الفضاء مورد مشترك لا ينبغي تركه للشركات الخاصة

11-08-2022 01:09 PM - عدد القراءات : 240
كتب مارك دانكبيرج* FINANCIAL TIMES
الإمكانات التي يوفرها الفضاء تكاد تكون لا حصر لها: أنظمة الملاحة في سياراتنا وهواتفنا، وأقمار مراقبة الطقس التي تحلل موجة الحر التي ضربت أوروبا هذا الصيف، وصور تحركات القوات العسكرية في أوكرانيا، واتصالات السلامة على متن الطائرات والسفن، وخدمات النطاق العريض في مواقع يصعب الوصول إليها، اقتصاد الفضاء يرشد ويفيد الجميع.
الفضاء مورد مشترك لا ينبغي تركه للشركات الخاصة


الفضاء مورد مشترك يجب أن يظل متاحا لجميع الدول. لا ينبغي السماح لأي شركة خاصة، بغض النظر عن مدى تمويلها الجيد أو قدرتها على العمل سريعا، بالهيمنة عليه لمصلحتها الخاصة، أو ركوب المخاطر التي تسهم في أزمة المناخ الحالية.
مع ذلك، أعتقد أن هذا هو التهديد الذي نواجهه الآن. الأبراج العملاقة التي تضم الآلاف، وقريبا عشرات الآلاف، من الأقمار الصناعية تتزاحم في مدار أرضي منخفض، وتطالب بالحق في احتلاله بطريقة تشكل تهديدا كبيرا للسلامة، والمنافسة، والابتكار، وخيار المستهلك.
بصفتي المؤسس والرئيس والمدير التنفيذي لشركة فياسات، إحدى أكبر شركات الأقمار الاصطناعية في العالم، فأنا على ثقة أن لدينا النطاق والتكنولوجيا اللازمة للمنافسة. في حين أن كثيرين آخرين، بما في ذلك كثير من الدول، ليس لديهم ذلك.
يتنامى القلق بشأن الاستغلال المفرط لموارد الفضاء المحدودة بسرعة في أوساط وكالات الفضاء العالمية، ومؤسسات السياسات والبحوث والحكومات الوطنية.
إن انتشار الأبراج العملاقة في المدار الأرضي المنخفض يهدد بسلسلة من الاصطدامات، ما يحتمل أن يؤدي إلى منع الوصول إلى الفضاء لعقود أو حتى قرون. في حزيران (يونيو)، حذر جورج فريمان، وزير العلوم البريطاني السابق من أن "سباق الفضاء الوحشي دون تنظيم فعال ينطوي على خطر وجود بقايا حطام متزايد في الفضاء".
كما أن الزيادة الكبيرة في عمليات إطلاق الصواريخ ستؤدي إلى إلحاق الضرر بالبيئة، إلى جانب الجزيئات الصغيرة والمكونات الكيميائية التي تنطلق في طبقة الأوزون عندما تتفكك عشرات المركبات الفضائية كل يوم في نهاية عمرها القصير. إضافة إلى ذلك، التلوث الضوئي الناجم عن عدد لا حصر له من الأقمار الاصطناعية قد يفوق عدد النجوم المرئية قريبا، ما يتداخل مع علم الفلك البصري والراديوي.
رغم أن هذه الأضرار لم يتم فحصها بدقة بعد، إلا أن الحجم والكتلة الإجمالية للأبراج الضخمة في المدار الأرضي المنخفض يتزايدان بمعدل ينذر بالخطر. تماما كما نقيس بصمات الكربون، نحتاج إلى تحديد البصمة البيئية بشكل عاجل لكل ما في المدار الأرضي المنخفض.
لحسن الحظ، هناك اعتراف دولي متزايد بأن المدار الأرضي المنخفض مورد طبيعي مشترك وأن عدد الأقمار الاصطناعية التي يمكن أن تعمل هناك محدود. يمكن لمفهوم "القدرة الاستيعابية" هذا أن يساعدنا على تقييم كيفية استخدام المورد على أفضل وجه لإفادة الجميع.


لن تتمكن الدول التي لديها طموحات فضائية من تحقيقها إذا حرمت من الموارد المدارية لدعم مركباتها الفضائية. وينطبق هذا حتى على الدول المتقدمة غير القادرة أو غير الراغبة في إنفاق مزيد من الأموال على الأبراج الضخمة في السباق للاستيلاء على العقارات المدارية.
يجب أن نجد طريقة لتقاسم هذه الموارد الطبيعية المحدودة بشكل منصف مع مراعاة عواقب استخدامها. لقد اعترفت المعاهدات الدولية منذ فترة طويلة بأن الدول يجب أن تتمتع بوصول عادل إلى المدارات والترددات حول الأرض. ينبغي لنا حماية هذا الحق قبل فوات الأوان.
في النهاية يتم توزيع سلطة كبح جماح السلوك المناهض للمنافسة بين جميع الدول، فهي لا تكمن في سلطة ترخيص واحدة. يمكن تجنب أسوأ العواقب إذا تمكنت مجموعة مؤثرة من الدول من وضع قيود متعددة الأطراف معقولة على البصمات المدارية والبيئية للأبراج التي تسمح لها بخدمة دولها.
يصر بعض الأبراج العملاقة على أنها وحدها القادرة على سد الفجوة الرقمية، وفقط في حال قررت هي القواعد. لكن نهج "التحرك سريعا وكسر الأشياء" للأسواق الجديدة لم ينجح بشكل جيد على الأرض على مدار العقدين الماضيين، لذلك من الصعب معرفة سبب السماح بوجوده في الفضاء.

 


* المؤسس والرئيس والمدير التنفيذي لشركة فياسات



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>