انتهاء جموح العملات المشفرة في انتظار اللوائح

14-05-2022 04:57 AM - عدد القراءات : 244
كتب إيفا سالاي في لندن FINANCIAL TIMES
على الرغم من أن العملات المشفرة أصبحت مقبولة كفئة أصول على نطاق واسع، إلا أنها كافحت من أجل التخلص من سمعة أنها تعيش في "عالم الغرب المتوحش الرقمي"، وهو مكان نادرا ما يطبق فيه القانون أو يخضع للتنظيم. غير أن هناك إشارات تفيد بأن الأيام التي كانت فيها العملات المشفرة غير خاضعة للقانون بدأت تقترب من نهايتها. ونتيجة لذلك، فإن الشركات التي تسوق للأصول المشفرة - إضافة إلى مزودي الخدمات الرقمية - باتوا يتدافعون لتجنب التعرض للملاحقة القانونية من خلال المتطلبات التنظيمية الجديدة.
انتهاء جموح العملات المشفرة في انتظار اللوائح


لقد نمت أسواق العملات المشفرة بسرعة منذ بداية جائحة فيروس كورونا وتجاوزت قيمة الصناعة تريليوني دولار، بحسب السلطات المالية.
في الشهر الماضي، قال فابيو بانيتا، عضو مجلس الإدارة التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، لجمهور من المستمعين في الولايات المتحدة "إن سوق العملات المشفرة الآن أكبر من سوق الرهون العقارية عالية المخاطر التي كانت قيمتها تساوي - 1.3 تريليون دولار، عندما تسببت في الأزمة المالية العالمية في 2008".
وذكر أن ما يقدر بـ16 في المائة من الأمريكيين و10 في المائة من الأوروبيين كان لديهم تعرض بطريقة أو بأخرى للعملات المشفرة أو الأصول ذات الصلة بها، وحذر من المخاطر المحتملة لانهيار هذه السوق.
اليوم يعد البنك المركزي الأوروبي واحدا من بين منظمين كثر في جميع أنحاء العالم يبحثون عن طرق لكبح جماح هذا الفضاء الذي لم يخضع للإشراف من قبل، حيث كان افتقاره إلى القوانين عامل جذب رئيسا ومصدر قلق في آن معا.
أدى هذا إلى زيادة عدد شركات العملات المشفرة التي تطلب المساعدة في الالتزام بالمطالب التنظيمية المتنامية، كما تقول راشيل وولي، من شركة فينيرجو، وهي شركة مختصة في برمجيات الامتثال مقرها دبلن.
تقول وولي، المديرة العالمية للجرائم المالية في "فينيرجو"، "بدأت عديد من شركات خدمات الأصول الافتراضية في سداد التزاماتها في الامتثال لأنها لم تكن تنفذها بشكل فعال كما يجب".
وتضيف "الفكرة التي تقول إن بإمكانك انتهاك الالتزامات بشكل متعمد يجب أن تنتهي. الحقيقة هي أن التنظيم في العملات المشفرة سيصبح أكثر صرامة وسيقوم بفرض الغرامات".
وقد تم بالفعل فرض الغرامات وحالات الحظر.
وكشرط أساسي، يريد المنظمون من منصات التداول ومقدمي الخدمات إجراء تحقيقات لمكافحة غسل الأموال، وهو قانون أدى بكثير من الشركات إلى التعثر.
في نيسان (أبريل)، أصدر مكتب المراقب المالي في الولايات المتحدة أمرا بالتوقف ضد "أنكوريج ديجيتال بانك"، الذي زعم أنه أول بنك للأصول الرقمية تم ترخيصه على المستوى الفيدرالي وأنه مؤهل كوصي على عملائه وقادر على تقديم العملات المشفرة لهم. لكن في الشهر الماضي، قامت هيئة الرقابة على التراخيص بتوجيه صفعة إلى "أنكوريج" من خلال أمره بإصلاح عدد من الإخفاقات التي حدثت، مشيرة إلى عدم وجود ضوابط في مراقبة الأنشطة المشبوهة، ومنها التحقيقات المرتبطة بمكافحة غسل الأموال.
يتماشى هذا الإجراء مع نتائج أبحاث أجرتها شركة فينيرجو تظهر ارتفاعا في استهداف المنظمين للشركات التي لها صلة بالعملات المشفرة.
في آب (أغسطس) من العام الماضي، أجبرت بورصة بيتميكس للتداول على دفع غرامات بقيمة مائة مليون دولار لاتحاد تداول السلع والعقود الآجلة الأمريكية بسبب فشل تحقيقاتها في مكافحة غسل الأموال.
لكن عديدا من شركات العملات المشفرة تجادل بأن معظم اللاعبين في الصناعة حريصون على اتباع القوانين، إلا أن عدم الوضوح حول ما هو مطلوب يعوق جهودهم.
وقد وجهت انتقادات إلى المنظمين في المملكة المتحدة بسبب بطء تقدمهم في كل من تسجيل الشركات التي ترغب في تقديم خدمات الأصول الرقمية وفي إنشاء إطار عمل للعملات المشفرة.
قال نيخيل راثي، الرئيس التنفيذي لهيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة، الشهر الماضي "إن الجهة التنظيمية تنتظر مزيدا من الصلاحيات للإشراف على شركات العملات المشفرة بما يتجاوز المتطلبات الأساسية لمكافحة غسل الأموال".
وذكر أيضا أن هيئة السلوك المالي تعد 33 شركة فقط مناسبة للعمل حتى الآن. "لقد تم رفض عديد من الشركات بسبب عدم كفاية المواد لديها لمنع حصول أي ضرر، أو حتى تحديده في المقام الأول"، وأضاف "نحن بحاجة إلى رسم خطوط واضحة (...) كما حذرنا باستمرار: إذا استثمرت في العملات المشفرة، يجب أن تكون مستعدا لخسارة كل أموالك".
يمكن كذلك للنزاعات القانونية حول الأصول الرقمية أن تمثل تحديات جديدة أيضا. سيرجي رومانوفسكي، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة نيبيوس، وهي شركة تقدم نقودا مقابل العملات المشفرة مقرها برشلونة، اكتشف مثل هذه التحديات بعد أن مر بظروف صعبة.
فقد كادت أعماله تنهار تحت ضغط دعوى قضائية زعمت أن الشركة لم تقم بحماية أموال أحد العملاء بالشكل الصحيح. انتهت القضية بالحكم لمصلحة شركة نيبيوس، لكن رومانوفسكي تأثر كثيرا بقرار المحكمة تجميد أصول الشركة مؤقتا، بسبب سوء فهم فني.
جادل رومانوفسكي في محكمة بريطانية أبقت على مبلغ 1.5 مليون دولار موضع تساؤل من جانبها حول ما يسمى "التخزين البارد"، على جهاز مشابه لجهاز ذاكرة التخزين "يو إس بي" يحافظ بشكل آمن على الأصول الرقمية من خلال عزلها عن الاتصال بالإنترنت. في البداية عدت المحكمة هذا الأمر غير مقبول، ما أدى إلى قرار تجميد المبلغ.
يقول رومانوفسكي "عندما أدركت ذلك متأخرا، كانت هناك خطوات بسيطة كان يجب أن تقوم "نيبوس" باتخاذها وهي الاحتفاظ بأصول التشفير الاحتيالية المشتبه فيها في صيغة بيانية يمكن للمحكمة أن تفهمها بشكل أفضل".
تحذر وولي، من شركة فينيرجو، من أن الشركات يمكن أن تقع أيضا ضحية للتحولات التنظيمية غير المتوقعة. قالت "إن القضية المرفوعة ضد أنكوريج تدعو إلى القلق لأنها تجعل المنظمين يبدون وكأنهم متقلبون".
وأضافت "أنا قلقة بشأن قيام المنظمين بمنح ترخيص لأنكوريج في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي، وبعد أقل من 18 شهرا على ذلك، قاموا بمراجعته - والسؤال هو لماذا منحوها ترخيصا دون الرجوع إلى هذه الأنظمة في المقام الأول؟"، قالت "كان يجب أن تكون هذه التحقيقات موجودة منذ البداية".
لكن إضافة إلى ما يتعلق بالحماية من مخاطر غسل الأموال، يركز المنظمون الآن على حماية المستهلك في معاملات العملات المشفرة. إلى جانب سلطة السلوك المالي في المملكة المتحدة، اتفقت مجموعة من المشرفين الماليين الأوروبيين في أواخر آذار (مارس) على أن عديدا من الأصول المشفرة تحفها المخاطر وأنها مضاربة للغاية، وتشهد "حملات ترويج مكثفة".
يتوقع كثيرون في صناعة العملات المشفرة أن تكون اللوائح الجديدة مختلفة من دولة إلى أخرى، ما يسمح للشركات بالانتقال إلى ولايات قضائية تكون فيها القوانين أكثر ملاءمة لها.
قال إيان ماسون، رئيس تنظيم الخدمات المالية في المملكة المتحدة في شركة المحاماة جولينج دبليو إل جي، "إن هذه الإمكانية للمراجحة التنظيمية تثير القلق بسبب الطبيعة العالمية للعملات المشفرة".
وأضاف "هناك حاجة لأن تكون اللوائح التنظيمية أكثر ترابطا، بحيث تكون المعايير عالية ومتسقة في جميع أسواق العملات المشفرة".

تقلبات القيمة السوقية تظهر مخاطر العملات المشفرة

يوضح الارتفاع السريع في القيمة الإجمالية لجميع الأصول المشفرة أن شهية المستهلكين تزداد للاحتفاظ بها باعتبارها بديلا عن العملات التقليدية ومخازن القيمة الأخرى.
لكن التقلبات الكبيرة أخيرا في القيمة السوقية لفئة هذه الأصول أظهرت مجددا مخاطر افتراض أن العملات المشفرة هي رهان في اتجاه واحد.
فمنذ 2017، شهدت السوق حالات ارتفاع وهبوط هائلة في القيمة الإجمالية، الأمر الذي يعكس تقلبا هائلا في قيمة تداول عملة البيتكوين وكذلك العملات الأخرى المنافسة لها.
تجاوزت القيمة السوقية لهذه الفئة من الأصول ثلاثة تريليونات دولار في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي قبل أن تنهار إلى نحو 1.6 تريليون دولار في شباط (فبراير) ولا يزال يتعين عليها النهوض مجددا.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>