، والتي كانت يتم فرضها على الشركات الأجنبية العاملة بموجب قوانين الاستثمار المحلية ، بينما فرضت  الشركات التقنية والتطبيقات الرقمية عبر الحدود  والتي تمارس  النشاط دون أن يكون لها مقر داخل الدولة ،تحديات أمام ضرورة  تحديث ،الأول ،  التشريعات الوطنية المتعلقة بفرض  الضرائب والثاني ، في تحديث طرق عمل الإدارة الضريبية، والثالث ، حالة التغير في ثقافة  المجتمع الضريبي .وذلك أخذا بعين الاعتبار ضرورة وجود القوانين المنظمة ،ومراعاة العادات الاجتماعية و علاقة الأسواق بالتكنولوجيا ، ويتم ذلك عبر معالجة  ثلاث فجوات هي الفجوة التشريعية "القوانين المنظمة" ،والفجوة الإدارية والتي تعاني منها الإدارة الضريبية "وزارة المالية أو مصلحة الضرائب" ، والفجوة المعرفية والمفاهيمية والتي يعاني منها المجتمع الضريبي"الممولين" والمتكون من الأفراد أو الشركات والمؤسسات. وهو ما يشكل في الأخير العلاقة بين هيكل النظام الضريبي والتطبيقات التقنية 

وهناك وجهات نظر بشأن تطبيق الضرائب على التجارة الالكترونية،الأولى ،ترى انه التطبيق من شأنه أن يعيق عملية تحرير التجارة بما يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي والتكنولوجي، والثانية ، إن الإعفاء الضريبي للتجارة الالكترونية يمكن إن يعمل على التأثير السلبي على الموازنة العامة للدولة على النحو الذي يؤثر في خططها التنموية، وبخاصة إن هناك إقبال متصاعد على التجارة الالكترونية مع سهوله إبرام الصفقات ، والثالثة،ترى إن هناك صعوبة في تطبيق القوانين الخاصة بفرض الضرائب على شركات هي بالأصل غير مقيمه داخل الدولة ، ولا تمتلك الدولة أية إجراءات عقابية على المخالفين ،ناهيك عن صعوبة حصر تلك العمليات من خلال رصد المبيعات أو الخدمات التي يمكن إن تخضع للضريبة[5]

وتواجهه عملية فرض الضرائب على التجارة الالكترونية عدة صعوبات ترتبط بطبيعتها العابرة للحدود الدولية ،والتداخل  في التعامل مع قوانين وتشريعات متعددة ،وهو ما يفرض صعوبة في الوصول إلى معاملة موحدة ، التضارب بين تطبيق مبدأي" عالمية الإيراد" أو" إقليمية الضريبة"وذلك كأساس لعملية فرض الضرائب ، ففي حين يتم الاعتماد على جنسية الممول يتم الأخذ في الاعتبار محل إقامته الدائمة ،وهو ما يعرف بـ"عالمية الإيراد" من خلال فرض ضريبة على غير المقيمين بالنسبة للدخل الذي يتحقق من مصادر داخل الدولة سواء تم عن طريق تواجد مادي للمنشاة في هذه الدولة أو وكيل له سلطة إبرام العقود. ولا يتحقق ذلك في حالة إن تكون المنشاة المعلنة مقيمة في الخارج وليس لها الوجود المادي في الدولة الاخري،بينما يعتمد "مبدأ الإقليمية "على مصدر الدخل كأساس لفرض الضريبة حيث لا تؤخذ الضرائب من الدخول التي تتحقق من مصادر خارج الدولة .ويتم فرض الضريبة على الدخل لكل ممول مقيم داخل الدولة التي تفرض الضريبة أو ينتمي لجنسيتها بصرف النظر عن مكان تحقق الإيراد[6]

 فهناك اتجاه أول ،يري انه يتم التطبيق مثلما يتم مع الصفقات التي تتم عبر الأوامر والرسائل البريدية "بين البائع والمشترى"،ولكن يكون هناك بائع ومشتري واحد لسلعه مادية بينما تكون الصفقة عبر تطبيقات التجارة الالكترونية متاحة أمام المشترين كافة ،ودون التقيد بمكان محدد ، ولا تعبر الرسالة البريدية عن إتمام كلي للصفقة بقدر ما تعبر عن مرحلة تمهيدية لإتمامها مقارنة فيما يتعلق بالتجارة الالكترونية حيث يتم عقد الصفقة لحظيا وآنيا ودون تأخير عبر الانترنت .  الثاني ، يري انه في حالة مزاولة النشاط عبر آليات اتوماتيكية بصفة رئيسية يمكن اعتبار المكان الذي توجد فيه هذه الآلات هو الدليل على وجود المنشأة الدائمة فيه ، وهو لا يعد حلا حاسما لأساس فرض الضريبة على الدخل الناتج من هذه الصفقات ،وقد تتم"الحركة "من خلال أكثر من جهاز في دول مختلفة ، وإعطاء دولة الممول الحق في فرض الضريبة وليس دولة مصدر الدخل . الثالث ، يركز على إمكانية تطبيق تشريعات الضرائب القائمة على الصفقات التي تتم عبر الانترنت وحماية الشركات من إن تخضع للضريبة في إقليمين أو دولتين عن نفس الصفقة.والرابع ، يعتبر إن شبكة الانترنت تماثل المرفق الدولي الذي لا تمتلكه دولة بعينها وبالتالي فان كل دولة تستطيعان تخضع للضريبة أي صفقة تتم عبر شبكة الانترنت وتمر عبر حدودها.[7]

 

رابعا: نحو التفاعل النشط  مع مستقبل  التجارة الالكترونية

 

 شهدت التجارة الالكترونية تطورات ايجابية في الفترة الأخيرة ، تتمثل في الاهتمام بشكل كبير بمدى توافر المرونة في سلاسل الإمداد عبر الحدود ، وفي إطار وجود انخفاض في التكلفة وقلة المخزون  وتوفير سوق عالمي عبر الحدود . ومن جهة أخرى الدور الذي لعبته عملية انتشر الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي في تعزيز عملية التسويق ، والتوسع في بيع لتجزئة عبر الانترنت ، وظهور محفزات للشراء منها البيع الآجل والبيع بالتقسيط بما حفز ظهور مستهلكين جدد ، وظهور تطبيقات الميتافيرس وتطبيقات الواقع الافتراضي والمعزز في منصات التجارة الالكترونية بما عزز من تجربة المستهلك ، و ذلك إلى جانب اتساع دائرة توظيف اللغات المحلية كقنوات للتواصل مع المستهلكين ، ويضاف إلى ذلك دور منطقة أسيا والمحيط الهادئ والصين في تعزيز نمو التجارة الالكترونية بسبب التقدم التقني ونمو الطبقة الوسطى وطبيعة المبادرات الحكومية المشجعة للقطاع الخاص .       

إلى جانب  التحديات التشريعية والثقافية وتحدي الثقة  توجد هناك تحديات تقنية وأمنية  تؤثر في التجارة الالكترونية مثل حدوث قرصنة أو اختراقات أو التجسس أو تسريب البيانات الشخصية للعملاء، وهو ما يتطلب وجود ضمانات كافية لحماية المستهلك ومواجهة فعلية للجرائم الالكترونية ، وحماية الملكية الفكرية . وتواجه التجارة الالكترونية بعدد من العقبات لعل أهمها كذلك ضعف صناعة تطوير البرمجيات وضعف سرعة الانترنت والبنية التحتية المعلوماتية ، ثقة المستهلك في التعاملات المالية عبر الانترنت ، وقدرة التطبيقات الرقمية على مواجهة التغير في السوق التنافسي ، ونقص الخبراء والمبرمجين .  

ويضاف إلى ذلك أهمية توعية المستهلكين بحقوقهم أو الوعي بفائدة أو قيمة التجارة الإلكترونية ، وتطوير البنية التحتية المعلوماتية ، وسرعة الانترنت ، وتحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة للدخول إلى سوق التجارة الالكترونية.وفي سلاسل التوريد العالمية و لتصبح قادرة على المنافسة. وإضفاء الطابع الرسمي على القطاع غير الرسمي ،والاهتمام بقطاع الخدمات اللوجستية

ويتوقف درجات الحفاظ على النمو في مجال التجارة الالكترونية  على القدرة على تحديد المنتجات القابلة للتطبيق عبر التجارة الإلكترونية ، ومراعاة الفرق بين تلك المنتجات حسب القدرة على الإتاحة والنقل والحفظ ، ويضاف إلى ذلك مراعاة الأسعار الخاصة بتلك المنتجات والتي تساعد في عنصر الجذب والتفاعل والشراء ، والعروض الترويجية التي يتم تبنيها من قبل المسوقين أو المنتجين ،وقياس تجربة العملاء سواء وفق سهولة الشراء أو سهولة الوصول أو خدمة ما بعد البيع.والقدرة على استخدام انسب القنوات للتسويق الرقمي والإعلان عن المنتجات.

 أن التجارة الإلكترونية تشكل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد العالمي؛ومن ثم اهمية الحاجة إلى مزيد من الجهود لتمكين البلدان النامية وأقل البلدان نموا من الاستفادة بشكل أكبر من التجارة الإلكترونية وهو  الأمر الذي يدفع إلى تحديث الإستراتجيات الوطنية للتجارة الالكترونية ،و أهمية توفير البنية التشريعية اللازمة لبث الوعي بأهمية التجارة الالكترونية وتنظيم التعاملات والتي منها ما يتعلق بأهمية تفعيل قوانين لحماية المستهلك،والبيانات الشخصية  والتوقيع الإلكتروني، والهوية الرقمية ومكافحة الجرائم الالكترونية ،وتنظيم  الدفع غير النقدي  والشمول المالي  ومواجهة الفجوة الرقمية وتتطلب كذلك التجارة الالكترونية أهمية تحسين الخدمات اللوجستية وتسهيل التجارة بالتعاون  بين الحكومات والقطاع الخاص. وتنمية الصناعات الحرفية في مجال التجارة الالكترونية، ورعاية الأفكار الإبداعية والشركات الناشئة وتشجيع الدخول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية .

وبخاصة في ظل إطلاق منصة التجارة الالكترونية في الدول الإفريقية ، وأهمية خلق فرص عمل للشباب، وتنمية التجارة الداخلية والخارجية ، وهو ما من شأنه إن يساهم في زيادة  دور التجارة الالكترونية في دعم الاقتصاد القومي.



[1] Michael Keenan, Global Ecommerce Explained: Stats and Trends to Watch in 2022, shoplift ,Feb 16, 2022 https://www.shopify.com/enterprise/global-ecommerce-statistics

[3] AustanGoolsbee&JonathanZittrain,"Evaluating the Costs and Benefits of Taxing Internet Commerce," National Tax Journal, National Tax Association;National Tax Journal, , September, vol. 52(3), 1999,pp 413-428.

[4] Erlend E. Bø, Joel Slemrod and Thor O. Thoresen,Taxes on the internet Deterrence effects of public isclosure,DiscussionPapers,Statistics Norway Research department,No. 770 , January 2014.(shorturl.at/lnIOS)

[5] ياسر عوض عبد الرسول " المشاكل الضريبية للإعلان الرقمي في مصر "، المؤتمر العلمي الرابع لكلية الحقوق ،القانون والاعلام، جامعه طنطا ، 23-24 ابريل 2017 https://goo.gl/G2TfUs))

[6] رأفت رضوان ،رشا عوض ،ولاء الحسيني ،"الضرائب في عالم الأعمال الالكترونية " ،المعهد العربي للتخطيط ، .arab-api.org،(shorturl.at/grFJ8)

[7] عادل عبد الصادق، التجارة الالكترونية بين الفرص والتحديات في ظل جائحة كوفيد   19 ،قضايا إستراتيجية ، المركز العربي لأبحاث الفضاء الالكتروني ، ,21 أكتوبر 2021  ، https://accronline.com/article_detail.aspx?id=30480

 



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>