عقوبات فرنسا على "غوغل": شبح "حرب" معلوماتيّة بين ضفتي الأطلسي!

24-01-2019 12:17 PM - عدد القراءات : 204
كتب احمد مغربي
هل تؤدي عقوبات فرنسا على "غوغل" إلى "حرب" معلوماتية بين ضفتي الأطلسي؟ فرضت تلك العقوبات إثر جهود من الناشط الإلكتروني النمساوي ماكس شريمز الذي حرك "حرباً" مماثلة في 2015.
عقوبات فرنسا على "غوغل": شبح "حرب" معلوماتيّة بين ضفتي الأطلسي!

الأرجح أن فرض فرنسا عقوبات على "غوغل" تتصل بالحقوق الإلكترونية للجمهور، يعيد إلى أذهان كثيرين أجواء التوتر المعلوماتي بين أوروبا والولايات المتحدة الأميركية في 2015، بتأثير جهود قادها آنذاك الناشط الإلكتروني النمساوي ماكس شريمز. فقد فرضت "المفوضية الوطنية لحماية المعلومات"، وهي هيئة فرنسيّة مختصة، غرامة على "غوغل" بقرابة 57 مليون دولار، بعدما حكمت لمصلحة شكوى تقدّم بها شريمز نفسه! وإذ تداول كثير من وسائل الإعلام أن العقوبة الفرنسية جاءت استجابة لدعوى رفعتها منظمة "نويب" NOYB المعنية بالدفاع عن الحقوق الإلكترونيّة للجمهور، يفوتها أن تلك المنظمة أسّسها شريمز نفسه في مستهل العام 2017. وينسج ذلك الأمر خيطاً أول في العلاقة بين ما حدث في 2015 ومجريات العقوبات الفرنسية في 2019.

ويتمثّل الخيط الآخر في معايير الحقوق الإلكترونية للأفراد في دول الاتحاد الأوروبي. إذ استندت العقوبات الفرنسية إلى المعايير المتضمنة في "القانون العام لحماية البيانات" [تُعرَف بإسمها المختصر "جي دي بي آر"] التي دخلت حيز التنفيذ الإجباري في دول الاتحاد كلها في مايو (أيار) 2018، وهي المرّة الأولى التي تفرض فيها تلك القوانين على شركة كبرى في المعلوماتية والاتصالات المتطورة. وفي سياق حكمها، أشارت المفوضيّة الفرنسيّة إلى أن شركة "غوغل" لم تلتزم تلك المعايير بل اتّسمَتْ علاقاتها مع الجمهور بـ"غياب الشفافية، وعدم إعطاء الجمهور معلومات كافية، وعدم الحصول على موافقة واضحة منه". وإيضاحاً، تفرض معايير "جي دي بي آر" أن يحصل الأفراد على معلومات كافية عن البيانات التي يجمعها "غوغل" عنهم، وكذلك الطريقة التي يتصرف فيها بتلك المعلومات بما في ذلك استخدامها في صنع إعلانات مُشَخصَنَةْ Personalized Advertisements، وهي إعلانات تُفصّل على قياس كل فرد على حِدَة باستخدام معلومات تفصيلية عنه. وتعتبر تجارة الإعلانات المشخصنة من المصادر المهمة للدخل في شركات كـ "غوغل" و"فيسبوك" و"تويتر" وغيرها.

وفي منحى آخر، تفرض معايير الـ"جي دي بي آر" الأوروبية أن توضح شركات المعلوماتية والاتصالات للأفراد طريقة جمع بياناتهم وأسبابه، إضافة إلى الحصول على موافقتهم الواضحة بشأن التصرف به. وكذلك تفرض قوانين الـ"جي دي بي آر" أن تُعلِم الشركات الجمهور عن تلك الأمور، باستخدام لغة سهلة وواضحة، وأن تتيح له الحصول عليها بطريقة سلسلة ومباشرة.

ولاحظت "المفوضية الفرنسيّة" أن شركة "غوغل" لم تلتزم تلك المعايير، مشيرة إلى أن ما قدّمته من إيضاحات إلى الجمهور بخصوص عمليات تجميع بياناته وبيعها، جرى بلغة معقدة مضيفة إلى أن "الأفراد احتاجوا إلى خمس أو ست خطوات" للحصول على تلك الإيضاحات! وشدّدت المفوضيّة على أن "غوغل" لا تولي أهمية كافية للحصول على موافقة واضحة من الأفراد قبل التصرّف ببياناتهم، خصوصاً بعد استعمالها في الإعلانات المشخصنة.

وللآسف، خلطت وسائل إعلام كثيرة بين ذلك الأمر ومسألة حماية بيانات الجمهور. والمفارقة أن مسألة حق الجمهور في حماية بياناته كانت المسألة التي فجّرت صراعاً بين طرفي الأطلسي في 2015.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>