الصراعات الجيوسياسية تلقي بظلالها على مستقبل السيارات الكهربائية

25-08-2022 12:29 PM - عدد القراءات : 12534
كتب هاري ديمبسي من لندن وإدوارد وايت من سيئول FINANCIAL TIMES
جانفنج ليثيوم، مجموعة صينية مربحة للغاية وأساسية لأحلام شركات صناعة السيارات الغربية في التحول إلى الكهرباء، لكنها أيضا عرضة لتأثير بكين التي تشدد سيطرتها على القطاعات الاستراتيجية.
الصراعات الجيوسياسية تلقي بظلالها على مستقبل السيارات الكهربائية


كل خطوة تخطوها جانفنج ـ التي من بين عملائها "تسلا" و"بي إم دبليو" و"فولكسفاجن" ـ تواجه تدقيقا متزايدا. في الأسابيع الأخيرة تصدرت المجموعة عناوين الصحف بسبب تحقيق بشأن تداول بناء على معلومات داخلية أطلقه أكبر منظم للأوراق المالية في بكين، وكذلك بسبب استحواذها على مناجم ليثيوم في الأرجنتين مقابل مليار دولار، ومشاركة شركة تابعة في مشروع مشترك لاستكشاف الليثيوم في شينجيانج، حيث اتهمت الصين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
قال محللون إن الاهتمام المتزايد يؤكد كيف يجب على ثاني أكبر شركة لمعالجة الليثيوم في العالم من حيث حجم الإنتاج ـ بعد منافستها من تشيلي "إس كيو إم" ـ أن تبقي بكين في صفها، مع ترسيخ مكانتها في سلاسل توريد السيارات الكهربائية في الغرب.
قال سام جافي، نائب الرئيس لحلول تخزين البطاريات في "إي سورس"، وهي مجموعة بحثية، "إنها شركة صينية تشهد توسعا عالميا، لكنني أعتقد أن الدولة تريد أن يكون لها تأثير في تلك الشركة لأنها أصبحت مهمة جدا لسلسلة بطاريات الليثيوم-أيون".
رفضت جانفنج التعليق على التحقيق الخاص بالتداول بناء على معلومات داخلية وقالت إنها ليست لديها خطط استكشاف محددة في شينجيانج حتى الآن.
تأسست جانفنج على يد لي ليانج بن في مقاطعة جيانجشي في 2000، وأصبحت واحدة من أهم الشركات في العالم في التغلب على أحد أهم العقبات في طرح السيارات الكهربائية، تحويل المواد الخام إلى مركبات ليثيوم لفئة البطاريات.
في الربع الأول من هذا العام، قفزت أرباح جانفنج التشغيلية ثمانية أضعاف تقريبا إلى أربعة مليارات رنمينبي "592 مليون دولار" على إيرادات زادت أكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 5.4 مليار رنمينبي، ما أدى إلى هوامش تبلغ نحو 75 في المائة. ارتفعت أسعار الليثيوم بشكل صاروخي، تضاعفت 13 مرة في عامين لتصل في تموز (يوليو) إلى 67050 دولارا للطن من كربونات الليثيوم، وفقا لـ"بنشمارك مينرالز إنتلجنس".
تعود جذور جانفنج إلى معالجة المواد الكيميائية، لكن المجموعة المدرجة في كل من هونج كونج وشينزن، تقول إن تركيزها ينصب على عمليات تعدين في الخارج ـ في الأرجنتين، المكسيك، أستراليا ومالي ـ لمواد خام بحيث يتم تكريرها إلى هيدروكسيد ليثيوم أو كربونات ليثيوم.
يأتي هدفها المتمثل في التنوع الجغرافي وسط توترات جيوسياسية متزايدة، ومساع من جانب الدول الغربية لتوطين سلاسل التوريد الخاصة بالمركبات الكهربائية وتطوير معالجة الليثيوم محليا، وهي عوامل يمكن أن تحد من المواد الأولية المتاحة لمصافي التكرير الصينية.
صعود جانفنج السريع إلى قيمة سوقية تبلغ 26 مليار دولار يمثل إنجازا رائعا للي والشريك التجاري، وانج شياوشين، اللذين ترعرعا في منطقة ريفية فقيرة. الآن يمتلك كلاهما ما يزيد قليلا عن ربع المجموعة، وفقا لإيداعات البورصة. رفضت جانفنج التعليق على هيكل ملكيتها.
أشاد مطلعون على الصناعة برؤية المؤسسين. بعضهم يصف لي بـ"الرجل العبقري" لقدرته على قراءة السوق والإقدام على رهانات غير متوقعة، بما في ذلك شحن محلول ملحي - يمكن استخراج الليثيوم منه - من تشيلي إلى الصين لخفض التكاليف.


تقول سوزان زو، محللة مواد البطاريات في شركة الأبحاث ريستاد إينرجي، "توقعت جانفنج نقص المعادن وبدأت في الاستثمار بقوة منذ أعوام عديدة".
قال جون كانيليتساس، نائب الرئيس التنفيذي لشركة ليثيوم أمريكاز، التي تمتلك جانفنج 20 في المائة منها، عندما تراجعت أسعار الليثيوم في 2019 واصلت الشركة الاستثمار. "لم يكن هناك تذبذب في رؤيتهم".
على الرغم من الحياد الواضح والود من المؤسسين، تواجه جانفنج التأثير الزاحف لبكين بشكل متزايد.
قال جو لاوري، وهو مورد سابق لشركة جانفنج، من خلال مجموعة "إف إم سي" الكيميائية الأمريكية، وصديق لي ووانج، "قد يكون احتفاظ جانفنج باستقلالها مشكلة. يعتمد ذلك على الكيفية التي تنظر بها الحكومة الصينية إلى طموحاتها في مجال البطاريات والسيارات الكهربائية".
يرى محللون أن هناك خطرا متزايدا من أن تطلب بكين من جانفنج إعطاء الأولوية لصانعي السيارات الكهربائية الصينيين، إذا ترسخ نقص الليثيوم في الأعوام المقبلة. وذهب بعضهم إلى احتمال توجيه مجموعة تعدين كبيرة مملوكة للدولة، مثل زيجين ماينينج، للاستيلاء على جانفنج.
لكن مسؤولين تنفيذيين يعملون مع شركاء تجاريين لجانفنج يجادلون بأنها قد تزدهر حتى لو أحكمت بكين الخناق. قال أحدهم، "بالنسبة إلى جانفنج، الحد من تدفق المواد من الصين سيوجد فرصة لأنهم يطورون المعالجة الكيميائية على مستوى العالم، حيث لا تتمتع الحكومة الصينية بسلطة قضائية".
قالت ديزي جينينجز جراي، محللة في "بنشمارك مينرالز إنتلجنس"، إن المشكلة الرئيسة للحكومة الصينية مع قطاع الليثيوم كانت خطر تأثير ارتفاع الأسعار على سوق السيارات الكهربائية.
أوضحت جانفنج أن نقص الموارد وارتفاع الأسعار نتجا في الأغلب عن "عدم التوافق بين العرض والطلب" وأن أفضل حل هو "تسريع استكشاف وتطوير الموارد الأولية".
مع ذلك، نظرة الغرب المتشددة بشكل متزايد تجاه الصين تسببت بالفعل في تعقيدات للشركة. تدرس شركة ليثيوم أمريكاز ـ مقرها فانكوفر ـ فصل مشروع في نيفادا بحيث يصبح شركة مستقلة، ما يعني احتمال تخليصها من الملكية الصينية وتسهيل وصولها إلى دعم الحكومة الأمريكية. في المكسيك، حيث تطور جانفنج أحد المشاريع هناك، تحركت السلطات لتأميم أصول الليثيوم.
من المقرر أن تشتد هذه الضغوط. يمكن لمشروع قانون تغير المناخ الذي أقره الكونجرس الأمريكي الأسبوع الماضي أن يستهدف المجموعات الصينية من خلال اشتراط أن تتم عمليات استخراج المواد الخام الخاصة بالبطاريات، أو معالجتها، أو إعادة تدويرها في الولايات المتحدة، أو عن طريق شريك في اتفاقية التجارة الحرة.
بحسب لوري، جانفنج ستجد صعوبة متزايدة في السير بين العداء المتزايد تجاه الشركات الصينية في الغرب وتلبية مطالب بكين. قال، "جانفنج ستمضي بحذر".



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>