لبناني يبتكر أسلوب «النبض السريع للتفحم»..

29-03-2013 06:21 AM - عدد القراءات : 1247
كتب .aawsat
ابتكار دقيق وسريع وفعال، تطلب العمل به عامين كاملين، وتخطت تكلفته الـ200 ألف دولار، يعتبر المشروع الأول من نوعه، ليس على مستوى لبنان فحسب، إنما على مستوى العالم، متجاوزا طرق معالجة النفايات كعمليات الطمر والتخمير وإعادة الاستعمال وإعادة التدوير والحرق والتي تشكل جميعها مصادر متنوعة للتلوث البيئي بشكل أو بآخر.
لبناني يبتكر أسلوب «النبض السريع للتفحم»..

ابتكر البروفسور اللبناني جميل ريما مشروع «النبض السريع للتفحم، وهو عبارة عن تحويل من أجل معالجة النفايات العضوية الصلبة Organic (أي التي تحتوي على مادة الكربون) لمياه مقطرة «Distilled»، وفحم «Carbon».

ويقول ريما في حديث لـ«لشرق الأوسط»: «لا تنتج عن اعتماد هذه الطريقة أية مخلفات ملوثة، وهي بالتالي صديقة للبيئة مائة في المائة، أما مدة المعالجة فهي قصيرة نسبيا، وقد نلت عليه براءة من الدولة اللبنانية تحمل 9444 عام 2011 بعد أن اخترعته في عام 2009»، وذلك بالتعاون مع محل «ماشين تكنولوجي» لصاحبه فريم زغيب في المنطقة الصناعية في زوق مصبح (بمنطقة كسروان).

وتشمل النفايات الصلبة نفايات المنازل والطرق والمحال التجارية، والتي تقدر كميتها بنحو 1.7 مليون طن في السنة، أي ما يعادل نحو 0.9 كيلوغراما لكل فرد تقريبا، إضافة إلى مخلفات المستشفيات (ومن ضمنها الدماء)، ومخلفات المسالخ، والأدوية المنتهية الصلاحية، والتي تكلف الدولة اللبنانية مبالغ باهظة بالعملة الخضراء لإعادة الإفادة منها.

ويستثني المشروع الزجاج والحديد وغيرهما من البقايا الخالية من مادة الكربون «Inorganic».

ثلاث خطوات تتطلبها عملية التحويل داخل مفاعل ضخم وهي إضافة إلى الوقت البالغ 15 دقيقة: الحرارة على 400 درجة مئوية، الضغط ومقياسه 10 بار، و«المنشط الحراري للانتشار» وهو الذي نال عليه ريما براءة الاختراع.

ويكشف ريما المتخصص في الكيمياء الفيزيائية والهندسة البيئية بأن دور هذا المنشط نقل الحرارة إلى كل أرجاء المفاعل حيث النفايات، مع ضرورة المحافظة على كمية ثابتة من الضغط والحرارة.

وما إن ينتهي الوقت المحدد حتى نحصل من داخل المفاعل على فحم «نظيف» «Carbon»، غير ملوث للبيئة كالفحم المنتشر في الأسواق «Coal» وفقا لتحاليل المختبرات.

وتكمن أهمية هذا الإنجاز العلمي في قدرته على التخفيف من أزمة النفايات التي تعتبر أحد التحديات الهامة التي تواجه كثيرا من الدول العربية ومنها لبنان، لما تشكله من مخاطر على صحة الإنسان.

ومن الملاحظ زيادة كميات النفايات المتولدة عالميا وذلك لعدة أسباب منها الزيادة السكانية، وظهور أنماط وسلوكيات جديدة معيشية، والسير نحو التحضر وبالتالي زيادة معدلات الاستهلاك.

والنفايات أنواع أهمها: «النفايات المنزلية، والطبية (نفايات المستشفيات)، والإلكترونية، والصناعية، ونفايات البناء أو الإزالة، الأدوية المنتهية الصلاحية».

ويستثني المشروع الزجاج والحديد وغيرهما من البقايا الخالية من مادة الكربون «Inorganic».

وردا على سؤال يجيب ابن بلدة شبعا (جنوب لبنان): «ليس هناك ضرورة لفرز النفايات داخل المفاعل، إذ يتولى المنشط تفكيك العناصر الكيميائية الداخلة في تركيبتها (كربون، هيدروجين، أكسجين)، فتتحول النفايات تحت الضغط والحرارة ماء (هيدروجين وأكسجين)، وفحما (كربون)».

وتنتج المياه من الكميات الكبيرة من بخار الماء الصاعدة من النفايات داخل المفاعل، وهذا البخار يتحول فور برودته مياها مقطرة.

وتكمن أهمية الفحم في أن كل طنين منه مثلا تعادل طن مازوت حراريا، والذي يتخطى سعره عتبة الـ800 دولار أحيانا، فبدلا من أن تستعمل الشركات الكبرى 3 أطنان من المازوت بتكلفة 2400 دولار في إنتاج بضاعتها، يمكن لها أن تستعيض بالفحم بمعدل 6 أطنان بتكلفة 60 دولارا فقط، باعتبار أن تحويل النفايات العضوية فحما يتطلب 10 دولارات عبر الطاقة الكهربائية بدلا من المازوت.

وبالعودة إلى التكلفة الإجمالية للمشروع والبالغة 200 ألف دولار فقد أسهمت الجامعة اللبنانية والتي سبق أن عمل بها مدرسا في كلية العلوم التابعة لها بمبلغ 6 ملايين ليرة، فيما تحمل ريما المبالغ المتبقية مما أوقعه في عجز مالي كبير.

وبرأي ريما فإن أهمية هذا المشروع تبرز على الصعيدين البيئي والاقتصادي، حيث يمكن الإفادة منه في المعامل التي تنتج الترابة والتي تستعمل مادة الفيول أو المازوت، وكوقود في المناطق والبلدات التي تغمرها الثلوج، وفي إنتاج الكهرباء النظيفة الخالية من التلوث، وكذلك في كل منطقة أو قرية أو بلدية أو مستشفى أو حتى بناية سكنية.

أما على المستوى البيئي، فإن طريقة التفحيم بالنبض السريع كفيلة بعدم لجوء المواطنين إلى قطع أشجار الغابات وتحويلها إلى فحم، وهذا ما يجعله صديقا للبيئة.

وفيما يتعلق بمدى اهتمام الدولة بهذا الاختراع يشير ريما إلى أنه رفع ملفا عنه إلى رئيس الجمهورية وأنه لا يزال ينتظر الرد، مؤكدا أن اختراعه يتطلب التفاتة من الدولة لسد العجز المالي عبر مشروع عقد من شأنه معالجة جبل النفايات في صيدا، والذي يعتبر ثروة بالنسبة له أو الأدويةمنتهية الصلاحية مثلا.

ويكشف ريما عن نجاحه أيضا ومن خلال مفاعله في إنتاج طاقة من النفايات التي يحتويها الصرف الصحي، حيث إن 5% من الصرف الصحي هو «وحل» بالإمكان تحويله إلى فحم وهذا نادرا ما نجده في دول أخرى.

وفي خطوة إيجابية يوشك ريما على الانتهاء من تصنيع آلة كفيلة بتحويل 3 أطنان من النفايات كل ربع ساعة، والبدء باستعمالها في بلدة عين إبل الجنوبية، وكذلك باشر المفاوضات مع عدة شركات في كندا والتي تبدو أنها تعرف قيمة هذا الاختراع أكثر، «وقد يكون هذا أفضل من أن أمضي بقية عمري في انتظار أن يلتفت إلي أحد من المسؤولين أو الموظفين المعنيين في وطني» وفق تعبيره.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>