طبيعة هذا الإدمان يصفه كتاب “علم النفس اليوم” لدالي آرتشر، كنوع من رهاب المصاحبة، الذي يولّد القلق والخوف بمجرد شعور الإنسان أن هاتفه ليس في جيبه، هذا الشعور يولّد فكرة غير حقيقية بكون الشخص خارج حلقة الأصدقاء والعائلة والعمل والعالم.
شركات الهواتف والاتصالات تشجع الباحثين ومؤسسات البحث العلمي على دراسات ترفض إدراج إدمان الهاتف الذكيّ ضمن الإدمان السلوكي كالإدمان الجنسي وإدمان التسوق، تحت مسوغ مشكوك فيه بأن هذا الإدمان الجديد لا يفي بمعايير تصنيف الأمراض.
يدافع الرافضون لاعتبار إدمان الهاتف الذكيّ مرضا، بأن التدخين والشرب المفرط للكحول قد يؤديان بوضوح إلى الإصابة بسرطان الرئتين وتليف الكبد، أما السلوكيات فهي ليست تشوّهات مرضية بحد ذاتها.
لا يريد القرار الفرنسي بحظر الهواتف في المدارس أن يقول إن الخطأ في الهواتف نفسها بل بسلوك التلاميذ في استخدامها المسبب لتشتت الذهن.
لذلك تتبلور في العالم اليوم حركة جديدة تحثّ الناس على العودة إلى الأصول من اجل استعادة أنفاسنا المستلبة. يوجد في الطبيعة كل ما يعيد لنا جودتنا كبشر التي قلت مع تحوّلنا إلى كائنات تكنولوجية.
نعم يوجد كل شي أيضا في الهواتف والإنترنت، لكنه لا يمنحنا الاطمئنان بقدر ما يزيد قلقنا ويشد أعصابنا، ويفرط برباطة جأشنا، وإلا ما تفسير لحالة شخص يمشي في الشارع وقد ربط سماعات الهاتف بأذنه ويتحدث بصوت عال مع شخص قد يكون في الجانب الآخر من العالم، بينما المارة ينظرون إلى شخص يتحدث مع نفسه، ألم يصنّف الأطباء الحديث مع النفس بصوت عال كمرض نفسي لا يمكن للعاقل المتزن أن يقع فيه.