وسائل التواصل الاجتماعي تحتاج إلى انضباطية

11-01-2022 05:13 AM - عدد القراءات : 413
كتب كارا سويشر خدمة «نيويورك تايمز» الشرق الاوسط
كان هناك الكثير من القلق بشأن انتهاكات حرية التعبير واستخدام «التعديل الأول» كورقة توت بغرض الإهانة، والتي ستعمل بلا شك كوقود كجيد لتجميع أموال الحملة ورأس المال السياسي على اليمين. هل من المفاجئ أن ترمب قفز مباشرة إلى المعركة ليكتب في بيان، أن «(تويتر) وصمة عار على الديمقراطية ولا ينبغي السماح له بالقيام بأعمال تجارية في هذا البلد». يبدو أنه نسي أن «تويتر» كان منصته المفضلة كرئيس.
وسائل التواصل الاجتماعي تحتاج إلى انضباطية

سواء كان ذلك عاراً أم لا، فإن شركة خاصة مثل «تويتر» تتمتع بحقوقها في السماح أو عدم السماح لأي شخص بالعمل على نظامها. في الواقع، سواء كان ذلك تيلور غرين أو غيره، فإن «تويتر» في الواقع يمارس هذه الحقوق.
جاء إبعاد غرين الأحد إثر الانتهاكات المتكررة من خلال نشر معلومات مضللة عن «كوفيد»، ثم نشر تحذيرات، ثم نشر المزيد من الانتهاكات، متسقاً مع ممارسة «تويتر» القديمة المتمثلة في السماح بفرض قيود فضفاضة على المسؤولين الرسميين والمشاهير. وبالمناسبة، لا يزال الحساب الرسمي للسيدة غرين في الكونغرس نشطاً، لأنه يعمل ضمن الإرشادات التي أعلنها «تويتر» بصوت عالٍ وكانت معروفة جيداً لغرين.
بعبارة أخرى، كانت غرين تدرك جيداً ما كانت تفعله عندما غردت بسمومها، وهنا تكمن المشكلة: إذا أعطيت شخصاً مثل غرين مكبر صوت، فستسيئ استخدامه، وعندما يتم سحبه لكسرها قواعدهم القاسية، سيستخدمون ذلك الإجراء لإثبات وجود رقابة غير عادلة. فما يحدث هنا هو خطأ في النظام، وفيروس دائم التحور، خاصة أنه يستغل مشاعرنا القوية تجاه حرية التعبير في الولايات المتحدة ويجمع بين «التعديل الأول» وقواعد شركة خاصة.
بالتالي، فإنهم يستخدمون إجراء طرد الأشخاص من منصات «تويتر» و«فيسبوك» لإثارة المزيد من الغضب بين متابعيهم، فضلاً عن نظريات المؤامرة حول كيف أن كل ذلك يمثل جزءاً من حملة منسقة من قِبل عمالقة التكنولوجيا لسحق حرية التعبير. فهم يرمون مصطلحات تهديدية مثل «التواطؤ» من دون دليل، عندما يتعلق الأمر أكثر بعدم رغبة هذه الشركات في أن تكون منصات لأشياء تثير الفتنة ونشر المعلومات الصحية التي يمكن أن تعرّض الأرواح للخطر.
يقول أولئك الموجودون على اليمين، إن الكثيرين منهم يجري تكميم أفواههم (وهو ما لا يحدث)، بينما يقول أولئك الموجودون على اليسار، إنه يجب إزالة المزيد من المعلومات المضللة (لكن ليس بالدرجة التي يرونها).
تستفيد غرين بالفعل من محنتها المفترضة. فبعيداً عن إسكاتها، انتقلت إلى تطبيق المراسلة «تليغرام» لمواصلة هدفها الدؤوب المتمثل في اتباع كتاب قواعد اللعبة الذي وضعه ترمب - الذي تعرّض للحظر على منصتي «تويتر» و«فيسبوك» لتحريضه على العنف المرتبط بهجوم 6 يناير (كانون الثاني) على مبنى الكابيتول (الكونغرس الأميركي). وعلى منصة «تليغرام»، ذكرت غرين البارعة في المراوغة، أن «(تويتر) هو عدو أميركا، ولا يمكنه التعامل مع الحقيقة». ومن المضحك أنها لم تمانع في استخدام «تويتر» لنشر الأكاذيب قبل أن يتخذ إجراء ضدها.
كان كل هذا جزءاً من روتين متعب مفاده: احصل على رغوة الصابون، وأطلق العصارة المصممة لإثارة الغضب ثم كررها.
ركّب هؤلاء المغردون على «تويتر» القضبان الرقمية بقدر استطاعتهم لصالحهم، حتى أصبح تغريدهم بعيداً تماماً عن الحقيقة. ففي بيانه الأخير، دعا ترمب الناس إلى حذف حساباتهم من «فيسبوك» و«تويتر». نعم، هناك عدد لا يحصى من الأسباب المشروعة للبعد عن وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هذا ليس أحدها.
ورغم ذلك، فهذا تذكير آخر بالحاجة الماسة للمشرعين إلى التصعيد ومعالجة القوة الهائلة لشركات التكنولوجيا الكبرى. لا ينتظر من صانع «بودكاست» والممثل الكوميدي والمثير للجدل، جو روغان، الاختفاء من صفحات التواصل قبل الاستفادة من حالة الغضب السائد. فقد أنشأ حساباً على موقع «غيتر» للتواصل الاجتماعي الذي يديره مستشار ترمب السابق جيسون ميلر، بحجة أنها «شبكة أمان في حالة «بات (تويتر) أكثر غباءً».
لقد تحول ذلك إلى نعمة كبيرة لروغان – ولاشتراكات «غيتر» أيضاً – التي جذب 8.6 مليون متابع في أقل من يومين. وعلى موقع «تويتر»، الذي اعتاد استخدامه بشكل طبيعي للترويج لهذه الخطوة، ولديه 7.9 مليون متابع فقط.
ربما يكون روغان قد دُفع إلى الحافة - وهو على الأقل يشعر بأنه أكثر واقعية – عندما نادى بحظر عالم الفيروسات المثير للجدل روبرت مالون، الذي ادعى أنه مخترع لقاحات «ميرنا». (هو على الأرجح أحد المساهمين الرئيسيين العديدين في التكنولوجيا الحاسمة) كان مالون من أشد المنتقدين لحملة التطعيم الجماعي، بما في ذلك في «برنامج روغان»، حيث شبهه بأنه قريب الشبه بألمانيا النازية. وفي حين أننا قد تجاوزنا وقتاً طويلاً للتوقف عن الاستخدام العرضي لنظام هتلر باعتباره يبيح استخدام كل شيء بشكل مرعب، فإن المشاعر لا تزال تهبط لدى جمهور معين لم يتنامَ شعوره بإساءة استخدام السلطة سوى في زمن الوباء.
بالتأكيد، كانت المنصات المختلفة غير مؤهلة بشكل محزن لمراقبة المحتوى على مواقعها وفي تطبيق قواعد ثابتة. هناك مجموعة من القواعد للأشخاص المهمين ومجموعة أخرى من القواعد للأشخاص العاديين وغيرهم عندما يخدم الموقف احتياجات الشركات.
في الحياة الواقعية، نعلم جميعاً ما تعنيه علامة الحظر، ومع ذلك يسير كل شيء عبر الإنترنت إلى حد كبير إلى أن يحدث عارض يربك الجميع.
المفارقة هي أن شركات التواصل الاجتماعي كتبت السيناريو بنفسها. فقد ذكرت فرانسيس هوغان، المُبلغة عن المخالفات على «فيسبوك»، أنه يُعتقَد أن الشركات حاولت الالتفاف على الدستور عندما راق لها ذلك، وهي الآن عالقة بين المطرقة والسندان عندما تستخدم حقوق حرية التعبير لإبعاد الناس عن مكانهم الفعلي.
لقد قام «فيسبوك» بعمل جيد حقاً في تشتيت انتباهنا بجدل الرقابة. فنحن نتجادل بشدة حول «هل يجب عليك إزالة محتوى النظام الأساسي (X وY وZ)؟ هل هناك رقابة كافية، هل هي ليست كافية؟ فالأشياء التي يجب أن نتحدث عنها هي خيارات تصميم النظام الأساسي».
تشير هوغان إلى حقيقة أن منصات الوسائط الاجتماعية، في جوهرها، منظمة بحيث تجذب مزيداً من المشاركة، أو قضاء المزيد من الوقت على المواقع. ويعتقد الكثير، أن التصميم يحتاج إلى إعادة تجهيزه بالكامل لتخفيف حدة الجدل الساخن على الإنترنت.
وتدافع هوغان في النهاية عن المزيد من الشفافية من منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي تزعم الشركات أنها تهدف إليها أيضاً. وقالت لي في هذا الصدد «لسنا في مكان يمكننا فيه بالفعل إجراء محادثات حتى الآن، حول كيفية معالجة مجموعة من هذه المشاكل». ربما إذا أجرينا المزيد من هذه المحادثات، فلن يكون المبلغون عن المخالفات أمراً ضرورياً لإحداث تغيير حقيقي.
من جانبه، حاول «تويتر» أن يكون أكثر شفافية في سياسة المعلومات المضللة المتاحة للجمهور. ومما لا شك فيه أن مراقبة جميع منشوراته مهمة شاقة. ففي إعلانها عن غرين، قالت الشركة إنها تلقت «ضربة» خامسة بفرض حظر دائم - عندما نشرت غرين كذباً تسجيل «أعداد كبيرة للغاية من الوفيات جراء تلقي لقاح (كوفيد)».
في هذا الصدد، قالت المتحدثة باسم «تويتر» في تصريح لصحيفة «ذا تايمز»، «لقد أوضحنا أنه وفقاً لإجراءاتنا الخاصة بهذه السياسة، سنعلق الحسابات بشكل دائم بسبب الانتهاكات المتكررة».
لكن هذا ليس واضحاً على ما يبدو. إذا تمكنت منصات وسائل التواصل الاجتماعي من الوصول بالفعل إلى نقطة يفهم فيها مستخدموها قواعد الطريق - بشكل أساسي، حيث توجد علامات التوقف أو التحذير وماذا تعني - فربما يتعلم المستخدمون أخيراً كيف تتلاعب شخصيات مثل غرين بها.
* خدمة «نيويورك تايمز»



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>