قانون الدفع غير النقدي خطوة إستراتيجية نحو الشمول المالي

28-03-2019 07:46 AM - عدد القراءات : 1421
كتب د.عادل عبد الصادق*
وافق مجلس النواب المصري على قانون الدفع غير النقدي والذي قدمته الحكومة ، وليمثل بذلك خطوة مهمة على المستوى التشريعي ،ودعما للتوجه نحو الشمول المالي والتحول الرقمي بشكل عام ، وجاء ذلك بعد تدشين المجلس الاعلي للمدفوعات و تعزيز البنية التحتية وتطبيقات التكنولوجيا المالية الى جانب عدد من المبادرات الاخري .وهو ما يطرح عدد من التساؤلات حول ماهية قانون الدفع غير النقدي وما هو دوره في المجتمع غير النقدي ،وما هو أثر ذلك في تطبيقات الشمول المالي ؟ وما هي ملامح القانون ؟ وما هي مكاسب ومتطلبات تطبيقه ،وما هي التحديات التي تواجه تطبيق قانون الدفع غير النقدي وذلك بغية الوصول الى تحول رقمي آمن ومستدام؟
قانون الدفع غير النقدي خطوة إستراتيجية نحو الشمول المالي

 

أولا ،الشمول المالي والمجتمع غير النقدي.

 

  

ظهر مصطلح "المجتمع غير النقدي " منذ فجر التاريخ  في اطار نظام المقايضة  قبل اكتشاف النقود، ثم جاءت مرحلة اكتشاف النقود سواء أكانت ورقية او معدنية ،ومع ظهور الثورة العلمبة والتكنولوجية  كان لها انعكاس  على طبيعة ووسائل التعاملات المالية والمصرفية ،والتي ادت في الأخير الى ظهور نمط جديد من وسائل الدفع غير النقدى والتي تشمل كل وسيلة دفع ينتج عنها إضافة فى أحد الحسابات المصرفية للمستفيد، مثل أوامر الإيداع والتحويل والخصم، وبطاقات الائتمان والخصم، والدفع باستخدام الهاتف المحمول، أو غيرها من الوسائل التى يقرها البنك المركزي ،

ويتم ذلك عبر عدد من التطبيقات والتي منها نقل البيانات الرقمية والتي تاخذ شكل أموالاً الكترونية بين أي طرفين بينهم معاملات مالية بدلاً من استخدام الأموال التي تتمثل في هيئة عملات ورقية أو نقدية،ومن جهة أخري تميز ذلك المجتمع غير النقدي بصعود استخدام العملات الالكترونية ، ومن جهة ثالثة تميز ذلك المجتمع باستبدال العملات النقدية بنظيرها الإلكتروني وذلك عن طريق صرف العملة وانتقالها وإيداعها بشكل رقمي .

ويرتبط المجتمع غير النقدي بعلاقة وثيقة  مع الشمول المالي والنمو الاقتصادى، كإتاحة تمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة ،ويؤثر الشمول المالى كذلك على الجانب الاجتماعى من خلال اتاحة الفرصة للوصول للفقراء ومحدودى الدخل.

واصبح الشمول المالي له أولوية لصانعي السياسات والهيئات الرقابية ووكالات التنمية على مستوى العالم. وتم تحديد الشمول المالي كعامل رئيسي في تحقيق سبعة من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.

[1]

ويرتبط نجاح ذلك بمعدل ارتباط المستهلكين او المواطنين بالخدمات المالية والمصرفية والالكترونية ،وعلى مستوى العالم يوجد 2 مليار شخص غير متعاملين مع القطاع المالى الرسمى.ومن شأن دمج وشمول غير المتعاملين باتاحة فرص مناسبة لجميع فئات المجتمع، سواء المؤسسات أو الأفراد، لإدارة أموالهم ومدخراتهم بشكل سليم وآمن، ويتم ذلك عبر توفير الخدمات المالية المختلفة ،والتي يتم توفيرها عبر المصارف والبنوك، وبأسعار مناسبة وسهلة الحصول عليها، وهو الامر الذي يضمن عدم اللجوء للوسائل غير الرسمية التى تفتقد الرقابة والاشراف، ويساعد الشمول المالي في عدم تعرض العملاء للنصب أو المغالاة في تحصيل الرسوم . ويتطلب تطبيق "الشمول المالى" ان يكون هناك توجه من الدولة وبخاصة من قبل البنك المركزي ، وهو المخول بعملية وضع قواعد وتشريعات لتيسير إجراءات المعاملات المصرفية بكافة أشكالها، والموافقة على إتاحة خدمات مالية مبسطة مثل استخدام الهاتف المحمول فى عمليات الدفع الإلكترونية.

[2]

 

ومن جهة اخري تلعب البنوك دورا هاما في جذب الفئات التى لا يوجد لديها تعاملات بنكية، وذلك من خلال ابتكار منتجات مالية جديدة تعتمد على الإدخار والتأمين ووسائل الدفع وليس فقط على الإقراض والتمويل، وتخفيض الرسوم والعمولات غير المبررة المفروضة على العملاء والخدمات المالية غير المناسبة التى تتم مقابل قيام العملاء بدفع عمولات، كذلك مراعاة ظروف العملاء وعدم إثقالهم بالقروض.

ويساهم "الشمول المالى" فى حماية المتعاملين مع البنوك والمصارف بمختلف فئاتهم، عن طريق حصول العميل على معاملة عادلة وشفافة وعلى الخدمات والمنتجات المالية بكل سهولة وبتكلفة مناسبة، وتزويد العميل بكل المعلومات اللازمة فى كل مراحل تعامله مع مقدمى الخدمات المالية، وتوفير خدمات استشارية إذا احتاج العميل، والاهتمام بشكاوى العملاء والتعامل معها بكل حيادية، بما يحمى العملاء من التعرض لحالات نصب أو استغلال من الجهات المالية غير الرسمية.

وهو الامر الذي يتطلب وضع استراتيجية وطنية لرفع مستويات التعليم والتثقيف المالى للفئات المستهدفة، ورفع الوعى المالى لدى مالكى ومديرى المشروعات المتوسطة والصغيرة، ومراعاة قلة خبرات المستهلكين الجدد فيما يتعلق باستخدام الخدمات المالية، كذلك إطلاق برامج لتوعية المستهلك المالى بكيفية اتخاذ قرارات مالية تلائم احتياجاتهم. وذلك من خلال اتباع عدد من الخطوات التي تهدف الي التوسع فى تطبيق خدمات الشمول المالى لإنشاء شبكة تضم فروع مقدمى الخدمات المالية والاهتمام، وإنشاء مكاتب صغيرة لتمويل المشاريع متناهية الصغر، بجانب زيادة عدد الصرافات الآلية وتطوير نظم الدفع، كذلك التوسع فى تقديم الخدمات المالية الرقمية، عن طريق الدفع عبر الهاتف المحمول، وإنشاء قواعد بيانات شاملة تتضمن سجلات البيانات الائتمانية التاريخية للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة.

  وتشير تقديرات البنك الدولى الى  أن التكنولوجيات الرقمية تتيح – عالمياً - إمكانية ضم مليارين من البالغين غير المتعاملين مع البنوك إلى النظام المالى الرسمي. كما أنها تيسر كثيراً  الحصول على خدمات التوفير، وإجراء المدفوعات، والحصول على الائتمان و التأمين، وكلها عوامل تساعد الأفراد على إدارة أفضل لأمورهم المالية والتعامل مع حالات الطوارئ غير المتوقعة.

 ومازالت هناك فجوة كبيرة بين الدول المتقدمة والاقتصادات الناشئة فى الإعتماد على وسائل الدفع المختلفة بخلاف النقد. فعلى سبيل المثال 90% من المعاملات فى استراليا تتم من خلال بطاقات ائتمان أو خصم ونظم دفع الكترونية، وتبلغ تلك النسبة 73% فى بريطانيا و 64% فى الولايات المتحدة الأمريكة. وعلى النقيض نجد أن 78% من المعاملات نقدية بالهند ، وتركيا 60% والصين 47%. 

. والتزمت مجموعة العشرين بتعزيز الشمول المالي في جميع أنحاء العالم [3]وأكدت من جديد التزامها بتطبيق المبادئ العليا لمجموعة العشرين بشأن الشمول المالي الرقمي.واقرت  فى اجتماعها السنوى مجموعة من مؤشرات الشمول المالى من ضمنها مؤشر عدد المعاملات غير النقدية للأفراد لكل ألف من سكان الدولة. حيث يتم قياس عدد التعاملات التى يتم سدادها من خلال الشيكات ونقاط البيع وبطاقات الائتمان والخصم والتحويلات من خلال الهاتف المحمول وغيرها.

وتتطلب عملية تعزيز الشمول المالي ، الاول ، ضمان توسيع نطاق الحصول على الخدمات المالية وتوصيلها إلى السكان الذين يصعب الوصول إليهم، بما في ذلك النساء و فقراء الريف ،الثاني ، زيادة ثقافة المواطنين وقدراتهم المالية حتى يتسنى لهم فهم مختلف الخدمات والمنتجات المالية ، والثالث ،التأكد من أن كل شخص لديه وثائق هوية سليمة، وأن تكون وسائل التحقق منها منخفضة التكلفة وسهلة ،والرابع ،ابتكار منتجات مالية مفيدة وذات صلة، ومصممة حسب احتياجات المستهلك،والخامس ، وضع أطرعمل قوية للحماية المالية للمستهلك، وتكييف وتهيئة السلطات التنظيمية والرقابية ذات الصلة، بما في ذلك من خلال استخدام التكنولوجيا لتحسين الإشراف.

 

 

 

ثانيا :، الجهود الحكومية لدعم عملية الشمول المالي 

 

 

في سبيل دعم الخطة الإستراتيجية للتحول الرقمي وبخاصة فيما يتعلق بالخدمات المالية وجعل المجتمع أقل اعتماداً علي أوراق النقد، قامت الحكومة بالتقدم في مجال الشمول المالي سواء من خلال العمل على تحديث الاطار التشريعي او من خلال تدشين المجلس القومي للمدفوعات في 7 يونيو

[4]2017 ، والقيام بعدد من المبادرات الداعمة مثل مبادرة حساب لكل مواطن ومبادرة التمويل العقاري ،ومبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة .الى جانب العمل على تطوير البنية التحتية المعلوماتية وتنمية والوعي والثقافة لدي المستهلك .

ويلعب المجلس القومي للدفوعات دورا حيويا في تحقيق خمس اهداف هي العمل لخفض استخدام أوراق النقد خارج القطاع المصرفى ودعم وتحفيز استخدام الوسائل والقنوات الإلكترونية في الدفع بدلاً عنه ،وتطوير نظم الدفع القومية وأطر الإشراف عليها للحد من المخاطر المرتبطة بها من أجل خلق نظم أمنة وذات كفاءة وفاعلية ،والعمل على تحقيق الشمول المالى بهدف دمج أكبر عدد من المواطنين في النظام المصرفى وضم القطاع غير الرسمى إلى القطاع الرسمى وتخفيض تكلفة انتقال الاموال وزيادة المتحصلات الضريبية ،وحماية حقوق مستخدمى نظم وخدمات الدفع وتحقيق تنافسية سوق خدمات الدفع وتنظيم عمل الكيانات القائمة ورقابتها.

واصدر المجلس القومي للمدفوعات خلال الفترة الماضية عدة قرارات مهمة لدعم البنية التكنولوجية التحتيةوالتي كان من اهما ، إلزام الجهات الحكومية بعدم سداد أي مستحقات للموردين المتعاقدين مع تلك الجهات تزيد قيمتها عن 20 ألف جنيه في صورة نقدية، وتكليف كافة الجهات الحكومية التي تقدم خدمات عامة للجمهور أو تدير مرافق عامة أن تتيح للمتعاملين معها وسائل للدفع غير النقدي واستهداف الانتهاء من ذلك على مراحل خلال عامين. و إعفاء المواطنين من المصاريف الخاصة بفتح حساب لخدمات الدفع بالهاتف المحمول وخفض المصاريف الخاصة بخدمات الدفع من خلال الهواتف المحمولة بنسبة 50% حتى نهاية مارس 2019، والاعتماد على منظومة دفع ذات علامة تجارية وطنية في المدفوعات الحكومية وإعمال صرف الدعم في صورتيه العينية والنقدية،

وقادت وزارة المالية الجهود لتفعيل الشبكة المالية للحكومة،وتقديم خدمة المرتبات لكافة الجهات الحكومية بنسبة 100%، كما تم إلزام الجهات ووحدات الجهاز الإداري للدولة بإيقاف إصدار الشيكات وإيقاف السداد النقدي لمستحقات الموردين بنهاية العام  الماضي .

والسعي الى إنشاء المنظومة الوطنية لبطاقات الدفع، ومشروع قانون تطوير المعاملات المالية غير النقدية، وقانون جديد للفاتورة الإلكترونية والتوسع في التحصيل الالكترونى لايرادات الدولة وانشاء قطاع لتكنولوجيا المعلومات بوزارة المالية.وتم تشكيل لجنة التحول الرقمي للمدفوعات والمتحصلات الحكومية بمشاركة وزارة المالية والتخطيط، وقيام وزارة المالية بتدشين خدمة التحصيل الالكتروني من الضرائب والجمارك.

وإعداد خريطة متكاملة لتطوير الخدمات الحكومية تمثلت في إطلاق منصة تبادل البيانات الحكومية، والانتهاء من ربط 21 جهة حكومية وإطلاق تطبيق خدمات المحمول (خدمات مصر) بعدد 31 خدمة حكومية والعمل على إتاحة الدفع الالكتروني لتلك الخدمات.والسعي الى إتاحة التحصيل الالكتروني من خلال 1260 منفذ حكومي.

وتخطط وزارة المالية الى ان يتم  تحصيل المدفوعات المالية الحكومية بشكل الكترونى والزامي للمتعاملين مع الجهات الحكومية المختلفة بسداد المستحقات المالية التي تزيد قيمتها عن100 ألف جنيه بإحدى وسائل الدفع الالكتروني بدءا من اول يناير 2019 ،وتأتي منظومة ميكنة المدفوعات المالية في اطار خطة الدولة لتحقيق الشمول المالي وتخفيض تكلفة تداول الأموال الكاش وميكنة جميع المعاملات المالية ليتم تحصيلها بشكل الكترونى.

  اصبحت المنظومة التشريعية فى مجال التقنية المالية في طريقها الى النضج ،وتحقيق الشمول الرقمى وزيادة الثقة فى نظم الدفع والخدمات الالكترونية، وبخاصة ان قانون الدفع غير النقدي جاء بعد اقرار  قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 ، ووجود مسودة لقانون حماية البيانات الشخصية ، الى جانب اعتماد  قانون التوقيع الالكترونى. ويمثل كذلك مدخل مهم لاعتماد قانون الضرائب على الإعلانات الالكترونية والتجارة الالكترونية ، وإصدار قانون لتنظيم التجارة الالكترونية.

 

 

ثالثا : ملامح قانون الدفع غير النقدي.

 

 

يتكون نصوص القانون من تسع مواد ، وتختص المادة الاولى بتحديد عدد من التعريفات التي يستخدمها القانون ، [5]بينما تلزم المادة الثانية: جميع سلطات وأجهزة الدولة والأشخاص الاعتبارية والمنشآت العامة والشركات التى تملك الدولة كل أو أغلبية رأس مالها، بسداد المستحقات المالية المقررة لأعضائها والعاملين بها والخبراء ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارات واللجان، واشتراكات التأمينات الاجتماعية، بوسائل الدفع غير النقدى، وذلك باستثناء بدلات السفر للخارج. و تلتزم الأشخاص الاعتبارية الخاصة والمنشآت بمختلف أنواعها بسداد مستحقات العاملين بها والخبراء ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارات واللجان، واشتراكات التأمينات الاجتماعية، بوسائل الدفع غير النقدى، وذلك متى جاوز عدد العاملين بها أو إجمالى قيمة أجورهم الشهرية الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

 وتلزم المادة الثالثة  سلطات وأجهزة الدولة والأشخاص الاعتبارية والمنشآت المنصوص عليها فى المادة (2) من هذا القانون بسداد مستحقات الموردين والمقاولين ومقدمى الخدمات وغيرهم من المتعاقدين معها بوسائل الدفع غير النقدى، وذلك متى جاوزت قيمة هذه المستحقات الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

 وتم تحديد ان عملية سداد المدفوعات بوسائل الدفع غير النقدى، اذا تجاوزت قيمتها الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية للقانون ،والتي منها منح التمويل النقدى و توزيع الأرباح الناتجة عن المساهمة فى رؤوس أموال الشركات أو صناديق الاستثمار ،و صرف مستحقات أعضاء النقابات ومستحقات المشتركين بصناديق التأمين الخاصة وتعويضات التأمين،و صرف الإعانات والتبرعات بواسطة الجمعيات والمؤسسات العاملة فى مجال العمل الأهلى، أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية،و سداد المقابل فى حالات الشراء، أو الإيجار، أو الاستغلال، أو الانتفاع بالأراضى، أو العقارات، أو مركبات النقل السريع بواسطة سلطات وأجهزة الدولة والأشخاص الاعتبارية والمنشآت المنصوص عليها فى المادة (2) من هذا القانون. واتاحت المادة الثالثة امكانية اضافة مدفوعات اخري للسداد بالدفع غير النقدي بقرار من رئيس مجلس الوزراء .

 وطالبت "المادة الرابعة" بالتزام سلطات وأجهزة الدولة والأشخاص الاعتبارية والمنشآت التى تقدم خدمات عامة للجمهور أو تدير مرافق عامة فى كافة المجالات، بأن تتيح للمتعاملين معها وسائل قبول للدفع غير النقدى فى جميع منافذ تحصيل مقابل الخدمة دون تكلفة إضافية.

 وتذكر"المادة الخامسة "ان عملية تحصيل المدفوعات بوسائل الدفع غير النقدى، تطبق متى جاوزت قيمتها الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية لهذا القانون،وهي الضرائب والجمارك والرسوم والغرامات ، ومقابل الخدمات والمبالغ المستحقة للجهات المنصوص عليها فى المادة (4) من هذا القانون.،وأقساط التمويل النقدى، وأقساط وثائق التأمين، واشتراكات النقابات، واشتراكات صناديق التأمين الخاصة.وتلقى الإعانات والتبرعات بواسطة الجمعيات والمؤسسات العاملة فى مجال العمل الأهلى.،وتحصيل المقابل فى حالات البيع أو الإيجار أو الاستغلال أو الانتفاع بالأراضى أو العقارات أو مركبات النقل السريع بواسطة سلطات وأجهزة الدولة والأشخاص الاعتبارية والمنشآت المنصوص عليها فى المادة (2) من هذا القانون.

 واجازه اضافة مدفوعات اخرى بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض وزير المالية وموافقة محافظ البنك المركزى  يلزم تحصيلها بوسائل الدفع غير النقدى.

 وتعطي "المادة السادسة" الصلاحية لسلطات وأجهزة الدولة، والشخصيات الاعتبارية العامة، التى تتعامل مع الجمهور، بعد موافقة وزير المالية، أن تمنح حوافز إيجابية للسداد بوسائل الدفع غير النقدى، بما فى ذلك تقرير تخفيض على قيمة المبالغ المدفوعة إليها بهذه الوسيلة أو رد جزء منها.

 وفرضت "المادة السابعة"عقوبات يُعاقب بغرامة لا تقل عن 1% من قيمة المبلغ المدفوع نقدًا، ولا تجاوز مليون جنيه، كل من خالف أحكام المواد (2) و(3) و(4) و(6) من هذا القانون، ويعاقب بذات العقوبة كل من قام بتجزئة المدفوعات". وتضاعف الغرامة الواردة فى هذه المادة فى حالة العوده .

 وتشير "المادة الثامنة" انه  مع عدم الإخلال بالمسئولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين، يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتبارى بذات العقوبات المقررة عن الأفعال التى ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون إذ ثبت علمه بها، وكان إخلاله بالواجبات التى تفرضها عليه تلك الإدارة قد أسهم فى وقوع الجريمة.. ويكون الشخص الاعتبارى مسئولًا بالتضأمن مع المحكوم عليه عن الوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية وتعويضات فى هذه الحالة.

 وتحدد "المادة التاسعة" بانه تؤول حصيلة الغرامات المنصوص عليها فى المادة (7) من هذا القانون إلى حساب مخصص ضمن حساب الخزانة الموحد لوزارة المالية، يخصص لدعم جهود توفير البنية التحتية لوسائل الدفع غير النقدى بالجهات الحكومية، ورفع وعى المواطنين بهذه الوسائل، وتتم إدارة هذا الحساب والصرف منه وفقًا للقواعد التى تبينها اللائحة التنفيذية، على أن يرحل الفائض من أموال هذا الحساب من عام إلى آخر.

 

رابعا : مكاسب ومتطلبات تطبيق قانون الدفع غير النقدي

 

يهدف قانون الدفع غير النقدي الى تقليل المعاملات غير الرسمية وضبط السوق، وجذب للاستثمار الأجنبي، والعمل على سلامة المعاملات النقدية، وإجراءاتها،وبخاصة مع توجه مصر الى تحقيق المزيد من الشمول المالى ، ومواكبة للتوجهات العالمية فى تبنى السياسات التى تقلل التعامل النقدى (الكاش) ، وتشجيع استخدام الأدوات المالية المصرفية الجديدة .

و يأتي مشروع القانون، فى إطار توجه الدولة نحو الشمول المالى بما يكفل حصول المواطنين من مختلف المستويات الاجتماعية والمناطق الجغرافية على خدمات المؤسسات المالية والمصرفية، والاستفادة منها بتكلفة معقولة. و تشجيع وتنظيم التحول إلى الاقتصاد غير النقدى، بما يؤدى إلى توفير مناخ آمن للادخار وتحسين مناخ الاستثمار.

 ويساعد القانون في تحفيز النشاط الاقتصادى والحد من الجرائم المالية والتهرب الضريبى ،وزيادة كفاءة النظام المالى وفاعلية السياسة النقدية والاندماج فى الاقتصاد العالمى. والمساهمة فى إحداث نقلة نوعية فى مجال التحول إلى استخدام وسائل الدفع غير النقدى، ويدفع القانون الى ضرورة تبني إطار تنظيمى ملزم لكل من القطاع العام والخاص، الأمر الذى ييسر على المواطنين فى سداد مقابل الخدمات المقدمة لهم. والعمل على سهولة انتقال الأموال بكفاءة وفاعلية ،و المساهمة فى ضم القطاع غير الرسمى إلى القطاع الرسمى و الحد من الفساد بوضع حدود على تداول "الكاش".

وتتطلب عملية تنفيذ وتطبيق القانون اهمية الاخذ بعين الاعتبار ان المجتمع المصري ما زال يتعامل بشكل اكبر بالنقد في التعاملات المالية على الرغم من النجاح الكبير الذي تم من خلال دمج المواطنين في التعامل البنكي من خلال وسائل جذب عديدة اتبعتها البنوك ، وذلك مع زيادة نسبة الذين لديهم حساب مصرفى لتصل إلى 33% فى عام 2017 بعد أن كانت 14% فى عام 2014 و 10% فى عام 2011[6]

وتستهدف عملية التوسع في الشمول المالي والدفع غير النقدي تحقيق الكفاءة الاقتصادية والحد من مخاطر السرقات وتخفيض تكلفة طباعة البنكنوت والمساعدة فى مكافحة التهرب الضريبى وغسل الأموال ، وتشير تقديرات المؤسسات المالية العالمية أن التوسع فى الشمول المالى فى مصر وزيادة الاعتماد على وسائل الدفع غير النقدية يمكن أن يساهم فى نمو الناتج المحلى الإجمالى بنحو 5% إلى 7% للدول المصنفة فى الشريحة الدنيا من الدخل المتوسط  ومن ضمنها مصر.وهو ما يفرض اهمية تحول  المنشآت والأفراد فى مصر إلى التعامل اللانقدى.

 وتتطلب عملية تطبيق وتوسع مجال انفاذ القانون تقديم حوافز إيجابية تشجع المواطنين على تبنى التعاملات المالية غير النقدية. فهو لا ينظم استخدام وسائل الدفع بمختلف أنواعها بقدر ما ينظم التعامل النقدى والحالات التى لا يجوز فيها استخدام النقد السائل .ومن ثم فانه يمكن ان يطلق علية ايضا "قانون تنظيم السداد النقدى".

وياتي الى جانب ذلك اهمية تخفيض تكلفة استخدام أدوات الدفع الالكتروني والتي قد تحول دون اقبال شريحة كبيرة من المواطنين عن استخدامها، وتخفيض نسب العمولات أو المصروفات المرتبطة بالتعامل ببطاقات دفع الكتروني التي تصدر من البنوك ،والعمل على متابعه الممارسة السلبية لبعض المنافذ الاستهلاكية برفع الثمن المطلوب من العميل حال استخدام بطاقة ائتمان أو خصم عند السداد. وذلك على الرغم من أنه عند السداد من خلال شيك مصرفى فإنه لا يتم زيادة قيمة السلعة أو الخدمة المباعة بمقابل مصروفات التحصيل بالبنك.

والعمل على  تطوير الخدمات البنكية وعمل نظام إلكترونى يربط الـ 27 محافظة ، وتوفير البنية التحتية للتعاملات المصرفية غير النقدية ولاستخدام الصرافات الالية ووسائل الدفع عبر الانترنتويحتاج قطاع الخدمات المالية لمضاعفة استثماراته فى مجال البنية التكنولوجية المالية . وتشير أرقام البنك المركزى المصرى إلى أنه فى مصر حالياً يوجد أكثر من 12 ألف وحدة صراف آلى وصدرت نحو 30 مليون بطاقة ائتمان أو خصم أو مدفوعة مسبقاً إضافة إلى وجود 75 ألف نقطة بيع بالمنافذ التجارية والخدمية. كما تتضمن الإحصاءات تحويل نحو 4 مليار جنيه من خلال الهواتف المحمولة.  وتأتى أهمية التجارة الالكترونية والتي تستحوذ على 10% من التعاملات الالكترونية فى المنطقة فيما يذهب 90% من تلك التجارة بما يعادل 27 مليار دولار إلى خارج المنطقة العربية لشركات عالمية ،ولا تمثل التجارة الإلكترونية  سوى  1% فقط من حجم التجارة فى الوطن العربي، وذلك رغم وجود سوق ضخم وتعداد سكانى يزيد عن 400 مليون نسمة من بينهم نحو 185 مليون مستخدم للإنترنت .

    

خامسا ، تحديات تطبيقات الدفع غير النقدي

 

لا شك ان الوعي بالقانون الى جانب الوعي بأهمية التحول الي الدفع غير النقدي هي من اهم المحاور التي تتم من خلالها اتساع وتطبيق قانون الدفع غير النقدي ، وان هذا التغير له بعد ثقافي  لدى الناس ربما يتطلب احداثة المزيد من الوقت والتدرج في التطبيق والانتشار ، وبخاصة ان بعض الدول الغربية المتقدمة لم يتم الانتقال الى 100% للدفع غير النقدي .

وذلك مع اهمية الاخذ بعين الاعتبار ان عملية الانتقال للدفع غير النقدي تمنح الدولة القدرة على السيطرة على الموارد المالية الى جانب مقدمي الخدمات  المصرفية على المعاملات والإستثمارات وطبيعة الاستخدام الفردي ،الى جانب السيطرة على البيانات الشخصية للافراد .

وبروز تخوف لدى الافراد يتعلق بان المبالغ النقدية تكون بلا قيمة ان لم تنفق بطريقة أو في اوقات محدده مالم سيؤدي ذلك إلى انخفاض قيمتها تدريجياً ،وهو ما يدفعهم للهروب الى "النقد" او "الكاش" ، ناهيك عن الحدود التي يمكن ان تضعها المصارف على السحب اليومي للنقد من ماكينات الصرف ، والى جانب التخوف من ان  النظام يجعل مدخرات الفرد والمعلومات التي تخص دخله والتعاملات المالية التي يقوم بها عرضة لاي شخص او طرف قادر على الوصول إلى تلك السجلات إما بطرق مشروعة  مثل السلطة الأمنية أو الجهة المختصة  بالضرائب ، او بامكانية تعرض تلك المدخرات للخطر بطرق غير مشروعة من قبل المخترقين والاشخاص الذي لديهم القدرة على الوصول إلى المعلومات ذات العلاقة ، و فقدان القدرة على الوصول إلى حساباتهم في وسائط الصرف غير النقدية. وبخاصة ان عمليات الدفع الإلكتروني تمكن التجار من الحصول على معلومات مفصلة بشأن المستهلكين، بما في ذلك أرقام هواتفهم وعناوين بريدهم الإلكتروني، بالمقارنة مع بطاقات الائتمان أو الدين التقليدية، والتي تتضمن فقط إيصالات شراء.

وعلى الرغم من اتاحة تطبيقات المجتمع غير النقدي سهولة التعاملات المالية إلا انه يزيد من الجهل بالإنفاق الفردي وقابلية التعرض للاحتيال ،,يجعل المستهلكين أقل وعياً بمقدار إستهلاكهم عند قيامهم بتمرير بطاقتهم لإتمام معامله ما بدلاً  من تحديد ميزانية لحاجاتهم والدفع نقداً،

إن المعيار العام لقياس مدى قرب دولة ما من أن تصبح مجتمعاً غير نقدي يتمثل في عدد المدفوعات غير النقدية في التعاملات المالية بين الأفراد في هذه الدولة أو المعاملات من شخص إلى آخر والتي تتم في ذلك البلد.

ويمكن للنقد أن يلعب دوراً كخازن للقيمة النقدية تماماً  كالسلع مثل الألماس والذهب والفضة والبلاتين أو العقارات والتحف ويمكن أن تتفاوت مستويات النقد المتداول على نطاقٍ واسع بين بلدين ذات مقياس مماثل للمعاملات غير النقدية.

بالرغم من ان فكرة المجتمع غير النقدي انتشرت الا أن الدول مازالت تستمر في طباعة الاوراق النقدية ، ففي 15  يوليو 2018 اتخذ البنك المركزي الصيني إجراءات لحظر الممارسات التجارية التي ترفض أو تمارس تميزا ضد المدفوعات النقدية في ظل حالة الترويج للمجتمع غير النقدي.

 

وذلك بعد شكوى بعض المستهلكين من حرمانهم من القدرة على استخدام النقد في أماكن مثل المناطق السياحية، والمطاعم ومحلات البيع بالتجزئة وهو ما يضر بالوضع القانوني لقيمة اليوان الصيني فضلا عن حقوق المستهلكين في اختيار وسائل الدفع.ومن ثم فأن المؤسسات المصرفية ومنصات الدفع غير المصرفية لا ينبغي أن تتطلب أو تحرض الكيانات التجارية أو الأفراد على رفض أو اتخاذ تدابير تمييزية ضد المدفوعات النقدية.

 

وانه على الرغم من التقدم في تطبيقات الدفع الالكتروني الا ان الامر يحتاج الى الاستثمار في الوعي لدي المواطنين الى جانب الاستثمار في البنية التحتية .

*خبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاسترتيجية ،-مدير مشروع المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني

[1] الشمول المالي،الشمول المالي عامل رئيسي في الحد من الفقر وتعزيز الرخاء.مجموعه البنك الدولي ، https://goo.gl/S49VN1

،اخر زيارة 28 فبراير 2019.

[2] حسين البطراوي، الشمول المالي... خطوة للحد من الفقر وعدم المساواة،مجلة المجلة ، 8 يونيو 2018.

https://goo.gl/1txNtB

[3] Global Partnership for Financial Inclusion (GPFI) Japan 2019 Priorities Paper, Japan announced the Priorities for G20 Finance Track in 2019 on the occasion of the Leader’s Summit at Buenos Aires in December 2018. https://goo.gl/TSfZmN SEE ALSO , New G20 High-Level Principles for Digital Financial Inclusion, the G20 Global Partnership for Financial Inclusion (GPFI),August 17 2016

[4] انشاء المجلي القومي للمدفوعات ، البنك المركزي المصري ،7 يونيو 2017  https://goo.gl/X4taJD

 

[5]  نص مشروع قانون الدفع غير النقدى بعد موافقة البرلمان عليه فى مجموعه،جريدة اليوم السابع ، 24 فبراير 2019،

https://goo.gl/JbGW8K

[6] البنك المركزى: الشمول المالى فى مقدمة الأولويات والسياسات لتحقيق تطلعات المصريين ، جريدة الاهرام ، 25 نوفمبر 2018

https://goo.gl/T66MYw



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>