في اطار أساسيات علم الاقتصاد للأمن السيبراني

04-09-2022 11:28 AM - عدد القراءات : 947
كتب ACCR
الاقتصاد الرقمي وتحديات الامن السيبراني للدكتور عادل عبد الصادق ، المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني ،2020 يعد الأمن شرط أساسي للبناء الاقتصادي فمن دونه لا يمكن تأسيس اقتصاد ناجح ينمو ويفيد الدولة, في حين أن الاقتصاد إذا نجح في تحقيق فوائد ملموسة فإنه يعد وسيلة للحفاظ على تعزيز الأمن وتقويته. وكلما زاد الاقتصاد نمواً وارتفع المستوى المعيشي للمواطن وزادت رفاهيته وزادت شرعية الحكومة والنظام السياسي ورضاء المحكومين وتحقيق الاستقرار السياسي .
في اطار أساسيات علم الاقتصاد للأمن السيبراني


واتجاه الدوله الي ممارسه سيادتها السيبرانيه علي موارد الفضاء السيبراني تدفعها الي تبني تعزيز قدرتها في مجال الصناعات التكنولوجية والبرمجيات والتطبيقات للعمل علي خلق بديل وطني مع نمو حركه ونشاط الأخطار العابرة للحدود التي تستهدف منصات الحكومه الإلكترونية والقطاع الخاص والمواطنين.الى جانب العمل على سن التشريعات والقوانين التي تحمي البيئة الرقمية.والاستثمار في مجال البنيه التحتيه وبخاصة مراكز البيانات.
وقد حدث تغيير في مفهوم الأمن في ظل العصر الرقمي حيث انه ظهرت مصالح جديده وإخطار سيبرانيه مع زياده الاعتماد على الفضاء السيبراني في تقديم الخدمات وتراكم الثروة ، واختلاف الحدود الخاصه بالحماية في ظل المخاطر العابره للحدود وفرض ذلك علي الدوله من جهه الانفتاح للتعاون مع الفاعلين من دون الدوله في الداخل والسعي الي التعاون مع الخارج لتعزيز القدرات من جهة اخري.
ومن ثم لم تصبح وظيفه الامن و الدفاع مقتصرة علي الدوله وفق العقد الاجتماعي  بل أصبح هناك دور جديد للفرد والقطاع الخاص في الدفاع وبخاصة التهديدات لم تعد من الخارج فقط بل من الداخل أيضا.
ومن ثم فقد لجئت الدول الي زياده الإنفاق علي تنمية القدرات في مجال الدفاع السيبراني وتخصيص موارد في الميزانيه العامه للدوله او في ميزانيتها المعنية بالامن والدفاع ،الى جانب تشكيل مجالس تعني بوضع السياسات المتعلقة بالأمن السيبراني. باعتباره رافدا من روافد الأمن القومي.
وبخاصة في ظل التحديات المتجددة التي  تفرضها عمليات التحول الرقمي وتطبيقاته الاقتصادية،و التي ادت الى إحداث تغيير  كمي ونوعي في عناصر الثروة والموارد الاقتصادية ومرتكزات العرض والطلب ، وعوامل النمو الاقتصادي ،وطبيعة العمل وتراكم راس المال والتشغيل والاستثمار وهو ما يتطلب باستمرار بذل جهود مكثفة وهادفة لتطوير وسائل التحليل الاقتصادي وأدواته، وبالتالي تطوير النظرية الاقتصادية لجهة تضمين متغيرات جديدة، ودراسة انعكاسات هذه المتغيرات على أسلوب الإنتاج والعلاقات الاجتماعية الداخلية والعلاقات الدولية
من الاهمية بمكان لاي حكومة او شركة او منظمة معرفة حجم  ما هو ضروري للاستثمار في الأمن السيبراني والى أي مدى هو كاف. ولم يتم الاهتمام الكافي بتلك القضية على الرغم من حيويتها،ويفتح الباب امام امكانية دراسة اقتصاديات الامن السيبراني ،والقاء المزيد من الضوء والاهتمام بالنماذج المرتبطة بقياس الاستثمارات في مجال الامن السيبراني ، من خلال رصد  التكلفة-المنفعة والمفاضلة.
وتحاول هذه الورقة  تحليل استراتيجيات الأمن السيبراني على المستوى الوطني (NCSS) national cyber security strategies  ، وذلك للعمل على تقييم العناصر الاقتصادية الأساسية لصياغة واعتماد نموذج من استراتيجيات الأمن السيبراني على المستوى الاقليمي،ومعالجة ذلك من منظور صنع السياسات العامة للدولة ،ومحاولة قياس تكلفة انعدام الأمن السيبراني ، وتقييم الكفاءة الاقتصادية لـ NCSS والحوافز الاقتصادية لجميع أصحاب المصلحة المعنيين.
وذلك في اطار أساسيات علم الاقتصاد للأمن السيبراني والسعى لتطبيقها في سياق NCSSs. على وجه الخصوص ،ولا توجد بيانات كافية حاليًا لقياس هذه التكاليف بسبب عدم القدرة على تحديد التعريف المناسب للأدوار والمسؤوليات داخل الهياكل ، سواء كانت داخل  الحكومات أو المنظمات الخاصة.
وتهدف الورقة لمعالجة الجوانب الاقتصادية لاستراتيجيات الأمن السيبراني على المستوى الوطني (NCSSs).،حيث انه هناك حاجة ملحة لتبني خطة عمل لمثل تلك السياسات من منظور عدة عوامل مثل القدرة على التنفيذ والتقييم من اجل تحقيق المكاسب المالية من جهة والكفاءة في مواجهة التهديدات من جهة اخرى .
ان عملية تبني استراتيجيات وطنية للامن السيبراني اخذت في النمو والتصاعد في السنوات القليلة الماضية ، في اغلب الدول المتقدمة ومازالت تعاني من عقبات في الدول النامية ، واحتلت تلك القضية اهمية خاصة في اجندة صانعي القرار والسياسات العامة للدولة،والتي رات بدورها انها عبارة عن عملية طويلة لتعزيز القدرات في مجال الامن السيبراني ، واما على المستوى العالمي فقد اصبحت عملية دمج العديد من اصحاب المصلحة تاتي في اطار مراعاة الابعاد الاقتصادية،والتي مثلت مدخل مهم لفهم الحوافز التي تحرك الفاعلين من الدول ، في ظل مراعاة البعد العابر للحدود للتهديدات السيبرانية.
مثل تاثير انتشار الشائعات والاخبار الزائفة على الثقة في الاقتصاد ، والتعرض لسرقة  الاسرار الصناعية في ظل تصاعد دور الابداع والابتكار في اقتصاد الانترنت ، الى جانب الخسائر التي تتعرض لها الدول من الهجمات السيبرانية سواء من طرف دولة او فاعل من غير الدولة ، وتعرض الدولة كذلك الى القرصنة ولجريمة الالكترونية نوالي تسبب خسائر مالية وازمة ثقة في المؤسسات والاجراءات والسياسات المتبعه .
فيخسر الاقتصاد العالمي على سبيل المثال ما يقدر بتريليون دولار سنويا كل عام من الجريمة الالكترونية وهو ما يعادل 1,4 % من الناتج المجلي الاجمالي لدول العالم، ويعبر ذلك التهديد عن اكبر عملية نقل للثروة في التاريخ البشري من مكان الى مكان اخر ومن فاعل الى فاعل جديد.
ومن ثم أصبحت احد اهم الاهداف للعديد من دول العالم التقدم بشأن تامين الفضاء السيبراني كاحد عوامل استقرار الدولة وتعزيز قدرتها على اللحاق بالتقدم التكنولوجي،ودفع عجلة النشاط والنمو الاقتصادي ، والذي يتم تحقيقه عبر تطبيقات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات مثل التجارة الالكترونية والمعاملات المالية والحكومة الالكترونية .
وبذلك فقد عدت من ضمن الاهداف بالغة الاهمية الاستراتيجية ليس فقط للدولة بل للعديد من دول العالم ، وبشكل جعل تحقيق ذلك ضمن الاهداف والمطالب العالمية ولكافة اصحاب المصلحة ،وذلك من اجل تحقيق الرخاء الاقتصادي للمجتمعات ،وهو ما تهدف إلية الإستراتيجية الوطنية للامن السيبراني على مستوى العالم ، ويتطلب ذلك تبني سياسات اكثر توازنا ومشاركة ،للعمل على تعزيز ضمان استمرارية عمل البنية التحتية المعلوماتية واستقرار الاقتصاد أخذا بعين الاعتبار كافة العوامل المحفزة لزيادة التنافسية في الاسواق ،وهو الامر الذي يمثل فرصة وتحدي في ذات الوقت .
وللعمل على تحقيق تلك الاهداف تركز معظم استراتيجيات الامن السيبراني على البحث عن مدخل شامل  للتدابير التي يمكن ان تنفذ في مواجهة التهديدات في الفضاء السيبراني.    
ومن ثم يصبح المجتمع الرقمي ككل ومعة كافة اصحاب المصلحة والدول بحاجة الى التزود باساليب واستراتيجيات تمكنهم من ممارسة نشاطهم الرقمي دون تهديد او انقطاع ، والعمل على تطوير البيئة المعيارية والقانونية لتقاسم ومشاركة عبئ الحفاظ على الامن السيبراني.
وتسعى الدول الى توفير ضمانات للحفاظ على امنها القومي في الفضاء السيبراني ، وذلك على الرغم من ان البينية التحتية المعلوماتية مملوكة في جزء ليس بصغير منها للقطاع الخاص ، وهو ما يثير اشكاليات تتعلق بنهج الدولة الاقتصادي ما بين الطابع الليبرالي او الاشتراكي ، وحدود قيام الدولة بفرض تدخلها في القطاع الخاص على الرغم من معارضة ذلك للمبادئ الليبرالية في الاقتصاد ،ومن ثم فان العمل على التوفيق لذلك التحدي مطلوب في ذلك مبادئ الاقتصاد المتعبه من الدولة.والتي تلعب دور كبير في صنع السياسات العامة .    وتهدف تلك الورقة للعمل على تحقيق التكامل ما بين اقتصاديات الامن السيبراني ،ومدخل السياسات العامة لمعالجة الامن السيبراني ،وبالتحديد بالنظر الى استراتيجيات الامن السيبراني على المستوى الوطني ومدى الاخذ بعين الاعتبار الابعاد الاقتصادية من خلالها،وهو مدخل نادرا ما تم الجمع بينهما مع الاعتقاد الشائع انها تسير في مسارات متوازية.ويبقى التساؤل هنا حول ما اذا كانت المبادئ الاقتصادية التي يمكن ان تطبق على الافراد والقطاع الخاص يمكن ان يتم تطبيقها وتضمينها في "   NCSS  " .
وتحاول اقتصاديات الامن السيبراني تحليل سلوك مختلف اللاعبين سواء اكانوا مهاجمين او مدافعين في سوق الامن السيبراني ، ويصبح دور السياسة العامة منصبا على تعزيز الاستثمارات المطلوبة وتكيفها اجتماعيا .
وبخاصة انه اذا تم ترك قوى السوق تتفاعل وفق ارادتها المنفردة سيؤدي ذلك الى نقص في الاستثمار في مجال الامن ووجود بعض السياسات المتعارضة وغير المتسقة ،وضعف التنسيق ما بين الحكومة والفاعلين الاخرين، والاضرار في النهاية بقدرة الدولة على مواجهة الاخطار السيبرانية والتي ستهدد الجميع دون استثناء.
بينما تهدف جميع الاستراتيجيات إلى معالجة الأمن السيبراني من أجل الحفاظ على الرخاء الاقتصادي والاجتماعي والتنمية من خلال التطوير المستمر والنشط لاقتصاد الإنترنت .
، ومن ثم فإن الجوانب الاقتصادية للأمن السيبراني تكتسب المزيد من الاهتمام في العديد من الاستراتيجيات.
وتنطلق الدول في ذلك من حقيقة ان امكانية الوصول الى مستويات أعلى من الأمن السيبراني سيوفر للاقتصاد ميزة تنافسية لأنه سيوفر بيئة مشجعه للنمو والاستثمار الاجنبي ويمنحها المصداقية والثقة بين كافة اطراف البيئة الرقمية من الطلب والعرض.، وبادراك الدور الذي تلعبة العوامل الاقتصادية في تحسين الأمن السيبراني.
وتشجع العديد من الاستراتيجيات تبني مجموعه من السياسات المرنة لتقديم المزيد من الحوافز لنمو الأسواق في اطار الحفاظ بشكل افضل على الأمن.
وهو ما يحتاج لفهم أفضل لهيكل الحوافز للاعبين في السوق المرتبطين بالأمن السيبراني، وتعزيز عملية تبني تدابير مضادة في تقديم الخدمات او المنتجات ، والاستثمار في مجال صناعات الامن السيبراني

الاطلاع عبر جوجل كتب عبر الرابط

 



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>