الرقمنة تقود انقلابا شاملا في قواعد التوظيف

22-12-2018 11:52 AM - عدد القراءات : 193
كتب العرب -لندن
أصحاب العمل أخذوا زمام المبادرة في البحث عن المرشحين، والتطبيقات الالكترونية أصبحت بوابة أساسية لسوق العمل.
 الرقمنة تقود انقلابا شاملا في قواعد التوظيف
تتسارع يوما بعد يوم وتيرة التغييرات الجذرية التي تحدثها موجة الرقمنة العارمة في أساليب التشغيل والتقدم لشغل الوظائف، حيث حلت تطبيقات تعمل بنقرة واحدة وبرمجيات للبحث عن مرشحين للوظائف ومقاطع فيديو على الهواتف المحمولة، محل الطرق التقليدية في التوظيف.

وابتعدت الأساليب الجديدة بمسافة شاسعة عن الأساليب القديمة، التي كانت تعتمد على السير الذاتية والخطابات التفسيرية المرفقة، وهي تسير باتجاه ما يطلق عليه الخبراء اسم “الاستعانة بالمصادر النشطة”.

وأصبح سوق العمل يميل إلى بحث مسؤولي التوظيف في الشركات عن مرشحين مناسبين لشغل وظائف بعينها. ويتم ذلك في المقام الأول عبر شبكات مثل “لينكد إن”. ولم يعد التوظيف ينتظر حصرا بحث الأشخاص عن الوظائف.

ويقول أرمين تروست، أستاذ إدارة الموارد البشرية في كلية إدارة الأعمال في جامعة فورتفانغن في ولاية بادن فورتمبرغ الألمانية، إن شبكات وتطبيقات التوظيف الجديدة مفيدة بشكل خاص في إقامة علاقات مهنية وتجارية.

مارتينا فاينر: تشديد قوانين حماية البيانات الشخصية يمكن أن يجعل الأمور أكثر صعوبة
مارتينا فاينر: تشديد قوانين حماية البيانات الشخصية يمكن أن يجعل الأمور أكثر صعوبة

ويضيف أن “الأشخاص الذين يأملون في أن ينتبه إليهم مسؤولو التوظيف، يجب أن يهتموا بالبيانات الشخصية الخاصة بهم في تلك التطبيقات والحسابات الالكترونية”.

كما ينصح تروست الباحثين عن وظيفة بعدم حصر أنفسهم في شبكات التوظيف التقليدية، بل أيضا بكتابة مشاركات ومدونات أو تعليقات على التطورات المرتبطة باختصاصاتهم في موقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وغيرهما. ويؤكد أن ذلك يمكن أن يساهم في تعزيز حساباتهم الالكترونية، وربما يجذب إليهم اهتمام شركات التوظيف، على نحو خاص.

وفي حال تم التواصل بتلك الطرق، فإن الأطراف المعنية تقوم أولا بتبادل المعلومات الأساسية حول الوظيفة. ويوفر ذلك على الباحث عن وظيفة عناء الاضطرار إلى صياغة الخطاب التعريفي أو التفسيري بصورة فردية، كما يعمل على تكييف سيرته الذاتية لتناسب الوظيفة المنشودة.

وتوجد حاليا مجموعة من الوسائل الرقمية لإقامة مثل تلك الاتصالات الأولية. وتستخدم بعض الشركات خدمة المراسلة عبر تطبيق “واتس آب” للسماح للمرشحين المحتملين بالتعبير عن رغبتهم في العمل، وكذلك في طرح أسئلة.

كما توجد أقسام للدردشة على المواقع الالكترونية الخاصة ببعض الشركات وأرباب العمل الآخرين. وقد انتبهت منصات التطبيقات الرقمية إلى تلك التحولات في وسائل التوظيف وقامت بتبسيط الكثير من العمليات.

على سبيل المثال، يمكن لأي شخص يريد تقديم طلب وظيفة لدى شركة سيمنز الألمانية العملاقة عبر الإنترنت، أن يقوم بحذف الخطاب المرفق بالسيرة الذاتية وأن ينشر السيرة الذاتية الخاصة به، إضافة إلى وضع رابط في صفحته الشخصية على موقع “لينكد إن”.

وتقول مارتينا نيمان، عضو الاتحاد الألماني لمديري شؤون الموظفين، إن المتقدمين للحصول على وظيفة من الشباب، غالبا ما يفضلون إجراء مقابلات عبر تقنية الفيديو، حيث عادة ما يجيبون على بعض الأسئلة النمطية من الشركة.

وتضيف أن ذلك يسمح لمقدمي الطلبات بتكوين انطباع قبل الاجتماع الشخصي مع صاحب العمل المحتمل. ومن الممكن أن يكون ما يطلق عليه تطبيق النقرة الواحدة، أكثر مباشرة، حيث يقوم المرشح بالنقر على زر ثم تحميل السيرة الذاتية الخاصة به، أو وضع رابط لحسابه الشخصي على موقع “لينكد إن”.

مارتينا نيمان: مقابلات المرشحين إلى الوظائف أصبحت تتم غالبا عبر تقنية الفيديو
مارتينا نيمان: مقابلات المرشحين إلى الوظائف أصبحت تتم غالبا عبر تقنية الفيديو

وتقول مارتينا فاينر، مديرة شركة “آي بوتنشيالز” للاستشارات الوظيفية في العاصمة الألمانية برلين إن التطبيقات الالكترونية أصبحت توفر الجهد والوقت في عملية التوظيف. ويمكن تكوين فكرة عن المرشحين بسهولة، حيث لا يرغب أصحاب العمل في إضاعة الكثير من الوقت في كل طلب التحاق بوظيفة.

ويبدو من المؤكد أن يصبح التوظيف أوتوماتيكيا بصورة أكبر في المستقبل. فاستخدام الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال، سيعزز ما يُمكِّن ما يعرف بـ”الملاءمة” حيث تجري المطابقة الأوتوماتيكية بين الحساب الشخصي للمرشح لوظيفة وبين متطلبات الشركة.

ورغم ذلك، هناك مشككون في مستقبل هذا التحول. وتقول فاينر إن “هذه التقنية تتطلب كثيرا من البيانات حتى تصبح قادرة على التنبؤ بشكل معقول بمدى ملاءمة المرشح لشغل وظيفة ما”.

وتضيف أن من الممكن أن يتسبب تشديد قوانين حماية البيانات في أن تصبح الأمور أكثر صعوبة. وقد يؤدي ذلك إلى استغراق الكثير من الوقت.

وتعتقد مارتينا نيمان أن هذه التقنية في مجال التوظيف سوف تصل في نهاية المطاف إلى حد أقصى يصعب تجاوزه.

وتقول إنه “رغم كل هذه النشوة والتفكير بفعالية، يتعين على المرء دوما أن يضع في اعتباره أن الذكاء الاصطناعي لا يقوم إلا بالأعمال الأساسية… ففي نهاية المطاف، فإن القرار بشأن مرشح لشغل وظيفة لا بد أن يتخذه شخص محدد”.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>