فرنسا تنفرد بمطاردة شركات التكنولوجيا ضريبيا

22-12-2018 11:54 AM - عدد القراءات : 204
كتب العرب -لندن
فرنسا تقرر فرض رسوم على كبرى الشركات الرقمية مطلع 2019، دون انتظار اتفاق محتمل للاتحاد الأوروبي.
 فرنسا تنفرد بمطاردة شركات التكنولوجيا ضريبيا

عجلت التنازلات التي قدمتها الحكومة الفرنسية لمحتجي السترات الصفراء خطوات البحث عن إيرادات جديدة لمعالجة الاختلالات المالية، ودفعت باريس إلى التصدي لظاهرة تهرب شركات التكنولوجيا العابرة للحدود من دفع الضرائب، ما اعتبره محللون ضربة ستؤدي إلى انحسار العصر الذهبي لعمالقة التكنولوجيا.

باريس – قررت فرنسا أمس فرض رسوم على كبرى الشركات الرقمية مطلع 2019، دون انتظار اتفاق محتمل للاتحاد الأوروبي بعد اشتداد حاجتها لتمويل برامج اجتماعية أعلنها الرئيس إيمانويل ماكرون مؤخرا لتخفيف غضب محتجي السترات الصفراء.

وعدل وزير المالية برونو لومير بوضوح استراتيجيته، وذلك بعد أن كان دافع بلا نجاح حتى الآن عن اعتماد رسم أوروبي على عمالقة العالم الرقمي وفي مقدمتهم شركات وادي السيليكون غوغل وأبل وفيسبوك وأمازون.

وقال في مؤتمر صحافي مشترك بباريس مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم أوريشكين إنه “سيتم تطبيق الضريبة في كل الأحوال في الأول من يناير المقبل وعن مجمل العام 2019 بقيمة نقدر أنها ستكون 500 مليون يورو”.

ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية لمتحدث باسم فيسبوك قوله إثر إعلان القرار الفرنسي “سنستمر في احترام واجباتنا الضريبية كما هي مقررة في التشريعات الفرنسية والأوروبية”.

وأوضح أن فيسبوك “وضعت طوعيا في 2018 هيكلا جديدا للبيع والفوترة في فرنسا وأن كافة العائدات من الدعايات التي تتكفل بها فرق الشركة في فرنسا” يتم تسجيلها في فرنسا وليس في دبلن. ورفضت أبل التعليق.وكان رئيس الوزراء إدوار فيليب قال في مقابلة مع صحيفة ليكو إن حكومته تعول على هذه الضرائب لتمويل الإجراءات الاجتماعية التي أعلنها ماكرون والتي تقدر كلفتها بنحو 10 مليارات يورو.

وعكست هذه التصريحات تغيرا في اللهجة مقارنة بتصريحات سابقة للحكومة. وكانت باريس تراجعت بعد عدم توافق وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي في بداية ديسمبر حول هذه الضريبة، في محاولة لإنقاذ الضريبة الأوروبية على الاقتصاد الرقمي.

برونو لومير: ستطبق الضريبة على شركات التكنولوجيا في كل الأحوال مطلع 2019
برونو لومير: ستطبق الضريبة على شركات التكنولوجيا في كل الأحوال مطلع 2019

وكان لومير اتفق مع نظيره الألماني أولاف شولتر على إعداد نسخة مخففة من هذا المشروع داعيا “دول الاتحاد الأوروبي إلى تبني المشروع في أقصى تقدير في مارس 2019 ليدخل حيز التنفيذ في 2021، إذا لم يتم التوصل إلى أي حل على المستوى الدولي”.

ومع تصريحات الاثنين يتخلى الوزير الفرنسي عن الانتظار عامين حتى يتم التوصل إلى اتفاق دولي داخل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، رغم أنه أبقى على دعوته باقي الدول الأوروبية إلى تبني الضريبة ذاتها قبل مارس المقبل.

وقال إن “تصميمنا على الحصول قبل مارس 2019، على قرار أوروبي بالإجماع بشأن هذا المشروع، لا غبار عليه”، موضحا أنه تباحث هاتفيا مؤخرا بهذا الشأن مع نظيره الألماني.

وأضاف “سنبدأ مساعي مع نظيري الألماني لإقناع بعض الدول المعترضة على الضريبة على العالم الرقمي في المستوى الأوروبي”. وأضاف “آمل أن تكون أوروبا في مستوى طموحاتها وقيمها”.

وكانت إيرلندا والدنمارك والسويد عارضت الضريبة على 3 بالمئة من رقم معاملات الشركات، كما أن ألمانيا لم تكن راضية عن الضريبة خشية تعرض صناعتها للسيارات إلى ردود انتقامية من الأميركيين.

وفاجأ قرار فرنسا شركاءها. وقال مصدر قريب من الملف “الأمر مشوش بعض الشيء”، مشيرا إلى أن القانون لم يتم التصويت عليه بعد وتطبيقه بأثر رجعي يبدو معقدا جدا.

وبهذا القرار اختارت فرنسا التقدم منفردة على جبهة فرض الضرائب على عمالقة العالم الرقمي الذين كثيرا ما يتهمون بعدم دفع الضرائب الملائمة في الدول الناشطة فيها.

ويمضي وزير المالية الفرنسي أبعد من ذلك، حيث أن الضريبة لن تقتصر على رقم المعاملات المضمن في المشروع الأوروبي، الذي سيحال إلى الدول الأعضاء، بل ستشمل أيضا “عائدات الإشهار والمنصات وإعادة بيع المعطيات الشخصية”.

وأوضح الوزير أن الإجراء “يمكن إدراجه ضمن قانون” خطة العمل لتنمية وتحويل الشركات الذي تمت المصادقة عليه في قراءة أولى في الجمعية الوطنية والذي سيعرض على مجلس الشيوخ في بداية 2019، بيد أنه أوضح “هذه إمكانية لكنها ليست الوحيدة”.

وكانت عدة دول اتخذت مبادرات لفرض رسوم على كبريات شركات العالم الرقمي. وبين هذه الدول سنغافورة وبريطانيا، لكن في إيطاليا صوت النواب على فرض ضريبة على مبيعات الإنترنت لكن القانون لم ينتقل ينفذ.

وكشفت الحكومة البريطانية في أكتوبر الماضي عن خطط لملاحقة شركات التكنولوجيا العملاقة، التي تعمل في البلاد عبر فرض ضرائب على أرباحها.

وقال وزير الخزانة، فيليب هاموند أمام مجلس العموم حينها “نعتزم فرض ضريبة على الخدمات الرقمية بحلول 2020 بعد أن ظلت شركات التكنولوجيا مثل أمازون وغوغل بعيدة عن معظم القواعد الضريبية”.

وتستهدف بريطانيا جمع 400 مليون جنيه إسترليني من شركات التكنولوجيا بحلول 2020.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>