هوس الصين بصناعة الروبوتات يهدد مستقبل سوق العمل

22-12-2018 11:58 AM - عدد القراءات : 257
كتب العرب -لندن
جيوش من الروبوتات رخيصة التكلفة تتجه الصين لاستخدامها بدل العمال داخل المصانع لتعزيز كفاءتها وإحلالها محل العمالة الرخيصة ذات المهارات المتدنية.
 هوس الصين بصناعة الروبوتات يهدد مستقبل سوق العمل

بلغ هوس الصينيين بصناعة الروبوتات إلى درجة أنه بات مصدرا مقلقا يهدد سوق العمل المحلي، فوتيرة هذه الصناعة تتسارع بشكل كبير، ويبدو أنها ستشهد قفزة أكبر خلال السنوات المقبلة لتشطب الملايين من الوظائف رغم وفرة اليد العاملة.

بكين – تعكف الصين على بناء جيوش من الروبوتات رخيصة التكلفة يمكن استخدامها بدل العمال داخل المصانع لتعزيز كفاءتها وإحلالها محل العمالة الرخيصة ذات المهارات المتدنية.

ويقول مختصون إن الأهداف التي وضعتها بكين سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى إلغاء عشرات الملايين من الوظائف في سوق العمل المحلي خاصة مع ظهور بيانات تعزز هذه الفرضية المزعجة للعمال.

ويبدو من الصعب إحصاء عدد الروبوتات في الصين بسبب تعدد الأغراض، لكن يكفي أن تشير بيانات رسمية إلى أن الصين نشرت نحو 130 ألف روبوت صناعي بحلول نهاية العام الماضي، كما شهدت بيع 141 ألفا لأغراض منزلية.

وتشير الدراسات إلى أن ثلث الروبوتات في العالم موجودة في الصين وأنها ستبتعد بسرعة كبيرة في الصدارة بسبب معدلات نمو تزيد على 20 بالمئة سنويا.

ويرى مراقبون أن وتيرة الاندفاع تستند إلى رغبة الصين في التفوق على جميع منافسيها بعد أن وضعت الروبوتات والذكاء الاصطناعي عنوانا رئيسيا لسباقها مع الدول الأخرى.

ولا يبدو للمراقبين أن التوجه يلائم التوازنات الاجتماعية في الصين بسبب تأثيراته على سوق العمل في أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان، الذي يزيد على 1.4 مليار نسمة.

وحقق قطاع إنتاج الروبوتات الصناعية نموا سريعا على مدار السنوات الخمس الأخيرة، حيث ارتفع بنسبة 81 بالمئة، ليحقق بذلك هدف الحكومة قبل ثلاثة أعوام من الإطار الزمني المستهدف.

وكانت الحكومة قد وضعت هدفا قبل عامين يتمثل في زيادة إنتاج الروبوتات الصناعية ليصل العدد إلى قرابة 100 ألف وحدة بحلول عام 2020.

وقالت الحكومة في ذلك الوقت إنها تعتزم نشر استخدام الروبوتات الصناعية في قطاعات عديدة يأتي في مقدمتها صناعة السيارات والإلكترونيات والمعدات المنزلية، فضلا عن الطيران.

ودخلت صناعة الروبوتات في الصين في منافسة قوية مع الشركات العالمية المهيمنة على السوق وخاصة اليابانية والألمانية والأميركية والكورية لتعزيز كفاءة المصانع.

130 ألف روبوت صناعي في الصين نهاية العام الماضي وهي تمثل ثلثي عدد تلك الروبوتات في العالم

وتستورد الصين الكثير من الروبوتات لكنها تسابق الزمن لزيادة التصنيع المحلي لتصل نسبته إلى 49 بالمئة من الروبوتات المستخدمة في المصانع في العام المقبل بعد أن كانت 31 بالمئة في العام الماضي.

وهناك عوامل كثيرة وضعتها الجهات المعنية بهذه الصناعة لتكون أرضية ملاءمة للشركات المحلية من أجل تعزيز خطوط إنتاج الروبوتات مستقبلا مع ارتفاع أجور العمالة البشرية.

ويقول تشن كونغان، نائب مدير شركة يينغ آو كيتشن أوتنسيلز، التي تصنع أحواض المطابخ الفولاذية المقاومة للصدأ، إن تكلفة الروبوتات أقل وتأخذ مساحة أصغر ويمكن إدارتها بشكل أسهل.

ويؤكد أن العمال يمرضون ويمرون بأيام يتراجع فيها مردودهم وهم معرضون لارتكاب الأخطاء، بينما يمكن للروبوتات أن تعمل لمدة يوم كامل دون ملل، كما أنها تنهي عملها في الوقت المحدد دائما.

وفي الوقت الذي ترتفع فيه الأجور في الصين بشكل ملحوظ، بزيادة تقدر بنحو 10 بالمئة سنويا، تتزايد شهية الشركات لاستخدام الروبوتات بالتزامن مع تراجع تكلفة تصنيعها وتشغيلها.

ولا يعتبر التحول من الإنسان إلى الآلة مجرد خطوة تجارية تقوم بها الشركات بشكل فردي، بل يراه خبراء تحوّلا سياسيا في ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، بإيعاز من الشعارات والتوجيهات السياسية للحكومة الشيوعية.

وكان الرئيس شي جين بينغ قد دعا في مناسبات عديدة إلى القيام بـ”ثورة الروبوتات”، كما وعدت الحكومة بتقديم معونات سخية للشركات من أجل تنفيذ الخطة التي ستحيل الآلاف من العمال على التقاعد الإجباري.

وظهر التحول الصيني إلى الإنسان الآلي بشكل لافت خلال السنوات الأربع الماضية، فقد باتت بكين أكبر مشتر للروبوتات في العالم.

وقالت مجموعة إي.بي.بي السويسرية للمعدات الهندسية نهاية أكتوبر الماضي، إن واحدا من بين كل ثلاثة أجهزة صنعتها بيعت في العام الماضي ذهب إلى الصين.

وأكدت الصين أن روبوتات إي.بي.بي، التي تؤدي أدوارا من بينها تصنيع السيارات وتجميع الأجهزة الإلكترونية، ستصنع أجهزة روبوتات للعديد من الصناعات في مصنع شنغهاي.

وكانت دراسات مختلفة أجرتها كل من مؤسسة سيتي وكلية مارتن في أوكسفورد في العام الماضي، قد أظهرت أن نحو 75 بالمئة من الوظائف الصناعية في الصين معرضة لأن تتحول إلى وظائف تقوم بها الروبوتات.

ولم تكتف بكين بشراء الروبوتات فقط، بل توجهت نحو شراء الشركات الأجنبية التي تصنّعها.

وخلال العام الماضي، دفع عملاق الأجهزة الصينية ميديا حوالي ستة مليارات دولار للاستحواذ على 85 بالمئة من شركة كوكا الألمانية، وهي واحد من أكبر صناع الروبوتات في العالم.

وتتوقع دراسة أجرتها مجموعة بوسطن للاستشارات أن تتراجع تكلفة صناعة الروبوتات بحوالي 20 بالمئة في العالم خلال العقد المقبل.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>