من يمتلك القمر؟

15-01-2019 04:06 AM - عدد القراءات : 441
كتب تحرير سالي إسماعيل المصدر :مباشر
"رائد الفضاء بز ألدرن يقف بجانب أول علم أمريكي تم وضعه على القمر".. من المرجح أن هذه هي الصورة الأكثر شهرة لأي علم تم التقاطها على الإطلاق.
من يمتلك القمر؟

وبالنسبة لأولئك الذين يعرفون التاريخ العالمي فإنه دق كذلك بعض أجراس الإنذار بشأن ملكية القمر؛ وفقاً لرؤية تحليلية نشرها منتدى الاقتصاد العالمي.

وقبل أقل من قرن من الزمن فقط فإن وضع علم وطني على جزء آخر من العالم لا يزال يعني ادعاءات ملكية هذه الأرض.

والسؤال؛ هل يعتبر العلم الأمريكي على القمر بمثابة إعلانه مستعمرة أمريكية؟.

ويقول "فون دير دانك" كاتب التحليل: "عندما يسمع الأفراد للمرة الأولى أنني محامٍ أعمل وأدرس شيئاً يدعى قانون الفضاء؛ فإن السؤال المثار بوتيرة متكررة الذي يكون في الغالب مصحوباً بابتسامة كبيرة، أخبرني، من يملك القمر".

بالطبع، ادعاء ملكية أراضٍ وطنية جديدة كانت عادة أوروبية إلى حد كبير، التي طبقتها على أجزاء غير أوروبية في أنحاء العالم، حيث أنشأ البرتغاليون والإسبان والهولنديون والفرنسيون والإنجليز إمبراطوريات استعمارية ضخمة.

وتأثراً بالطراز الأوروبي في الأمر؛ فإن الفكرة القانونية القائلة أن وضع العلم بمثابة إجراء لإعلان السيادة أصبحت واقعاً بشكل سريع وباتت مقبولة عالمياً باعتبارها جزءاً من قانون الأمم.

ومن الواضح أن لدى رواد الفضاء أشياءً أكثر أهمية في أذهانهم من الوضع المعني والنتائج المترتبة على وضع العلم، لكن لحسن الحظ أنه تم الاهتمام بهذه المسألة بشكل مسبق.

ومنذ بداية سباق الفضاء، علمت الولايات المتحدة أن رؤية للعلم الأمريكي على القمر من شأنه إثارة قضايا سياسية كبرى، وأن أيّ اقتراح بأن القمر قد يصبح من الناحية القانونية جزءاً من المناطق النائية للولايات المتحدة قد يتسبب في مخاوف وربما يعطي دفعة لنزاعات دولية ضارة لكل من برنامج الفضاء الأمريكي ومصالح الولايات المتحدة بأكملها.

ومع حلول عام 1969 من المحتمل أن إنهاء الاستعمار أدى إلى تدمير أي فكرة مفادها أن المناطق غير الأوروبية من العالم والمأهولة بالسكان ليست متحضرة وبالتالي أمكن تبرير خضوعها للسيادة الأوروبية، ولكن أيضاً لم يكن هناك شخصاً واحداً يعيش على القمر، حتى الحياة نفسها كانت غائبة.

ومع ذلك؛ فإن الإجابة البسيطة لسؤال ما إذا كان "نيل أرمسترونج" و"بز ألدرن" عن طريق المراسم التي قاما بها قد حولت القمر أو على الأقل جزءاً صغيراً منه إلى أراضٍ أمريكية، تبين أنها "لا".

ولم يكن غرض هؤلاء ولا وكالة "ناسا" والحكومة الأمريكية من رفع العلم الأمريكي تحقيق هذه النتيجة.

أول معاهدة للفضاء الخارجي

والأهم من ذلك أن هذه الإجابة كان منصوصاً عليها في معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 التي أصبح كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي إضافة إلى جميع الدول الأخرى التي تصعد الفضاء طرفاً فيها.

واتفقت القوتان العظمتان أن الاستعمار على الأرض كان مسؤولاً عن معاناة إنسانية ضخمة والنزاعات المسلحة التي حدثت على مدى القرون الماضية.

وكان هناك إصرار على عدم تكرار ذلك الخطأ للقوى الاستعمارية الأوروبية القديمة عندما تعلق الأمر بتحديد الموقف القانوني للقمر.

ومن هذا المنطلق، أصبح القمر نوعاً من المشاعات العالمية التي يتاح لكافة الدول الوصول له بشكل قانوني، وذلك قبل عامين من أول هبوط بشري على سطح القمر.

وبالتالي، لم يكن العلم الأمريكي إعلاناً للسيادة بل كان نوعاً من التقدير لدافعي الضرائب بالولايات المتحدة والمهندسين الذين ساهموا في جعل مهمة "أرمسترونج" و"ألدرن" ورائد فضاء ثالث يدعى "مايكل كولينز" ممكنة.

وكان الرجلان يحملان لوحة تعني أنهما جاءً بسلام لكل البشرية، كما كانت كلمات "نيل" الشهيرة بالطبع تكرر نفس المشاعر: "خطوة صغيرة لإنسان، لكنها قفزة للبشرية".

وعلاوة على ذلك، التزمت الولايات المتحدة ووكالة "ناسا" بتعهداتهم بشأن مشاركة صخور القمر وعينات أخرى من التربة من سطح القمر مع باقي الدول، سواء عن طريق منحهم لحكومات أجنبية أو السماح للعلماء من كافة أنحاء العالم بالوصول لها من أجل التحليل العلمي والمناقشة.

إذاً، تبدو القضية منتهية ولا حاجة لوجود محامي للفضاء مختص بقضايا ونزاعات بشأن القمر، أليس كذلك؟

لا حاجة لمحامون الفضاء؟

ليس بهذه السرعة، ففي حين أن الموقف القانوني للقمر باعتباره "مشاعاً عالمياً" متاحاً لكافة الدول لم يواجه تحدياً أو مقاومة كبيرة؛ فإن معاهدة الفضاء الخارجي تركت تفاصيل أخرى بدون تسوية.

وعلى خلاف الافتراضات التي يغلب عليها الطابع التفاؤلي للغاية في تلك الفترة، لم يعاود البشر الصعود إلى القمر منذ عام 1972؛ ما يجعل حقوق أرض القمر مجرد أمر نظري إلى حد كبير.

وهذا هو الوضع حتى بضع سنوات مضت عندما تم وضع العديد من الخطط الجديدة من أجل العودة إلى القمر.

وبالإضافة إلى ذلك، بدأت شركتان أمريكيتان على الأقل وهما؛ شركة "بلانيتاري ريسورسيز" و"ديب سبيس إندستريز" واللتان تمتلكان دعماً مالياً هاماً، باستهداف الكويكبات بغرض تعدين مواردهما المعدنية.

وهنا تبرز ملاحظة هامة، بمقتضى معاهدة الفضاء الخارجي سالفة الذكر؛ فإن القمر والأجرام السماوية الأخرى مثل الكويكبات من الناحية القانونية تنتمي إلى نفس السلة، ولا يمكن لأي منهما أن يصبح أرض دولة ذات سيادة أو غير ذلك.

وفشل الحظر الأساسي بموجب اتفاقية معاهدة الفضاء الخارجي للاستحواذ على أراضي جديدة عبر وضع علم أو أيّ وسيلة أخرى على القمر، في معالجة الاستغلال التجاري للموارد الطبيعية على القمر والأجرام السماوية الأخرى.

إذاً، هل ترغب في تعدين كويكب؟

اتفقت دول مثل الولايات المتحدة ولوكسمبورج "كبوابة للاتحاد الأوروبي" على أن القمر والكويكبات مشاعات عالمية ما يعني أن تسمح كل دولة لأصحاب الشركات الخاصة، طالما تم ترخيصها على الشكل المطلوب وبالتوافق مع قواعد قانون الفضاء ذات الصلة الأخرى، بالصعود للقمر واستخراج ما هو ممكن في محاولة لكسب المال.

نوعاً ما؛ فإن الأمر يشبه قانون أعالي البحار التي لا تخضع لسيطرة دولة ما لكنها متاحة تماماً لعمليات الصيد المرخصة من مواطني أيّ دولة وشركاتها.

ومن المقرر أن تجلب "أوزيريس - ريكس" التي سافرت إلى كويكب قريب من الأرض يدعى "بينو"، عينة صغيرة إلى الأرض بهدف الدراسة.

وبدأت البعثة في 8 سبتمبر 2016 من محطة "كيب كانافيرال" للقوات الجوية.

وكما هو مخطط، ستصل المركبة الفضائية "بينو" في عام 2018 ثم ستعيد عينة إلى الأرض في عام 2023.

وعلى صعيد آخر؛ فإن دولاً مثل روسيا والبرازيل وبلجيكا تتمسك بفكرة أن القمر والكويكبات تخص الإنسانية بأكملها وبالتالي من المفترض أن تعم الفوائد المحتملة من الاستغلال التجاري على البشرية كلها أو على الأقل يجب أن تخضع إلى نظام دولي صارم يفترض أن يضمن منافع شاملة للبشرية.

ويشبه هذا التوجه النظام الذي تم تأسيسه في الأساس من أجل جمع الموارد المعدنية من قاع البحر العميق.

وفي هذه الحالة، تم إنشاء نظام دولي للترخيص إضافة لمشروع دولي الذي كان يهدف لتعدين هذه المصادر وتقاسم المنافع بشكل عام بين كافة الدول.

وفي الوقت نفسه؛ فإن الاهتمام بالقمر قد تم تجديده كذلك، وعلى الأقل لدى الصين والهند واليابان خطط جادة للعودة إلى هناك.

وبنهاية المطاف؛ فإن الأمر متروك لمجموعة الدول لتحديد ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق مشترك على أي من الموقفين أو ربما في مكان بين الرؤيتين.

ومثل هذه الأنشطة التي يتم تطويرها بدون أي قانون قابل للتطبيق والقبول بشكل عام سيكون أسوأ السيناريوهات.

وفي الوقت الذي لم يعد الأمر بعد الآن مسألة استعمار، ربما سيكون له نفس النتائج الضارة.


© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>