المرونة السيبرانية واستدامة مواجهة التهديدات السيبرانية

08-05-2022 02:36 AM - عدد القراءات : 605
كتب د.عادل عبد الصادق *
شهد عام 2021 تحولات ومتغيرات جديدة فيما يتعلق بحالة الأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، جاءت مدفوعة تارة بالتصاعد الملحوظ في التهديدات السيبرانية، وتارة أخرى بما فرضته جائحة "كوفيد- 19" من بيئة جديدة غذَّت التهديدات الموجودة وسرَّعت من وتيرتها،
المرونة السيبرانية واستدامة مواجهة التهديدات السيبرانية

ومثّلت التداعيات التي فرضتها الجائحة اختبارًا قويًا لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات،و زادت من مستوي الطلب على الخدمات الرقمية مع النمو في البيئة الرقمية والتوسع في البنية التحتية والتوجه نحو الاقتصاد الرقمي من دول المنطقة.و التي تعتبر إحدى أكثر المناطق في العالم التي تتعرض للتهديدات السيبرانية، سواء على مستوى البعد المادي المتعلق بالتخريب والقرصنة أو على مستوى البعد المرتبط بتطبيقات الحرب النفسية.

وارتبطت قدرة  بلدان المنطقة في تطوير قدرة مؤسسات الدولة وقطاعات الأعمال على الصمود والمرونة السيبرانية على التقدم الذي أحرزته على مؤشر الأمن السيبراني العالمي. وفرض ذلك على الحكومات أهمية مواصلة العمل لضمان استدامة الاستراتيجيات والتدابير، والتكيف لمواجهة الطبيعة المتسارعة لتطور التهديدات السيبرانية  وفقا لحالة التقدم التقني المصاحبة لها ،

ولم تؤد  زيادة  الطلب على الأمن السيبراني لاحتواء عملية تصاعد تلك التهديدات؛ إذ بات واضحًا أن على دول المنطقة تعزيز الجهود المشتركة في تبادل الخبرات وبناء القدرات السيبرانية، وتطوير الاستراتيجيات الوطنية في مجال الأمن السيبراني،و تأمين خدمات الحكومة الإلكترونية وقطاعات البنية التحتية الحرجة.ومن دون شك، فإن ما يضفي أهمية خاصة على مواجهة تلك التحديات هو طبيعة العلاقة الترابطية بين القدرة على تحقيق مستوي أعلي من الأمن السيبراني من جهة وتعزيز القدرات في مجال الاقتصاد الرقمي من جهة أخرى.

وتم الكشف عن اتجاه دول المنطقة نحو الاستثمار في تبني التقنيات الجديدة أكثر من التركيز على الاستعداد لمواجهة التهديدات التي يمكن أن تتعرض لها.والقدرة على تعبئة الموارد لمواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية ، وهو ما يتطلب الوعي بواقع التهديدات السيبرانية ، وتحديث التشريعات  وتشكيل هيئات تنظيمية قادرة على تنسيق الجهود الوطنية من جهة ، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي من جهة أخرى.

 وفرضت الطبيعة غير التقليدية للمخاطر السيبرانية تبني استراتيجيات مرنة باستمرار ، والخروج من القوالب الجامدة ، وبخاصة تلك المتعلقة بـ"الأمن السيبراني"، والذي يركز فقط على ثلاثة أهداف هي الثقة  confidentiality والنزاهة integrity والتوافر    availability ، ولكن مثلث الأمن هذا أصبح يحتاج إلى إضافة "المرونة " resilience .،والتي تعني " القدرة على الاستشعار  و الاستعداد الوقائي لمواجهة التهديدات السيبرانية ومقاومتها والرد عليها سواء كانت تلك الأخطار متوقعة أو غير متوقعه ،وبما يمكن من القدرة على التعافي السريع من آثارها ،في وقت مناسب"، وتساعد القدرة على فهم طبيعة تلك التهديدات في  بناء القدرات على الصمود والمرونة ، والتي قد تتم على مستوى  وطني أو بشكل جماعي وبخاصة إن تلك التهديدات عابرة للحدود ،والتي تشهد تطور مستمر في قدرات المهاجمين .

وأصبحت الدول التي تمتلك إستراتيجية لمرونة الأعمال لديها القدرة على التعافي من الأزمات أكبر من غيرها بنسبة 45% تقريبا، وان كل دولار واحد يتم إنفاقه على إدارة المخاطر، سيقابله 7 دولارات خسائر إذا لم يتم إنفاقه،وقد بلغ معدل النمو في سوق الأمن السيبراني  ما بين  12 % -15% عام 2021، ووصل حجم الإنفاق العالمي على الأمن السيبراني  تريليون دولار خلال خمس سنوات ( 2017-2021) .وعلى الرغم من ذلك فان الامر يتطلب أهمية تبني استراتيجيات وطنية للمرونة السيبرانبة ورفع كفاءة التعامل مع الأزمات والحوادث السيبرانية وإدارة المخاطر وتنمية القدرات الاستباقية ، وتوفير الموارد والخبرات ، وتعزيز القدرات الدفاعية . للتعامل مع التهديدات السيبرانية،

ويدفع تصاعد التوتر السيبراني على المستوى الإقليمي والدولي إلى أهمية إطلاق الدبلوماسية الرقمية والتعاون الرقمي ،وذلك من قبيل أن خفض التوتر على الأرض حول المصالح الدولية من شأنه أن يخفض كذلك التوتر بين القوى الدولية ذاتها  في الفضاء السيبراني .



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>